مدارات

الأسواق المركزية والخصخصة / محمد شريف أبو ميسم

يبدو ان المشاكل التي تواجه الشركة العامة للأسواق المركزية كثيرة وعصية على الحل! الى الحد الذي يجعل من هذه الشركة مشلولة ازاء النشاطات التي يفترض أن تمارسها ، فتبدو من خلال منافذها التسويقية كأنها خرجت يوم أمس من مخلفات الحروب السابقة ، وفي أفضل الأحوال تجد في تلك المنافذ التسويقية عدداً من الموظفين الذين أنهكتهم متاعب الوظيفة، تحف بهم بعض السلع المتباينة في الجودة والأسعار عن نظيراتها التي تغرق الأسواق ، ولا يملكون حتى أن يردوا على تساؤلات الزبائن مع قلة عددهم وهم يتبينون طبيعة السلع المعروضة للبيع. ولا يملك الزائر لبعض تلك المنافذ التسويقية التي أعيد تأهيلها بشكل غير مقنع، الا أن يتساءل عن الجدوى الاقتصادية ، والهدف الخدمي الذي تقدمه تلك المراكز التسويقية ، بجوار سوق أغرقته السلع من مختلف المناشيء؟
الا ان الرغبة العامة في اعادة الحياة لنشاط الأسواق المركزية ما زالت قائمة لدى الجمهور استناداً لتاريخ من الخدمة الممتازة من حيث النوع والكم الذي قدمته هذه الأسواق على مدار مرحلة ما بعد ( الأورزدي باك ). وعليه فان حالة السبات التي تعيشها هذه الأسواق منذ العام 2003 الى يومنا هذا يعد أمرا غاية في الغرابة، فلا هي أسواق حقيقية من حيث تداول السلع وحجم المبيعات بما يحقق الجدوى الاقتصادية والفائدة الخدمية، ولا هي معطلة الى حين تجاوز العقبات والتداعيات التي واجهتها.. حتى كشف المدير العام لهذه الشركة عن معوقات وعقبات العمل لفريق تقويم الأداء من هيئة النزاهة ، فبدت تلك العقبات وكأنها وليدة يوم أمس، من قبل "استحواذ بعض الجهات الحكومية على أملاك الشركة.. وعدم التوصل بعد إلى اتفاق لتصفية ممتلكات الشركة في إقليم كردستان.. وملابسات استثمار سوق المنصور المركزي من قبل إحدى الشركات الإماراتية التي أخلت بشروط عقد الاستثمار.. ومشاكل مع الهيئة العامة للضرائب تتعلق بالتعامل مع الهيئة وبالأخص قضية عدم تيسير إجراءات التعامل مع الشركات الأجنبية او تأخر وصول براءات الذمة الضريبية وضعف حلقات التنسيق بين الجانبين.
ان ما تتعرض له هذه الشركة يوحي بما يقترب من اليقين انها مرشحة لبرنامج الخصخصة أو ما يسمى بـ" برنامج اعادة هيكلة الشركات الحكومية، ومن المفروض، وعلى ما يبدو، أن تبقى هذه الشركات خاسرة لتكون مشمولة بهذا البرنامج. والا ما الذي يجعل من معوقات كهذه يمكن أن تعالج خلال أشهر في أسوأ الأحوال، أن تبقى معلقة على مدار عشر سنوات؟