مدارات

تقرير عالمي: واقع مخيف تعيشه المرأة العراقية

إعداد :عبد جعفر
تحت عنوان (نساء العراق المفقودات: العنف الأسري في فترات النزاع المسلح) كشف مركز سيسفاير العالمي لحقوق المدنيين الوضع المأسوي للمرأة العراقية، وتعرضها لكافة أشكال الإضطهاد والتجاوزات التي تهدم إنسايتها وآدميتها وأيضا تلغي حقها في الحياة.
جاء ذلك، ضمن تقرير طويل مدعم بالشهادات والإحصائات، في رصد إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق الصادر في (تشرين الثاني) العام الماضي والذي تناول فيها موضوع العنف ضد المرأة العراقية.
وأكد التقرير في مقدمته، أنه على خلفية النزاع المسلح والعنف الطائفي اللذين باتا يشكلان سمة تعانيها الدولة العراقية على مدى العقود الأخيرة، يظل شكل آخر من أشكال العنف خفيا الى حد كبير. فضمن حدود النطاق الأسري، دفعت نساء العراق ثمنا باهظا لإنهيار سيادة القانون والسلم العام في المجتمع ككل، حيث أن العنف والافتقار الى الأمن والأمان قد طالا أيضا المنازل التي يعاني ساكنوها بالفعل من صعوبات اقتصادية جمة، مما أدى الى تصاعد وتيرة العنف ضد النساء. وبينما مثل الاهتمام العالمي المتزايد بالعنف القائم على أساس الجنس سمة جوهرية للصراع الدائر في العراق. فإن الأسرة تظل المتسبب الأول في العنف ضد النساء في العراق.
وأشار التقرير الى أنه وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة تومسون في رويترز في عام 2013 تناولت حقوق المرأة في 22 دولة عربية، احتل العراق المرتبة الأخيرة باعتباره أسوأ دولة بالنسبة للنساء ضمن فئة (النساء في المجتمع) وثاني أسوأ دولة بالنسبة الى النساء بشكل عام!.
ويحد وجود نظام قضائي غير فعال وقوانين بالية تتسامح مع العنف ضد النساء أو حتى تشرعنه، من محاولة الحصول على أية تعويضات لضحايا العنف. فعند نظر مثل تلك الحالات أمام المحاكم، كثيرا ما تتم تبرئة الجناة أو إصدار أحكام مخففة بحقهم على الرغم من ارتكابهم جرائم جسيمة ضد النساء، وحتى في ظل وجود أدلة وقرائن واضحة ضدهم.
ويذكر أن التقرير إعتمد جمع إبحاث أجريت بين شهر (شباط) 2014 و (أيار) 2015 وصلت قرابة 1709 شهادة، من بينها 1249 شهادة تخص وقائع عنف أسري ( متضمنة الزواج القسري والزواج المبكر وجرائم الشرف وبعض حالات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية).
العنف الأسري
وأوضح التقرير أن الكثير من النشطاء يوافق على أن العنف الأسري قد زادت وتيرته خلال السنوات الأخيرة بسبب الارتباط بالصراع الدائر. وما يزيد الطين بلة أن الموجة الأخيرة من التهجير والصعوبات الاقتصادية المصاحبة لها قد فاقمت من تعرض النساء المهجرات لخطر العنف.
وأضاف أن النساء المطلقات يعشن وضعا إقتصاديا محفوفا بالمخاطر، إذ أنهن كثيرا ما يعتمدن على أزواجهن باعتبارهم مصدر الرزق الوحيد خلال فترة الزواج، وبعد الطلاق يجدن صعوبة في إيجاد عمل بسبب محدودية فرص التوظيف المتاحة للنساء ونظرة المجتمع الى المرأة المطلقة، مما يجعهلن عرضة للتحرش الجنسي. كما أن البنى العامة الموجودة حاليا غير كافية لدعم ومساندة النساء المطلقات والعازبات لا سيما اللاتي يعلن أطفالا.
وتضمن التقرير قضية إقدام العديد من النساء على الإنتحار ، ولم يتضح إذا ما كان إقدام النساء على الانتحار قد حدث بإرادتهن أم بسبب دفع المسيئين اليهن الى ذلك، أو حتى اجبارهن على الانتحار.
