مدارات

من تأريخ الكفاح المسلح لأنصار الحزب الشيوعي العراقي (1978-1989) "29" / فيصل الفؤادي

الفصل الرابع عشر
13- التحالفات السياسية جبهة جوقد وجود
كانت علاقة الحزب الشيوعي العراقي مع الأطراف الكردستانية جيدة، ولكنها غير عميقة بشكل جيد حيث لا توجد ثقة كامله بتحول الحزب من (الجبهة الوطنية) مع البعث إلى الجبل المعارض، وهذا الانتقال يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات السياسية والنفسية التي تُطمئن هذه القوى التي كانت تتمنى وتعمل من أجل أن يكون الحزب الشيوعي واحدًا من القوى الأساسية لمقارعة الدكتاتورية، ولهذا كان وجوده مهمًا جدًا مع هذه القوى في منطقة تواجد الأحزاب عند (گلي ناوزنك) والتي يعني تعريق الثورة الكردية والموقف النضالي.
شكلت الأحزاب المتواجدة في كلي ناوزنك وهي (الحزب الشيوعي العراقي والإتحاد الوطني الكردستاني وحزب البعث العربي الاشتراكي قطر العراق والحركة الاشتراكية العربية (مبدر الويس)، شكلوا لجنة تنسيق رباعية واستثنى منه الحركة الاشتراكية الكوردستانية لأن ممثل الإتحاد الوطني لم يوافق على انضمامهم إلى تلك اللجنة لوجود خلافات بين الطرفين، أما الحزب الديمقراطي الكردستاني فلم يكن متواجد في هذه المنطقة) .
تأسست جبهة (جوقد - الجبهة الوطنية القومية التقدمية) بتاريخ 12/ تشرين الثاني 1980 من الأحزاب التالية: (الإتحاد الوطني الكردستاني وحزب البعث قطر العراق (الموالي لسوريا) والحركة الإشتراكية العربية والحزب الشيوعي العراقي والحزب الإشتراكي الكردستاني الموحد (حسك) وجيش التحرير الشعبي/العراق والمستقلون الديمقراطيون الحزب الاشتركي) وتم الإعلان عن الجبهة في دمشق في قاعة اتحاد نقابات العمال السورية وحضره عدد من ممثلي الجبة الوطنية في سوريا وشخصيات وطنية سورية وفلسطنية ولبنانية. وقد اعترف وهنأ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد في تصريح أثناء توقيع الإتفاقية (نهنئكم ونهنى أنفسنا بالإنجاز الوطني الكبير الذي حققته حركتنا الوطنية العراقية هذا اليوم بإعلان الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية. ونأمل لهذه الخطوة أن تساعد في توطيد أواصر العلاقات الكفاحية بين فصائل الحركة الوطنية ومنها فصائل الحركة التحررية الكردية والأنصار البواسل والبيشمه مركة الشجعان) .
ورفض طلب الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) لاعتراض الإتحاد الوطني الكردستاني على انضامه إلى جبهة جوقد (وبسب الصراع الدائر بين القوى الكردية (القديم والجديد) أي الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطلباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني لم يكن ممكنًا آنذاك قيام تحالف يضم هذين الحزبين معا) . وقد سعى الحزب الشيوعي العراقي إلى إيقاف الحملات الإعلامية بين الحزبين، ووقف الصدامات بين مسلحي الطرفين، والعمل على لقاء الحزبين بمعية أطراف أخرى لحل الإشكالات بينهما.
اذ (ثابر الحزب الشيوعي وبذل جهودًا مضنية من أجل تقارب الحزبين عن طريق المحادثات الأخوية وبروح أخوية وكان الحزب محط تقدير عال من تلك الأحزاب، ففي إحدى اللقاءات يقول مسعود البرزاني (كوردستان العراق كلها ساحة الكفاح ونضال كل القوى المعارضة لنظام بغداد الفاشي، نحن مستعدون لأي اتفاق معهم، نرضى برأي ومقترح حشع (الحزب الشيوعي العراقي) حتى أننا على استعداد لبحث جميع الخلافات القديمة والحديثة ... ) .
