مدارات

من تأريخ الكفاح المسلح لأنصار الحزب الشيوعي العراقي (1978-1989) "30" / فيصل الفؤادي

الفصل الخامس عشر
15- قرارات الحزب في تطوير أسلوب الكفاح المسلح على ضوء اجتماعات ل.م.:
بعد التدهور السريع في العلاقة مع السلطة التي شنت عملية إرهابية على تنظيمات الحزب، ومنها صدور أحكام الإعدام بحق 31 شيوعيًا وديمقراطيًا تحرك الحزب على جميع القوى الوطنية في العالم، وإلى الرأي العام الداخلي وإلى أبناء شعبنا، لغرض التدخل ومنع هذه الإعدامات، واتصل الحزب الشيوعي العراقي بالإتحاد السوفيتي للتدخل في هذا الموضوع ووقف الإعدامات، إلا أن النظام اعتبر ذلك تدخلا في شؤونه، وأخيرًا نفذا حكم الإعدام على وجبات في 27 و28 و29 من أيار 1978.
وعلى ضوء ذلك قدم الحزب الشيوعي العراقي في 9 شباط 1979 رسالة إلى صدام حسين ثبت فيها كثيرًا من الملاحظات منها: (إن الحملة التي شنت ضد حزبنا وشملت جماهير واسعة من أبناء الشعب من غير الشيوعيين لم يكن لها ما يبررها إطلاقًا. وقد جرى افتعال الذرائع لشنها ولم يكن ماحدث فيها من تجاوزات وانتهاكات وممارسات بالغة القسوة والفظاعة إلا نتيجة حتمية لسياسة العداء للشيوعية ومحاربة الحزب الشيوعي العراقي، ولا يمكن اعتبار هذه الممارسات مجرد أخطاء وتجاوزات خارج إرادة السلطة، لأنها استمرت مدة طويلة، وكنا نبلغ بها في حينه الجهات الرسمية، من حزبية وحكومية، دون أن تتخذ أية خطوات لإيقافها ووضع حد لها. إن سياسة معادات الشيوعية والحزب الشيوعي لم تقتصر على أعمال القمع البوليسية فقط. وطالبت الرسالة بإيقاف الحملة ضد حزبنا وقفًا تامًا ...)[1] .
وقد رد النظام في رسالة في 8/3/1979 وهي تحمل توقيع القيادة القطرية لحزب البعث: إننا أسأنا فهم واقع الرغبة الوطنية الصادقة للوصول إلى علاقة سليمة بحزبهم! وأن تصوراتنا التي أملت رسالتنا إليهم كانت مغلوطة. وبنزعة من التعالي المغرق في الغرور ذهبت رسالتهم إلى الحديث المبتذل للانتقاص من دور الحزب الشيوعي العراقي بين جماهير الشعب، ويشير مجددًا الجزراوي إلى الأكاذيب التي أصبحت معروفة والذرائع التي بان بطلانها في (خرق ميثاق الجبهة) والتنظيم الشيوعي في القوات المسلحة تبريرًا للمشانق التي نصبت للشيوعيين وأصدقائهم، ويضيف في معرض نفيه لنية الحكم تصفية الحزب الشيوعي والشيوعيين. ويقول (الجزراوي ): (عندما نجد أن هناك ضرورة لأن نعدم أشخاص بالعشرات)، مذكرًا حديث رئيسه قبل سنوات في مستشفى الحلة، (إن قطع الرؤوس بالنسبة الينا كقطع الخيار عندما يكون لمصلحة الشعب)[2]، يعني مصلحة الدكتاتورية.
وعلى ضوء التدهور الحاصل وحملات الإعتقالات وخروج العديد من الرفاق والأصدقاء من كرددستان إلى الخارج، قررت قيادة الحزب أن تأخذ موقفًا من هذا التدهور، وللأسف كان الموقف مترددًا بسبب إختلاف في الآراء والمواقف من السلطة، وسبق وأن تحدثنا على تلك الظروف والمواقف في الفصل الأول.
لم يكن خافيًا على الرفاق وأصدقاءهم ذلك الصراع الداخلي الحاد في الحزب، وخاصة بين قيادته في الخارج حول تبني أسلوب الكفاح المسلح، وبين الرفاق القياديين في الداخل الذين يعتبرون خيار الكفاح المسلح خيارًا تدميريًا لا يجوز تبنيه. وعلى النقيض من ذلك باشر الرفاق، قياديين كانوا أم أعضاء عاديون، بالعمل المسلح وبأصرار كبير رغم المعارضة التي واجهتهم. وقد أثبتت السنوات التي مرت خطأ وخطورة ذلك التفكير لأن الذي أنقذ الحزب من التفتت والتشتت ووضعه في موقع متميز بين فصائل المعارضة العراقية هو الكفاح المسلح. لقد تمكن رفاق الحزب وأصدقائه من رفع مكانة الحزب وسمعته عاليًا بين جماهير كردستان وبين القوى السياسية في الداخل والخارج.
عقد أول اجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بعد القمع الوحشي وتزايد الحملات الإرهابية ووضع الحزب في عنق الزجاجة، فقد اجتمعت اللجنة المركزية في تموز 1979 في براغ وبحضور 16 من أعضاء اللجنة المركزية ورفع شعار في سبيل إنهاء الدكتاتورية وإقامة البديل الديمقراطي، وعلى ضوء اتخاذ هذا القرار تم التوجه إلى المناطق الجبلية في كردستان لتكوين قواعد ومقرات لتجميع الأنصار والبدء في عملية النضال ضد النظام الدكتاتوري وأعوانه وبالتعاون مع القوى العراقية المتواجدة في الجبل. إضافة إلى خطة الطلب على السلاح من المصادر التي لنا علاقة معها وهذا ما تم وبحث في الفصول السابقة.
كما درس الاجتماع ما ألحقه النظام الدكتاتوري ضد منظمات الحزب ورفاقه وأصدقائه ومؤازريه، وحيت بطولة صمود الكثير منهم في وجه الإرهاب وعاهدتهم على مواصلة النضال. (لقد استطاع الحزب بقيادته وكوادره وأعضائه وأنصاره وبجهادية عالية، تحمل الضربة العميقة والشاملة والتي وجهت له، والسير على طريق استعادة بناء منظماته ووحداته المسلحة (الأنصار) في كردستان العراق، بفضل العمل الدؤوب والمفعم بنكران الذات من لدن جميع أعضاء الحزب ومؤازريه، واستطاع في اجتماعات اللجنة المركزية في 1979 و1980 و1981 و1982 و1984 أن يصوغ ويطور سياسته الجديدة القائمة على إسقاط الدكتاتورية الفاشية، وإقامة حكومة وطنية ديمقراطية إئتلافية )[3].
وصدر عن الاجتماع بيان يدعو لانهاء الحكم الدكتاتوري وفي سبيل جبهة وطنية ديمقراطية وإقامة نظام ديمقراطي في العراق، وبذلك أنهت اللجنة المركزية رسميًا تحالف الحزب الشيوعي مع حزب البعث، بعد أن انتهى التحالف عمليًا في آذار من نفس العام، كما مر بنا. وحددت اللجنة المركزية المهام التى تواجهها وتحركت بهمة لإنجازها وهي:
1ـ تفعيل الإعلام المركزي للحزب.
2ـالسعي لتوحيد القوى الوطنية والديمقراطية المعارضة للنظام الدكتاتوري.
3ـ تفعيل الدور القيادي للمكتب السياسي ودعم تنظيمات الداخل.
4 ـ تعزيز الجهود لتأسيس قواعد أنصارية في كردستان، استعدادًا لاستخدام مختلف أشكال الكفاح بما في ذلك الكفاح المسلح.
في بداية تشكيلات العمل الأنصاري وزعت المهمات على الرفاق المتواجدين في ناوزنك لأن الرفاق في المكتب السياسي لم يصلوا لحد عام 1980 إلى المقر سوى زيارة عضو المكتب السياسي كريم أحمد، وهذا التوزيع هو بعد اجتماع اللجنة المركزية وقرارها في تبنى شعار إنهاء الدكتاتورية وإقامة حكومة وطنية ائتلافية.
وجاء اجتماع حزيران 1980 مكملا للاجتماع السابق وسياسة الحزب الجديدة اذ :( عقدت اللجنة المركزية اجتماعًا اعتياديًا كاملاً في حزيران عام 1980 في موسكو ناقشت فيها تطورات الاوضاع في البلاد ونشاط الحزب وهيئاته القيادية منذ اجتماعها في تموز 1979، وبحثت بشكل مستفيض اهمية وضرورة مواصلة الجهود من أجل إنجاز تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية، وناقشت قضايا الحزب التنظيمية وأوضاع فصائل الأنصار التي شكلها الحزب وأرسلت تحية إلى فصائل الأنصار الوطنية (البيشمه مركة) المكافحة في كردستان)[4] .
وتم في هذا الاجتماع حسم الموقف في مواصلة التحول إلى العنف الثوري والكفاح المسلح ومواصلة العمل في تهيئة المستلزمات الضرورية لتنفيذ هذه التوجه، وهذا التوجه أعطى دعمًا للحزب من قبل المنظمات في الداخل والخارج.
اذ كان اجتماعا حيويًا ومهمًا سيما وأنه قرر التحول بشكل لا يقبل التردد والذي جاءت موضوعاته في التقرير السياسي مقدمات لتبني العنف الثوري والكفاح المسلح، الذي تم إقراره كأسلوب مع أساليب الكفاح الأخرى. وتقرر أيضًا دعم حركة الأنصار ماديًا وتقديم كل أشكال العون لها. وجاء تقرير اللجنة المركزية مكملاً لاجتماع 1979 كون النظام يوغل في نهجه الإرهابي والفردية والبطش وتصفية آخر اثر للشرعية واعتماد الإرهاب الجماعي نهجًا ثابتًا للحكم مع بروز وتفاقم العنصرية الفاشية والتميز الطائفي والقومي وتحولها إلى سياسة رسمية. وبعث برسائل تحية لحركة الأنصار وبعثت بالشكر إلى جمهورية اليمن الديمقراطية والحزب الاشتراكي على تضامنه مع الحزب.
