مدارات

ديون المزارعين*

ديونهم في ذمة وزارة التجارة، وليس كما تتوقع وكما المفروض، ديون الوزارة في ذمتهم! وأنا هنا لا أريد ان اتهم وزارة التجارة بالتقصير أو باللافهم أو بأي نوع آخر من التقصير، فهي - والحمد لله صاغ - سليم!
كما اننا نعلم أنهم ورثوا كارثة السارق الكبير، وثائق وأسماء وغموض!
على أية حال، كل هذا لا يمنع من ان نقول لهم: هذا العمل أو ذاك خطأ، وهذا وذاك يضر باقتصاد البلاد أو بمصالح الناس.
فأنتم أيها الأحباب في وزارة التجارة لم تفعلوا ما يكفي لتلافي الخسارة القادمة أو لاغتنام الجاهزية لدى المزارعين والفرصة لكي يزرعوا!
يا سادة، أرضنا زراعية، وأرضنا صالحة لنزرعها، والموسم الحالي والموسم الذي يليه بانتظار من يستفيد منهما ويفيد الناس والبلاد.
المزارعون يا سادة، ينتظرون البدء بالزراعة لكنهم لا يملكون مالا تتطلبه زراعة الأرض، عملا وبذورا، وقد باعوكم حاصلهم في السنة الماضية، وحتى الآن لم يتسلموا حقوقهم.
لا تملكون مالا؟ حسنا وشكرا فانتم مقصرون عرفا وقانونا! تريدون أن اكذب وأنافقكم، حسنا: انتم لم تقصروا، فقط لم تدفعوا أثمان ما تسلمتم من حبوب، في رأيكم، هذا ليس تقصيرا، هذه ظروف، وهل قصرنا يوما؟ أبداً، مطلقا... بتاتا!
المسألة الآن يا وزارة التجارة أننا «نطلبكم فلوس»، أي لنا في ذمتكم مبالغ لقاء حنطة وشعير ورز بعناها لكم في السنة الماضية. سعر الطن انتم حدّدتموه والحنطة وسواها، لتتسلموها نظيفة تلمع مثل الذهب وهي كدّنا، حلال، حلال، حلال!
لماذا لم تعطونا أثمانها حتى الآن؟ لو كان تاجراً، لأخذنا منه حقنا بالقوة أو لأقمنا عليه دعوى و لهجمنا بيته على رأسه! لكن انتم دولة، وأخلاقكم بالتأكيد ليست أخلاق تاجر محتال، يأخذ ويماطل بالدفع، يا ناس عيب، والله عيب! لا نريد أعذارا والأسباب كثيرة بعدد أساليب الاحتيال، وانتم ابعد من هذا، انتم دولة والدولة لها علم، ومحترمة!
وانتم اكبر وأسمى من ان تأخذوا حق غيركم أو تؤجلوا الدفع كما تشاؤون، والنوايا خفايا.. لكن بربكم، هل سمعتم بناس بسطاء يقرضون الدولة مالاً أو يبيعون للدولة والدولة تأخذ ولا تدفع؟
يا سادة، هذه سنة ومضت، لكننا نريد ان نزرع ونحتاج مالا، لا نريد إحراجكم، انتم أهلنا، والوزارة وزارتنا وهي بعض من حكومتنا وحكومتنا وطنية، لكننا نريد ما في ذمتكم! حقنا! نريد ان نزرع!
المصيبة لا تنتهي هنا، المصيبة أنكم تعاقدتم مع شركات لتشتروا منها حنطة، قمحا! لماذا يا سادة؟ أعطونا مالنا ونحن نزرع ونزودكم بالحنطة! أم نحن لا ننفعكم، فلا وفود ولا.. ولا.. الخ، الـ ولات!
نعيد عليكم الكلام للإيضاح: إذا أعطيتم المزارعين ما في ذمتكم من ديون لهم فسيتمكن المزارعون من زراعة أرضنا، الآن موسم تهيئة الأرض، وسيوفرون لكم حصادا طيبا بعون الله، لكن الموسم أوشك وفلوسنا في جيوبكم! ألا تريدون ان نزرع ونعطيكم حنطة فنُسهم في اقتصاد البلاد، أم ان العمل في تنشيط الاقتصاد الوطني ـ في رأيكم ـ يتم بالقروض الصغيرة والكلام «المصفّط» في الفضائيات..
دعونا من إضاعة الوقت، وأعطوا الفلاحين ما في ذمتكم ليزرعوا!
راصد الطريق*