مدارات

احتياجاتنا المدنيّة

راصد الطريق
نعم اتحدث عن المدنيّة أي التمدّن، أي علائم التحضر التي تجعل منا سكنة مدن صالحين متمدنين، بعيدين عن البدائية والتخلف.
وهنا لا أدري، هل أخاطب وزير الداخلية أم وزير البلديات أم أمين العاصمة؟
لكني افتقد منذ سنين أميناً لبغداد، وإن تناوب على إشغال المنصب واحد وتلاه آخر وتلاه آخرون، و»أمانة» العاصمة هي «أمانة» العاصمة!
لم أجد احداً منهم استطاع ان يسيطر على العفاريت فيها ولا على الجن. ولا على رجال يظهرون الحكمة في الكلام، والخوف من الله في الكلام، والحرص على المدينة وتطويرها في الكلام. لا «أميناً» استطاع ترويضهم. بعد شهر أو شهرين من تعيينه هم يروّضونه، وتبقى الحال كما هي تلك الحال.
ثم أعود افكر بوزير الداخلية. فثمة مسألة نظام مرتبطة بالمدنيّة (المدنية بنت المدينة) والمدنية ترتبط بالمستوى الحضاري، والمستوى الحضاري يحتاج الى من يحميه لكي لا يربكه الهمجيون او البدائيون او الذين يكرهون النظام والحضارة.
اين المسؤول عن النظام؟ لا التربية استطاعت بمنهجها ان تربيّ، ولا امانة العاصمة استطاعت ان تحافظ، ولا اقول ان تطور، الوجه المدني للمدينة، لعاصمة البلاد. ولا احد مدّ يد اصلاح وتطوير حقيقي لمراكز المحافظات، وإن كانت الأقضية والاطراف البعيدة لها حق في التطور المدني أيضا.
العلب والاوساخ ترمى على الارصفة، لعدم وجود حاويات في الطرق. وزعيق سيارات الحمقى والمتصابين وضجيج الابواق وعويل السيارات الرسمية لسبب ولغير سبب، وفوضى الطرق، ومصادرة الارصفة، وخيول.. نعم خيول، لا عربات، تحمل بضائع في شارع الجمهورية، قلب العاصمة. في وسط العاصمة، مركزها التجاري، ترى حصاناً محملا بالبضائع ينقلها من مكان الى مكان، وعلى المارة والسيارات ان تتوقف!
هل صحيح يا شارع الجمهورية؟ الامانة لا تدري او تدري. والمرور يرى ولا يرى. والداخلية وشرطة الحراسات والحماية غير معنيين بالخيول!
سؤال: هل صعب بيع عربات صغيرة بموتور لأولاء الناس، الذين يسحبون او يدفعون عرباتهم والذين وجدوا في الحصان حلاَ؟
مسألة أخرى مدنية أيضا. ما دمنا نريد وما دمنا ندّعي التمدّن: توجد حمامات للرجال، صحيح غير نظامية، غير نظيفة، لا تفتيش عليها. مع ذلك هي موجودة ووجودها خير من عدمه.
لكن اليست النساء بشراً لهن بيولوجية مشابهة واحتياجات مشابهة؟ أليس بينهن مريضات وطوارئ اخرى؟ هل فكرت أمانة العاصمة، الصحة، «اللا ادري مَنْ» بضرورة وجود حمامات للنساء في الميادين الرئيسة والمزدحمة؟ في باب المعظم مثلا، او قرب جسر الشهداء او الشورجة، المنصور ، او اي سوق مزدحم، او قرب مجمعات التسوق؟
نحن في مدينة والمدينة فيها رجال ونساء، ولهؤلاء احتياجاتهم من مصاطب استراحة او حمامات او مواقف سيارات مسقفة.
هل نريد مدنيّة وتمدّناً، أم نحن عشائر بدائية، لكل عشيرة راية وخيمة، ولا حاجة للمؤسسات ولا للدولة؟
لابد من جهاز لحفظ النظام وحماية حضارية المدن، ام أنكم مرتاحون لكون الخيول تحمل البضائع في قلب العاصمة وامام الفضائيات؟