مدارات

"طريق الشعب" المصداقية تصنع المكانة العالية / عبد العزيز لازم

قبل عام في مثل هذا الوقت عصف تفجير إرهابي في منطقتنا بعمارة سكنية من اربعة طوابق مع مقهى مكتظ برواده الحالمين، وكانت الخسائر بين الأبرياء كبيرة مضافا اليها الخسائر المادية. جعل ذلك السلطات بأن تقوم بحملة تفتيش على السلاح والقتلة في محيط الحادث اعتقادا منهم بان القتلة هم من سكان الحي المجاور او من المتواجدين فيه. طرقت باب شقتي المستأجرة شلة من افراد الجيش على رأسهم ضابط وسيم للقيام بمهمة التفتيش, وبعد ان عرفوا اني اسكن لوحدي، سألني الضابط عن مهنتي، فاوضحت له باني صحفي. ثم اجبته على سؤاله الاخر حول الصحيفة التي اعمل فيها, فلما عرف اني اعمل في "طريق الشعب" اتسعت اساريره لصنع ابتسامة عريضة تعبر عن سرور من يكتشف شيئا جميلا. توالت الاسئلة خاصة ذلك السؤال الذي استهدف التأكد من مكان الجريدة " اليست إدارتها في أبي نؤاس؟". يبدو انه كان يعمل في مأمورية قريبا من مكان الجريدة وكان على علم بظروف منطقتها. كانت مشاعر الإعجاب طاغية حين اجبته بالإيجاب. وعندما طلبت منه ان يقوم بواجبه في تفتيش الشقة، التفت الى شلته الأمنية قائلا (لا يُفتش مثل هذا المكان!) وامرهم بالخروج بعد ان عبّر عن اعتذاره، لكنه وهو يهم بالخروج لاحظ بوستراً قديماً على الحائط لقائمة "اتحاد الشعب" الانتخابية، وكان قد سمع عن جريدة " اتحاد الشعب". اوضحت له ان تلك هي اختها الكبرى، فقال ضاحكا: (تحياتي الى "الطريق" وأخواتها). لم يتسن له الإفاضة في الحديث لاسباب كثيرة منها رغبته في إتمام واجبه المكلف به. فكيف تكونت هذه السمعة؟ وكيف شيدت تلك المكانة في نفوس الناس من غير الشيوعيين. بل ما الذي جعل رجل أمن مكلف بتفتيش جميع الأماكن بما فيها دور سكن المسؤولين الكبار في الدولة في ظرف حساس أن يحجم عن تفتيش مكان يسكن فيه إسم "طريق الشعب"؟ ثم يقدم اعتذاره لساكن المكان؟ يمكننا طبعا الذهاب الى ما خلف ذلك كله. فالرجل انما قدم اعتذاره لجريدة "طريق الشعب" نفسها وليس لي شخصيا لأنه لم يعرفني الا من خلالها وكأن "الطريق" كانت جالسة بيننا توقد شمعتها في عقله، بل أنها كذلك فعلا ليس من خلال بعض الإعداد المنشورة على الطاولة، بل من خلال المعنى الأعلى الذي يحمله الرجل بوضوح حول ما تقوم به "الطريق" وحول دورها الإعلامي الرصين.
إن ذلك الضابط الدمث يعرف أن المصداقية هي ما يميز الخطاب الإعلامي للجريدة. ولا يقف قصدنا بالمصداقية عند حدود معناها اللفظي على اهميته، بل المقصود هو الهوية الاعلامية والسياسية التي ثابرت "طريق الشعب" على تعزيزها والإرتفاع بها الى مرتقيات متصاعدة. فمحاور السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة وهموم الناس بكل تفرعاتها وجدت دوما حضنها الوثير الذي تغذيه المصلحة العليا للوطن والشعب في "طريق الشعب" بعيدا عن المحاصصة الطائفية وحربا على الفساد وتعزيزا للجهد التنويري الذي تطلقه الثقافة التقدمية قرينة "الطريق" الدائمة.
يحق لـ"طريق الشعب" وهي تعيش عامها الثامن والسبعين ويحق لنا أيضا أن نحتفل معها بذلك الأثر المعطر الراسخ الذي تؤسسه في وجدان المحبين والمعجبين من أبناء شعبنا رغم صعوبات جمة يعرفها العاملون فيها والذين يمضون إلى الأمام في جهودهم المصرارة من أجل تعزيز مظاهر الجمال والقوة في منبرهم العريق. إن هؤلاء الشجعان سيرحبون بذلك الشاب الذي تبرع بالتعبير عن إعجابه بجريدتهم وهو يعيش كثافة البارود ويستمدون من هذا الموقف غذاء جديدا كي تبث " طريق الشعب" المزيد من التألق.