مدارات

في الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة العالمية : الأمم المتحدة بحاجة ماسة الى الإصلاح

«طريق الشعب»
في السادس والعشرين من حزيران عام 1945 وقع ممثلو 50 دولة ميثاق الأمم المتحدة، وفي الرابع والعشرين من تشرين الأول من العام نفسه دخل الميثاق حيز التنفيذ. وشغل النرويجي «تريغفي لي منصب» أول أمين العام للمنظمة العالمية. يذكر ان العراق كان من المؤسسين لها.
وكان للأمم المتحدة خلال السبعين عاما، وعلى العكس من سابقتها عصبة الأمم، انجازات يشار اليها. ولعل ابرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اقرته الجمعية العامة في عام 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 1966 ، والأهداف الإنمائية بعيدة المدى لمكافحة الفقر، الصادرة عن مؤتمر قمة الألفية في عام 2000 . وعلى الرغم من ذلك تواجه الأمم المتحدة دائما النقد. وفي كثير من الأحيان كانت الأمم المتحدة «مكان الإحباط والتردد»، ولطالما اشتكى بان كي مون من «خمول مجنون»، ولعل الصراع في وحول سوريا خير مثال على ذلك.
وفي اجتماعات الجمعية العامة، تمتلك جميع البلدان الأعضاء، البالغ عددها 193 دولة صوتا واحد ، بغض النظر عن حجمها وقداراتها الإقتصادية، ولكن قرارات هذه الإجتماعات ليست الزامية. قوة القرار يملكه فقط الأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي وهم : الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو). وآليات عمل المنظمة عكست توازن القوى في عالم 1945 . واعترف نائب الأمين العام للأمم المتحدة «يان الياسون»: «يجب علينا أن نؤكد بأن حق النقض يحد من فعالية الأمم المتحدة». ولهذا فان اصلاح المنظمة امر طال انتظاره. وتطالب بلدان عدة بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وهي: المانيا، اليابان، الهند، البرازيل. وشدد وزراء خارجية هذه البلدان في اجتماع الجمعية العامة الأخير على ضرورة ان تعكس تركيبة مجلس الأمن الدولي حقيقة واقع التوازن الجيوسياسي في القرن الحادي والعشرين. ويتكون مجلس الأمن الدولي حاليا من خمس عشر عضو بضمنهم الخمسة دائمي العضوية. ويتمتع اعضاء مجلس الأمن المؤقتين بعضوية المجلس لمدة سنتين فقط.
وقدمت مجموعة من رؤساء الجمهوريات والحكومات السابقيين ورقة اصلاح لم تنحصر في جعل مجلس الأمن الدولي قادرا على تنفيذ سياسة سلام وامن عالميين، بل احتوت الورقة نصائح بضرورة منح السكرتير العام مزيدا من الإستقلالية. ويجب تعزيز قدرات الأمم المتحدة، وتسهيل حركتها، لكي تستطيع ان تجعل العالم اكثر عدلا وسلاما.
واقترحت «مؤسسة المسنين» التي اسسها نيلسون مانديلا في عام 2007 ، ضمن امور اخرى، تمديد فترة القيام بمهام الأمين العام الى سبع سنوات على ان لا تعاد لدورة ثانية، ما يجعل قراراته حرة. وضرورة ان تكون عملية اختيار الأمين العام مفتوحة وشفافة، وان يتنافس على المهمة عدة مرشحين، وايضا يجب ان يكون مجلس الأمن أكثر ديمقراطية، وأوسع تمثيلا. و ضرورة أن تتعهد البلدان الخمس دائمة العضوية بالامتناع خلال الأزمات عن استخدام أو التهديد باستخدام حق النقض، والإلتزام الواضح باستراتيجيات هدفها حماية السكان المعرضين للخطر. وأكثر ان هذا، يجب التعامل بايجابية مع وجهات نظر المجتمع المدني في مناطق النزاع في اتخاذ القرارات، وتوفير امكانية مشاورات مشتركة دائمة. ومن الضروري جعل رسالة الأمم المتحدة اكثر فعالية، لمنع اندلاع صراعات مسلحة، او القدرة على انهائها بسرعة فائقة. .
ولكي يتحقق هذا الإصلاح يتوجب عقد اجتماع للجمعية بحضور الثلثين على الأقل، وان يصادق ثلثا دول المنظمة الأعضاء ، بما في ذلك اعضاء مجلس الأمن دائمو العضوية على القرار، اي ان تتخلى هذه البلدان عن هيمنتها على المنظمة العالمية طوعا. ولهذا فان الأمم المتحدة «ستبقى عملا غير مكتمل»، كما صرح بذلك امينها العام.