في دمشق عقد اجتماع خاص لأعضاء اللجنة المركزية تنفيذا لتوصياتها للذين سيعملون في كردستان، وتم تشكيل اللجنة العسكرية (هندرين) لإدارة وقيادة الأنصار عسكريًا وحزبيًا وتم توزيع العمل فيها كالآتي:
1-عمر الشيخ ـ مسؤولاً عن لجنة هندرين وهي القائدة حزبيًا وعسكريًا في كردستان.
2- يوسف اسطيفان مسؤولاً عن الأنصار وتنتخب قيادة من الكوادر تحت قيادته.
3- أحمد بانيخيلاني ـ مسؤولاً حزبيًا وعسكريًا في السليمانية.
4- توما توماس ـ مسؤولاً عسكريًا في بهدينان.
5- سليم إسماعيل ـ مسؤولاً حزبيًا في بهدينان.
6- يوسف حنا مسؤولاً عسكريًا وسياسيًا في كوستا.
7- بهاء الدين نوري مسؤول الإذاعة والإعلام.
8-فاتح رسول ـ يعمل في لجنة هندرين
وخرج الاجتماع بعدة قرارات يحتاج من قيادة الحزب توفيرها المادية ووالتسليحية والمعنوية وتهيئة الرفاق في الإلتحاق في هذا العمل الجبار.
ومع تطورات العمل الأنصاري والتحالف مع القوى العراقية المتواجدة في العراق وخارجها وكذلك تطورات الحرب العراقية الإيرانية.
في النصف الثاني من كانون الثاني 1981 عقدت لجنة إقليم كردستان للحزب الشيوعي العراقي إجتماعًا مكرسًا لبحث مختلف القضايا السياسية والتنظيمية والفكرية والقضايا الخاصة بتشكيلات الأنصار (البيشمه مركة). وشارك في الجلسات السكرتير الأول للجنة المركزية الرفيق عزيز محمد. وأكد الإجتماع على (ان الطغمة قد كشفت عن جوهر سياستها بالإعلان عن تحالفها المكشوف مع الرجعيات الحاكمة، في الاردن والعربية السعودية والأمارات وغيرها. وأزاء قضية شعبنا الكردي تشبث الحكام بموقفهم الشوفيني العنصري، إذ أصرو على تزييف الحكم الذاتي لكردستان العراق وقلصوا الساحة المشمولة بالحكم الذاتي باقتطاع اجزاء كبيرة من (كركوك، الدوز، كفري، خانقين، سنجار، شيخان وعقرة .. الخ)[5] .
ومن ثم عقدت اللجنة المركزية اجتماعا لها في تشرين الثاني 1981 وتبنت شعار أسلوب الكفاح المسلح الأسلوب الرئيسي رسميًا مع الأساليب الأخرى ومن أجل الإطاحة بالنظام الدكتاتوري في العراق وإحلال البديل الديمقراطي، (من أجل تصعيد النضال في جبهة وطنية عريضة لإسقاط النظام الدكتاتوري وأقامة حكومة ديمقراطية إئتلافية تنهي الحرب العدوانية ضد إيران وتحقق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان)، واتخذت جملة من الإجراءات الكفيلة بذلك، وأهم القرارات هي: إسقاط النظام الدكتاتوري، إنهاء الحرب العراقية الإيرانية، الكفاح المسلح أسلوب رئيسي للنضال، إعادة تنظيم وتشكيل قوات الأنصار والمسؤوليات إبتداءًا من المكتب العسكري والسياسي والإداري وإعادة تنظيم الداخل.
ووزعت ثلاث مهمات رئيسية وهي مترابطة كما يذكرها بيان الحزب وهي :
أولا – العمل على اسقاط النظام الدكتاتوري المعادي للشعب وتأمين البديل الديمقراطي وهو الحكومة الديمقراطية الائتلافية. وبالنسبة لهذه المهمة اكد الحزب على ضرورة إعداد المستلزمات الكفيلة بمجابهة الحكم الدكتاتوري، وذلك أن الحكم قد اعتمد في تعامله مع الشعب فلسفة خاصة من تراث الفاشية تقوم على – مذهب الإرهاب الجماعي الشامل والمتواصل لقمع الشعب – واستخدام الديماغوغية الإجتماعية والمال كوسيلة لتعزيز سلطة الطغمة الحاكمة.
ثانيا – تعبئة القوى الوطنية في جبهة موحدة عريضة وتعزيز دور الحزب الشيوعي وقدراته الكفاحية. وهذه المهمة لسياسة الحزب تقوم على الجبهة الوطنية والتحالف الواسع بين جميع القوى المعارضة للحكم الدكتاتوري.
ثالثا- إعتماد اسلوب الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي في النضال، إلى جانب أساليب الكفاح الجماهيري الأخرى. وهو إقرار الحزب مبدأ التحول إلى أسلوب العنف الثوري والكفاح المسلح لمواجهة العنف الدموي والإرهاب الجماعي الذي بات عقيدة ثابته ومسلكًا يوميًا لحكم الإرهابين، وأكد على مبدأ الجمع بين الكفاح المسلح والأساليب الأخرى ولاستعادة وتعزيز مواقع الحزب في جميع أرجاء الوطن. ومن اجل تطوير دور وحدات الأنصار اتخذ الإجتماع جملة من الإجراءات منها، تعزيز الروح الحزبية والانضباط والطاعة الحزبيين والعناية بالمستوى السياسي والفكري للأنصار والتنسيق الأفضل بين العمل الحزبي والعمل العسكري. تاكيد التوجيهات الحزبية حول واجبات التدريب والاستعداد الدائم من كافة الرفاق وأصدقاء الحزب لتلبية الواجب المشرف في الانخراط بوحدات الأنصار والاهتمام باختيار أفضل النوعيات لأداء الواجب وكذلك لجمع مختلف الكفاءات التي تحتاجها وحدات الأنصار ويحتاجها الحزب في مختلف الميادين النضالية، التاكيد على الإعداد الأفضل للنصير في رفع مستوى الثقافة العسكرية وكذلك على سيادة العقلية الثورية. تطوير الصلات مع الجماهير ورفع مستوى معنوياتها والدفاع عن مصالحها. تعزيز التحالف المشترك بين الفصائل الثورية الأخرى المكافحة ضد الدكتاتورية.
وقد كسر هذا الشعار طابع التردد والحديث الغير مقنع من البعض بأن الحزب غير جدي، حيث هناك صراع في قيادة الحزب على هذا القرار الذي استمر إلى السنوات الاحقة. كما انتقلت قيادة الحزب إلى كردستان وهناك أعيد تنظيم التشكيلات الأنصارية بشكل آخر يتلائم مع وجهة الحزب وقد حل هذا التنظيم محل لجنة هندرين التي قادت العمل للفترة الماضية، حيث شكلت قيادة من اللجنة المركزية والمكتب السياسي وكان لها دور جيد في تجميع الأنصار وتوزيعهم على القواعد الأنصارية (القواطع). وتطورت قواعد الأنصار عُددًا وأعدادًا من الملتحقين من الرفاق من الخارج أو من أبناء المنطقة بشكل لاباس به.
أن تبني الحزب الكفاح المسلح ليس جديدا على نضال الحزب, حيث يشير بهذا الصدد الرفيق رحيم عجينة عضو اللجنة المركزية للحزب الى: (إن الاضطرار إلى اختيار أساليب الكفاح العنفية فهو ليس جديدًا في نضالات الحزب وتاريخه. ففي أيلول 1956 أقر الكونفرس الحزبي الثاني قرارًا بتبني الكفاح السلمي في سبيل التحرر من النظام الدكتاتوري الملكي، وكان متاثرًا على الأكثر بالمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الإتحاد السوفيتي، وموضوعة التعايش السلمي بين الأنظمة الإجتماعية المختلفة وأطروحة أن موازين القوى تغيرت لصالح المعسكر الإشتركي مما يوفر إمكانية للكفاح السلمي ونجاحه. لكن وبعد فترة وجيزة وعلى وجه التحديد في انتفاضة تشرين الثاني 1956 التي قامت انتصارًا لمصر وتضامنًا معها وقيام الحكومة بقمعها بعنف، اضطر واقع الحياة أن يغير رأي قيادة الحزب في تعديل خطة الكفاح باللجوء إلى العنف لإسقاط النظام الملكي. وعند انقلاب شباط الفاشي البعثي عام 1963 على حكومة عبد الكريم قاسم، وما مثل الإنقلاب من أخطار حقيقية على الحزب وعلى الجماهير، اضطر الحزب إلى حمل السلاح ضد الإنقلاب...)[6].
كان الحزب يناضل من أجل تعريق الكفاح المسلح أي إيصاله إلى أبعد نقطة في العراق، واتخذ جملة من الإجراءات والقرارت التي تساعد على تهيئة الأجواء وإيجاد الركائز من تنظيمات الحزب لمواصلة هذا النهج في ظروف ليست سهلة. رغم أن هناك صراعًا أيضًا على انتهاج هذا الخط الجديد في الكفاح الذي يحتاج إلى الكثير من المستلزمات الضرورية، كان هناك تيار يرفض هذا الأسلوب وتيار آخر (خط) يريد مواصلة هذا النضال رد على أساليب البعث وهمجيته في التعامل مع الحزب ورفاقه وقد رد سكرتير الحزب في أحد اللقاءات عن دور الكفاح المسلح في سياسة الحزب وقال: البعض يحاول تصوير القضية بالشكل التالي (لولا الكفاح المسلح لكان الحزب بخير، ولو لم يخض الكفاح المسلح لكان يستحق كذا وكيت، ماذا كان الحزب يستحق بدون الكفاح المسلح؟ لولا الكفاح المسلح لكنا في وضع آخر لا يمكن أن أصفه إلا بنعوت قاسية)[7].
