مدارات

نحتاج الى مناهج تتماشى مع روح العصر / نعمة عبد اللطيف

تخلف التعليم في عراقنا شيء موروث من عهدين: العهد الملكي، وعهد حكم البعث، ثم جاء عهد السقوط والاحتلال ومعه جاءت الطائفية، وجلبت معها الكثير من التخلف، وزادته اتساعاً وعمقاً. والغريب ان بعض اصحاب القرار، في وطننا لا يدينون هذا التخلف، وإنما يحاولون توريثه الى الاجيال القادمة، بشكل اكثر تعقيداً واعمق تخلفاً، والتخلف بابسط معانيه يعني الرداءة، وغياب الديمقراطية، وفقدان العقلانية.
فالتعليم في بلادنا عانى من التخلف ومن عقبات متنوعة، تناسبت في عمقها ومداها مع سياسات الفئات المسيطرة حينذاك، وهذا ما اضر بالعملية التربوية والتعليمية كمّـاً ونوعاً، على اختلاف مراحلها ومستوياتها.
المناهج الدراسية التي يحتاجها تعليمنا:
إننا بحاجة الى مناهج دراسية تكون اداة فاعلة في تحقيق المجتمع، الذي يمتلك عوامل النجاح الآنية والمستقبلية، ويمكن ان نستعين بها في عمليتي التغيير والإصلاح، حسب النقاط التالية:
1- نبدأ بدراسة الواقع التعليمي، وتحديد جوانبه السلبية التي تعيق تطوره.
2- وضع الخطط لمرحلة الإصلاح، منطلقين من متطلبات المجتمع وخصائص المرحلة داخلياً وعالمياًَ. والبدء ببذل الجهود ومواصلتها لتصفية المراحل السابقة وآثار مراحل التعصب الطائفي.
3- المناهج هي الإطار العام الذي يكون الفضاء الرئيس، الذي تجري من خلاله عمليات تعليم المستقبل وثقافته، وبنفس الوقت تحدد وترسم اهم المعوقات والمكونات العلمية والفنية، التي تعتمد عليها بنية التعليم وداينمياته لتحقيق الاهداف المرسومة له.
4- ان المناهج هي التي ترتكز على اسس ومفاهيم، قادرة على خلق القوة وعلى تثبيت قيم وصيغ التعامل يبين افراد المجتمع المدرسي، مبنية على الود والتفاهم والوفاق والاحترام المتبادل، والتعاون، ولها قابلية السريان بين افراد المجتمع المحلي، لتخلف قاعدة متينة بما تغرسه في نفوس الناشئة من قيم الخير والمواطنة، والقيم الانسانية التي تساعد على محاربة وادانة الطائفية والعنف، وجميع مظاهر التخلف.
5- من اجل ان نجعل المناهج التعليمية، حاملة راية التغيير، يجب ان تنصب جهودنا على ما يأتي:
أ-اعداد مناهج تتوفر فيها القدرة الكبيرة على مواجهة عصر العولمة، قادرة على الاستفادة من جوانبها المفيدة، وتجاوز جوانبها الشريرة.
ب- ان تلبية المناهج احتياجات الخطط التنموية، بما تقدمه من كوادر وايد عاملة ماهرة مؤهلة تأهيلاً جيداً.
جـ- ان يراعى في وضع هذه المناهج أحدث الأسس علمياً وتكنولوجياً، وان تعكس مضامينها، واهداف المجتمع وغاياته، وتساعد على تطويره ورفاهه.
6- ان تطور هذه المناهج لجميع الدارسين، علمياً وثقافياً ومهنياً واخلاقياًَ، وتجعلهم قادرين على الاستغلال الامثل لكل ما تقدمه التكنولوجيا. وان اوسع قاعدة الفرص التعليمية، تفسح المشاركة لجميع ابناء المجتمع وتكسبها المهارات الفاعلة التي تمكنهم من الاستمرار في التعليم الذاتي مدى الحياة. وهذا لا يتم إلا باستخدام مناهج تتماشى مع هذا العصر، وبما يحمله منا انفجار تكنولوجي ومعرفي متسارع، وما يتطلبه من اشاعة حب الوطن وقيم المواطنة والروح الاجتماعية، والابتعاد عن الفردية والانانية.
7- مطلوب من المناهج الجديدة، ان تربي في الدارسين روح المواطنة والمشاركة الديمقراطية، من خلال تجربتهم العملية في اختيار ممثليهم في انتخابات حرة تنافسية وديمقراطية في مناخ ديمقراطي وحوار حر، واختلاف في افكار وجدل بنـّاء، وفي هذه الاجواء يتعلم الناشئون بديهيات الديمقراطية فكراً وممارسة، ويتعودون قبول الرأي والرأي الآخر.
8- اننا في مرحلة انتقال، ومرحلة الانتقال تحتاج لثقافة وانتقال، ثقافة تؤمن بالرأي والرأي الآخر، وتـُدين التخلف والطائفية، وتحارب بعنف وبشدة كل الفئات التي تكرس كل الفئات التي تكرس التخلف والطائفية والعنف.
نحن في موقع يفرض علينا، تغيير المناهج المتخلفة، بصورة آنية وبشكل جذري وبأسرع ما يمكن، اننا نحتاج الى مناهج تعليمية، تخرجنا من مستنقع التخلف وتضعنا على دروب التطور والتقدم والتحضر والرفاه والسلام الاجتماعي والمواطنة، علينا ايضاً ان نهيئ جميع عوامل انجاحها بجهود جماعية مشاركة.
9- يجب الانطلاق في المناهج التعليمية، من منطلق الامن الوطني، بغرس مفاهيم المواطنة في نفوس الدارسين، وابتعادهم عن كل ما يؤثر عليهم من مبادئ التعصب والتطرف. ومن الضروري تكريس المواطنة وحب الوطن والمواطنين، وجميع مفردات المنهج والكتب المدرسية، والتركيز على الاخوة بين المواطنين.. المواطن اخو المواطن ورفيقه وصديقه، ويجب اتباع خط واحد في طريقة الدراسة، وتعويد التلاميذ على التفكير والاستنتاج العلمي، والاتبعاد عن اساليب تلقين المعلومات الجاهزة للطلبة وحشو اذهانهم بها.
10- من الضروي تدريس حقوق الانسان، كمادة مستقلة، والتعريف ببنودها حسب المراحل الدراسية، وتعويد التلاميذ على العمل الجماعي بروح الفريق وعلى النظام والالتزام بالمواعيد، والوفاء بالعهود، واحترام قواعد الملكية العامة، وربط التعليم بالعمل المنتج وغرس حب العمل في نفوس الدارسين واحترامه.
11- اننا نطمح باعداد مناهج تعليمية قادرة على مسايرة التطورات العملية العالمية الجارية الآن والاستفادة منها، لاعداد جيل من الدارسين، قادر على تخطي التخلف العلمي والاقتصادي والاجتماعي، الذي عانينا منه، لسنوات طويلة والارتفاع بمستوى البلد الى مصاف الدولة المتقدمة.
12- من الضروري ان تستند المواضيع في المنهج التعليمي على اسس نفسية وتربوية، تلائم الدارسين، بتسلسل يراعى فيه الانتقال من موضوع الى آخر، حسب دراسة صعوبته وترابطه مع المواضيع السابقة واللاحقة ليصل الى كل متكامل حسب الاهداف المرسومة.