مدارات

في يوم الصحافة الشيوعية، نحتفي عائدين الى الينابيع ! * / رضا الظاهر

يبدو أن زمناً طويلاً لابد أن يمر قبل أن تتحقق تلك القيم الشخصية والمهنية، التي اعتبرتها الصحافة الشيوعية حجر الزاوية في السعي الى الحقيقة والدفاع عنها، وهي مبتغى كل صحفي نزيه.
وسيبقى الصراع محتدماً بين من يرفعون راية الأمل لتغيير الواقع، ومن يخشون الأمل تأبيداً للواقع .. وتلك هي معركة التاريخ والراهن والمستقبل.
نحن فريقان: فريق يمارس السخط على الباطل وأهله، وفريق يمارس الخنوع للباطل وأهله..
فريق من المتطلعين الى الحقيقة، قابضين على جمر المعاناة .. وهم أفضل من يستمعون الى نداءات المحرومين وأناشيد احتجاجهم .. وفريق من المتطلعين الى تزييف الحقيقة، قابضين على أوراق المال والجاه، عبر الدجل والردح، والمزايدة في الانحدار حتى تتسلط عليهم وعلى أسمائهم الأضواء ..
فريق من ورثة "كفاح الشعب" .. من أجيال ظلوا ينقلون إرث الصحافة الشيوعية في بلادنا الى أجيال لاحقة، يأتمنونها عليه ويدعونها الى إغنائه، وهي أجيال تواصل، اليوم، وسط صعاب الحياة، ومرارة المعاناة، والاصرار على التحدي، تلك المسيرة المعمّدة بالتضحيات والمآثر .. وفريق من "خدم السلاطين"، ممن يخوضون وحول مستنقع غسيل الأدمغة، وشراء الضمائر، وإشاعة ثقافة الانحطاط، وتأبيد الاستبداد.
ما أحوجنا اليوم، وفي كل يوم، الى العودة الى ماركس، المهووس بالكمال، والذي يكتب بفن، وروح مشبعة بالسخرية والغضب، ومنهجية تستند الى معرفة الواقع بهدف تغييره ..
ومن أجل معرفة جوهر السخط والأمل ودورهما في التغيير والتنوير يتعين علينا أن نعود الى معلمنا الأول، ومن تلاه من الثوريين الحقيقيين الذين ظلوا متمسكين بإرثه، ومطورين، بعقل نقدي رفيع، هذا الارث المتجدد، حيث الينابيع الأصيلة للسخط والأمل، وهي ينابيع لا تنضب طالما ظل الصحفي الشيوعي متمسكاً بقيم التطلع الى المعرفة، والسعي الى الحقيقة، ومتحسساً معاناة المحرومين، ومتعايشاً مع الناس، ومتعلماً منهم، ومدافعاً عن حقهم، ودائباً في إتقان متطلبات المهنة، ومكافحاً، مع كل من يرفعون رايات التنوير، من أجل غد جديد.
نحن الصحفيين الشيوعيين الذين نتشبث بالأمل نعلم أن ممارسة السخط بحاجة الى براعة لا تقل عن براعة ممارسة الأمل .. فكلاهما مرتبط، على نحو لا ينفصم، بالحساسية الجمالية، والموقف الأخلاقي، ومصداقية القول والفعل ..
في يوم الصحافة الشيوعية .. نستذكر شهداءها بأمثولتهم .. ونعبر عن عرفاننا بالجميل لمن علمونا هذا الفن الجميل .. ونشد على أيادي بنات وأبناء الأجيال الجديدة، وبينهم جنود مجهولون، من شغيلة الصحافة الشيوعية في بلادنا ..
في يوم الصحافة الشيوعية .. نحتفي عائدين الى الينابيع !
ـــــــــــــــــــــــ
* «طريق الشعب» آب 2008