مدارات

فرصة مهمة لاستعادة بعض اموالنا المنهوبة

لندن – د. ماجد الياسري
شهدت لندن في شهر آب الماضي توقيع اتفاق تاريخي بين الحكومتين البريطانية والنايجيرية، تتعهد فيه الاولى بتسليم نظيرتها النايجيرية الأموال والعقارات والأصول المالية المحجوزة في بريطانيا، والعائدة الى الفاسدين من الوزارء والعسكريين النايجيريين، الذين امتلكوها بفضل ما نهبوا من العائدات المالية الضخمة لبلادهم مقابل صادراتها النفطية الكبيرة.
وقد وقع الاتفاق وزير الهجرة البريطاني روبرت جود ويل والمدعي العام النايجيري ابو بكر ملامي. وتم التوقيع في مناسبة انعقاد قمة التصدي للفساد في لندن الشهر الماضي، برئاسة رئيس الحكومة السابق ديفيد كاميرون قبل تقديمه استقالته.
وكانت غاية حكومة كاميرون من هذه الخطوة، تحسين صورة بريطانيا التي حطت منها تقارير محلية ودولية، تفيد بأنها غدت ملاذا للفاسدين وسارقي المال العام. كما ان لجنة برلمانية بريطانية مختصة، وصفت العاصمة لندن في تقرير لها بانها مركز لغسل الأموال.
من طرفها انطلقت الحكومة النايجيرية في مطالباتها بعقد الاتفاق من قضية ديبري المانسي، الحاكم السابق لمقاطعة برولوسيا النايجيرية الغنية بالنفط، الذي هرب من بلاده متنكرا في زي امرأة واعتقل سنة 2005 في لندن بتهمة غسيل الأموال، كذلك قضية أيبور الموظف في احدى الشركات، الذي عاد الى منطقة الدلتا البريطانية في نايجيريا واصبح محافظا لها وسرق ثروات طائلة وهرب بها الى بريطانيا.
وليس معروفا حجم الأموال التي نهبت من نايجيريا، لكن ذكر ان ممتلكات سارقيها المحجوزة من قبل السلطات البريطانية تشمل أرصدة وأسهما وعقارات ومجوهرات وسيارات فاخرة.
وقد تعهدت الحكومة النايجيرية بانفاقها لبناء مساكن للفقراء وتحسين الخدمات الصحية ومتطلبات الرعاية الاجتماعية والحقوق القانونية وان لا تجد طريقها الى جيوب الفاسدين مجدداً.
ويعكس عقد الاتفاق البريطاني النايجيري حقيقة ان العالم يتحرك لملاحقة الفاسدين وسراق المال العام. ويبقى العراقيون وحدهم يشعرون بالاحباط والسخط، وهم يرون هيئة النزاهة والادعاء العام والجهات المعنية الاخرى، يتحركون مثل السلحفاة – الا حين يتعلق الامر باللصوص الصغار.
ومن الواضح ان التحرك البريطاني النايجيري يهييء للعراق فرصة يجد\ر به استثمارها. خاصة وان حيتان الفساد عندنا يستخدمون بريطانيا كأحد المنافذ الرئيسية للتهريب واستثمار مسروقاتهم. علما ان احكاما صدرت بحق البعض منهم في العراق.
والمفترض الآن ان يتم في مكتب رئيس الوزراء ببغداد تشكيل فريق عمل لمتابعة أموال العراق المنهوبة المهربة الى بريطانيا، وان يكلف مكتب محاماة رصين في لندن بجمع ما يتوفر من معلومات عن المتهمين والمدانين، تمهيدا للمباشرة بمباحثات رسمية مع الحكومة البريطانية لاستعادة الأموال التي سرقوها.