مدارات

اليونان ... استقالة الحكومة والذهاب الى انتخابات مبكرة

رشيد غويلب
أعلن رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس الخميس الفائت استقالته.
جاء ذلك في خطاب متلفز نقلته وسائل الأعلام المحلية، وشدد فيه تسيبراس على" ان التفويض الذي منحه الشعب في  كانون الثاني قد بلغ منتهاه"، في اشارة الى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة.
وعليه يجب الآن"على الشعب ان يقرر باستقلالية تامة، ما اذا كنا قد مثلنا الشعب بعزم وشجاعة، وما اذا ضَمنَ الإتفاق مع الدائنين تجاوز الطريق المسدود، ومن سيقود اليونان في طريقها الصعب والواعد، ومن سيقود المفاوضات بطريقة افضل، بشأن الحد من الديون، ومن سيواصل الإصلاحات العميقة والضرورية التي تحتاجها البلاد".
في نهاية خطابه الذي استغرق  دقيقة اكد الزعيم اليوناني، انه على الرغم من المصاعب الماثلة، سيبقى متفائلا"اعتقد اننا لم نعش حتى الآن افضل الأيام في صراعنا مع ملف المفاوضات". وأضاف انه سيسعى الى الحصول على تفويض جديد من الشعب "لحكم البلاد وتنفيذ كامل مفردات برنامجنا الحكومي"، واضاف "بخبرة وتهيؤ وواقعية، سنظل دائمي التركيز على هدفنا النهائي في الوصول الى يونان الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية".
وفي الوقت الذي وصف فيه الكثير من المراقبيين اليساريين في اليونان وخارجها خطوة رئيس الوزراء بالواقعية، انطلق نقد شديد لها من جانب "منتدى اليسار"، احد تيارات حزب اليسار الحاكم ، باعتبارها محاولة للهرب الى امام، واضفاء الشرعية على نظام إقرار "المذكرات"، التي بدأتها حكومات الوسط واليمين السابقة. وان تسيبراس يريد بذلك التخلص من منتقديه داخل الحزب.
وفي صباح امس الاول الجمعة اعلن  نائبا يشكلون جزءاً من "منتدى اليسار" انشقاقهم عن الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الحاكم، وتشكيل كتلة برلمانية جديدة، تحتل المرتبة الثالثة في البرلمان اليوناني وتحمل تسمية "الوحدة الشعبية"، في استذكار لتسمية التحالف اليساري الذي قاد حكومة الوحدة الشعبية في شيلي بزعامة سلفادور اليندي في بداية سبعينيات القرن العشرين. وفي مساء نفس اليوم تم الإعلان عن حزب جديد يحمل نفس الإسم سيدخل السباق الإنتخابي، ولا يقتصر فقط على المنشقين من حزب اليسار، بل يضم مجموعات يسارية اخرى غير ممثلة في البرلمان. ويقود الحزب الجديد وزيرالطاقة والبيئة وإعادة البناء الاقتصادي المقال باناغيوتيس لافازانيس. واشارت وسائل اعلام الى ان قيادة الحزب الجديد تضم مجموعة من الرافضين للاتفاق الأخير مع الدائنين بينهم رئيسة البرلمان اليوناني. ويعتمد الحزب الجديد في الجوهر ذات البرنامج الإنتخابي، الذي اوصل تسيبراس الى السلطة. ويشكك العديد من المراقبين السياسيين في قدرة الحزب الجديد على تنفيذ برنامجه، ارتباطا بالصعوبات المالية والإقتصادية التي تسود اليونان. وقبل اعلان استقالة رئيس الوزراء والذهاب الى انتخابات مبكرة، اعلن الحزب الشيوعي اليوناني استمراره على نهجه الرافض للتعاون مع حزب اليسار، او مع الحزب الجديد الذي انشق عنه. وجاء في مقابلة مع السكرتير العام للحزب نشرتها جريدته المركزية، ان على الناخبين "ان لا يمنحوا ثقتهم لتيسبراس، ولا الى المعارضين له داخل حزبه". ويرى المراقبون انه في حال استمرار هذا النهج الإنعزالي للحزب، فانه سينعكس سلبا على النتائج التي سيحصل عليها في الانتخابات المبكرة.
وبموجب الدستور، وفي حالة استقالة الحكومة قبل مرور عام على توليها السلطة، فيجب على رئيس الجمهورية أن يطلب من الحزب الذي جاء في المركز الثاني في الانتخابات أن يحاول تشكيل حكومة، فاذا فشل ايضا يكلف الحزب الذي يليه، قبل اعلان التوجه االى انتخابات مبكرة بشكل نهائي. ولا يبدوان اياً من حزب "الديمقراطية الجديدة" اليميني المعارض، وحزب "الوحدة الشعبية" اليساري حديث التكوين، سيتمكن من تحقيق اغلبية برلمانية. وعليه فان اليونان تسير بثبات نحو انتخابات برلمانية جديدة ستجري على الأرجح في العشرين من ايلول المقبل.
هذا وعبر العديد من قوى اليسار الأوربي عن دعمه لخطوة رئيس الوزراء اليوناني واعتبرها منطقية، لتحصل حكومة اليسار الجديدة على اكثرية برلمانية مستقرة، انطلاقا من التأييد الشعبي الواسع الذي يتمتع به رئيس الوزراء اليوناني، والذي لا يتمتع به اي رئيس حكومة في بلدان منطقة اليورو. وان مشروع حزب اليسار ونضاله الشجاع، والبرنامج الذي يسعى لتنفيذه، بمفرداته المعروفة، يمثل الرد المطلوب على سياسات الليبرالية الجديدة المدمرة.