مدارات

"تقرير الثروة العالمية": الثراء الفاحش يتصاعد بوتيرة أسرع

رشيد غويلب
نشرت مجموعة بوسطن الإستشارية في منتصف حزيران الجاري تقرير الثروة العالمية لعام 2015 والمعنون "انتصار لعبة النمو". ويشير التقرير الى زيادة في الثروة المالية الخاصة (لا يشمل ذلك الثروات التشغلية، العقارات والممتلكات الفاخرة) في السنة المالية 2013 /2014 ، من 17,5الف مليار لتصل الى 164,3الف مليار دولار.
ومن المهم الإشارة الى ان التقرير يهتم بـ62 بلدا تمثل ثلث البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة، والتي تزيد على200 دولة، فالتقرير يستثني جميع البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء(ما عدا جمهورية جنوب افريقيا) واغلب بلدان منظمة التعاضد الأقتصادي السابقة، والممتدة من جمهوريات يوغسلافيا السابقة الى فيتنام، فهذه البلدان تملك الكثير من السكان، ولكنها لا تملك راس مال مالي كبير. ويتوقع ان ترتفع الثروة المالية العالمية حتى عام 2019 الى 222 الف مليار دولار، ويمثل هذا الرقم 2,4 ضعف توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 93 الف ملياردولار.
ويسجل التقرير دورا قويا لبلدان المراكز الرأسمالية في امريكا الشمالية، واوربا الغربية واليابان، والتي تبلغ الزيادة فيها 105الف مليار دولار، وهو ما يقابل 64 بالمائة من الثروة المالية العالمية، ويلاحظ التقرير محاولة البلدان الصاعدة في آسيا اللحاق بالركب ومن المتوقع ان تصبح حصة هذه البلدان في عام 2019، 43 في المائة من الثروة العالمية. واصبحت آسيا في 2014 ، باستثناء اليابان المنطقة الثانية في العالم، ومن المتوقع ان تحتل في عام 2019 الموقع الأول متقدمة على أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، وبالنظر إلى تسارع النمو الاقتصادي، فان الأمر ليس مستغربا.
من اين تأتي الثروة المالية؟
في الإجابة عن هذا السؤال، لا يعتمد التقرير نظرية ماركس بشأن الإستغلال ، بل يفرق بين الثروة الجديدة، والإيرادات المتحققة من الثروة القائمة. ان ثلاثة ارباع الزيادة المتحققة في الفترة المذكورة، 13 الف مليار دولار جاءت نتيجة للواردات المتحققة من الثروة القائمة. والمصدر الرئيسي هنا هو استثمارات في الأسهم والاستثمارات المماثلة، التي حققت في عام 2014 ، عبر ارتفاع الأسعار و الفوائد ربحا بلغ 11 في المائة، وهنا لا يجب التقليل من دور سندات الديون الحكومية، التي تبلغ الفائدة عليها 6 في المائة . وما يسمى بالثروة الجديدة حقق المبلغ المتبقي 5 الاف مليار دولار تقريبا، وهي جاءت بموجب تقرير مجموعة بوسطن من الزيادة في الناتج الإقتصادي العالمي في عام 2014 . وحسب صندوق النقد الدولي فان الناتج الاجملي العالمي بلغ 77 الف مليار دولار في عام 2014. ويشمل هذا التقدير الـ 5 الف مليار دولار المذكورة، وجزءا رئيسيا من الـ 13 الف مليار دولار ايضا خصص لتكديس الثروة المالية، وهو مبلغ هائل يتأتى من العمل غير المنتج، الذي يمارسه اولئك الذين راكموا في عام 2013 ثروة مالية كبيرة.
من يملك الثروات المالية؟
وفقا للتقرير كان هناك 17 مليون مليادير في عام 2014 في العالم.، ويمثل ذلك نسبة ضئيلة بالنسبة لمجموع سكان العالم وهم يهيمنون على68 الف مليار دولار وهذا المبلغ يمثل 41 في المائة من مجموع الثروة المالية الخاصة والبالغة 164 الف مليار دولار0 وخلال 5 سنوات سترتفع حصتهم الى 46 في المائة من المجموع المتوقع. وهناك20 الفا من الذين تبلغ ثروتهم المالية على الأقل 100 مليون دولار ، ، اي انهم يمثلون مرة اخرى نسبة ضئيلة من مجموع المليادرية في العالم.
اموال الملاذات الضريبية
ويحدد التقرير الثروات المالية الموجودة في البنوك والمؤسسات المالية في بلدان الملاذات الضربية بـ 10 الف مليار دولار، ومنها 20 في المائة في البنوك السويسرية. ولا يشير التقرير الى مالكي هذه الأموال، ولكن الإفتراض الأكثر واقعية ان القسم الأكبر منها يعود الى مجموعة المليارديرية، الذين يهربون سبع ثرواتهم المالية الى الملاذات الضريبية، وبالتأكيد فان حصة الأسد تكون لأكثرهم ثروة.
وماذا عن بقية المجتمع؟
ان عدد الذين يتضورون جوعا في العالم اكثر بكثير من عدد المليارديرية فيه، فحسب معطيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بلغ عددهم 800 مليون انسان، و في بداية التسعينيات تم تحديد الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة والتي ينبغي تنفيذها حتى عام 2015 , وكان الهدف هو خفض جياع العالم بمقدار النصف، وهو هدف سهل بالنسبة لعالم غني. وفي عام 1991 كان هناك اكثرمن مليار جائع ، اي ان الهدف المنشود لم بتحقق. وفي السنوات الأخيرة كانت نسبة الإنخفاض اقل من سابقاتها. ومن الـ 215 مليون انسان الذين اصبحوا في سنوات 1991 - 2015 خارج دائرة الجوع ، كانت حصة الصين منهم 165 مليون.