وبعثت اللجنة المركزية بتحياتها إلى الأنصار والبيشمه مركة. ومما جاء في هذه الرسالة :(إن تدفق المئات من رفاق وأنصار حزبنا إلى ميدان المعركة المشرفة حاملين السلاح والثقة بالنصر، يجسد الطاقة الثورية التي لا تنضب لحزبنا وحركتنا الثورية. إن الإجتماع يثمن الدور المرموق لأنصارنا في تعزيز وحدة كل الفصائل المسلحة وأحزابها السياسية والعمل على إرساء أسس العمل المشترك فيما بينها. إن ثقتنا كبيرة بأن قوى حزبنا وشعبنا ستتدفق بوتائر متسارعة لتعزيز مواقع الأنصار وتوسيع نطاق نشاطاتها وتمكينها بالوسائل للقيام بواجبها الثوري. لتخفق عاليًا راية نضالنا الثوري الظافرة، ولتتعزز مواقع أنصارنا البواسل)[8].
وعلى ضوء قرارت هذا الإجتماع الحاسم في تبني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي في النضال، إنتقلت معظم قيادة الحزب إلى الداخل (كردستان)، ووجدت لها مناطق شبه أمينة بعيدة نسبيًا عن السلطة وأعوانها، وبوجود القيادة أصبح الوضع جيدًا وعملت على أن تعيد التنظيم مع رفاق الداخل والمنقطعين, ولهذا وزع عمل قيادة الحزب على بعض قيادات الحزب وجرى تشكيل المكتب العسكري المركزي بقيادة أحد أعضاء المكتب السياسي، ولجنة تنظيم الخارج بقيادة أحد أعضاء اللجنة المركزية وبأشراف من عضو المكتب السياسي. (كان تشخيص الكفاح المسلح على أنه الأسلوب الرئيسي في الكفاح أمرًا سليمًا وضع حدًا للنقاش الدائر آنذاك حول هذا الموضوع)[9].
وأكد الحزب في توجهاته على التدريب ودراسة العمل الأنصاري وتطوير الإمكانيات العسكرية ووضع الخطط بشكل ينسجم مع قدرات العمل الأنصاري والتهيئة الجيدة، والعمل مع القوى والأحزاب المتواجدة فـــي العمل النضالي،على تأكيد التوجيهات الحزبية حول واجبات التدريب والاستعداد الدائم من قبل كافة أعضاء وأصدقاء الحزب لتلبية الواجب المشرف في الانخراط بوحدات الأنصار، والإهتمام باختيار أفضل النوعيات لأداء هذا الواجب، وكذلك لجمع مختلف الكفاءات التي تحتاجها وحدات الأنصار، ويحتاجها الحزب في مختلف الميادين النضالية.
وقد عقدت كل القواطع اجتماعات موسعة ضمت الكوادر العسكرية والسياسية والمتخصصين في العمل الأنصاري.
ولهذا أرسل الحزب كثيرًا من الرفاق والأصدقاء إلى دولة اليمن الديمقراطية (الجنوبية) لغرض تدريبهم كضباط، وقد تخرجت عدة دورات استفاد منها الحزب في الحركة الأنصارية وكفاحه البطولي، إضافة إلى دورات منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت حيث تدرب الرفاق على السلاح ودورات الالغام ... الخ.
من جانب آخر اصدر الحزب إلى مجموعة من التوجهات للعمل بين الجماهير وضرورة تهيئتها لعمل قادم ودعم نظالاتها المطلبية في المدن والنواحي وغير ذلك من الفعاليات والنشاطاتحتى انها بلغت من التصعيد, فقد وضعت بعض التنظيمات تحت مراقبة المخابرات والأجهزة الامنية والتي مررنا عليها سابقاً.
ولكن وللأسف الشديد لم تصل نشاطات الحزب المسلحة إلى المدن العراقية في الجنوب أو الوسط، وبقيت في المناطق الشمالية (كردستان)، رغم وصول بعضها إلى المناطق الشمالية من ديالى وهي على شكل مفارز صغيرة بعدد الاصابع، مع أنها قدمت خدمات كبيرة للحزب وللتنظيم.
وهكذا(ظلت الحركة الأنصارية محصورة في كردستان، ولم ينجح الحزب في تحقيق شعاره (تعريق الحركة الأنصارية). ويرجع سبب ذلك بالأساس إلى أن المنظمات الحزبية في المناطق التي تهيمن عليها الحكومة كانت قد ضربت، وباتت بقاياها عاجزة عن تنظيم حركة أنصار مسلحة، أو تقيم روابط لها بالجنود الفارين، الذين كانوا يتمردون على السلطة ويتخذون من الأهوار ملاذًا لهم، ومع ذاك فأن أنصار الحزب كانوا، منذ عام 1982 يصلون إلى شارع كركوك- بغداد ومناطق ديالى ويدخلون المدن، ويستضافون فيها)[10].
بعد اجتماع اللجنة المركزية للحزب عام 1981 أصبحت السياسة واضحة والتحضير للعمل الأنصاري ودعمه من الأوليات خاصة وأن كثيرًا من الظروف كانت مهيئة بشكل أفضل أي ان الظروف الموضوعية لهذا العمل والذاتية له في تطوير كفاءة الأنصار بين التدريب وتطوير العمل الأنصاري والتعبوي، بالرغم من وجود اختلافات وربما صراعات حول هذا الموقف ضمن قيادة الحزب وما انتابها من حساسيات بين الكوادر العليا كما يقول (عزيز سباهي), كما كان للتأثيرات الخارجية أيضًا دور مهم في هذا الجانب.
عقدت اللجنة المركزية اجتماعا لها في أيلول 1982 ولأول مرة في كوردستان وفي منطقة نوكان وكانت نقاط البحث هي:
- دراسة الوضع العسكري.
- دراسة التنظيمات الحزبية داخل الأنصار.
- دراسة وضع التنظيمات الحزبية في المناطق العربية وتشكيل قيادة خاصة لهذا الغرض.
- إعلام الحزب.
- العلاقات الوطنية.
- إعادة انتخاب المكتب السياسي.
بالنسبة للوضع العسكري، تقرر تشكيل المكتب العسكري من الرفاق أبو فاروق (عمرعلي الشيخ) كمسؤول الأول، أبو عامل (سليمان اسطيفان) كمسؤول عسكري، أبو سرباز (أحمد بانيخيلاني) كمسؤول إداري.
أما تشكيل قيادة القواطع فهي كالآتي:
- قاطع بهدينان بقيادة الرفيق أبو جوزيف (توما توماس) والرفيق كاظم حبيب كمسؤول سياسي ( والإداري تقرره اللجنة الحزبية للقاطع).
- قاطع أربيل من الرفاق (أبو حكمت يوسف حنا كمسؤول الأول، والرفاق أسعد خضر (أبو نجاح) كمسؤول سياسي، وأبو عواطف (يوسف اسماعيل) الذي أصبح مسؤولاً عن التنظيمات الحزبية في الداخل (المناطق العربية)، وضم الرفيق (ثابت حبيب العاني – أبو حسان) إلى قيادة قاطع أربيل.
- قاطع سليمانية وكركوك من الرفاق أبو سلام (بهاء الدين نوري) كمسؤول أول وملا علي مسؤول عسكري وأبو تارا (إبراهيم الصوفي) كمسؤول إداري والرفيق عدنان عباس مسؤول عن التنظيمات في الداخل أي المناطق العربية)[11].
وأصبح مقر المكتب السياسي في موقع دراو العليا والسفلى في اربيل والذي يشرف على مجمل العمل السياسي العسكري والتنظيمي.
وقد اصدرت قيادة الحزب العديد من التوجيهات بخصوص تعديل النظام الداخلي وإلغاء الفقرات التي كان المؤتمر الثالث قد أدخلها عليه أيام النشاط العلني للحزب وجرى الحديث فيها عن التطور اللارسمالي، واتخذت بعض القرارات لتنظيم الحزب في الداخل خاصة في بداية الحرب العراقية الإيرانية وما يتمخض عنها من النتائج.
وعلى ضوء هذه المهمات نشطت أغلب التنظيمات العسكرية والسياسية والحزبية والإعلامية في تطوير الكفاح المسلح كونه الأسلوب الرئيسي مع الأساليب الأخرى للنضال . فعلى الصعيد العسكري وزعت خطة طوارئ للتنظيم في حال حدوث أي تطورات في العراق أو وعلى صعيد النظام نفسه ,تمثلت بالرؤى التالية:-
- قيام الجيش العراقي بانقلاب عسكري يطيح بالنظام في بغداد.
-إختراق القوات الإيرانية للحدود الدولية ودخولها الأراضي العراقية، و(هذا هو الإحتمال الأرجح في تقديرات المكتب السياسي أنذاك ولذا تم اعتماد خطة طوارئ مضمونها الاساسي يتحدد بتحرك التنظيم في حال حدوث طارئ)[12]. هذه الإجراءات وغيرها تصب في تطوير العمل العسكري والتعبوي.
كما سعى الحزب إلى تنظيم التشكيلات الأنصارية بما يتلاءم مع المتغيرات العسكرية المعتمدة على القدرة والكفاءة وإيجاد الطرق التي تعتمد أسلوب العمل الأنصاري وتطوير تكتيك العمليات مع تقليل الخسائر في صفوف الأنصار، في الوقت نفسه أكد الحزب على تطوير القابليات الذاتية في التدريب وتأهيل الكوادر العسكرية. كما أكدت القيادة على التقليل من التنافس بين المستشار السياسي والعسكري وإيجاد القواسم المشتركة في العمل كونه يصب في خدمة نضال الشيوعيين ضد الدكتاتورية البغيضة.