إن المشكلة الأساسية تكمن هنا في كون القوى المؤتلفة في (جوقد) لا يوجد لها قوة حقيقية في كردستان عدا الإتحاد الوطني, اما تواجد البقية من الاحزاب فهو تواجد شكلي إذ إن اغلب عناصرها ومؤيدها يقيمون في سوريا على وجه الخصوص.
وتضمن ميثاق الجبهة مقدمة وعشرة فصول. وقد تطرقت المقدمة إلى المكان الهام الذي احتلته قضية التحالفات والجبهة الوطنية في تاريخ الحركة الوطنية في العراق وكيف أنها تشكل في الظرف الراهن مهمة ملحة تقع مسؤولية إنجازها على عاتق كل قوى شعبنا الوطنية المعادية للامبريالية والمناضلة ضد الحكم الدكتاتوري المعادي لمصالح الشعب.
وجاء في المقدمة (إن الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية تشكل القيادة المشتركة لنضال الشعب في سبيل تحقيق أهداف هذا الميثاق، ويتحدد دور كل حزب في قيادتها ليس بشرط مسبق، بل بصواب السياسة التي يمارسها وروح المسؤولية التي يبديها والتضحيات التي يقدمها وقدرته على تعبئة الجماهير وزجها في النضال، والثقة التي يمنحها الشعب اياه ... طريق الشعب العدد 4 أواخر تشرين الثاني 1980).
وتحدث الفصل الأول عن الديمقراطية السياسية والحكومة الائتلافية وبالصورة التالية:
أولاً- اسقاط النظام الدكتاتوري وإقامة حكم ائتلاف وطني ديمقراطي يؤمن حقوق الشعب وحرياته الديمقراطية ويستند في سياسته وبرنامجه على مهام الميثاق وأهدافه عراقيًا وعربيًا وعالميًا.
ثانيًا - تصفية جميع مظاهر وآثار الحكم الدكتاتوري وسياسته المعادية لحريات الشعب وحقوقه الوطنية والديمقراطية وذلك: إنهاء مظاهر الدكتاتورية وإنهاء الأوضاع الإستثنائية. و تحرير جميع السجناء والمعتقلين عن طريق عفو عام. وإعادة المفصولين والملاحقين السياسيين والوطنيين. إعادة جميع المهجرين والمشردين والمبعدين داخل القطر وخارجه. إطلاق حرية التنظيم والنشاط السياسي للأحزاب والجماعات الوطنية. إطلاق الحرية لجماهير العمال والفلاحين والشبيبة والمعلمين والنساء وسائر فئات الشعب. إطلاق حرية الصحافة والنشر والتجمع والتظاهر والاضراب. ضمان حقوق الأقليات القومية والطوائف الدينية وضمان حرية إقامة الشعائر والطقوس الدينية والمذهبية لكل المواطنين) .
أما توقيع ميثاق التعاون لجبهة (جود) المتكونة من (حشع) الحزب الشيوعي العراق و(حدك) الحزب الديمقراطي الكردستاني و(حسك) ويعني الحزب الاشتراكي الكردستاني الموحد في 28 /11/1980. وكان الموقعون (من حشع أحمد باني خيلاني وفاتح رسول ومن حدك مسعود البرزاني وعلي عبد الله ونوري شاويس ومن حسك رسول مامند وطاهر علي والي)، وسميت (الجبهة الوطنية الديمقراطية) وانضم حزب باسوك إلى الجبهة فيما بعد وحزب التجمع الديمقراطي (صالح دكله) والحزب الاشتراكي (مبدر الويس) اللذان لم يكون لهما قوة أنصارية في كردستان. وهذه القوى موجودة بقواها الپيشمه مرگة والأنصار في ساحة كردستان ولها مقرات ومفارز تجوب القرى والارياف. وبرنامج جبهة جود لا يختلف كثيرًا عن برنامج جوقد في أغلب فصوله.
على أثر قيام هذه الجبهة جرى تجميد الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي الكردستاني في جبهة جوقد.
