مدارات

إعلام الحزب الشيوعي العراقي خلال فترة الكفاح المسلح ( 1979- 1989)

تأليف ـ داود أمين
عرض ـ د. مزاحم مبارك مال الله
كتاب صدر حديثاً عن دار الرواد المزدهرة، يقع في 257 صفحة من القطع الكبير، وهو بالأصل رسالة ماجستير في الأعلام والاتصال تقدم بها المؤلف الى مجلس كلية الآداب/ الأكاديمية العربية في الدنمارك، وبأشراف الدكتور حسن السوداني.
الرسالة تقع في خمسة فصول وملخص باللغة الإنكليزية إضافة الى خمسة ملاحق. أعتمد المؤلف على 35 مصدراً (توزعت بين العربية والمترجمة، المجلات والدوريات، المواقع الالكترونية والأطاريح)، وعلى 26 رسالة ومقابلة شخصية.
الفصل الأول احتوى على:
مقدمة البحث/
يستعرض المؤلف تأريخ الصحافة الشيوعية في العراق، كمدخل لبحثه، فجوهر ما أراد أن يبحث فيه له صلة بهذا التأريخ، مروراً في المراحل النضالية والسياسية للحزب الشيوعي العراقي، ماراّ في قيام الجبهة بين الحزب والبعث، وكيفية انفراط عقدها.
توقفت الصحف والمجلات عن الصدور بعد انهيار الجبهة، ومنها "طريق الشعب" في نيسان1979، والتي عاودت الصدور سراً خارج العراق في 4/10/1979ثم انتقلت الى كردستان حتى سقوط النظام في 2003 وكانت أول صحيفة توزع في شوارع بغداد.
تشكلت حركة الأنصار إثر انهيار الجبهة،(ولمّا لم تكن المهمة عسكرية فقط باعتبارها الطريق الوحيد للأنصار الشيوعيين لتحقيق أهداف الحزب ضد السلطة القمعية، بل أيضاً من خلال الثقافة والأعلام، لذلك نشطت في المواقع الأنصارية الثابتة وفي المفارز المقاتلة، حركة ثقافية متميزة)، والى جانب هذا النشاط الثقافي المتنوع، نشأ نشاط أعلامي متنوع أيضاً.
أصبح الأعلام مركزياً خصص له فصيل أنصار ومقر خاصين، مهمته إصدار"طريق الشعب"، إلى جانب تحرير وبث مواد الإذاعة بقسميها العربي والكردي وتحرير البلاغات السياسية والعسكرية.
ويقول:(والى جانب الأعلام المركزي، وُجد أعلام أنصاري خاص، بادرت له القواطع الأنصارية بنفسها).
أما سمات تلك المرحلة فلخصها بـ:
1. أنها أشكال إعلامية متنوعة، مسموعة ومقروء ومرئية.
2. العاملون هم في الغالب من المتخصصين والمحترفين.
3. ظروف العمل بدائية، إضافة الى ظروف مناخية وطبيعية وأمنية بالغة الصعوبة.
4. الأعلام بلغتين، خصوصاً في الإذاعة.
5. لم تتم أرشفة هذا النشاط بسبب الحركات وتنقلات مقراتها والمعارك التي خاضها الأنصار.
6. الصدى لم يكن ملموساً بوضوح بسبب عزلة المركز الإعلامي عن الجمهور الأوسع الموجود في المدن العراقية الواقعة تحت هيمنة السلطة.
7. لم يكن أعلاماً مركزياً رغم وجود فصيل يحمل هذا الاسم، فقد كانت القواطع الأنصارية تمارس أعلامها الخاص وتتواصل مع جمهورها وأنصارها بوسائلها المستقلة.
ويقول، أن أهداف بحثه تسعى الى الكشف عن:ـ
1. نشوء إعلام فترة الكفاح المسلح.
2. الأسباب الذاتية والموضوعية التي أوجدت هذا النشاط الإعلامي.
3. الأشكال التي ظهر بها.
4. القائمين بهذا النشاط.
5. الجمهور المستهدف به.
6. اللغة المستخدمة.
7. رجع الصدى، ومن أي جمهور.
8. هل كان مركزياَ؟
9. توفير الأجهزة وظروف العمل.
الفصل الثاني
درس الباحث عددا من العناوين: (في مفهوم الأعلام)،(وظائف الأعلام)،(مفهوم الأعلام المقاوم).
