مدارات

مَنْ يوقف الاتجار بالنساء؟ / نهلة ناصر

تفرح شعوب العالم بالثورات التي تحدث تغييرا ايجابيا في بلدانها ، إلا في بلداننا العربية. وحسب قاعدة التراكمات الاقتصادية الاجتماعية، يمكن ان يتسيدها بعض من ضعفاء النفوس ممن يستغل هذه الثورات لترويج تجارته اياً كانت. فبعضهم يتاجر بالسلاح وثانٍ بالمواد الغذائية وثالث بالوقود وآخر ببيع العقارات رغم كسادها- وغيره بالادوية وهكذا.
ولكن ابشع تجارة يمارسها ضعفاء النفوس هؤلاء هي تجارة النساء. نعم تجارة النساء، فكلنا سمع ومن ثم رأى على مواقع الانترنت- كيف تم بيع النساء العراقيات الى امراء واغنياء البلاد العربية وغيرها لتوفير المتعة لمشتريهن. وهذا ما يحدث اليوم مع النساء السوريات، وربما في بلدان عربية اخرى.
لقد استفزني تعليق على صفحة الفيسبوك يحذر العراقيات من وصول السوريات الى العراق. اقول بعض هؤلاء النساء المسكينات خطف في وضح النهار، وربما بيع بعضهن من قبل اوليائهن لضيق الحال بزواج صوري مزيف (مع انني لست مع تصرف كهذا)، واخريات ربما تعرضن للاغتصاب. في كل الاحوال هؤلاء النسوة لا حول ولا قوة لهن، ولقد اضطررن لترك بلادهن والهجرة الى بلد آخر.
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل انه يتخذ اشكالا جديدة حتى بدأت تتشكل مافيات في تجارة النساء، وكانت المرأة هي الضحية في كل الاحوال.
ورغم القوانين الدولية التي تحظر الإتجار بالنساء وعدم استغلالهن اثناء الحروب وورود ذلك في اكثر من معاهدة وقانون، إلا أنها لا تحد من هذه المافيات التي تبتكر باستمرار وسائل مختلفة لإدامة تجارتها غير آبهة بكل تلك القوانين والأعراف المدنية والإجتماعية، خاصة عندما تقف الحكومات عاجزة عن فرض الرقابة وتطبيق تلك القوانين.
ما يحدث في البلاد العربية - خاصة بعد تطورات ما أطلق عليه الربيع العربي لم يعد خافيا على أحد. وهاهي وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلنتون أكدت في كلمتها التي ألقتها في قمة المرأة العالمية ، على ما يحدث من إنتزاع لحقوق المرأة وإعاقة مشاركتها في الحياة السياسية والعامة في البلاد العربية ، وقالت «ونحن نراقب بدقة ما يجري، نشعر بقلق بالنسبة للثورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إنها تحمل الكثير من الأمل، لكنها تحمل أيضا مخاطر حقيقية، خاصة بالنسبة للنساء».
مع ايماننا الأكيد بضرورة تطبيق القوانين الدولية التي تجرّم بيع النساء والإتجار بهن، إلا اننا يجب ان نعمل على إحياء ضمير من ينتهك حقوق الاخرين دون شعور بالذنب بأي شكل كان، دينياً أم اجتماعياً أم قانونياً، للوصول الى الهدف المنشود.
فلتتضافر جهودنا من أجل نشر السلام والمحبة بين البشر.