أصبحت جبهة (جوقد) عمليًا جسدًا بلا روح , لهذا والحديث لخيلاني: (كان اجتماع في سوريا الذي ضم جميع الأحزاب ومن الحزب الشيوعي العراقي كان سكرتير الحزب وادريس البرزاني من الحزب الديمقراطي الكردستاني ورسول مامند من الحزب الاشتراكي الكردستاني إضافة إلى عبد السلام جلود رئيس وزراء ليبيا، وعندما طرح النظام الداخلي والذي تقول فقراته أن القرارات تأخذ بالأكثرية، وهذا يعني أكثر القرارات يجب أن تؤخذ لأن بعض القوى ومنها النظام الليبي والسوري شكل بعض الأحزاب الكارتونية بحيث أصبحتعدد الاحزاب العراقية في حدود (36) حزبًا وتجمعاً، ولكن الرفيق عزيز محمد وادرريس البرزاني اعترض على هذه الطريقة).
ومن المعروف أن النظام الليبي ساعد هذه الأحزاب ماديًا وأكثرهم جاء من أوربا ليشكلوا منظمات وأحزابًا وهمية وبدواعي مختلفة، وليس لدى هذه القوى قواعد واعضاء منتمون لهم.
أصدرت جبهة جود جريدة بأسم الأحزاب (حدك وحشع وكادحي كردستان وحزب الشعب الكردستاني سميت (ريكاي سركفتني) ويعني (طريق النصر)، وتم اختيار هيئة من الأحزاب المذكورة كما تم تشكيل مفرزة من الحزبين الرئيسين في بهدينان تضم حوالي 30 (پيشمه مرگة ونصيرًا) وكانت تثقف باسم الجبهة الوطنية الديمقراطية، وأصدرت منشورات وبيانات وبوسترات مشتركة إضافة إلى الفعاليات والنشاطات الرياضية والندوات السياسية في أغلب القرى التي يتم الوصول إليها. وكانت اجتماعات جود دورية تخص أبرز القضايا العسكرية والسياسية على الساحة العراقية.
إن الصراعات بين القوى القومية الكردية خلق صعوبات جمة إنعكست على العمل العسكري والجماهيري وخلق هذا جوًا متوترًا على الدوام. ورغم الوساطات المختلفة لكن العلاقة بين الحزبين الرئيسين (الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني)، والتي شلت بعض مفاصل العمل خاصة في منطقة أربيل والسليمانية خاصة في بدايات الحركة الأنصارية.
إن الصراع والقتال الداخلي الذي حدث طيلة 40 عامًا بين الحزبين الرئيسيين هو صراع وخلاف عائلات وشخصيات محددة، له أسبابه وجذوره القبلية والعائلية والعشائرية والسياسية، وهو صراع على نفوذ (الإقطاعيات العشائرية والعائلية المسلحة) الموجودة في الحركة القومية الكردية، ومحاولة التقليل من نفوذ عائلة الملا مصطفى البارزاني والبارزاني شخصيًا، وهذا الصراع مرتبط بجهات حكومية داخلية وخارجية لها دور مؤثر فيه، إنشقاق مجموعة من المكتب السياسي بقيادة أبراهيم أحمد داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأبراهيم أحمد هو (عراب) جلال الطالباني ووالد زوجته، وقد وصلت الخلافات إلى أعلان تمرد مجموعة المكتب السياسي على الملا مصطفى البارزاني، ولجوءهم إلى همدان في إيران الشاه والسافاك الإيراني، ثم التراجع وطلب العفو من الملا البارزاني، وحجزهم في (دولي رقه) وهروبهم اللاحق إلى (بكره جو) وتشكيلهم قوات خاصة بهم عام 1964 بقيادة جلال الطالباني، وتفاصيل الصراع المسلح والسياسي بعد انقلاب 1968، وصدور صحيفة النور، واستيزار عناصر محسوبة على الطالباني. وقد إنهارت تجربة وتحركات جلال الطالباني بعد بيان 11 آذار 1970، وعاد جلال ومجموعته إلى (الحزب الديمقراطي الكردستاني) وأصبح الناطق الرسمي باسمه في القاهره حتى إنهيار الحركة الكردية المسلحة عام 75، وتم إعلان تشكيل (الإتحاد الوطني الكردستاني) عام 75 في كازينو طليطله في دمشق، بقيادة جلال الطالباني، بعد توحيد ثلاث فصائل كردية كما ذكرنا سابقاً.
