مدارات

التصدي للفساد في رؤية الحزب الشيوعي العراقي

عادل عبد الزهرة شبيب
أشار البلاغ الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي المنعقد في 17 نيسان 2015 الى تفشي الفساد في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وتحوله الى اخطبوط خطر لايقل في عواقبه عما يسببه الارهاب وداعش حيث احدهما يغذي الآخر.
فقد احتل العراق المركز (170) في قائمة مؤشر الشفافية الدولي لعام 2014 التي ضمت (175) بلدا، محرزا (16 ) نقطة من أصل (100) حيث تذيلت القائمة كل من الصومال وكوريا الشمالية بالتسلسل (174) لكليهما باحراز 8 نقاط لكل منهما ، تلتهما السودان بالتسلسل (173) محرزا (11) نقطة وجنوب السودان بالتسلسل (171) محرزا (15) نقطة ثم العراق بالتسلسل (170) بـ (16) نقطة، التسلسل الرابع في ذيل القائمة للدول الاكثر فسادا. ويشير تقرير الشفافية الدولية لعام 2014 الى ان من بين مؤشرات وجود الفساد في القطاع العام لآي بلد هي سوء وضع المدارس ورداءة تأهيلها، فمازالت مدارسنا بدوام ثنائي وثلاثي تفتقر الكثير منها للشروط الصحية وبعضها وخاصة في المناطق الريفية مبنية من القصب والطين وبدون رحلات حيث يفترش التلاميذ الارض، اضافة الى تردي النظام الصحي وكذلك حسم الانتخابات عن طريق استخدام المال العام والرشى. ان مثل هذه الحالات من الفساد تؤدي الى تقويض العدالة والتنمية الاقتصادية وينتج عنها انعدام ثقة المواطنين بالحكومة، كما يشير تقرير الشفافية الى ان البلدان التي حصلت على نقاط متدنية هو دليل على انها تفتقر الى قوانين معاقبة المفسدين. ويدلل الفساد على اساءة القادة وكبار المسؤولين استخدام السلطة فيما يتعلق بالاستيلاء على المال العام والتستر على كبار المفسدين من المسؤولين لتحقيق مكاسب شخصية.
لقد ألحق الفساد في العراق الضرر الكبير ببناء دولة فعالة وقوية وبتقديم الخدمات بشكل كاف للمواطنين وتحقيق التنمية الاقتصادية-الاجتماعية. ومازال بحدود 23% من ابناء العراق يعيشون بفقر مدقع في ظل تعثر مبادرات الحكومة لمكافحة الفساد.
ان عمليات الاختلاس الضخمة وأساليب الخداع وغسيل الاموال والشركات الوهمية وتهريب النفط وحالات الرشاوي والبروقراطية والفضائيين المنتشرة في مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية قد رمت البلاد الى حضيض قعر معدلات الفساد في العالم وهذا وجد انعكاسه في العنف السياسي والحاق الضرر بعملية بناء الدولة. وقد ساعد التدخل السياسي في عمل هيئات مكافحة الفساد وتسييس قضايا الفساد اضافة الى ضعف منظمات المجتمع المدني والتدهور الامني ونقص الموارد والشروط القانونية، على تحجيم، وبشكل كبير من قدرة الحكومة على كبح حالات الفساد المستشرية وبصدد تفشي الفساد فقد كشف تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن ( حسب عراق بريس ) أن ( صندوق تنمية العراق الذي أنشئ عام 2003 لايداع مبيعات المنتجات النفطية العراقية بناء على القرار (1483) بلغت ارصدته (165) مليار دولار عام 2009 وبسبب الفساد الكبيرتقلصت أرصدة صندوق تنمية العراق الى (7) مليارات دولار في العام 2013، كما عجزت الحكومة العراقية عن تبرير اختفاء (11) مليار دولار من تلك الارصدة، وتقول المصادر ان العراق قد فقد من امواله أكثر من (203 ) مليارات دولار خلال بضع سنوات، في حين ان موازنات العراق منذ العام 2003 ولغاية هذا العام 2015 تجاوزت التريليون دولار دون ان يقابلها مشاريع استراتيجية صناعية او زراعية او تعدينية او انها استخدمت في حل المشكلات الاقتصادية القائمة كالبطالة والسكن والفقر وتوفير مياه الشرب في البصرة مثلاً، وغير ذلك، او العمل على تنويع مصادر الدخل الوطني والتخلص من الاقتصاد الاحادي الجانب القائم على تصدير النفط الخام.
وأكد بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على ضرورة التشديد في مكافحة الفساد في ظل تقلص الواردات المالية للبلد، مبينا ان الشرط الاساسي الواجب توفره لتحقيق تقدم في التصدي للفساد هو ( وجود ارادة سياسية حازمة لاتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة لمعاقبة الفاسدين والمفسدين وتطبيق القوانين ذات العلاقة واعادة بناء الاجهزة المعنية وتخليصها من الفساد واسناد المهام الى العناصر الوطنية المخلصة والنزيهة. وان المكافحة الجدية لابد ان تبدا من قمة السلطة وان تشمل جميع المسيئين والمتلاعبين بالمال العام كبيرهم وصغيرهم وبغض النظر عن موقعهم الوظيفي ومسؤوليتهم السياسية والاجتماعية والدينية ..ومنح عملية المحاربة الجذرية للفساد بعدا مجتمعيا عبر اشراك قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني ورموز وشخصيات وطنية وثقافية واجتماعية وعدم الاعتماد حصرا على دور الدولة وآلياتها وجهاتها الرقابية، وانما ينبغي حشد طاقات وقدرات مجتمعية واسعة الى جانبها في حملة وطنية شاملة لمكافحة الفساد).