مدارات

قرار المحكمة الاتحادية في الدعوى (2/ اتحادية/ 2016) تضمن إدانة صريحة للمحاصصة

زهير ضياء الدين
أصدرت المحكمة الأتحادية العليا قرارها في الدعوى 2/ أتحادية / 2016 التي أقامتها منظمة "تواصل لتمكين الشباب" على المدعى عليهما وهما كل من رئيس مجلس الوزراء (إضافة إلى وظيفته) ورئيس مجلس النواب (إضافة إلى وظيفته) وذلك بتأريخ 16/8/2016 وكان مضمون الدعوى هو الطعن في دستورية عدد من النصوص الواردة في قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم ( 11 ) لسنة 2007 (المعدل ) وهذه النصوص المطعون فيها هي نص المادة ( 9 / عاشراً) من القانون التي جاء فيها (يراعى في تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بما يحقق التوازن في تمثيل مكونات الشعب العراقي وفقاً للأنظمة والتعليمات ) اضافة الى نص المادة ( 3 ) من قانون التعديل الأول لقانون المفوضية رقم (11 ) لسنة 2007 الصادر برقم 21 لسنة 2010 والتي نصت على ( تراعي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عند تثبيت ملاكها التوازن بين جميع مكونات الشعب العراقي) كما تضمنت عريضة الدعوى الطعن في دستورية الفقرات المبينة لاحقاً الواردة في النظام الداخلي لمجلس النواب المنشور بجريدة الوقائع العراقية في 5/ شباط / 2007 حيث نصت الفقرة ( ثاني عشر / أ ) منه على ( يتوافق الرئيس مع نائبيه في هيأة الرئاسة في الأشراف والرقابة على جميع الموظفين في ديوان المجلس وفي أتخاذ القرارات المتعلقة بالتعيين أو الإيفاد الى الخارج بما يحقق مبدأ التوازن وتكافؤ الفرص لجميع العراقيين في شغل وظائف الدولة ) كما نصت الفقرة ثالثاً من المادة (12) من النظام الداخلي لمجلس النواب على ( إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في جلسه يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازن السياسي بين الكتل ) أما النصوص المطعون بها والواردة في النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم ( 8 ) لسنة 2014 فهي نص الفقرة سابعاً من المادة ( 2 ) والتي جاء فيها ( التوصية الى مجلس النواب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزراء والسفراء وأصحاب الدرجات الخاصة بما يحقق التوازن الوطني على وفق أحكام الدستور أضافة الى نص الفقرة ( ثاني عشر ) من المادة (2) من النظام والتي جاء فيها ( الموافقة على تعيين المدراء العامين ومن بدرجتهم على وفق القانون ونظام كبار موظفي الخدمة المدنية بما يحقق التوازن على وفق الدستور والتشريعات ذات الصلة وإحالتهم الى التقاعد بناء على طلبهم ) وقد استندنا عند إقامتنا الدعوى في طعننا بعدم دستورية المواد والفقرات المشار إليها آنفاً الى نصوص المواد الواردة في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وهي :
- نص المادة ( 2 / ب ) ( لا يجوز سن أي قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ).
- نص المادة ( 2 / ج ) ( لا يجوز سن أي قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور).
- نص المادة ( 14 ) ( العراقيون متساوون أمام القانون بدون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ) .
- نص المادة (16) (تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين وتكفل الدولة أتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك) .