وتوزع عمل تنظيم الداخل على مجموعة من الرفاق القيادين لتكون صلتهم بمجموعة أخرى من أبناء المحافظات ، وبالذات في بغداد والجنوب , وبنيت لهم قاعات سكنية خاصة لتهيئتهم للنزول إلى الداخل لمواصلة العمل التنظيمي بشكل سري وخيطي وكان يرسلون عن طريق سليمانية وأربيل، وقد فصل التنظيم المدني (الداخل) عن العمل العسكري الانصاري . لكن لم يؤدِ هذا التجمع الى بلورة أفكار معينة على تطوير التنظيم الحزبي في الداخل، بل ادى تجميع هؤلاء الرفاق إلى كشفهم وبقاءهم بدون عمل أدى إلى كسلهم وأصبح تجمعًا غير مجدٍ لأسباب آنية وموضوعية وذاتية.
(وبعد الهزائم الكاسحة التي أصيب بها الجيش على الأراضي الإيرانية وانتقال الحرب إلى أرض العراق، عند ذاك فكرت الدكتاتورية، أي قيادة البعث في إعادة الأمور إلى مجراها السابق مع حزبنا. وأبلغونا أنهم:
- يدركون مدى فداحة الأخطاء التي ارتكبوها بحقنا في السنوات الأخيرة.
- يدركون مدى صعوبة إعادة الثقة بين الحزبين.
- يدعونا "للعودة للدفاع عن الوطن والعودة إلى الجبهة".
- إنهم ليسوا من موقع الضعف!!
وقد رفضت اللجنة المركزية هذه العروض، وقد برهنت الأمور وتصرفات قيادة البعث على صواب قرار اللجنة المركزية. ويضيف الرفيق خيري: (... إن التفاوض مع بقاء الدكتاتورية يعني الإستسلام للدكتاتورية)[13].
وفي الجانب التعبوي فقد وجه الحزب المنظمات الانصارية والحزبية إلى ضرورة اقامة الصلة الوثيقة بالجنود والعسكريين الهاربين وخاصة في المدن والأهوار وتوجيهم للنضال ضد الدكتاتورية ومع قوى شعبنا وخلق صلات مع المعتقلين وعوائل الشهداء، ومخاطبة عوائل ضحايا ومتضرري الحرب العراقية الإيرانية ووضع شعارات ملموسة وعلى صلة بالجماهير ضد استمرار الحرب.
على صعيد تنظيمات الاقليم يشير الى ,(كما عقدت لجنة إقليم كردستان إجتماعا لها نهاية نيسان 1982 ووجد المجتمعون الأجوبة الضرورية في تقرير اجتماع اللجنة المركزية تشرين الثاني 1981 وعبروا عن الإستحسان وهم مصممون على الإسترشاد بتوجيهات اللجنة المركزية وبذل كل الجهود لوضعها موضع التنفيذ خلال النشاط الثوري)[14] .
لم تعقد اللجنة المركزية للحزب عام 1983 اجتماعها السنوي بسبب أحداث بشتاشان التي مني خلالها الحزب بخسائر كبير وخاصة من الشهداء الذي بلغ من الأطراف الثلاثة (أحزاب جود) حوالي 150 عنصرًا، ولكنها عقدت اجتماعات مصغره بين القياديين الموجودين في كردستان من أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية.
لذا عقدت اللجنة المركزية إجتماعًا إعتياديًا في آواخر حزيران من عام 1984، وهذا الإجتماع جاء بعد تلك الأحداث الدامية المؤلمة.
كان من أهم الإجتماعات، كونه قرر أن يعقد مؤتمر في عام 1985، كما نوقشت فيه بشكل مستفيض أحداث بشتاشان ونتائجها التي سنأتي إلى ذكرها في الفصل القادم.
من المواضيع التي اختلفت عليها القيادة في هذا الاجتماع هي الموقف من الحرب العراقية الإيرانية والمتغيرات التي طرأت عليها خاصة بعد احتلال ايران لبعض الاراضي العراقية، حيث أكد البيان السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية على ضرورة وضع نهاية لهذه الحرب، وكرر ما طلبه في الاجتماعات السابقة العودة إلى الحدود الدولية قبل أيلول 1980، في حين كرر زكي خيري وباقر إبراهيم (رغم أن الأخير لم تكن مواقفه واضحة مثل الأول في الدفاع عن الوطن وتغير مسار الحرب بعد 1982)، موقفهما المعارض, وذلك من خلال رفع شعار الدفاع عن الوطن الذي يعني كما كان يرى البعض من الرفاق القياديين الدفاع عن نظام صدام حسين لأنه هو الذي بدأ الحرب بدون أن يأخذ رأي أحد , (كنا نواجه أعداءًا عديدين في كردستان. يضاف إلى ذلك أننا داخل الحزب، كنا نواجه موقفًا وشعارًا لآخرين يدعو إلى الدفاع عن الوطن ضد إيران بالتحالف مع النظام، ولم يكن لهذا الموقف مواقع واسعة بين صفوف الأنصار أو الحزب ولكنه لم يكن دون تأثير...)[15].
كما ناقش الاجتماع الاشكالات على اتفاقية ديوانه والتي عقدت بين بهاء الدين نوري والاتحاد الوطني-أوك-, والتي تم توجيه عقوبة لبهاء الدين نوري لانه لم يلتزم بقرارات الحزب ولم يستشر القيادة عندما وقع هذه الاتفاقية , التي شكلت نوع من الضعف لدى قاطع السليمانية , وتم محاسبته بدون حضوره عن الاجتماع , وهذا تنظيميا ووفق النظام الداخلي هذا غير صحيح
• قيامه بنشر تقييم لسياسة الحزب بشكل شخصي وتوزيعه على الرفاق.
• قيامه بشراء أجهزة الطباعة ومستلزماتها، ونشره بيانات ضد الحزب وسياسته وخلق التكتلات تمهيدًا للانشقاق.
وقد وافق الاجتماع , وبالإجماع ,على طرد بهاء الدين نوري من الحزب. وقد أبلغ بالقرار، إذ كان موجودًا في مقر (دراو)، إلا أنه تمكن بمساعدة م.س للحزب الإشتراكي الكردستاني من مغادرة المقر ووصله إلى السليمانية, وأعلن انشقاقه علنياً عن الحزب، وأصدر جريدة القاعدة الناطقة بلسان مجموعته والتي كانت يفتقر أساسًا للأعضاء. إذ لم يلتحق ببهاء الدين نوري سوى عدد قليل جدًا ومن أقاربه فقط.
قررت اللجنة المركزية في هذا الإجتماع أيضًا عقد المؤتمر الوطني الرابع في عام 1985، ثم تليت رسالة من قيادة الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفييتي بمنح الرفيق عزيز محمد وسام لينين لبلوغه الستين. وفي ذلك الاجتماع تم دراسة موضوع المرشحين لعضوية اللجنة المركزية المتخبين في المؤتمر الوطني الثالث في ايار عام 1976. ووافقت اللجنة المركزية على تثبيت عضوية كل من الرفاق سليمان حاجي (أبو سيروان) وفخري كريم (أبو نبيل) و حميد مجيد موسى (أبو داود) بعد مضي 8 سنوات على ترشيحهم.
وصدر عن الاجتماع بيانًا أشار فيه إلى أحداث بشتاشان ودور الإتحاد الوطني الكردستاني في تخريب مساعي القوى الوطنية والقومية العراقية في القيام بجبهة عريضة لمقارعة النظام الدكتاتوري، والتي أدت هذه المساعي إلى التأثير على الجماهير الواسعة التي تساند نضال هذه القوى وإحباط معنويات وهمة هذه الجماهير المحروقة بظلم هذا النظام،(... وقد ساهمت أعمال قيادة الإتحاد الوطني الكردستاني في تخريب المساعي الرامية لتوحيد أوسع جبهة وطنية لمقارعة النظام وإسقاطه)[16].
ويعتبر هذا الإجتماع من أهم الإجتماعات كما ارى نظرا لما اتخذه من قرارات ذات الأهمية منها:
1- التحضير لعقد مؤتمر الحزب الرابع وإعادة النظر في سياستنا السابقة وتقييمها.
2- التاكيد على أهمية الكفاح المسلح وتطويره.
3- التأكيد على تكثيف المساعي من أجل تطوير جبهة وطنية واسعة.
وفي هذا الإجتماع تم رفع شعار إنهاء الحرب وإسقاط الحكم الدكتاتوري .
ومن جانب آخر ونظراً للدور الذي لعبه الحزب منذ تأريخه النضالي طيلة خمسين عامًا، فقد منحت الحكومة السوفيتية سكرتير الحزب عزيز محمد وسام لينين وهو أعلى وسام يمنح من الحكومة السوفيتية إلى مناضلي الأحزاب الشيوعية في العالم، وكان هذا التكريم نكهة و بهجة وفرحًا معنويًا كبيرًا لأعضاء الحزب وأصدقائه ومناصريه[17].
التحضيرلعقد المؤتمر الرابع للحزب عام 1985.
منذ ان عقد المؤتمر العلني الثالث في أيار عام 1976, لم يعقد الحزب مؤتمرًا عاما يدرس التحول من العلاقة مع حزب البعث في اطار(الجبهة الوطنية القومية التقدمية)، إلى سياسة رفعه السلاح واعتبار الكفاح المسلح كأحد الأساليب الرئيسية في النضال لإسقاط الدكتاتورية في بغداد، ليس على مستوى سياسة الحزب فقط، بل على ضوء المتغيرات للنظام نفسه ابتداءً من الحرب مع الجاره إيران ودخوله أراضيها ثم دخول الاخير الى الاراضي العراقية وتقهقر الجيش العراقي إضافة إلى الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدها جيشنا من قتلى وجرحى ومفقودين ومعطوبين، وكذلك الوضع الإقتصادي السيء لأبناء شعبنا، وما خلق من إشكالات إجتماعية وتدهور تعليمي وتخلف صحي وغير ذلك من نتائج هذه الحرب.
هذه الأمور وغيرها وضعت الحزب أمام مهمة كبيرة لابد من إنجازها وتأكيد الخط السياسي والبرنامجي للحزب للفترة اللاحقة.
لهذا قرر الحزب منذ اجتماع اللجنة المركزية عام 1984 تهيئة الظروف وانتخاب(اختيار) الرفاق المندوبين وبشكل سري, لدراسة أهم المواضيع المقترحة من قبل ل. م. ووضع جدول العمل لهذا المؤتمر.
