مدارات

لهذا نرجح خيارات السلام / جاسم الحلفي

يبدو ان الحديث عن سوريا لا يدور حول ما اذا كانت الضربة العسكرية الامريكية ستقع ام لا، انما على توقيتها، وحجمها، واي اهداف ستختار!. وهكذا ينتظر الشعب السوري المزيد من الخسائر البشرية والمادية. فقد دلت التجارب على مدى التاريخ ومنها تجربة شعبنا مع الحروب والعدوان، انه ليس هناك استخدام للسلاح لا يلحق الاذى بالمدنيين الابرياء، ولا يزيد مأساتهم ومعاناتهم. فرؤوس الصراع سيجدون ملاذا آمنا يقيهم، نسبيا، من آثار الضربات العسكرية. ودائما وحسب ما شهده العالم من حروب وصراعات مسلحة يكون الاطفال والنساء والشيوخ الاكثر تضررا من كل ذلك. وبهذا يتأكد ان منطق اصحاب القرار الامريكي، لا يختلف كثيرا عن منطق اطراف الازمة السورية، التي لم تجد، لغاية الان وسيلة للصراع غير العنف والحرب!
لا تستحق سوريا اي عقوبة دولية تزيد اوضاعها تعقيدا، ولا ينتظر الشعب السوري من العالم المزيد من الدمار. على العكس من ذلك، ان ما يحتاجه هو ترجيح الخيارات التي تدفع نحو حل الأزمة بأقل ما يمكن من الخسائر. وهذا هو رهان قوى التمدن والسلام على العقل الانساني وما يمكن ان ينتجه من حلول تؤمن للشعب السوري حكماً مدنياً ديمقراطياً، يحترم الحقوق والحريات، ويوفر الخدمات للمواطنين دون تمييز عرقي او طائفي. حكماً يكون الشعب مصدر سلطاته ولا مكان فيه للتسلط والاستبداد والتفرد، ويبعد سوريا وشعبها عن الارهاب وشرور «القاعدة» واساليبها المدانة. فلا يمكن قبول منطق تخليص الشعب السوري من حكم فردي ووضعه تحت حكم «القاعدة»!
بطبيعة الحال لا يمكن تصور احلال البديل الديمقراطي بيسر وسهولة، في ظل الاوضاع السورية المتوترة. فالمتابع  للأوضاع، وبعد لجوء اغلب اطراف الصراع الى استخدام العنف والعنف المضاد على امتداد الاراضي السورية ومدنها، وما يخلفه القتال الدامي، واستخدام السلاح. حيث ذكرنا بالجرائم التي اقترفتها ايادي النظام الدكتاتوري الاثمة في كوردستان والاهوار. فيما تتصاعد اعداد الضحايا المدنيين المسالمين الذين ليس هناك من يطمئنهم الى مستقبل قريب يبعد عنهم شبح القتل اليومي.
واذ نستذكر نحن العراقيون تلك الايام العصيبة التي عشناها ابان التهديدات الامريكية باللجوء الى الحرب، وعند اندلاعها، والعقوبات الدولية الاقتصادية القاسية التي تعرض لها شعبنا، والتي اضافت معاناة الى ما لاقاه جراء سياسة التمييز والتخويف والعنف ومصادرة الحريات التي مارسها النظام الدكتاتوري المباد على مدى ثلاثة عقود، الى جانب زج البلاد في حروب عدوانية ليس للشعب مصلحة فيها.
فاننا ننطلق منها في حساباتنا ازاء التهديد بالضربات العسكرية واللجوء اليها، لاسيما ونحن لم نبرأ من آثارها لغاية الان. اننا نشجب الحروب ونرفضها، كونها نقيض السلام والاستقرار ولاتخلف غير الكوارث، ولا تنحصر تأثيراتها السلبية بزمن اندلاعها، انما تمتد الى فترات طويلة، وتترك جروحاً لا تندمل مهما طال الزمن.