وتحت عنوان (إعلام الحزب الشيوعي العراقي بين زمنين)، يقول :"لا يمكن فهم موضوع البحث بدقة ووضوح، دون الرجوع إلى الخلفية والأسباب التي ألجأت الحزب، إلى ممارسة الكفاح المسلح".
ويذكر الباحث أن هيئة تحرير جريدة طريق الشعب وبعد معاودة صدورها بصورة علنية في 16/9/ 1973 أصبحت أمام مهمة ملحة ،هي أيجاد كادر صحفي يستطيع النهوض بأمور الصحيفة اليومية المركزية التي تحمل أسم الحزب، بعد أن بدأت بثلاثة رفاق من قيادة الحزب مع بعض العاملين الآخرين وهم قليلون جداً، وقد تم تحقيق هذا الهدف خلال فترة قياسية.
ويروي الكثير من أساليب مضايقات السلطة آنذاك على الجريدة والعاملين فيها وللحد من توزيعها، وقد تنوعت أساليب السلطة من المكر والخداع وافتعال الأزمات حتى توجتها في حملتها العدوانية خلال عامي 1977و1978.
وازاء اشتداد الهجمة البعثية شرعت كوادر الحزب منذ أواخر 1978 بالتوجه نحو تشكيل فصائل الأنصار وقد أقر الحزب سياسته الجديدة،"من الجبهة الى الجبل"، وبدأ الحزب ينادي بإسقاط سلطة البعث.
ويقول الباحث:"كان على الحزب أن يخوض معركة إعلامية لتوضيح أسباب ما حدث، وكانت تلك معركة كبيرة، وكان على الحزب ليس كسب قناعة أصدقائه وأشقائه ونيل تأييدهم لسياسته، بل كان يتوجب أحياناً أن يصد ضغطهم المعاكس"، ثم يقول: "كان من المنطقي والطبيعي لاحقاً أن ينتقل الجهد الرئيس لإعلام الحزب من الخارج الى كردستان".
وتحت عنوان (إعلام الحزب الشيوعي العراقي في زمن الكفاح المسلح)، يقول الباحث، ظهر خلال عقد الثمانينات نوعان من الأعلام، الأول إعلام صدر خارج الوطن(بيروت ودمشق بشكل خاص)، والثاني، داخل الوطن(كردستان تحديداً)، وكان هذا الأعلام على نوعين، مركزي يخص الحزب بكامله، والأخر إعلام أنصاري خاص بالمقاتلين الأنصار، ولكن مُنتج هذين النوعين واحد وهو النصير المقاتل.
وجاء في مبحث الأعلام المركزي أربعة عناوين:
- الإذاعة/ بعد تشكيل الحركة الأنصارية تم نصب إذاعة الحزب أواخر1979وهي هدية الجيش السوفيتي، في قمة جبل (نيروى)، لكن قصفتها السلطة، ثم انتقلت الإذاعة الجديدة الى نوزنك في صيف 1981، وفي أواسط 1982 انتقلت الى بشتاشان، وفي أيار 1983أحترقت جراء المعارك مع قوات أوك، ثم أشترى الحزب إذاعة تم نصبها في (لولان) صيف 1984، وانتقلت الى منطقة(خواكورك)، بقيت هناك حتى معارك الأنفال في آب1988حيث تم دفنها مع جميع الأجهزة.
- صحيفة طريق الشعب توقفت عن الصدور بعد في 5/4/1979بعد أن تم اعتقال عدد من العاملين واستشهاد عدد أخر ومغادرة البعض الأخر العراق، عاودت الصدور في 4/10/1979،ولكن بحجم صغير وبأربع صفحات، ثم انتقلت الى كردستان، توقفت بعد معارك بشتاشان في أيار1983،ثم عاودت الصدور في 30/10/1983واستمرت حتى معارك الأنفال آب1988،ثم عاودت الصدور في سوريا حتى عام 1990 بعد انتفاضة كردستان وتحررها من سيطرة حكومة البعث.
- صحافة المنظمات الديمقراطية/ بادر ناشطو وناشطات، اتحاد الطلبة، اتحاد الشبيبة الديمقراطي ورابطة المرأة، الى أعادة إصدار صحافتها الخاصة منذ شباط 1985شهرياً وبانتظام وبحجم صغير وبأربع صفحات وباللغتين العربية والكردية، استمرت حتى الأنفال 1988.
- مناضل الحزب/نشرة داخلية تنظيمية تخص أعضاء الحزب وتوزع عليهم فقط، صدرت منذ أربعينيات القرن الماضي،استمرت بالصدور دون انتظام وحسب الحاجة اليها. أعيد إصدارها في الفترة الأنصارية وما زالت مستمرة.
