مدارات

في "الثقافة الجديدة": من أرشيف الكومنترن (5) رسالة رقم 5 من عاصم فليح (صائموف) الى الكومنترن


ترجمها عن الروسية د. عبد الله حبة
اعيد تنظيم مجموعتنا، ويرتبط اعضاؤها في ما بينهم كما يجب بين أفراد المجموعة الشيوعية. لكنها تفعل قدر ما في وسعها، دون اختصار نشاطها على الدعاية الشفهية والمطبوعة. وعملها لا يتسم بطابع شيوعي فقط. فقد شاركنا مراراً في نشاط الحزب الوطني وعمله. لكن لم يتم عندئذ محو اهدافنا. وسعينا الى استغلال أية عبارات ضرورية، وأقوال أية جهة كانت، بغية التأثير في الشعب وزيادة سخطه. وانطلاقاً من هذه الاعتبارات شاركنا في الاجتماعات وأجرينا اتصالات جيدة مع القوميين البارزين وغير البارزين. ونحن نتمتع بسمعة طيبة في أوساط الشعب. كما ونعرَف بمواقفنا الراديكالية ذات الاتجاه غير الواقعي مثلا (جرى فصلنا من الحزب الوطني العراقي في عام 1930 بسبب مطالبنا الراديكالية). وكانت مقاطعة الانتخابات هي فكرتنا ومطالبنا التي ناضلنا في داخل الحزب وخارجه، حتى ارغمناه على ذلك ونجحنا. لكن كان لدينا قرار آخر في حالة عدم نجاح مقاطعة الانتخابات في بغداد هو أن نقوم .. بالدعوة الى عدم دفع الضرائب. لكننا لم نفلح في ذلك لأنه جرى فصلنا من الحزب كما لم يوجد في مجموعتنا التلاحم والتنظيم والانضباط.
لقد جرى فصلنا من الحزب لأنه وجد بين القادة أشخاص ليس من مصلحتهم بقاؤنا، حيث ان الراديكالية كانت ضد مصالحهم الشخصية وآمالهم في تولي المناصب الحكومية وأن يصبحوا نواباً. ونورد أسماء المفصولين وهم : أنا وحسين جميل وفائق السامرائي.
نشاطنا السابق. لقد نجحنا في تحشيد واجراء مظاهرتين كبيرتين في بغداد في عام 1927 بمناسبة زيارة الصهيوني الانكليزي الفريد موند. وشارك فيها 4000 شخص، واعتقل أكثرهم، وأدين بعضهم لاحقاً بالسجن لمدة شهرين. أما الثانية فجرت في عام 1930 ضد نوري باشا ووزارته. وبعد التظاهرة الكبيرة صدرت 3 بيانات موجهة ضد الحكومة والانكليز واعتقل عدد كبير من الرفاق في اثناء توزيع المناشير هذه. وحكم عليهم بالحبس الشديد لمدة 2-6 أشهر.
أما محتوى البيانات فهو:
1) دعوة الشعب الى مقاطعة الانتخابات التي ترمي الى تعيين ممثلي مصالح الحاكم والحكومة العربية – الانكليزية، وإجراء انتخابات شعبية.
2) المحتوى ذاته، اعتقل بسببها الرفاق وتضمنت دعوات شيوعية من حيث اللغة والمحتوى... وموجهة ضد الانكليز والرأسماليين، وورد فيها كمثال سياسة بريطانيا في فلسطين والبلدان الاخرى. ونورد مقطعاً من البيانات: "ايها الشعب الحبيب.. سلمت بريطانيا فلسطيننا العربي الى ايدي الصهاينة وهم يتحملون الذنب في جوعكم وفقركم. انهم يبذرون الفرقة الطائفية بين بعض الفئات والاشخاص..".
خلال ثلاثة أعوام منذ عام 1937 عقدنا اجتماعات صغيرة فرّقتها الشرطة. وعقد احدها في النادي الوطني، لكن الشرطة لم تسمح لنا بالتجمع بذريعة انه يتسم بطابع سياسي. ان السبب الرئيسي للقائنا يكمن في عدم قدرتنا على تكوين منظمة شيوعية جيدة.
في عام 1934 تأسس الحزب الشيوعي الذي لم يستطع البقاء أكثر من عام بسبب انعدام النشاط. وهذا هو سبب قدومي الى موسكو من أجل الدراسة.
ان عملنا قليل وسيصدر رفاقنا قريباً صحيفة يومية من 8 صفحات تتضمن الدعاية لأفكارنا. انها ستكون من حيث الشكل وطنية، أما من حيث المحتوى فستكون شيوعية وسترسل الى kytb.
لقد خلفت ورائي أربعة رفاق عرب، وفتاتين يهوديتين تزوجتا اثنين من رفاقنا. انهم يريدون القدوم الى هنا على حسابهم. وقد أبلغت رغبتهم هذه الى الرفيق فؤاد. ارجو بحث هذه المسألة بصورة عاجلة من أجل قدومهم الى موسكو لغرض الدراسة، حيث اننا سنكسب سنة كاملة. واسماؤهم هي: حنا مصطفى (20 عاما) وهو طالب مدرسة، والثاني طالب ترك الدراسة بسبب عجزه عن دفع الاجور. وأنا أعرفه منذ عام ونصف. الآخر (22 عاما) تخرج من المدرسة الثانوية ويعيش لكسب رزقه بنفسه، وله ارتباط مع الرفيقة التي ذكرتها آنفاً. والثالث هو جابي ضرائب من بلدية بغداد (30 عاما). وعمل فترة طويلة مع الحزب الوطني، وله خدمات كثيرة في بهذا المجال. والرابع هو مصطفى علي (30 عاماً) سكرتير عضو مجلس الاعيان، يعرف في بغداد بمواقفه الثورية والراديكالية، يكتب الكثير من المقالات. وقد نقلته الحكومة مؤخراً الى عمل آخر بنصف راتبه. في الفترة الاخيرة صار يميل الى الشيوعية ويريد المجيء الى هنا للدراسة. علماً انه تخرج من مدرسة الحقوق. أنا لا أعرف شيئاً عن المرأتين سوى رغبتهما في المجيء واستعدادهما لترك عائلتهما من أجل هذا الغرض.
كما يوجد عاملان وطالبان، وأحدهما ضابط وقد استملته الينا، وهو مخلص تماماً لأفكارنا. وعمره 28 عاماً، لكنه لا يستطيع ترك عائلته من أجل المجيء الى هنا للدراسة. والآخر سائق سيارة يرغب في الدراسة لكنه غير قادر على ذلك. وهناك صديقه في المدرسة الثانوية يرغب في الدراسة. ويوجد الى جانب هؤلاء آخرون يتعاطفون معنا، ويمكن ان أورد سيرة حياتهم اذا رغبتهم في ذلك.
* من وثائق الكومنترن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة "الثقافة الجديدة"
العدد 383
تموز 2016