حاول (الإتحاد الوطني) بعد تأسيسه السيطرة على الساحة الكردية العراقية سياسية واعلامياً وعسكرياً، ومنع عودة الحزب الديمقراطي الذي عاد بتسمية جديدة (القيادة المؤقتة)، وحاولت قوات كبيرة من للاتحاد الوطني الذهاب إلى سوريا عبر تركيا لجلب السلاح وعبر مناطق نفوذ حدك وحدثت اثناء ذلك معركة بين الطرفين في جنوب تركيا (منطقة هاكاري) أدت إلى مقتل حوالي 200 عنصر أكثرهم من الإتحاد الوطني.
وكذلك كانت تستعر الخلافات بين حزب الشعب الكردستاني (سامي عبد الرحمن) والحزب الديمقراطي الكردستاني (الحزب الأم) وكذلك الخلافات الأخرى بين الأحزاب الكردستانية على مصالح ضيقة (فهكذا قمنا بتسوية الخلافات المدمرة داخل حسك (الحزب الاشتراكي الكردستاني)، وبين أوك وحدك وبين أجنحة أوك والأجنحة داخل أجنحة اوك، ولم نتأخر عن تقديم المساعدات المادية والعسكرية للبعض منها، في الوقت الذي امتنعت الأحزاب القومية الكردستانية التضامن مع حزبنا حين تعرض إلى هجوم مسلح من (ب ك ك في كيشان/بهدينان واستشهد على أثره عدد من الأنصار ...) .
استمر الصراع بين احزاب جود مع الإتحاد الوطني حتى شمل وسائل الاعلام تمحورت حول الدعاية والتحريض وأخيرًا من خلال البرقيات المرسلة بين هذه الأطراف وكان الحزب الشيوعي العراقي هو الطرف الوحيد بين هذه الأحزاب الذي بقى بعيدا انذاك عن هذا الصراع الذي شمل (حرب البرقيات ) بين هذه الاطراف , ادناه نموذجا لهذه الحرب في لجنة الجبهة الوطنية الديمقراطــية (جود ) في أربيل.
(من م.س أوك إلى م.س حشع العدد 2 التاريخ 18/2/1983. نعرب عن اسفنا للبيان الصادر باسم جود ضد اؤك .
من م. س اوك الى م.س حشع العدد 1 التاريخ 18/2/1983 نتصرف على ضوء جوابكم وشكرا انبؤنا.
ورد الحزب الشيوعي العراقي على هذه الرسائل بما يلي - بالمناسبة لم نر ما يستحق الإجابة حول البيان الصادر عن لجنة جود لقاطع أربيل، لاننا كنا نعتقد أن البيان لم يصدر من قيادة جود ولم ينشر البيان في إذاعتنا. كما لم يمهلنا ولا يومًا واحدًا وأرسلت ثلاث برقيات متتالية في يوم واحد.
وفي مساء 20/2/1983 إذيع من إذاعة أوك وباسم الناطق الرسمي للإتحاد الوطني الكردستاني هجوم شديد على جميع أطراف جود مشوبًا بالإنذار والتهديد وبعبارات غير سياسية.
وفي يوم 24/2/1983 صدر بيان باسم سكرتارية جود، ردًا على بيان أوك دحض اتهامات أوك، وطالب بترك المناوشات والمساجلات الإذاعية وبذل الجهد لحل المشاكل بالطرق السلمية، وكذلك ترك نزعة التسلط والاحتكار وجعل ساحة كردستان ساحة نضال للجميع وفي نفس الوقت قدم م . س حشع مذكرة هادئة ومرنه إلى قيادة إلى قيادة أوك طلب فيها عدم اللجوء إلى العنف، وخلق المشاكل والتمسك بالإتفاقية والجماعية.
