مدارات

العلم العراقي وحَّدهم.. وإصلاح القضاء ومحاسبة الفاسدين مطلبهم

العراقيون للجمعة الرابعة في ساحات الاحتجاج يؤكدون: الشعب يريد الإصلاح
بغداد - طريق الشعب
رغم الأجواء المكهربة بالاتهامات الباطلة للساحات المدنية المتظاهرة ضد الفساد والمحاصصة والإرهاب، ورغم الاشاعات المغرضة وأوراق التهديد والتجاوزات الفظة، إكتظت ساحة التحرير في بغداد بالناس وكانت حقا ميدانا جليّا لصورة زاهية من صور الصراع الاجتماعي والطبقي، بين أصحاب الامتيازات الفلكية وبين الشعب المحروم والمتطلع الى حياة مدنية تنتعش بالعدالة الاجتماعية.
ومثل الجمعات الثلاث الماضية، كان الحضور المثقف مشرقا وواضحا وكبيرا من قبل الفنانين والأدباء والإعلاميين، وكان مفرحا تدفق النساء بحضور لافت.
امتدت التظاهرة الحاشدة الكبيرة حتى حلول الظلام، ولكنها طردت أهل الظلام والفساد، فساحة التحرير تألقت كقمر بغداد مع مجيء الليل، وبقيت الساحة تنبض وترتج وتهتف وتصرخ ولم تهدأ حتى لإلتقاط الأنفاس، فالانفاس كلها مشبعة بهواء الحرية المرسومة على النصب الشاهد، النصب الخالد.
وكانت اللافتة الموحدة لهذه الجمعة تقرأ إصلاح القضاء وأجهزته "الخربانة". وهذا هو الأسبوع الثاني الذي يشدد المتظاهرون فيه على إصلاح القضاء في ردّ بليغ على المزاجيات، اذ ان البلد يغلي بينما نرى من يفضل مداراة المشاعر الشخصية على العمل الجاد والإصلاح الجذري المطلوب، ولذا كانت الرّدات والأهازيج غاضبة من عدم تطبيق خطة الاصلاح على الجهاز القضائي.
كما تميزت هذه الجمعة بالاجراءات الامنية المهنية والمسؤولة والصارمة وهو المطلوب، ومع ذلك حصل اعتداء على كوادر بعض القنوات الفضائية بشكل لا يتواءم مع مبدأ سلمية التظاهر ولا يعبّر عن أخلاقية التظاهر وحرية التعبير، كما لم يكن ثمة مبرر للمنع الانتقائي لمكبرات الصوت.
وفي لقطة أثارت الاعجاب، تناغمت الأعلام العراقية الكبيرة التي حملها متظاهرو الساحة مع أعلام "الهليكوبترات" التي كانت تحيي الشعب بتحيتين، وكانت اللقطة تجسيدا لهتاف الحشود: (الجيش ويه الشعب ضد الحرامية).
وبالطبع فإن سلمية التظاهرة هذا الاسبوع، ومساحتها المدنية المطلبية، والحضور الكثيف، كل هذه الاسباب ستكون سببا مضافا لزيادة الزخم والتواصل والحضور الأكثر ألقا في الجمعة المقبلة.
وإلى أقصى الجنوب في البصرة، تظاهر الآلاف من المواطنين أمام خيم المعتصمين عند مبنى المحافظة، واستهل الناشطون تظاهرتهم بترديد النشيد الوطني العراقي، ورددوا هتافات تؤكد على الدولة المدنية، ودعا المتظاهرون إلى الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية.
كما تظاهر آلاف العراقيين في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، للمطالبة بتطهير القضاء ومحاسبة الفاسدين وإنهاء هيمنة نهج المحاصصة الطائفية على مؤسسات الدولة.
وردد المتظاهرون هتافات تطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ إجراءات حقيقية تضمن محاسبة الفاسدين، كما طالبوا بإجراءات سريعة لتحسين واقع الخدمات.
كما خرج الآلاف من أهالي ذي قار، في جنوب العراق، للمطالبة بإصلاح القضاء ومحاسبة المفسدين والتحقيق في المشاريع المتعثرة، وقد تجمع سكان المحافظة في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية. كما تظاهر الآلاف في محافظات كربلاء والنجف والكوت وديالى مطالبين رئيس الوزراء بإكمال برنامج الإصلاحات، وإقالة المسؤولين عن الفساد، وتحسين الخدمات. وفي بابل، واصل المتظاهرون احتجاجاتهم. فبعد تظاهرة الجمعة التي شارك فيها آلاف المواطنين، نظم حشد من النشطاء في المحافظة، أمس السبت، اعتصاما جديدا أمام مبنى ديوان المحافظة وقاموا بقطع الطري? المؤدي إليه.
وقال بلال علوش وهو أحد المعتصمين في حديث لـ السومرية نيوز، إن "العشرات اعتصموا، مساء أمس، من جديد أمام مبنى ديوان محافظة بابل وقطعوا الطريق المؤدي إليه"، مشيرا إلى أنهم "طالبوا بالتحقيق في حادثة الضرب التي تعرضوا لها، وهناك تقارير طبية تؤكد ذلك".
وأضاف علوش، أن "المعتصمين طالبوا بمحاكمة المحافظ على خلفية إعطائه الأوامر للاعتداء عليهم". من جانبه، أكد سيف الحسيني وهو معتصم آخر لوكالة " السومرية نيوز"، أن "المحافظ هو المسؤول عن هذا الاعتداء"، لافتا إلى أن "القضاء هو من سيحكم بيننا". وتابع الحسيني، أن "المعتصمين لن يمنعهم شيء من الوقوف والمطالبة بإقالة المحافظ". وكان عدد من معتصمي محافظة بابل قد أكدوا في وقت سابق من يوم أمس، أن قوة أمنية فرقتهم بـ"القوة"، وقامت باستخدام "الهراوات والمياه" من أجل تنفيذ ذلك.