في الوقت نفسه ومنذ فترة طويلة حاولت السلطة وأجهزتها المخابراتية والأمنية معرفة متى يعقد الحزب الشيوعي مؤتمره ومكان انعقاده، وكانت تحاول جمع الكثير من المعلومات من خلال أجهزتها الأمنية في محافظتي أربيل والسليمانية وكانت غايتها قصف مكان الاجتماع بالطائرات العسكرية او القصف المدفعي ,كما مر بنا .
تم تبليغ جميع القواطع بأختيار ممثليها إلى هذا المؤتمر وعلى ضوء نسبة تم تحديدها من قبل المكتب السياسي.
بعد وصول العدد الكبير من أعضاء المؤتمر وضيوفه من الخارج أو من القواطع الأخرى بدأ توزيعهم على المواقع بسرية تامة، اذ كان الحزب يبذل جهودًا كبيرة من أجل عدم معرفة السلطة بموعده وذلك من خلال التمويه, حيث أعلن الحزب من خلال إذاعته تأجيل المؤتمر إلى وقت آخر، في ذات الوقت تم تبليغ بعض الأنصار الجيدين من القواطع أن يحرسوا هذا الإجتماع الكبير والمهم في حياة الحزب. مع كل ذلك حاولت السلطة قصف المنطقة يوم 8 تشرين الثاني 1985 أثناء التحضيرات للمؤتمر وعلى أثر ذلك شكلت لجنة حماية المؤتمر التي تكونت من (أبو عامل، أبو جوزيف وأبو سرباز)، التي قررت إيقاف الإجتماعات خشية هذا القصف الأعمى الذي سيؤدي إلى استشهاد البعض من قواتنا، في الوقت نفسه قام الأنصار باستطلاع المناطق القريبة من مكان عقد المؤتمر.
عقد المؤتمر
تحت شعار "من اجل انهاء الحرب فوراً, واسقاط الدكتاتورية الفاشية, وتحقيق البديل الديمقراطي"انجز المؤتمر الوطني الرابع بين (10- 15 تشرين الثاني 1985) على ارض الوطن وبحماية الرفاق الانصار, اعماله بنجاح,مقراً,بعد المناقشة والتدقيق والاغناء, التقرير السياسي ,والبرنامج الجديد , ووثيقة تقيم تجربة حزبنا للسنوات 1968 – 1979"[18]
كان للمؤتمر مهمات عديدة مصيرية في حياة الحزب والعراق، فكان أمام الحزب دراسة التقرير السياسي والبرنامج والنظام الداخلي ووثيقة تقييم سياسة الحزب للفترة (1968 – 1979), التي اعدتها اللجنة المركزية للحزب.
من الإنجازات التي حققها المؤتمر كما يشير لها رحيم عجينه في كتابه الإختيار المتجدد هي: (وعلى الرغم من ذلك ينبغي التأكيد أن عقد المؤتمر في كردستان المحررة من الدكتاتورية الفاشية وبحراسة الأنصار الشيوعيين شكل إنجازًا كبيرًا في حياة الحزب وحفز الشيوعيين العراقيين على مضاعفة نشاطهم لتحقيق إنجازات سياسية كبيرة صعبة المنال أو مستحيلة في ظل انحسار الحركة الثورية وموازين قوى لم تصل إلى مستوى التغيرات المنشودة)[19] .
من الأمور التي تم مناقشتها في المؤتمر هي:
- الحرب العراقية الإيرانية.
- تقييم سياسة الحزب بين 1968 -1979.
- الكفاح المسلح الأسلوب الرئيسي مع الأساليب الأخرى.
- دراسة البرنامج والنظام الداخلي، حيث كان شعار البرنامج -من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال إلى الإشتراكية- ، ولخص برنامج الحزب بـ (النضال لإسقاط النظام الحاكم، وإقامة حكومة وطنية ديمقراطية ائتلافية تحقق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان وتنهي الحرب العراقية الإيرانية بصلح ديمقراطي عادل، وأشار البرنامج إلى أن الحزب دعا ويدعو إلى إقامة اتحاد عربي على أسس ديمقراطية معادية للإمبريالية... أما النظام الداخلي فأن اللجنة المركزية قد قررت في اجتماعها عام 1982 وبالإجماع, على تعديل النظام الداخلي المعمول به في الحزب وذلك بإلغاء الفقرات التي كان المؤتمر الثالث قد أدخلها أيام النشاط العلني , وجرى الحديث فيها عن التطور اللارسمالي وغيره... ولم تتوصل إلى الصيغة النهائية حين انعقد المؤتمر لذلك ناقش المؤتمر هذا الأمر وقرر تخويل اللجنة المركزية الجديدة حق دراسة التعديلات وإقرار النظام الداخلي)[20].
لقد شيد الانصار قاعة للمؤتمر تصدرتها صور قادة الحزب (فهد وسلام عادل ) وصورة لينين قائد الثورة الاشتراكية ومؤسس الاتحاد السوفيتي . كما وضعت مجموعة من الشعارات تجسد اهداف الحزب منها (المجد والخلود لشهداء الحزب والحركة الوطنية العراقية , الماركيسية – اللينينة مرشدنا ومنارنا الهادي. حلف العمال والفلاحين بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي اداة تحقيق برنامج حزبنا ... الخ . ضمت القاعة (الخيمة ) اكثر من مئة رفيقا جائوا ممثلين عن تنظيماتهم من الداخل والخارج والمنظمات الحزبية لقواعد الانصار. عقد المؤتمر الرابع في مقر الحزب في (موقع دجلة) المنطقة التابعة الى محافظة اربيل.
وقد افتتح المؤتمر من الاكبر سناً عضو المكتب السياسي زكي خيري, وبدأ نشيد الاممية و الوقوف دقيقة حداد على ارواح الشهداء.ثم جرى انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر والموافقة على جدول العمل ,وتم تلاوة تقرير الاعتماد الذي اقر ايضا.
وفي كلمة للرفيق عزيز محمد في افتتاح المؤتمر عبر عن امتنانه ولحظة الفخر والاعتزاز ببطول الانصار وتجسيد دور الحزب على الساحة السياسية العراقية اذ (ان لحظة كهذه ,تستحق الفخر والاعتزاز ,ففيها يتجسد شموخ حزبنا, وجرأته واستعداده الدائم للاقدام على اجتراح المأثر.ان مشاعر القلق المشروع لازمتني طيلة الاسابيع الماضية,تحل مكانها في هذه اللحظة, مشاعر الثقة والتفاؤل, وروح التحدي, التي تتجلى, بأروع صورها في عقد مؤتمرنا هذا, رغم المخاطر المحدقة, جراء استنفار قوى الدكتاتورية الفاشية, التي عبأت أجهزة رصدها وقمعها في الداخل والخارج, لالحاق ضربة غادرة بالحزب, منذ بدء التحرك نحو خيمة المؤتمر, وتسرب أخبار التوجه نحو عقده. فلم يكن سهلا ,اتخاذ مثل هذا القرار الخطير, في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي تحيط بالحزب والحركة الوطنية برمتها, دون ان تخاجلني وقيادة الحزب, تلك الهواجس,بل المخاوف,التي تنتاب الثوريين في لحظة كهذه...)[21]
وجرت دراسة من قبل المندوبين للتقرير السياسي المقدم من سكرتير الحزب, في مهمة تعزيز بناء الحزب والاهتمام بالتنظيم ووحدته ودوره على اساس مبادى الماركيسية اللينينة, التأكيد على التحالفات الاجتماعية السياسية , والجانب الفكري والدعائي والتحريضي وعلاقاته الاممية المتميزة ومنها دور الحزب في ذكراه الخمسين ومنح السكرتير اعلى وسام من الاتحاد السوفيتي وبلغاريا واليمن الديمقراطية لبلوغه الستين.وكذلك العلاقة مع الاحزاب الشيوعية والعمالية وفصائل حركة التحرر الوطني في البلدان العربية والشقيقة.
كما تم مناقشة مشروع وثيقة التقيم تجربة حزبنا في اعوام (1968-1979)واقترحوا بعض التعديلات عليها. كما قدمت بعض الصياغات على التقرير السياسي والبرنامج. جرى التصويت على الوثائق وتمت الموافقه عليها وسط ترحيب وحماس من قبل المندوبين.
في اليوم الاخير للمؤتمر القى سكرتير الحزب كلمة اكد على الاهمية التاريخية للمؤتمر الوطني الرابع بالنسبة للشيوعيين العراقيين. وطرح وضع القيادة بشكل عام واقترح أن يتم استبعاد بعض الرفاق وانتخاب آخرين، حيث كان عدد أعضاء اللجنة المركزية المنتخبين في المؤتمر الثالث هو 44 عضوًا. تم تقديم قائمة التي اعدتها اللجنة المركزية تضم 25 اسمًا أو مرشحًا وتم إعادة انتخاب 15 رفيقًا منهم ومن هؤلاء الرفاق الذين تم انتخابهم لقيادة الحزب وهم :عزيز محمد، عمر علي الشيخ، كريم أحمد، عبد الرزاق الصافي، حميد مجيد موسى، كاظم حبيب، سليمان يوسف، محمد سليمان شيخ محمد، أحمد باني خيلاني، توما توماس، مهدي عبد الكريم، رحيم عجينة، وآرا خاجادور، فخري كريم وعادل حبه، وهؤلاء كانوا من أعضاء اللجنة المركزية الذين حضروا المؤتمر، وتم تخويل سكرتير الحزب عزيز محمد لكي يختار 10 رفاق يكونون أعضاء في اللجنة ,هذا الإجراء غريب ولأول يطرق في مؤتمرات الأحزاب الشيوعية لأن إعطاء هذه الصلاحيات لشخص واحد مهما كان يعد إضرارًا بالحزب والأصح أن يكون القرار للمكتب السياسي الذي يقود العمل ويقوم بتقديم المقترحات إلى اللجنة المركزية وثم المؤتمر للمصادقة. ووضعت شروط لهؤلاء العشرة هي ,أن يكونوا من الرفاق العرب. وثانيًا أن ينزلوا إلى الداخل ويعملوا في التنظيمات السرية للحزب.