- من م. س حشع إلى م.س حدك العدد 11 التأريخ 18/2/1983 من أجل تطويق مؤامرت النظام وعملائه المندسين وتعزيز جود وإنجاح اتفاق طرابلس نرى أن نعمل سوية من اجل وضع حد للصدامات وحل الخلافات وتقوية التضامن. إن رفاقنا في قاطع أربيل بذلوا جهودًا كثيرة مع ممثلي أطراف جود ومع مسؤولي أوك في قاطع أربيل لحل تلك المشاكل ومعالجتها بالطرق السلمية وتوصلوا إلى الاتفاقية التالية وحسبما ورد من قيادة قاطع أربيل وكالاتي: من قيادة قاطع أربيل إلى م.س حشع التاريخ 11/3/1983 تم الاتفاق من قبل اللجنة المشتركة في يوم 7/3/1983 في سهل الكويه على ما يلي:
- تنفيذ الإتفاق الموقع 19/2.
- الإلتزام الكامل بقرار الإجتماع المتفق عليه 25/2/1983.
- المباشرة فورًا بتبادل الأسرى.
- جرد الأسلحة والممتلكات وتبادلها بين الاطراف.
- المباشرة بسحب القوات الإضافية في سهل أربيل وتسحب الى مواقعها الطبيعية وحدد يوم 14/3 للانسحاب.
- تشكيل لجان مشتركة للتحقيق في أحداث ما بعد اتفاقية ورته وبركرنكه.
- محاسبة المقصرين في كافة الأطراف.
- تشكيل لجنة مشتركة للمتابعة ... ألخ.
- إيجاد صيغ ثابتة بعدم تكرار اقتتال الأخوة ...ألخ.
- منع قتل المواطنين والاعتداء عليهم ومنع الاتاوات واخذ الاسلحة من الناس.
- ضمان حرية العمل السياسي والعسكري والجماهيري ... الخ.
تقترح اللجنة المشتركة تشكيل لجنة من قيادات الأحزاب لحل كافة الإشكالات بين الأطراف الوطنية.. .) .
من هنا تجد الصعوبات التي يتحملها الرفاق من هذا العداء الذي نعبر عنه بقلة الوعي لتدارك هذه المرحلة وأساليب النظام في إيجاد الإشكالات بين الأحزاب التي تقاتل النظام وجلاوزته وأجهزته من الأمن والمخابرات وعملائهم ودسهم بين هذه القوى من أجل الفرقة. وقد نجحت إلى حد ما في إثارة هذه الصراعات والتي أدت إلى الإقتتال بينهم والذي أدى إلى مقتل العديد من المناضلين، وقد تم العثور على بعد عام 1991 الكثير من البرقيات المرسلة من قبل الأجهزة الأمنية لغرض إثارة الفتنة.
وللاسف الشديد لم تلتزم قيادة الإتحاد الوطني بكل الإتفاقية، بل قامت باعتداء على مفارزنا، ففي جواب لبرقية من الإتحاد الوطني كان يعتب على رفاقنا لأنهم لم يتعاونوا معه جاءت الرسالة:
الرفاق الأعزاء في قيادة قاطع الرابع أربيل للإتحاد الوطني الكوردستاني تحية ثورية. إستلمنا رسالتكم المؤرخة 23/4/1983 والتي تؤكدون فيها أن موقفكم من حزبنا الشيوعي كان وديًا وأنكم لا تريدون مقاتلتنا في حين أننا نحن الشيوعيين لم نتجاوب مع نواياكم هذه.
منذ فترة نتابع نحن الشوعيون سلوك ونهج اتحادكم في خلق الإستفزازات والاعتداءات هنا وهناك ضد رفاقنا وأنصارنا وضد القوى الوطنية المعارضة للحكم الفاشي مثلا:
1- فقد تم تجريد اثنين من أنصارنا في شوان من السلاح ولم تعيدوا لهم أسلحتهم إلا بعد مرور اكثر من شهرين.
