مدارات

400 جريح في بيروت وتأجيل تظاهرات "طلعت ريحتكم"

في ثاني أيام الاحتجاجات ضد الحكومة اللبنانية وقعت أعمال عنف بينما هدد رئيس الوزراء تمام سلام بالاستقالة مع تسبب السخط الشعبي في استقطاب الآلاف للنزول إلى الشوارع.
وأفادت مصادر طبية بإصابة نحو 70 شخصا بينهم أكثر من 30 من عناصر الأمن خلال المواجهات، فيما قدمت إسعافات أولية لأكثر من 300 شخص في ساحة الشهداء، حيث بنت منظمة "الصليب الأحمر" اللبناني مستشفى متنقلا.
وساد الهدوء صباح امس الاثنين الساحة، حيث أجلت حملة "طلعت ريحتكم" اعتصامها المقرر مساء امس متهمة عناصر وصفتها بالمندسة باقتحام التظاهرات السلمية وافتعال أعمال الشغب.
مصادمات بين المتظاهرين والشرطة
وشهدت ساحة رياض الصلح تصاعد وتيرة المواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين رشقوا عناصرها بالحجارة، وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى أن من وصفتهم بـ"مندسين" بين المتظاهرين ألقوا قنابل مولوتوف على القوات الأمنية.
من جهتها، استخدمت قوات الشرطة خراطيم المياه وأطلقت النار في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما أكدت مصادر اعتقالات في صفوف المتظاهرين.
وفي وقت سابق أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام الأحد أن السلطات ستحاسب جميع المسؤولين عن أعمال العنف واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين في بيروت يوم السبت.
وقالت "الوكالة الوطنية للاعلام"، ان "بعض المتظاهرين أشعلوا حرائق، وأُشتعلت النار في شجرة بجوار كنيسة كما حُطمت واجهات متاجر، وأصيب العشرات خلال اليومين، وأُصيب ثلاثون من أفراد الأمن الداخلي يوم الأحد أحدهم إصابته خطرة".
وبدأ الاعتصام، الذي دعت إليه حملة "طلعت ريحتكم" المكونة من ناشطين في المجتمع المدني بشكل سلمي بعد ظهر الأحد احتجاجا على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية، التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان منذ أكثر من شهر، وفقا لفرانس برس.
وفيما كان المعتصمون يرددون هتافات "سلمية سلمية" في إشارة إلى الطابع السلمي لتحركهم في ساحة رياض الصلح القريبة من مقري مجلس النواب ومجلس الوزراء، بادرت مجموعة من الشبان بعضهم كان ملثما إلى رشق العناصر الأمنية وقوات مكافحة الشغب الذين وقفوا صفوفا متراصة خلف عوائق حديدية وأسلاك شائكة بعبوات المياه المخلوطة بالرمل، الذي جمعوه من حديقة ساحة رياض الصلح وبالأخشاب والحجارة التي اقتلعوها من أرض الحديقة.
كما حاولوا إزالة السياج الشائك، الذي وضعته قوات الأمن لمنع المعتصمين من التقدم إلى مقر الحكومة، وأحرق عناصر من هذه المجموعة دراجة نارية على مرأى من القوى الأمنية.
وبعد محاولة دفع المتظاهرين الى التراجع إلى الخلف عبر إطلاق خراطيم المياه تجاههم من دون تحقيق ذلك، عمدت القوى الأمنية إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
من جهته، أفاد مصدر أمني بأن 30 عنصرا من قوات الأمن أصيبوا خلال المواجهات، أحدهم في حالة حرجة.
وتسببت مواجهات مماثلة، السبت، بإصابة 16 شخصا على الأقل بجروح وفق الصليب الأحمر، فيما أعلنت قوى الأمن الداخلي إصابة أكثر من 35 من عناصرها.
"قشة" النفايات السياسية
ونزل آلاف المحتجين إلى شوارع بيروت مطلع هذا الأسبوع جراء أزمة النفايات في إطار حملة (طلعت ريحتكن) ردا على القمامة التي تراكمت في بيروت وحولها الشهر الماضي عندما أغلق مكب نفايات من دون الاتفاق على بديل، ومع استئناف عمليات جمع القمامة لم يتم ايجاد حل، ووجهت مدافع المياه وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق عدة آلاف من المتظاهرين بوسط بيروت. ورشق المحتجون شرطة مكافحة الشغب بالحجارة والعصي مع تصاعد العنف بالقرب من مكتب سلام بوسط المدينة.
وقال سلام في خطاب بثه التلفزيون "أنا بصراحة لست ولن أقبل أن أكون شريكا بهذا الانهيار، وعلى المسؤولين والقوى السياسية أن يتحملوه"، وأضاف "موضوع النفايات هو القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن القصة أكبر بكثير من هذه القشة هذه قصة النفايات السياسية في البلد".
وسمع دوي إطلاق نار حيث أطلق رجال الأمن النار في الهواء. وفاحت روائح الغاز المسيل للدموع من شوارع وسط بيروت مع سعي الشرطة لإجبار المحتجين على الخروج من المنطقة، وردد المحتجون "الشعب يريد إسقاط النظام".
وقال حسن شمص وهو من منظمي "طلعت ريحتكم" إن "مندسين هم وراء أعمال العنف وإن الحملة بدأت سلمية وستستمر سلمية".
وقال سامر عبد الله وهو ناشط (39 عاما) "الناس خرجوا لأنهم لا يحصلون على الكهرباء أو الطاقة، لديهم مليون مشكلة ومشكلة القمامة هي التي أشعلت الموقف".
ولا توجد مشاركة ظاهرة لأي من الأحزاب السياسية الكبيرة التي تهيمن على الدولة ومعظمها طائفي.
سلام في مواجهة العاصفة
وكثيرا ما أعرب سلام (70 عاما) عن إحباطه من إخفاق حكومته التي تضم الأحزاب اللبنانية الرئيسة بما فيها حركة المستقبل برئاسة سعد الحريري بالإضافة إلى حزب الله والأحزاب المسيحية، وتشكلت حكومة سلام بمباركة قوى إقليمية متصارعة كإيران والسعودية.
وقال سلام إنه "إذا لم يؤت اجتماع الحكومة الخميس ثمارا في القضايا التي من بينها عطاء متعلق بشركة جمع القمامة فلا ضرورة لوجود الحكومة أصلا".
وفي حال استقالة سلام فستظل الحكومة لتسيير الأعمال، ولكن استقالته ستتسبب في أزمة دستورية، فبحسب النظام اللبناني فإن الرئيس هو من يعين رئيس الوزراء.
ولكن منصب رئيس الجمهورية شاغر منذ انتهاء فترة رئاسته قبل أكثر من عام، ويحتاج شغله إلى اتفاق سياسي يعتقد الكثيرون إنه لا يمكن التوصل إليه إلا بوساطة إيران والسعودية.
وحذر سلام من أن الحكومة المثقلة بالديون لن تكون قادرة على دفع الأجور الشهر المقبل، وإذا لم تتمكن من الاقتراض مجددا فسيكون لبنان معرضا للوقوع في تصنيف الدول الفاشلة.
وقال مصدر حكومي إن إجمالي الديون على لبنان تصل إلى نحو 143في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وتعهد سلام بمحاسبة المسؤولين عما سماه الاستخدام المفرط للقوة يوم السبت، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن "الشرطة اللبنانية لم تطبق معايير حقوق الإنسان ودعت الى إجراء تحقيق".