وكان الحزب على حق في هذا التغيير لأن قيادة الحزب استمرت في هذا الموقع أكثر من ثلاثين سنة، يشير رحيم عجينة في كتابه الإختيار المتجدد لآن: (الحزب الشيوعي العراقي من الأحزاب القليلة في الحركة الشيوعية العالمية التي تعرضت إلى فقدان قيادتها بين فترة وأخرى، وإذا ما استعرضنا وضعنا القيادي منذ تاسيس الحزب حتى يومنا هذا فسنجد أننا نفقد كوادرنا القيادية كل عشر سنوات، ولربما كانت الفترة الطويلة التي احتفظنا بقيادتها هي الفترة منذ عام 1964، ولكننا منذ 1984، ولأسباب سياسية فكرية، لم نعد بنفس القيادة وتعمق هذا في المؤتمر الرابع.
إن عددًا كبيرًا من أعضاء اللجنة المركزية هم في سن الشيخوخة الجسدية أو السياسية، أو عدم الكفاءة الفكرية والعملية، وأصبح هذا العدد عبئًا على الحزب سواء كان ذلك بالنسبة لرسم سياسة صائبة للحزب أو لتنفيذها.
لابد إذن من التفكير الجدي بإدخال الدم الجديد في قيادة الحزب، ومع الأسف فإن الإختيارات التي تمت بعد المؤتمر الرابع لم تكن موفقة، فالذين قدموا إلى اللجنة المركزية لم يكونوا جديرين لأسباب عديدة، ولكن الغريب في الأمر هو المناورات التي جرت من أجل تقديمهم بعيدًا عن المبادئ والكفاءة)[22] .
كان عقد المؤتمر في كردستان إنجازًا كبيرًا للحزب وضربة للنظام الدكتاتوري, وكان للأنصار دوراً مهم في إنجاح هذا المؤتمر حيث كان بحمايتهم له، وقد وفروا الظروف لإنجاحه وجسدوا عزيمة الشيوعيين على تخطي الصعاب.
وكان المؤتمر نقطة تحول كبيرة في ترتيب البيت الحزبي.
من جانب آخر تم اعادة تشكيل المكتب العسكري الذي تكون من: (سليمان يوسف "أبو عامل" ورحيم عجينه ويوسف حنا "أبو حكمت"، وتعيين سليم إسماعيل "أبو يوسف" مسؤول لجنة إقليم كردستان).
ومن الطبيعي أن يقلص عدد قيادة الحزب أو يرفد بقيادة جديدة، الأمر أن الحزب لم يعد عدد أعضائه كما في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث أن هذا العدد تقلص إلى حد كبير بين الاستشهاد وترك العمل السياسي في الداخل أو الخارج.
وقد انتخبت اللجنة المركزية في أول اجتماع بعد المؤتمر سبعة أعضاء للمكتب السياسي ويجدد فيها بالاجماع انتخاب عزيز محمد سكرتير اول لها.
لم يناقش المندوبين القضايا الفكرية , بل اختصر على الجانب التنظيمي والجماهيري والتحالفات وغيرها, اذ (وجهت انتقادات عديدة للمؤتمر الرابع من زوايا مختلفة تنظيمية بالأساس، أما الجوانب الفكرية والسياسية فلم يجر تناولها إلا من قبل عدد قليل من كوادر الحزب وقيادته الذين وجدو أنفسهم لهذا السبب أو ذاك خارج الهيئة القيادية أو من المعارضين لبعض التوجهات الوثائقية والتاكتيكية)[23].
المكتب العسكري المركزي(معم)
شكل هذا المكتب من العسكريين والأنصار (البيشمه مركه) القدماء الذين لديهم معرفة ودراية بعمل وشؤون الأنصار وتفاصيل التشكيلات الأنصارية من الأفواج والفصائل والحضائر، يعمل المكتب العسكري بأشراف من المكتب السياسي وأحيانًا أو على الأغلب يقوده احد أعضاء المكتب السياسي . تشكيل المجلس العسكري المركزي لقوات الانصار الذي يقود العمل وبالتنسيق مع قيادة الحزب وخطة السياسي وبرنامجه. جاء في بيان المجلس في 18 ايلول 1982 :( أن من واجبات الانصار الشيوعيين ان يسهروا على تنمية كفاءتهم العسكرية وعلى استيعاب فنون القتال ورفع مستوى التدريب... عليهم ان يعرفوا جيدا كيف يهاجمون العدو وكيف يدافعون عن هجماته ويتراجعون حيث يتوجب التراجع... وان يعملوا بروح الابداع والمبادرة, وعلى تعميق المباراة الاشتراكية بين الوحدات تحت شعار "ضربات اقوى للعدو,غنائم اكبر, تضحيات اقل", واكد البيان على ضرورة ترسيخ الحياة الحزبية ... وان يتحلوا بروح التواضع والجهادية والنقد والنقد الذاتي... على المقاتلين الشيوعيين ان يكونوا دعاة جيدين لسياسة حزبهم بين الجماهير عبر الندوات واللقاءات)[24]
مر المكتب بعدة تشكيلات خلال فترة تواجدنا في العمل الأنصاري وكانت بعض التشكيلات غير موفقة وبعضها كان جيدًا إنسجم مع العمل الأنصاري لفترات لا باس بها.
تشكيلات المكتب العسكري:
أولاً: كانت التشكيلة الأولى امتدادًا لما كان قائمًا قبل تشكيل "لجنة هندرين " وتكونت من:
1. أبو جميل مسؤولاً للمكتب العسكري – عضو ل.هندرين.
2. أبو آسوس مسؤولاً سياسيًا للأنصار.
3. كانبي محمد صالح معاون مسؤول المكتب العسكري.
4. أبو سربست مسؤولاً إداريًا للأنصار.
جاءت التشكيلة الثانية للمكتب العسكري بعد وصول الرفيق أبو عامل المكلف بقيادة الأنصار، تم اعادة تشكيل المكتب العسكري، قام المكتب بتشكيل عدة هيئات فرعية نشطت في اختصاصاتها المختلفة، كهيئة المتفجرات والحركات والمالية والإدارة. وبعد انتقال المكتب إلى منطقة نوكان, وبتوفر الأجهزة اللاسلكية ارتبطنا بالمركز، مما سهل كثيرًا التنسيق في الأمور الإدارية.
إن عدم عقد اجتماعات لمسؤولي القواطع مع المكتب العسكري لدراسة تلك القضايا الجوهرية والحساسة يعد من ابرز أسباب الصعوبات التي واجهت عملنا، وادت بالتالي إلى التعارض في الآراء. ولم نستطع حل العديد من الإشكالات عن طريق البرقيات. وكان من اهم تلك القضايا ذلك القرار النهائي والفوري والذي يطلب التنفيذ دون مناقشة، والذي أصدره المكتب العسكري على ضوء تقديراته الخاصة ودون التفكير بمجرد الاستئناس برأينا، والقاضي بتحديد قوة قاطع بهدينان بـ (150) مقاتلاً فقط من خلال تشكيل فوج واحد وسرية مستقلة، وإرسال بقية الأنصار إلى المكتب العسكري. هذا في الوقت الذي كانت فيه تشكيلاتنا تتكون من فوجين (الفوج الأول وينشط في منطقة المزوري، الفوج الثالث وينشط في منطقة برواري بالا والدوسكي) والسرية الخامسة في منطقة العمادية، إضافة لسرية المقر والإدارة وفصيلي الحماية والإسناد. وكانت السرية السابعة (قيد التشكيل) تنشط في منطقة زاخو. وبلغت القوة العددية لقاطعنا حينذاك قرابة 500 نصيرًا. ومن المعروف أن منطقة بهدينان تعد من أوسع مناطق كردستان، وكانت على عاتق أنصارنا عدة مهمات وواجبات إضافية كنقل السلاح والتسفير من وإلى الخارج والعلاقة مع الداخل، إلى جانب العمل العسكري والاعلامي. ولم نتوصل في حينها لحل هذه المشكلة الغريبة والعويصة في آن، وبقيت معلقة حتى تم حل المكتب العسكري الثاني وتشكيل مكتب آخر (هو الثالث) يتكون من:
1. أبو عامل مسؤولاً.
2. أحمد بانيخيلاني.
3. سليم إسماعيل (أبو يوسف).
4. بهاء الدين نوري.
5. آرا خاجادور.
وهم من قيادة الحزب من اعضاء لجنة مركزية ومكتب سياسي هذه التشكيلة عملت وفق امكانياتها المتواضعة بمسؤولية عالية , ولم يكن احدهم ذوي اختصاص في العمل الانصاري , ولكن بعضهم من الضباط الاكاديمين او الانصار القدماء, وبينهم من كان لا علاقة له بحرب الانصار اطلاقا. ولربما كانت التشكيلة فيها افكار ورؤى مختلفة في العمل العسكري. كان أعضاء هذا المكتب غير منسجمين.
وتميزت علاقة المكتب السياسي بالمكتب العسكري بالتوتر على الدوام، وخاصة مع مسؤول المكتب (أبوعامل)، إذ كان الرفاق في (م.س) يتصوّرون بأن مسؤول مكتب العمل العسكري يعمل بالضد منهم. وترسخت تلك التصوّرات أكثر وتأججت الخلافات نتيجة لدور بعض رفاق (م.س) لتتأزم العلاقة تمامًا. فقرر (م.س) عقد اجتماع موسع في نوكان للعسكريين (ممثلي القواطع) ودعي أعضاء اللجنة المركزية لحضوره أيضًا، حيث بلغ عدد الرفاق في الاجتماع 14 رفيقًا (ونظراً لعدم حضور رفيق يمثل بهدينان فقد اختير الرفيق أبو ربيع (وكان حينها قد نقل من الأنصار إلى التنظيم المحلي) للحضور ممثلاً القاطع.