2- جردتم اثنين آخرين من أنصارنا من السلاح في شرق مويه ولم تعيدوا إلينا أسلحتهم رغم مطالبتنا بذلك.
3- حاولتم تجريد 4 أربعة من أنصارنا من السلاح في غرب كويه في قرية سماقولي إلا ان الموقف الصلب منهم حال دون تحقيق ذلك.
4- نصبتم كمينًا لرفاقنا الذين كانوا في طريق عودتهم من عملية عسكرية ضد النظام ... الخ.
5- هاجمتم قرية (نيركين) وأسرتم عددًا من كوادر حزبنا ...الخ.
6- في ليلة 17-18/4/1983 قامت مفرزتكم في كوية بضرب مواقع رفاقنا في قرية (كوبتة بة) بقذائف أر بي جي).
7- في وادي بليسان رفعتم درجة التوتر بنصبكم كمينًا على الشارع العام وضرب سيارة كانت تقل رفاقنا ورفاق حسك واستشهد اثنان من أنصار حسك ...الخ) .
بعد أحداث بشتاشان الأولى والثانية عام 1983وتحول الإتحاد الوطني الكردستاني إلى أحضان النظام الدكتاتوري وتغير خارطة هذه القوى في مرحلة نضال مهمة أخذت على عاتقها شعار اسقاط هذا النظام، وبسبب عدم حصول الإتحاد الوطني على أي شيء من الحقوق القومية للشعب الكردي، فقد رجع بعد أن طلب من هذه القوى العمل مرة أخرى سوية ولتوحيد الصفوف.
ومن أجل الموافقة على ارجاع العلاقة بين أحزاب جود والإتحاد الوطني الكردستاني وضعت جود مجموعة من الاشتراطات:
- (الموقف من (جود) وضرورة العلاقة الودية معها.
- الموقف من الحزب الشيوعي العراقي وضرورة الكف عن التهجم عليه وتجريح مواقفه السياسية وتشويه مواقفه النضالية.
- الموقف من الإقتتال مع (جود) وضرورة وضع حد نهائي وحاسم له، وتحقيق وحدة البنادق المقاتلة ضد الدكتاتورية الشوفينية وإرهابها الدموي وحربها المدمرة.
- وقبل ذلك وبعده الموقف من الحركة الديمقراطية في العراق وضرورة اعتبار الحركة القومية الحررية الكردية جزء منها، وعدم الإنعزال عنها، والتصدي لميول ونزعات ضيق الافق القومي، التي تلحق الضرر بقضية الشعب الكردي ونضاله من أجل حقوقه القومية العاملة ...) .
وقد ساءت العلاقة بين اؤك و الحكومة في المنتصف الثاني من عام 1984 وبداية 1985 حيث بدأت الحرب الإعلامية بين الحكومة وأوك الذي بدأ بالتراجع نحو كردستان.
ردت جريدة (الغد الديمقراطي)، وهي جريدة التجمع الديمقراطي على التصريحات الخاطئة لاحد قادة (أوك) ناوشيروان مصطفى وهو الشخص الثاني في الإتحاد بالقول:( ... إنه يفضل احتلال كردستان العراق من قبل تركيا، وإنه لا يكترث إن حصل ذلك، فسيان عنده الإحتلال التركي أو الإحتلال العراقي. كما أن ضم كردستان العراق إلى تركيا يعني إقامة وحدة قومية كردية تحت الإحتلال التركي مما يساعد على توحيد نضال الأكراد وبالتالي وحدة أراضي كردستان!). واتهم الإتحاد الوطني الكردستاني (أوك) الحزب الشيوعي العراقي بتحريض هذا الحزب على الرد، وهو اتهام غير صحيح وهدد بالعمل العسكري، انشغل الحزب طيلة الفترة الماضية وخاصة بعد جريمة بشتاشان بعلاقة متوتره وسيئة انعكست بالتالي على وضع الأنصار والبيشمه مركة والجماهير بشكل عام.