وقد اعتبرنا في دعوانا أن النصوص المطعون بعدم دستوريتها والمشار إليها آنفاً شكلت تكريساً للمحاصصة المذهبية والأثنية والسياسية والتي انعكست سلبياً وبشكل مؤثر من خلال انتهاك مبادئ الديمقراطية واستطردت المحكمة في قرارها مبينة أن المواد الدستورية التي اعتمدناها سنداً لطلباتنا بالحكم بعدم دستورية النصوص المطعون بعدم دستوريتها مبينة أن واضع هذه النصوص الدستورية قد راعى في وضعها خصوصية المجتمع العراقي كونه متعدد الأعراق والاثنيات والأديان والمذاهب هادفاً من وضعها ضمان حقوق جميع مكونات الشعب العراقي في بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية والمشاركة في إدارتها على وفق القدرات والكفاءات العلمية والمهنية في أفراد هذه المكونات لذا وبناءً على ما أوردته المحكمة الاتحادية آنفاً قررت الحكم برد الدعوى إلا أن المحكمة وفي متن قرارها المتضمن رد الدعوى ثبتت أدانه واضحه وصريحة للسلطتين التشريعية متمثلة في مجلس النواب والتنفيذية متمثلة في مجلس الوزراء حيث نص القرار على ( أن التطبيق العملي للنصوص المطعون بعدم دستوريتها جاء بخلاف الهدف من وضعها فالقوى المتمكنة من القرار قد ذهبت في تفسيرها بشكل مغاير الى ما ترميه من أهداف مرة باسم الاستحقاق الانتخابي ومرة باسم المشاركة الجمعية وثالثة باسم التوافق وغير ذلك من المسميات التي قادت بشكل أو بآخر الى ما ورد من شكوى تضمنتها عريضة الدعوى وتجد المحكمة الاتحادية العليا أن النصوص المطعون بعدم دستوريتها المتقدم ذكرها لم تكن في مبناها ومجملها مخالفة للنصوص الدستورية الوارد ذكرها في عريضة الدعوى وإنما كان الخلل في تطبيق أصحاب القرار والقوى المتمكنة لهذه النصوص مما أسفر عن عدم تحقيق أهدافها وعدم تحقق التوازن والعدالة والمساواة في تحمل المسؤوليات بين أفراد ومكونات الشعب العراقي وفي نيلهم الفرص في حقوقهم المشروعة ودون اعتماد الكفاءة المهنية والنزاهة وتجد المحكمة الاتحادية العليا أن تصويب ذلك الخلل في التطبيق لا يكون بإلغاء النصوص المطعون بعدم دستوريتها وإنما عن طريق تصحيح مسار التطبيق بالطرق التي رسمها القانون) .أن النص المذكور الذي يشكل جزءا أساسياً من قرار المحكمة الاتحادية العليا والذي تضمن إدانة صريحة لممارسة الماسكين بالحكم من خلال ليهم النصوص الدستورية وتكريسهم لها لخدمة مآربهم غير المشروعة التي أوصلت البلاد الى ما هو عليه من تدهور وانحدار .
ولا يفوتنا أن نذكر أن المدعى عليهم في الدعوى أنفاً وعند أرسال نسخ منها إليهم للإجابة على ما ورد فيها من طعون وهم كل من:
- رئيس مجلس الوزراء (إضافة إلى وظيفته) و رئيس مجلس النواب (إضافة إلى وظيفته). واللذان يدعيان وبشكل مستمر انهما ضد المحاصصة بجميع أشكالها وأنها تشكل عقبة أمام عملية الإصلاح بعد أن أوصلت البلد إلى ما هو عليه من تدهور في جميع مناحي الحياة كان هؤلاء وفي لوائحهم الجوابية لعريضة الدعوى يبررون سلوك المحاصصة مستندين الى مختلف النصوص خلافاً لادعاءاتهم مما يظهر الازدواجية في المواقف الا أنه وبالرغم من ذلك فأن الإدانة الصريحة لنظام المحاصصة والتي جاءت بشكل صريح وصارخ في قرار المحكمة الاتحادية العليا يظهر أن القائمين على السلطة أخفقوا وعن سبق أصرار في تحقيق العدالة والمساواة والحياة الكريمة لجميع العراقيين في ظل دولة القانون والمؤسسات، وهم المسؤولون المباشرون عن الوضع الكارثي الذي يعيشه العراق وبالإمكان الاستناد الى النصوص التي تضمنها قرار المحكمة الاتحادية العليا والمثبتة آنفاً في تنفيذ العديد من الأنشطة والفعاليات والكتابات في فضح وإدانه تلك الممارسات السلبية وبشكل خاص من قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الأعلام لتعرية وفضح هذه الممارسات التي تخالف في مضامينها النصوص الدستورية ومراميها والذي كتبه نفس من يدير الحكم حالياً.