مدارات

بسبب هدر الاموال وفساد التشريعات : عائلات تعيش تحت خط الفقر / اسعد عبد الله عبد علي

الفوارق بين افراد المجتمع كبيرة جدا، وهي تزداد بسرعة كبيرة، فقد نمت فئة متنعمة جدا بكل وسائل الترفيه، وطبقة معدومة من ابسط مقومات الحياة. اناس يقضون عطلهم الشهرية في ارقى فنادق العالم ! واناس يقضون عطلهم في حمل الطابوق ودفع العربات من اجل توفير بعض لقمة العيش لعوائلهم. والحقيقة سبب التمزق المجتمعي يعود لبؤس القوانين والتشريعات التي خلقت هذا التمايز الطبقي بين الناس ، بالاضافة لعمليات الهدر المستمر للمال العام ، والاختلاسات ، والسرقات. شخص يصرف في اليوم مبلغ مائة الف دينار على ملذاته، في المقابل شخص يكد ويتعب للحصول على الف دينار فقط ! انه بلد التناقضات.
هذا التحقيق يتناول الفوارق الطبقية في المجتمع:
ترك الدراسة
الطفل زيدان (بائع اكياس في سوق حي النصر) يقول: ابي مريض ولا يستطيع الحصول على العلاج، لذلك اتجهت انا واخي لبيع العلاكة في السوق وما نحصل عليه يوميا نتسوق به للبيت. نعم اشعر بالحزن لتركي المدرسة لكن الاهم مساعدة اهلي.
محاسبة اللصوص
يقول محسن علي (بكلوريوس تربية): ان الكثير من الناس يفترشون الارصفة ليبيع بضائع بسعر مئتين وخمسين ديناراً لا غير، يقضي نهاره في سبيل الحصول على قوت يومه ليعود للبيت وفي يده حاجات اهله من خضروات وفواكه،بينما هناك اناس يحصلون على رواتب بالملايين من دون مقابل، فلا يقومون باي جهد ! بربك السنا في اغرب صورة في الالفية الثالثة ! اعتقد إن الخلل الحاصل في العراق سببه يعود لعدم تنفيذ القانون بحق قافلة من اللصوص التي تقضم اموال البلد قضما ، محولة الملايين لجيوبها. صدقني لو كنت انا المسؤول عن اموال العراق لكان قراري الاول بتشكيل لجان تحقيقية مع كل المدراء العامين في العراق. لجان مهمتها احلال العدل في هذه الارض التي طال زمن ليل اللصوص فيها.
أموال النفط
اما المواطنة سعاد العكيلي فتضيف : قبل ايام شاهدت صورة طفلة لا تتجاوز العشر سنوات وهي تعمل في معمل للطابوق حيث تحمل بصعوبة الطابوق لترصفه مع بعض. الحقيقة احزنتني الصورة كثيرا فتصور معي كم في العراق من عوائل فقيرة تحصل بصعوبة على قوت يومها، في مقابل فئة قليلة تتنعم باموال العراق بشكل لا يوصف من عقارات في الداخل والخارج ومصاريف شهرية بعشرات الملايين، حرس وخدم، اطفالهم يتنعمون بكل وسائل الراحة ، انا ليس ضد التنعم والعيش الرغيد، لكن شرط ان تكون بطرق مشروعة فانا ضد استغلال اموال العراق لفئة دون اخرى، دون وجه حق..فاين العدل ؟ انني احس اننا في غابة كبيرة اسمها العراق، البقاء فيه للاقوياء فقط.
ثلاثة الاف دينار
ويضيف كامل الدلفي (من سكنة مدينة الصدر): البعض مدخوله اليومي لا يتعدى ثلاثة الاف دينار! لا تتعجب انها حقيقة تلازم بعض المساكين.
احد جيراننا يعتمد في حياته على المئتين وخمسين ديناراً، نعم لا تتعجب، حيث يقوم ببيع الملابس المستعملة في سوق جامع العباس، وكل قطعة تاتي له بمبلغ بسيط ومقدار ربحه اليومي لايتعدى الالفي دينار وهو صاحب عائلة من خمسة اطفال، ولا يملك راتباً ولا وظيفة ولا حرفة والعمر اخذ منه الكثير, فتصور كيف يعيش. بالمقابل هناك طبقة مرفهة جدا تستلم رواتب خيالية وتتحكم بصرف المليارات وتعيش كعيشة الملوك والامراء في قصص الف ليلة وليلة. فاي عدالة هذه ؟ كنا ننتظرالكثير بعد الخلاص من نظام الطاغوت صدام.لكن مع الاسف لحد الان العدالة غائبة.
الفقر يحاصر الاف العوائل
اما المواطن ماجد الموسوي فيقول: الفقر يحاصر الاف العوائل خصوصا التي تفقد معيلها في العمليات الارهابية او يصاب بجروح تعيق عمله وهؤلاء لا احد يسأل عنهم وتعاني اسرهم من فقر شديد لذا نعمل انا وبعض الشباب الخير على جمع مبالغ من زملائنا بالعمل مثل خمسة الاف دينار شهريا ونتكفل عدداً معيناً من العوائل. ونقوم بايصالها لهم ونحاول حل مشاكلهم قدر المستطاع. هذه الجهود نقوم بها طوعيا فلسنا مؤسسة ولا جهة معينة انما نحس بحاجة الاخر لنا. العراق يعيش فترة تاسيس طبقة مترفة بعيدة عن الناس وهمومها. والسبب غياب القانون وضعف الاجهزة الرقابية وفساد التشريعات التي خدمت اهل المصالح.
تحقيق العدالة
الاستاذ حسن مكي تحدث قائلا : نشاهد اليوم صوراً متنوعة للظلم ، فالفقراء والمعدمون تركوا وحدهم بمواجهة قدرهم، مع ان البلد يملك من الاموال ما لا تملكه دول الجوار، مع ذلك تملك هذه الدول اليات للقضاء على الفقر وبرامج لمساعدة الطبقة الفقيرة، اما نحن فلا توجد سياسة واضحة لدينا لمعالجة هذه الظاهرة ، مجرد رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية التي لا تسد حاجات العوائل بسبب بساطة مبالغها. عشر سنوات من الهدر في المال والوقت. مع تنامي طبقة مترفة سيطرت على المال العام. وقوانين غريبة اسست للظلم والجور. كنا نحلم بان ايام العدل قادمة بعد عقود الظلم البعثي، لكن كل شيء تبخر مع الايام..اليوم المواطن حائر ويسعى الى ايجاد سبيل الى اصلاح الوضع فلا يجد، لان الخيارات هي هي. والبعض اصابه الياس التام من تحقق العدل على هذه الارض. انا اجد الحل صعباً ولن يتحقق سريعا ، بل يحتاج لجهود نفوس صادقة ويمر عبر الاهتمام بالمدرسة والجامعة مع التركيز على زرع القيم الاخلاقية في نفوس الاجيال الجديدة.ليكون الجيل القادم متسلحاً بالاخلاق ويبني مجتمع العدالة الذي نسعى اليه