وقدم المكتب السياسي للحزب الشيوعي رسالة حول قرار أوك تجميد العلاقة مع حزبنا: (تلقينا في التاسع عشر من حزيران 1987 وبأسف بالغ مذكرة من الإتحاد الوطني الكردستاني، التي عممها على الأحزاب الكردستانية المتحالفة معنا، ونشرها بواسطة إذاعته ووسائل إعلامه، وقدمها بكلمات غير لائقة ولا سابق لها في العلاقات بين القوى المعارضة الوطنية المتعاونة والمتحالفة، يعلن فيها أن الإتحاد الوطني الكردستاني قرر تجميد إتفاق التعاون المعقود بينه وبين حزبنا في شباط 1987 والسبب الذي ذكره الإتحاد الوطني الكردستاني تبريرًا لذلك لم يكن في قضية خلاف بيننا وبينه، وإنما لأنه يحملنا مسؤولية تعليق نشره أحد المواطنيين العراقيين في الغد الديمقراطي، صحيفة التجمع الديمقراطي العراقي التنظيم السياسي المتحالف معنا في جود، وذلك تعقيبًا على تصريحاته في صحيفة اللوموند الفرنسية ذات المكانة العالمية المعروفة في نيسان 1987 ونقلتها إذاعة مونت كارلو والصحافة العربية والمنسوبة إلى الاستإذ نوشيروان مصطفى، الأمين العام المساعد للإتحاد الوطني الكردستاني ... ) .
وقام بيشمه مركة الإتحاد الوطني بعدة عمليات ضد جود والحزب الشيوعي العراقي (أدرجت في العمليات العسكرية الفصل التاسع)، كما قامت جريدة الشرارة لسان حال الإتحاد الوطني في تشرين الأول – تشرين الثاني بالهجوم على الحزب وتطاولت على الإتحاد السوفيتي والبلدان الإشتراكية، وكانت تكيل المديح للنظام الإمبريالي والداعية للصهيونية والمدافعة عنها.
وقد وضح الحزب الشيوعي رأيه من خلال صحيفته المركزية طريق الشعب , ذكرت فيها, (أن إدانة الجرائم الغادرة ومعاقبة مرتكبيها هما من مستلزمات توفير الظروف الضرورية لبدء حوار جاد وناجح مع جود وأطرافها) . ولم ترجع علاقة الحزب بالإتحاد الوطني الكردستاني الى طبيعتها حتى نهاية صيف عام 1987.
كان مجمل علاقات الإتحاد الوطني مع قوى جود غير ودية ومتشنجة ومتذبذبة ولم تكن سياسته واضحة (يصفهم بانيخيلاني مراهقي سياسة).
وبعد مداولات عديدة توصلت الاطراف الكردستانية إلى قيام الجبهة الكردستانية العراقية والأحزاب هي (الحزب الديمقراطي الكردستاني، الإتحاد الوطني، حزب الشعب الكردستاني، الحزب الإشتراكي، الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي (باسوك).
وضع النظام الداخلي والبرنامج والبيان الختامي، وتم الاتفاق على أن تكون رئاسة الجبهة دورية وتكوين لجنة تنسيق عسكرية لقيادة الجبهة. أمام صيغة هذا التحالف أستثني الحزب الشيوعي من القيام بعلاقات تحالفية مع قوى عراقية وقومية أخرى لوضعه الخاص كونه ليس حزبًا قوميًا، وتم الإتفاق مع حرية العمل والعلاقات مع أي طرف.
تشكيل الجبهة الكردستانية
أصدرت الجبهة الكردستانية بيانًا في الثاني من أيار 1988 جماهير الشعب عبرت فيه إلى عن المسؤولية التأريخية التي تتحملها الأحزاب المؤتلفة تجاه الشعب الكردي ومستلزمات النضال على صعيد الشعب العراقي، وقد افقت جميع الأحزاب الكردستانية على ميثاق العمل ومشروع الجبهة. وتقرر أن يتم التوقيع عليها رسميًا من قبل قيادات الأحزاب. وفي يوم 12/6/ 1988، أي عشية إيقاف الحرب بين العراق وإيران، تم التوقيع في مقر بيربينان التابع للحزب الشيوعي العراقي في (خواكورك) على الميثاق من قبل:
1. الحزب الديمقراطي الكردستاني-علي عبد الله.