رد الحكومة الاتحادية العراقية
بين التقرير أن قانون العقوبات العراقي يسمح فعليا بالعنف الأسري وذلك لأنه يؤيد حق الزوج في معاقبة زوجته. وبشكل عام فإن العنف الأسري ينظر إليه باعتباره مسألة خاصة وشخصية في العراق.
واشار الى أن الحكومة العراقية قد أسست في السنوات الأخيرة وحدات حماية الأسرة في كل محافظة من المحافظات، وذلك تحت رعاية وزارة الداخلية، لتختص بتلقي الشكاوى الخاصة بالعنف الأسري من النساء و الأطفال، وكذلك بإجراء التحقيقات الأولية وإحالة الوقائع الى سلطة قضائية عند اللزوم.
وقد سجلت وحدات حماية الأسرة بين عامي 2010 و نوفمبر(تشرين الثاني) 2014 نحو 444,22 حالة من حالات العنف الأسري على مستوى العراق تمثلت غالبيتها العظمى في حوادث إعتداء إرتكبها الأزواج بحق زوجاتهم. ومن المرجح أن تمثل الأرقام نسبة ضئيلة جدا من الأرقام لوقائع العنف الأسري، وذلك بسبب إمتناع النساء عن إبلاغ السلطات.
وأوضح التقرير أن وحدات حماية الأسر تقع في اماكن مكتظة ومزدحمة من إقسام الشرطة العادية، وتفتقر بعضها للعنصر النسوي، كما أن عملها تركز على عقد صلح بين أفراد الأسرة بدلا من حماية الضحايا.
كما أن دور الحماية تفتقر الى الدور التي تأوي النساء و الأطفال الهاربين من منزل الزوجية.
ويضيف التقرير أن هذا الوضع قد أدى في بعض الحالات الى تسكين النساء الفارات من العنف داخل السجون بجوار المجرمين المحكوم عليهم بسبب عدم وجود أية بدائل أخرى. بينما تقوم بعض منظمات المجتمع المدني بالإشراف على عدد من دور الإيواء بطريقة غير قانونية.
وعلى صعيد أخر أكد التقرير أن العنف ضد المرأة في كردستان محرم، ولكن ذلك لم يمنع من رصد تزايد حالات العنف سنويا، كما أن الكثير من الحالات لم يجر التبيلغ عنها بسبب عدم وعي ودراية النساء بحقوقهن القانونية.
الزواج القسري والمبكر
كشف التقرير أنه في الوقت الذي تراجعت معدلات الزواج المبكر في الوطن العربي بشكل عام، إلا أن العراق يعد استثناء لهذا التوجه وقد شهد تزايد معدلات الزواج القسري والمبكر بسبب الأعراف الإجتماعية أو بسبب الوضع الاقتصادي لتأمين مستقبل النساء.
وفي حالات الثأر العشائري، وخاصة المتعلقة بالقتل، يتم تزويج المرأة من عشيرة القاتل قسريا لأحد رجال عشيرة القتيل ، فيما يعرف (بالفصلية). كما يتم بسبب الطائفية إجبار الشباب على الزواج من بني طائفته.
ورغم أن الزواج القسري والمبكر غير قانونيين في العراق، فإن البلد يشهد رغم ذلك معدلات مقلقة لهذه الحالات. وكما تشهد الكثير من عقد الزواجات خارج المحاكم، ففي كرستان وحدها مثل زواج القاصرات 41في المئة من إجمالي عقود عام 2011 وقد تم معظمها خارج المحاكم.
جرائم الشرف
تشهد كافة مناطق العراق جرائم الشرف، من قتل وضرب وحبس والإجبار على الانتحار وغيرها، ومعروف أن القانون العراقي يعطي أحكاما مخففة لجرائم الشرف وأحيانا تتم تبرئة الجناة.
وبخصوص تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، كشف التقرير عن وجود معدلات مرتفعة للغاية لتشويه الأعضاء التناسلية النثوية في مناطق الشمال الكردية، أما خارج الاقليم فلم يتضح مدى إنتشار هذه العادة.
ولكن بعض المنظمات الدولية أشارت الى وجود حالات عديدة في كركوك، كما أن هنالك حالات في القادسية وواسط.
ومع ذلك ليس لدى الحكومة الإتحادية العراقية أي تشريع يتعاطى مع هذه المشكلة بينما جَرّم البرلمان الكردستاني هذه الممارسة المشينة.