مدارات

سلاما.. صحافة الشعب

عندما عاد وزير الداخلية رشيد عالي الكيلاني الى العاصمة بغداد، بعد اشرافه على عمليات قمع حركة الفلاحين في مدينة سوق الشيوخ عام 1935، وجد على مكتبه نسخة من العدد الاول لجريدة "كفاح الشعب"، فقال مقولته الشهيرة:" ان هذه الورقة اشد خطرا من ثورة سوق الشيوخ، فإذا ما ثبتت افكارها سيستحيل علينا قلعها".
هكذا تم الاستقبال الرسمي لأولى جرائد العراق السرية، وهؤلاء الحكام الرسميون هم السبب الاول لإصدار حزبنا الشيوعي جريدته بشكل سري يوم 31/ تموز 1935، فما هي مشيئتنا ولكن السرية فرضت علينا فرضا ولم تكن خشية من الشارع، بل كنا مضطرين لها للرد على الحكام الذين يحرمون القوى والاحزاب الوطنية من الممارسة العلنية لحقوقها الديمقراطية.
اما الشارع فقد استقبل 500 نسخة ونفدت جميعها مدشنة عهدا جديدا في الحياة السياسية والصحفية العراقية، وقادحة لشرارة قدحت فاتسعت حتى نثرت نجوما واقمارا في طول البلاد وعرضها على مدى ثمانين عاما مواراً، ومن تلك القدحة الحمراء نرى اليوم شمس "طريق الشعب" وهي تشرق كل صباح على صفحات دجلة والفرات وعلى المساطر والمعامل والميادين والمدارس والحقول والمقاهي والدرابين الفقيرة كالخبز في الصباح كهدوة الرياح كطائر ملون الجناح.