2. الإتحاد الوطني الكردستاني-ناوشيروان مصطفى.
3. الحزب الشيوعي العراقي-عزيز محمد.
4. حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني- سامي عبد الرحمن.
5. الحزب الإشتراكي الكردستاني- رسول مامند.
6. الحزب الاشتراكي الكردي – باسوك- كريم سلام.
وتم بعد ذلك دراسة طلب تقدمت به الحركة الديمقراطية الآشورية، وآخر من حزب زحمة كشان. وحصلت الموافقة على عضويتيهما، وبذلك أصبحت الجبهة الكردستانية مؤلفة من (8) أحزاب. ومن أجل إدارة اعمال الجبهة، تقرر أن يتولى قيادتها كل من مسعود البارزاني وجلال الطالباني بالتناوب وعبر كل ستة اشهر. كما شكلت الجبهة لجانًا فرعية لها في الخارج، إضافة إلى لجنة الإعلام التي لعبت دورًا متميزًا في الدفاع عن الشعب الكردي وفضح الممارسات القمعية للسلطة والإتصال بالهيئات الدولية وتنظيم فعاليات جماهيرية في المناسبات الوطنية.
وتمكنت الجبهة الكردستانية من تقريب وجهات النظر بين التيارات الأساسية للمعارضة العراقية في الخارج وصولاً إلى تشكيل "لجنة العمل المشترك" التي تكونت من: التيار القومي والتيار الديمقراطي والتيار الإسلامي والتيار الكردي.
وقد وضعت الجبهة الكردستانية عدة أهداف تناضل من أجلها مع جماهير الشعب وخاصة الشعب الكردي ومنها:
- اسقاط النظام الدكتاتوري وإقامة حكومة وطنية إئتلافية وطنية ديمقراطية تؤمن حقوق الشعب وحرياته الديمقراطية وتضمين الحقوق المشروعة للشعب الكردي.
- تصفية جميع مظاهر وآثار الحكم الدكتاتوري وسياسته المعادية الحريات الشعب وحقوقه الوطنية والديمقراطية من خلال مجموعة إجراءات.
منها (إنهاء مظاهر الدكتاتورية في أجهزة الدولة، تحرير جميع السجناء السياسيين، تطهير أجهزة الدولة من العناصر الرجعية والفاسدة، سن قانون يضمن حقوق شهداء الحركة الوطنية، إطلاق حرية التنظيم والنشاط السياسي والنقابي والمهني والاجتماعي والثقافي، إعادة جميع المفصولين والملاحقين السياسيين، الانتقال بالبلاد إلى الأوضاع الدستورية الديمقراطية ) .
وأكدت الجبهة على إنهاء الحرب العراقية الإيرانية ومعاقبة الطغمة الدكتاتورية الفاشية باعتبارها مجرمة حرب وإقامة سلم ديمقراطي بين البلدين الجارين.
ووضعت برنامج طويلاً في مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
************
1 مذكراتي باني خيلاني ص 288 مصدر سابق
2 صحيفية طريق الشعب العدد 4 سنة 45 اواخر تشرين الثاني 1980
3 الحزب الشيوعي العراقي والكفاح المسلح فيصل الفؤادي ص 144
4 صفحات من تاريخ الشعب الكردي فاتح رسول ص 224
5 طريق الشعب عدد 4 ت2 سنة 1980
6مذكراتي احمد باني خيلاني ص 309 مصدر سابق
7 الاختيار المتجدد رحيم عجينة ص 195
8مذكراتي باني خيلاني ص 364
9نفس المصدر السابق ص 366
10 ملحق طريق الشعب عدد 1 سنة 51 تموز 1986
11 طريق الشعب العدد 10السنة 53 حزيران 1983
12 طريق الشعب العدد 7 السنة 51 شباط 1986
13 ث ق عدد مزدوج 199-200 تموز وآب 1988 ص 28.