لم تتم دراسة وضع الحركة الانصارية في الاجتماع ,ابرز نواقصها وسلبياتها وحاجات العمل الانصاري وايجاد المعالجات والتوجهات المناسبة ووضع الحلول لها، فقد دارت النقاشات حول قضايا ثانوية. أن الكونفرنس لم يتمكن من اتخإذ أية قرارات بناءة تخدم حركة الأنصار. ولم يصدر اي تقرير او بلاغ عنه، وهكذا بقي المكتب العسكري مجمدًا على أن يحسم أمره في أول اجتماع للجنة المركزية.
ولطبيعة ظروف الحزب وحجم العمل العسكري الانصاري, وعدم وجود مختصين , كما اسلفا , فقد تم تبديل قادته ثلاثة تبديلات خلال فترة سنتين فقط!!
وفي إجتماعها الإعتيادي في أيلول 1982 في نوكان، توصلت اللجنة المركزية إلى صيغة جديدة للعمل وفق تشكيلات عسكرية هي القواطع في المناطق الرئيسية في كردستان. وتم تشكيل مكتب عسكري مصغر (وهو الرابع) ليقود العمل بإشراف (م.س) وتكوّن من:
1.عمر علي الشيخ مسؤولاً.
2.أبو عامل عضوًا.
3.أحمد بانيخيلاني عضوًا.
ووافق الإجتماع على تشكيل القواطع بالشكل التالي:
قاطع بهدينان (محافظة دهوك وقسم من نينوى)، وتكون من:
1.أبو جميل مسؤولاً عسكريًا وحزبيًا.
2.الرفيق كاظم حبيب مستشارًا سياسيًا.
3.الرفيق نزار ناجي يوسف عضو مكتب القاطع.
4.الرفيق أبو طالب عضوًا.
قاطع أربيل وتكون من:
1.الرفيق ثابت حبيب العاني مسؤولاً عسكريًا وحزبيًا.
2.الرفيق يوسف القس حنا مستشارًا سياسيًا.
3.الرفيق ملازم خضر مسؤولاً عسكريًا
قاطع السليمانية وكركوك وتكون من:
بهاء الدين نوري مسؤولاً عسكريًا وحزبيًا.
2. عدنان عباس مستشارًا سياسيًا.
فوج حراسة المقرات الرئيسية (م.س و معم)يقودة مكتب الفوج.
لقد تم تشكيل المكتب العسكري المركزي الجديد بقيادة الرفيق عمر علي الشيخ عشية جريمة بشت ئاشان. وكانت بوادر الأزمة بيننا وبين أوك قد أخذت بالتصاعد. إن إسناد مسؤولية معم للرفيق عمر يعتبر خطأ كبيرًا لم ينتبه اليه المكتب السياسي، ليس بسبب أن الرفيق غير ملم بالأمور العسكرية وحسب، وإنما أيضًا بسبب عدم تمكنه من اتخاذ القرارات الحاسمة إذ ما تطلب الأمر ذلك خاصة وان رفيقنا رجل التنظيم الحزبي المدني. ففي المواقف والأوضاع العسكرية يتحتم على القائد العسكري أن يتخذ قرارًا حاسمًا وخطيرًا دون انتظار الإشارة من أية جهة كانت، والأمر بالتأكيد يختلف بما يخص المواقف والأوضاع السياسية. فالموقف العسكري يتعلق بشكل مباشر بحياة ومصير كثيرين ينتظرون من القائد العسكري موقفًا ثابتًا وسريعًا، وهو الذي يتحمل مسؤولية قراره.
لقد واجه معم الجديد وضعًا لا يحسد عليه بسبب تأزم الوضع العسكري جراء تهديدات الإتحاد الوطني الكردستاني وتقرّبه من السلطة. وتطورت الأزمة إلى هجوم مسلح على مقراتنا وتنفيذ جريمة پشت آشان.
وادت تلك الأحداث وما آلت اليه الأوضاع في قاطع أربيل إلى الإنسحاب إلى منطقة بارزان. وأدى موقف بهاء الدين نوري في قاطع السليمانية كله إلى مشاكل جدية لحركة الأنصار، وسببت انسحابات غير قليلة. ونتيجة لكل ذلك لم يبق للمكتب العسكري أي دور قيادي، فقد انسحب الرفيقان عمر الشيخ وأبو عامل إلى قاطع بهدينان، وتسلم الرفيق أبو سرباز مسؤولية قاطع السليمانية بعد إعفاء بهاء الدين نوري من قيادته.
واستمرت الأوضاع بالتدهور بسبب الإشكالات الفكرية المربكة التي سادت حركتنا بعد پشت آشان.
وفي اجتماع ل.م عام 1984 لم يجر تشكيل اي مكتب عسكري للأنصار، وكان هذا بحد ذاته احد النواقص الكبيرة في العمل العسكري. وقرر م.س إناطة العمل به كمكتب عسكري , حيث اضاف لعمله التنظيمي والسياسي الكبير حملا اخر , هو في غنى عنه.
وقد اتخذ الحزب مجموعة من الإجراءات التنظيمية لمحاولة توسيع الخطوط التنظيمية وربطها بشكل خيطي محاولاً عدم انكشافها من قبل الأمن ومخابرات النظام.واكت اجتماعات الهيئات الحزبية والعسكرية الى العمل المتواصل في سبيل تطوير الافضل لوحدات الحزب المسلحة وبتنشيط الحياة الحزبية فيها وتعزيز الضبط الحزبي والعسكري وتنمية الثقافة العسكرية والكفاءات القتالية, الى جانب معالجة النواقص والثغرات, واكدت على تعزيز التأخي والتعاون بين جميع القوات.
الاجتماع العسكري الموسع
في أعقاب المؤتمر الوطني الرابع، عقد "المجلس العسكري الموسع" بإشراف الرفيق عزيز محمد وبحضور مسؤولي القواطع ومسؤول إقليم كردستان ومسؤول الإعلام المركزي.
أشاد الجميع بأهمية انعقاد المجلس، بعد المؤتمر مباشرة، مؤكدين على ضرورة تعميق وتطوير حركة الأنصار وتوسيع نطاقها وتقريبها من المدن والتحشدات الجماهيرية وتنسيق نشاطاتها مع قوات البيشمرگة في كردستان، وتصعيد الكفاح المسلح بمختلف سبله وتوفير مستلزماته في المدن، والعمل لكسب قطعات من القوات المسلحة باتجاه تحقيق الإنتفاضة الشعبية الشاملة، لتحقيق أهداف حزبنا بإنهاء الحرب وإسقاط الدكتاتورية.
وقد طرح للنقاش في المجلس تقرير تضمن موضوعات أساسية متعلقة بوضع ونشاط فصائل الأنصار. وقدمت مقترحات عديدة لتطوير العمل وترسيخ جوانبه المشرقة من خلال العمل الاستثنائي لمعالجة الثغرات والنواقص الذاتية وتذليل المعوقات والمصاعب الموضوعية التي تواجه فصائل الأنصار. وجرت مراجعة تاريخية لمسيرة حركة الأنصار والمصاعب التي واجهت المفارز الأولى والمقرات الخلفية والوحدات حتى تشكيل القواطع. وبرزت كنقطة هامة وملحة موضوعة الإنسجام بين العمل العسكري والسياسي داخل الحركة، وكذلك مع بيشمرگة القوى الكردستانية الأخرى. وركز الإجتماع على أهمية إعادة مركزة قيادة الأنصار وتشكيل هيئة مركزية كفوءة (مكتب عسكري مركزي) لهذا الغرض. إضافة لذلك أوصى الإجتماع بالإهتمام بتطوير إمكانيات الأنصار الشباب وتسليمهم المسؤوليات والمهام العسكرية والعناية بالنصيرات وتطوير مساهمتهن المتميزة، واكد على التنسيق بين القواطع لتحقيق المزيد من الإنجازات خاصة ذات التأثير المباشر على الوضع السياسي والعسكري.
وبناء على قرار المجلس بمركزة قيادة الأنصار، شّكل م.س ودون الرجوع إلى آراء الرفاق في مكاتب القواطع، مكتبًا عسكريًا تكوّن من الرفاق:
1.الرفيق أبو عامل مسؤولاً عن المكتب (سبق وأن قاد المكتب العسكري منذ 1981).
2.الرفيق رحيم عجينه – مسؤولاً حزبيًا عن الأنصار.
3.الرفيق حسان عاكف – مسؤولا عن المالية
4.الرفيق يوسف القس حنا (أبو حكمت) – مسؤولاً عن العلاقات.
وكان المكتب العسكري يصدر بين فترة وأخرى مجموعة قرارات وتوجيهات للأنصار من أجل التعاون مع القوى الوطنية الكردستانية (حدك وحسك) وأحيانًا تأتي مع تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية والمتغيرات في المنطقة، ومن القرارات التي اتخذها المكتب العسكري والحزب هو تعزيز وتطوير العملية الثورية منها:
- التنسيق الواسع بين قوات (جود).
- التنسيق بين القيادات العسكرية لبرمجة وقيادة العمليات العسكرية.
- تحسين إيرادات قوات الأنصار من أموال وتجهيزات العدو وشل خطوط مواصلاته وضرب مؤسساته الامنية.
- بذل الجهود لمد نشاط قوات الأنصار المسلحة إلى مناطق أخرى من العراق وخاصة الوسط والجنوب والمدن الكبرى وتأمين التنسيق معها.
- رفع الجهازية القتالية للأنصار والإستعداد للتضحية وعدم التردد في خوض المعارك مع العدو.
- تطوير أساليب القتال والإفادة من التجارب الإيجابية والسلبية السابقة.
- رفع مستوى الإنضباط وروح الإلتزام لدى قوات الأنصار وشحذ اليقظة الثورية في مواجهة دسائس العدو ومباغتاته ومرتزقته.
- تحسين وتوسيع علاقات الأنصار بالجماهير الكادحة وكسبها للنضال ضد عدوها وتعبئتها للدفاع عن مصالحها.
