مدارات

نيبال .. الشيوعيون يشكلون الحكومة الجديدة

رشيد غويلب
انتخب البرلمان النيبالي، الاحد الفائت، الرفيق "خادجا براساد شارما أولي" زعيم الشيوعي النيبالي المتحد الماركسي اللينيني رئيساً للوزراء.
معلوم أن الرفيق أولي انضم الى الحزب الشيوعي في عام ١٩٧٠م وشارك رفاقه النضال ضد النظام الاستبدادي آنذاك، ثم اعتقل في عام ١٩٧٣م وسجن لمدة ١٤ عاماً.
وعاشت النيبال في سنوات 1996-2006 حربا اهلية استمرت عشر سنوات خلفت العديد من الضحايا. وشهدت البلاد بعد ذلك صراعا سياسيا صعبا حول طبيعة وشكل النظام السياسي، منذ انتخاب الجمعية التأسيسية، وتمديد فترة عملها الى عام 2013. واقرت الجمعية التأسيسية، التي هي بمثابة برلمان مؤقت في ايلول الفائت دستورا جديدا اصبحت بموجبه النيبال جمهورية مدنية اتحادية
وكما كان واضحا لدى قوى التحالف الحاكم، فان منطقة السهول الجنوبية المحاذية للهند، التي لم يحضر النواب الذين يمثولها (60 نائبا) جلسة التصويت على الدستور لأنه لم يلب مطالبتهم بنظام فيدرالي قائم على نظام الكوتا، الذي هو شكل من أشكال دولة المحاصصة، تعيش اليوم صراعا مسلحا، على خلفية التقسيم الإداري الجديد للمقاطعات الفيدرالية. وادت الإشتباكات الدائرة بين الجيش النظامي والمجموعات المسلحة التي تمثل جزءاً من المعترضين على الدستور الجديد، الى مقتل 40 شخصا من الطرفين. ولهذا فقد اغلقت الهند حدودها المشتركة مع النيبال.
واعتبر متابعون للتطورات السياسية في النيبال فوز الزعيم الشيوعي مفاجأة، فهو كان المنافس الوحيد لرئيس الوزراء السابق وزعيم حزب"المؤتمر الاجتماعي الليبرالي" سوشيل كوريال. ولكن الصراع على رئاسة الحكومة حسمه اتفاق الحزبين الشيوعيين الممثلين في البرلمان: الحزب الشيوعي النيبالي المتحد الماركسي اللينيني، والحزب الشيوعي النيبالي المتحد، الى جانب نجاح اولي في ضمان اصوات مجموعات صغيرة ممثلة في البرلمان، كان احدها في عام 2008 معارضا لإلغاء الملكية واقامة جمهورية علمانية ديمقراطية. وبموجب نتائج التصويت حصل اولي على 338 صوتا مقابل 249 لصالح منافسه الليبرالي
وشهد يوم الإثنين الفائت اداء قسم من اعضاء التشكيلة الوزارية الجديدة اليمين الدستوري. وستضم الوزارة الجديدة ممثلين عن بعض المجموعات التي كانت معارضة لإقرار الدستور الجديد، لان عمليات التفاوض على استكمالها لا تزال مستمرة.
وكان الرفيق خادجا براساد شارما أولي قد انتخب زعيما لـلحزب الشيوعي النيبالي المتحد الماركسي اللينيني قبل ثلاث سنوات ومعروف عنه انه شخصية شديدة النقد للاوضاع القائمة في البلاد.
وتعتبر التهنئة السريعة التي بعث بها رئيس الوزراء الهندي "مودي" الى نظيره النيبالي، بعد ساعات فقط من انتخاب الأخير، مؤشرا ايجابيا، التقى على اثره رئيس الوزراء النيبالي ، الإثنين الفائت بالسفير الهندي في العاصمة النيبالية كاتماندو، وتضمن اللقاء مناقشة التحضيرات للزيارة المرتقبة التي سيقوم بها "اولي" الى الهند، والتي ستكون اول زيارة رسمية له بعد توليه مهام منصبه. وبالإضافة الى ذلك تناول اللقاء الوضع المتوتر في المناطق النيبالية المحاذية للهند، و الحظر الهندي على تزويد النيبال بالوقود، وغيره من السلع التي تجد النيبال الواقعة في منطقة جبال الهملايا صعوبة في توفيرها.
وعلى الرغم من الملفات الصعبة التي تواجه الحكومة الجديدة بقيادة الشيوعيين، يمكن القول ان هذه التجربة تؤكد مجدداً اهمية تجميع قوى اليسار الجذري في تحقيق نجاحات انتخابية وسياسية مميزة، تفتح الطريق امام الوصول الى منجزات اقتصادية وسياسية هامة لصالح الأكثرية في البلاد، وخصوصا جموع العاملين منهم.