في مبحث الأعلام الأنصاري، تناول الإصدارات الأنصارية كافة بما متوفر من معلومات كما أشار الى ذلك في مقدمة رسالته:
- المجلات الدفترية/ حوّل الأنصار الدفاتر المدرسية العادية إلى مجلات عامرة بمختلف المواد الصحفية والثقافية، مقابلات، تحقيقات، رسوم وكاركتيرات وذكريات وقصص وأشعار وخواطر، ومن تلك المجلات:
1. النصير الثقافي.
2. الشراع
3. الجبل الأبيض
4. (4 أكتوبر) وهو تأريخ تأسيس القاعدة عام 1979 في بهدينان.
5. هرور.
- صحيفة النصير/ تبلورت في قاطع بهدينان أواخر 1980، استمرت حتى نهاية 1985،( المؤلف تولى رئاسة تحريرها من تموز 1982 حتى نهاية 1985)،وصدرت بملاحق في اللغة الكردية، كانت توزع على المفارز والقرى والقصبات الكردية وعلى التنظيم الحزبي في كردستان والداخل وتوضع سراً في دوائر الدولة وجامعة الموصل، وتم توزيعها على السيارات المارة على الطرق بين المدن.
- صحيفة نهج الأنصار(ريبازي بيشمركة)/أصدرها المكتب العسكري المركزي في 8شباط.
1980.
- صحيفة طريق النصر(ريكاي سرمفتني).
- مجلة ثقافة الأنصار/ أصدرها فرع رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين العراقيين في كردستان.
الأعلام الكردي/
أصدر الحزب جريدة(آزادي/الحرية) في نيسان 1944كأول جريدة مركزية في اللغة الكردية، وأسهم في تحريرها الخالد فهد حيث تترجم مقالاته. في أيار 1959 صدرت علنياً في كركوك بعد حصولها على الامتياز في 4/4/1959،ثم الغي الامتياز في 26/9/1961،فلجأ الحزب في مطلع 1962 الى أصدار جريدة سرية (ريكاي كردستان)، التي استمرت حتى مطلع 1972لتمهد الى إصدار جريدة الفكر الجديد في 18/6/1972 وباللغتين العربية والكردية.
بعد انتقال الحزب الى الحركة الأنصارية، تشكلت هيئة الأعلام الكردي.
في الإذاعة تأسس القسم الكردي، كان البث باللهجتين السورانية والبهدنانية، وقد لعبت الإذاعة الكردية دوراً كبيراً في دعم الانتفاضة الطلابية عامي 1982و1984 في كردستان.
ترجم العاملون في القسم كل ما يصدر عن الحزب إضافة الى البلاغات العسكرية.
صحيفة(ريبازي بيشمركة) صدرت في شباط1980، أما الصحيفة المركزية للجنة أقليم كردستان(ريكاي كردستان) فقد عاودت الصدور في مطلع 1980وبعد فترة أصبحت تصدر باللغة الكردية فقط، توقفت في آب 1988.
مجلة (بيري نوي/الفكر الجديد)عاودت الصدور بشكل فصلي في عام 1984بمئة صفحة شملت مختلف المواضيع، ويقول الباحث في ص54: "كان للأعلام الكردي خلال ثمانينات القرن الماضي هيئتان اعلاميتان، واحدة تابعة للجنة اقليم كردستان الحزبية مهمتها الرئيسة اصدار (ريكاي كردستان)، والثانية تابعة إلى الإعلام المركزي ومهمتها استمرار القسم الكردي من الإذاعة المركزية."
أسهم الأدباء والمفكرون الشيوعيون الكرد بترجمة العديد من الكتب والمقالات الأدبية والسياسية الى اللغة الكردية، كما أسهموا بالكتابة الى مجلة(بيرو) وهي مجلة أدبية صدرت في صفوف الأنصار عن (إتحاد أدباء كردستان)، كما أصدرت لجنة الأقليم مجلة(ريكاي ئاشتي وسوسياليزم/ طريق السلم والأشتراكية) والتي استمرت حتى العدد 26 في عام 1991.
في نهاية الفصل الثاني يتناول الباحث وتحت عنوان"إعلام القواطع"، ذاكراً ما صدر عن الأنصار في قواطع بهدينان، قاطع أربيل وقاطع السليمانية.