- تطوير النشاط الفكري والسياسي لقوات الأنصار والبيشمه مركة وبين الجماهير وتحسين أساليب مواجهة الحرب النفسية والدعاية المعادية ودس العملاء في صفوف الثوار بالحزم الثوري والتثقيف الدائم.
- حماية النشاطات الجماهيرية والدفاع عنها.
إجتماع ل.م كانون الأول 1986
عقدت اللجنة المركزية إجتماعها الإعتيادي الأول بعد المؤتمر بغياب سكرتير الحزب وثلاثة رفاق من أعضاء المكتب السياسي وثلاثة آخرين من أعضاء اللجنة المركزية. وكان عدد الحاضرين في الاجتماع 9 رفاق فقط. وتمثل أول خرق لقرار المؤتمر حول الرفاق العشرة الجدد من أعضاء اللجنة المركزية وسرية تشخيصهم هو حضور أربعة رفاق وبدون أي قرار من اللجنة المركزية، وهم الرفاق (أبو يسار)، (أبو عادل)، (أبو ناصر)، (أبو ربيع)، وبذلك أصبح عدد الحاضرين 13 رفيقًا.
إستمر الاجتماع الذي قاده الرفيق عمر علي الشيخ (أبو فاروق) 18 يومًا .
وكرس الاجتماع لدراسة أخطر موضوعة، وهي تحويل مسؤولية قيادة الحركة الأنصارية لحزبنا إلى لجنة إقليم كردستان وإلغاء التشكيلات العسكرية (القواطع).
ويبدو أن هذه الموضوعة كانت قد درست مسبقًا في المكتب السياسي. وكانت زيارات الرفيق آراخاجادور (ابو طارق) للقواطع العسكرية تمهيدًا لطرحها في الإجتماع لغرض إصدار قرار من اللجنة المركزية وتحويله بالتالي إلى حيز التنفيذ.
هذا الموضوع تمت دراسته، لكنه لم يحضَ بالقبول من قبل القيادة الجديدة التي كانت متحمسة إلى تفعيل العمل العسكري وتجاوز الأخطاء والهنات بين القواطع. وتم توزيع القيادة الجديدة على القواطع، سامحين للقيادة القديمة التمتع بأجازة خارج كردستان ومنهم (أبو جميل وأبو سرباز وأبو سيروان)، وأصبحت القيادة من المكتب السياسي ومنهم ارا خاجادور (أبو طارق).
كان لانعقاد المؤتمر السابع والعشرين للحزب الشيوعي السوفيتي ما بين 25 شباط و6 آذار وقع كبير على معظم الأحزاب الشيوعية العالمية وحركات التحرر الوطنية في العالم ومنها الحزب الشيوعي العراقي، والتي تبنى فيها ماعــرف بالبيسترويكا، ونقد السياسة السابقة للقادة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي .
رفع شعار المزيد من الديمقراطية وقضية التجديد والحديث عن الشفافية (الغلاسنوست). وطرح الشخص الأول في الدولة والحزب (غرباتشوف) هذا التجديد في كل النواحي السياسية والاقتصادية والتي أدت إلى تحولات في مجمل الحياة في الإتحاد السوفيتي، ولهذا عمل غرباتشوف على إبعاد القادة السابقين من أمامه لينفذ سياسة جديدة أدت في النهاية الى إزالة الإتحاد السوفيتي من الوجود والتي عرفنا فيما بعد، أن الإمبريالية العالمية كانت تغذي خطواته وتدعمه في توجهاته الهدامة.
وكان بعض قيادة الحزب الشيوعي العراقي من الذين تأثروا بهذه السياسة وعملوا على اطلاق سياسة جديدة بعيدة عن تلك السنوات النضالية التي أقرها المؤتمر الرابع في تشرين الثاني 1985.
لقد (أحدثت البرسترويكا آثارًا واسعة في كل أنحاء العالم وإذا كانت ثورة اكتوبر عام 1917 قد نقلت أصداء الماركيسية إلى أبعد الديار، فان البرسترويكا مع التقدم الهائل في تكنلوجيا الإتصالات قد هزت العالم هزًا وباتت كل شعوب العالم تتابع ما كان في موسكو باهتمام عظيم، ونجم عن ذلك آثار بعيدة لم يكن القادة الذين بدأوها قد أدركو أبعادها، وتسببت في تغير مصائر عديد من الشعوب)[25].
وقد بدأت القيادة في إيجاد صيغ في تحول قيادة العمل المسلح للحزب (العمل الأنصاري) شملت من المكتب السياسي والمكتب العسكري إلى لجنة الإقليم (ولم أستبعد أن يكون فك ارتباط حركة الأنصار بقيادة الحزب مقدمة لتصفيتها نهائيًا، كما لم أستبعد أن هذا المنحى جاء نتيجة ضغط قيادة الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفيتي على حزبنا في عقد الثمانينيات)[26].
ويؤكد الرفيق رحيم عجبنة وهو عضو اللجنة المركزية والقريب من المكتب السياسي أن بعضهم غير مؤمن بحركة الأنصار وببقائها.
إجتماع اللجنة المركزية أواخر أيار 1988
درست اللجنة المركزية الوضع السياسي بكل تجلياته ومتابعة مختلف جوانب العمل التنظيمي، وناقشت الحرب العراقية الإيرانية (حيث أن استمرارها يعقد الأوضاع في المنطقة ويدفع إلى تدويل الحرب مما يؤدي إلى استقدام الأساطيل الحربية الأطلسية الأمريكية وهيمنتها على منطقة الخليج. كما أن موقف الحكومة الإيرانية المتمسك بمواصلة الحرب حتى إسقاط صدام حسين، والإصرار على اجتياح العراق وتقرير مصيره ونظامه السياسي والاجتماعي يثير القلق الجدي في أوساط عربية ودولية، ويغذي في الوقت نفسه السياسة الحربية وتشديد الإرهاب والبطش اللذين تنتهجهما القوى المتسلطة على شعبنا، ويوفر هذا الموقف أيضًا تربة خصبة للنشاط الإمبريالي الصهيوني الرجعي واحتكارات السلاح والدوائر المستفيدة من استمرار الحرب وجميع الذين لا يريدون نهاية له)[27].
وأكد الحزب على تمسكه بإنهاء الحرب فورًا على أساس سلم ديمقراطي. ودعا الاجتماع إلى (شن كفاح فكري حازم ضد الأفكار والاتجاهات التخريبية والشللية وعزلها وتحصين منظمات الحزب فكريًا ضدها. وقد اتخذ الإجتماع سلسة من التدابير والقرارات ومعالجة النواقص والثغرات)[28].
وفي هذا الاجتماع جرى نقل مسؤولية الحركة الأنصارية إلى لجنة إقليم كردستان التابعة للحزب الشيوعي العراقي، حيث قررت في هذا الاجتماع إناطة المسؤولية لها بشكل كامل، بعد أن سفر بعض القياديين من العسكريين والسياسيين (المتشددين), كما يسميهم عامر عبد الله, إلى الخارج حيث كان الخلاف كما يذكر تقرير المؤتمر الوطني السادس في تقييمه للحركة الأنصارية.
(الاتجاه الأول يعتبر التنظيم الحزبي هو الأساس سواء في الخارج أو داخل هذه الفصائل وما الحركة الأنصارية إلا الساعد القوي لدى التنظيم.
الاتجاه الثاني يعتبر التشكيل العسكري هو الأساس وهو المعني بختلف النشاطات في هذه المرحلة)[29].
[1] طريق الشعب العدد3 اواسط تشرين الاول 1979
[2] نفس المصدر السابق
[3] تقيم تجربة حزبنا النضالية 1968- 1979
[4] طريق الشعب العدد 10 في 1980 سنة 44
[5] طريق الشعب أواسط شباط 1981 عدد 5 السنة 45).
[6] الاختيار المتجدد ,رحيم عجينة ص 172
[7] الثقافة الجديدة عدد 179 ص32 (في الذكرى الاولى لعقد المؤتمر الوطني الرابع للحزب)
[8] من اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي 1981
[9] تقيم الحركة الانصارية ص97 ,مصدر سابق
[10] عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ,عزيز سباهي ص 218
[11] مذكراتي ,باني خيلاني ص 344
[12] (صفحات من تأريخ الحركة الشيوعية في العراق صلاح الخرسان ص 181).
[13] صدى السنين , زكي خيري ص 156 و157
[14] مناضل الحزب ايلول 1982
[15] الاختيار المتجدد ,رحيم عجينة ص 184
[16] من البيان السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية اواخر حزيران 1984
[17] في حفل رسمي حضره قادة بارزون من الحركة الشيوعية العالمية,قام الرفيق غروميكو عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السوفيت الاعلى بتقليد الرفيق عزيز محمد ,السكرتير الاول للجنة المركزية لحزبنا , وسام لينين , لبلوغه الستين , تقديرا لنضاله من اجل السلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي,وعبر غروميكو عن التقدير الكبير لنضال حزبنا والاشادة بمواقفه وسياسته, في الظروف الراهنة الصعبة - .ث ق عدد172 نيسان 1986.
[18] الثقافة الجديدة عدد 170 شباط 1986 ص 3
[19] الاختيار المتجدد,رحيم عجينه ص 193 مصدر سابق.
[20] عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ,عزيز سباهي ص 243
[21] الثقافة الجديدة عدد 170 شباط 1986 , مصدر سابق
[22] الاختيار المتجدد , رحيم عجينة ص239
[23] نفس المصدر السابق ص 193
[24] مقال سعاد خيري (الكفاح المسلح للحزب الشيوعي العراقي )الثقافة الجديدة عدد 160 كانون الاول 1984 ص24
[25] عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ج3 ص 250 مصدر سابق
[26] الاختيار المتجدد رحيم عجينة ص 180
[27] الثقافة الجديدة رقم 199-200 تموز /اب 1988
[28] نفس المصدر السابق ص 98
[29] تقيم الحركة الانصارية ص 98 مصدر سابق