الفصل الثالث
وفيه يتناول الباحث ثمانية عناوين وهي المقدمة، الإجراءات المنهجية للدراسة، الصعوبات التي واجهت الباحث، أداة البحث، المنهج المتبع في الدراسة، الفترة الزمنية للبحث، تحديد المتغيرات قيد البحث وأخيراً، مؤشرات الصدق والثبات.
الفصل الرابع
ويتضمن تحليل عينة مفردات الدراسة وهي: مفردات تحليل أنماط متابعة الأنصار لوسائل أعلام الحزب والمتضمن 13 سؤالاً، ومفردات تحليل مجلتي الثقافة الجديدة ورسالة العراق.
ويمكن أدراج الأسئلة الخاصة ضمن متابعة وسائل أعلام الحزب:
1. هل كنت تتابع إعلام الحزب خلال فترة الكفاح المسلح؟
2. كيف كانت متابعتك لإعلام الحزب؟
3. اي نوع من الإعلام كنت تتابعه؟
4. هل تعتقد أن الأعلام كان مكملاً للعمل العسكري.
5. أي المواد هي التي كانت تستهويك؟
6. كيف كنت تفضل ان يكون الإعلام؟
7. هل كانت الأشكال الإعلامية التي ظهر بها في تلك الفترة من صحف ومنشورات وإذاعة مناسبة؟
8. هل كان العاملون في القسمين العربي والكردي في الإعلام مناسبين لتأدية مهامهم؟
9. هل تعتقد أن الإعلام كان مؤثراً على الأنصار؟
10. هل تعتقد ان الإعلام كان مؤثراً على الجماهير في القرى الكردية؟
11. هل تعتقد ان الإعلام كان مؤثراً على جماهير المدن الكردية؟
12. هل تعتقد ان الإعلام كان مؤثراً على الجماهير في المدن العربية؟
13. هل تعتقد ان الإعلام كان مؤثراً في الخارج؟
- اما موضوعات الثقافة الجديدة، فقد تناول الباحث 67 عدداً من أصل 104 أعداد كانت قد صدرت في المدة المحددة للبحث، تراوحت مواضيعها بين السياسية والأقتصادية والتعبوية والثقافية والوثائقية والتقارير والمتابعات والمقابلات ومواد مترجمة.
- موضوعات رسالة العراق ـ تراوحت مواضيعها بين السياسية والأقتصادية والتعبوية وجرائم النظام والوثائق والمقابلات، صور وبوسترات ورسوم الكاركيتير، وأيضاً تمكن الباحث من تحديد سبعة أهداف فيها.
الفصل الخامس(عرض النتائج، الأستنتاجات، المقترحات)
- في هذا الفصل يخرج الباحث بـ (22) نتيجة بعد تحليله للشكل، و(8) نتائج بعد تحليله للمضمون.
- أما الاستنتاجات فهي (6)، يمكن أيجازها:
1. جميع الأنصار تابعوا وسائل الأعلام المختلفة.
2. تأثير الأعلام كان واضحاً على الأنصار ولكن بصورة أقل على جماهير القرى الكردية واقل منه في المدن الكردية وأقل بكثير على جماهير المدن العربية والخارج.
3. الأنصار واثقون من العاملين في الأعلام.
4. مجلة الثقافة الجديدة ورسالة العراق كانتا مهمتين وفاعلتين.
5. إعلام الحزب كان فاعلاً ومؤثراً ومتوافقاً مع السياسة التي أنتهجها في تلك الفترة، والحزب نوّع في وسائل أعلامه.
6. الحزب حقق حيزاً مهماً من الأهداف التي وضعها لاعلامه، بحيث حصّن رفاقه وقوّى معنوياتهم وعبأهم لسياسته الجديدة (الكفاح المسلح)، كما أسهم الاعلام في فضح جرائم السلطة ضد الجماهير وجريمة الحرب مع ايران ، في تعبئة الرأي العام العربي والعالمي للتضامن مع الشعب العراقي.
- وفي نهاية رسالته، يقترح الباحث خمسة مقترحات، يمكن لمن يريد أن يتابع المشوار، أن يستفيد منها.
استطيع القول، أن هذه الدراسة القيّمة قد أنصفت الوجه المشرق المتمم وهو النصف الثاني من نضال الأنصار الشيوعيين، وأنها تعد وثيقة لا يرقى لها الشك في معرفة ما سطره الحزب من مآثر في تأريخ الحركة الوطنية العراقية خلال حقبة مظلمة مرت على العراق والعراقيين.