- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 02 تشرين1/أكتوير 2016 19:14
حسن النداوي
اعلنت لجنة الانتخابات المركزية في روسيا الاتحادية نتائج التصويت التي جرت يوم الأحد 18/9/2016 للدورة السابعة لعموم روسيا . مسجلة لاول مرة اضعف مساهمة انتخابية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي ,حيث سجلت نسبة الاقبال 47.8 بالمائة من المواطنين الذين يحق لهم التصويت مقابل 60 بالمائة في الدورة السادسة للبرلمان (الدوما ) عام 2011 . المستشار الصحفي للرئيس فلاديمير بوتين (بيسكوف ) حاول التقليل من هذا الأمر" بأن ذلك يعكس واقع نسبة السكان الناشطين سياسيا , ومشيرا الى ان نسبة المشاركة الجماهيرية في الانتخابات الاوروبية هي في الواقع اقل من ما موجود في روسيا ".
جرت الأنتخابات الروسية والبلاد تعاني من وطأة ظروف بالغة الصعوبة ,حيث الأزمة الاقتصادية التى نجمت عن تراجع الأسعار العالمية للنفط ,ضاعفتها العقوبات التي يفرضها الغرب على موسكو، والازمة الاوكرانية الروسية ,اضافة الى الأعباء المالية والسياسية الناجمة عن التدخل الروسي في الازمة السورية .
الولايات المتحدة والغرب والكثير من المحللين السياسيين الليبراليين كانوا يراهنون على ان هذا الوضع سيقوض شعبية الرئيس وحزب روسيا الموحدة الذي كان يعاني من تراجع واضح في الشارع الروسي. غير ان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة أكدت العكس تماما حيث سجل حزب روسيا الموحدة مفاجأة بحصوله على نسبة تصويت 54 بالمئة بعد ان كانت تعطيه مراكز الاستتطلاع اقل من ذلك بكثير,علما ان حزب روسيا الموحدة قد خسر في الانتخابات السابقة عام 2011 حوالي 77 مقعدا اي ما يعادل 15% من قوته التصويتية. رئيسة لجنة الانتخابات المركزية (ايلا بامفيلوفا ) اعترفت انها فوجئت بنتيجة التصويت في الانتخابات قائلة "امل ان تعكس نتائج الانتخابات حقيقة الوضع الانتخابي" . اغلب المحللين السياسيين يعتتقدون ان مرد هذا الفوز يعود الى الدعم الذي حصل عليه حزب روسيا الموحدة من قبل الرئيس بوتين الذي دعا الناخبين عشية التصويت الى دعم حزب روسيا الموحدة مؤكدا" انه هو من اسس حزب روسيا الموحدة " . فالرئيس يتمتع بشعبية وكارزيمية متميزة , والكثير من الناخبين يثقون بتوجهاته وطروحاته السياسية . فلقد شهدت السنوات الاخيرة من حكمه انتصارات عديدة للسياسة الروسية , حيث جرى ضم شبه جزيرة القرم الذي لقي ترحيبا جماهيريا , ومقاومة للحصار الامريكي الغربي على روسيا , ايضا كسر المعادلة الدولية لسياسة القطب الواحد في التدخل لصالح الدولة السورية , ووقوفه الشجاع امام التوسع التركي واجبار الرئيس التركي على الاعتذار . وازدياد الاستقرار الاجتماعي والسياسي مقارنة بالاوضاع التي مرت بها البلاد ابان فترة انهيار الدولة والسلطة اثناء حكم يلتسن .وبعبارة اخرى ان الشعب يشعر باستعادة الهيبة و الشعور الوطني والقومي الذي فقدته البلاد اثناء فترة مابعد انهيار السلطة السوفيتية .الرئيس بوتين علق على نتائج الانتخابات "انها تمثل رد فعل مواطنينا على الضغوط الخارجية والتهديدات والعقوبات لزعزعة الوضع من الداخل " . السواأل الذي يطرح نفسه اليوم هل سيمهد النجاح الهائل في الانتخابات لكي يعيد الرئيس طرح نفسه لدورة رابعة .
الكثير من المحللين السياسيين اعتبروا هذه الانتخابات الاكثر نزاهة وشفافية في تاريخ البلاد المعاصر, فقد تميزت عن الانتخابات السابقة بشكل واضح.لقد اخذت السلطة بعين الاعتبار دروس الانتخابات السابقة عندما خرجت الجماهير محتجة ضد تزوير نتائجها عام 2011, متهمة اللجنة الانتخابية السابقة بدعم حزب السلطة ومحاباته. لذا فقد شكلت السلطة لجنة اخرى اكثر حيادية ومقبولية برئاسة شخصية ليبرالية مستقلة (ايلا بامفيلوفا ) بدلا من رئيسها السابق تشوروف الموالي للسلطة السياسية . وجرى الانتقال الى النظام الانتخابي المختلط الذي يجمع بين القوائم الحزبية والمنافسة الفردية , كذلك غيرت عتبة الدخول الى البرلمان من 7 بالمائة الى 5 بالمائة , ورغم ذلك شهدت بعض المراكز الانتخابية بعض اشكال التجاوز والتزويرحيث اعلنت لجنة الانتخابات المركزية الغاء نتائج بعض هذه المراكز مؤكدة انها ستحقق في الانتهاكات التي ابلغ عنها مراقبو الانتخابات . لجنة الانتخابات المركزية اعلنت ان هذه التجاوزات لن تؤثر على النتائج التي اعلن عنها .
جدول يوضح الفوارق بين الانتخابات الحالية عام 2016 والدورة السابقة عام 2011
شارك في الانتخابات 14 حزب سياسيا تمكنت كالمعتاد اربعة احزاب من دخول البرلمان , و ثلاثة احزاب حصلت على مقعد واحد وهي حزب الوطن والمنبر الوطني والمستقلون .
نسبة الاقبال لهذه الدورة 2016 47.8 %
نسبة الاقبال للدورة السابقة 2011 60.1 %
الحزب الدورة 2016 عدد المقاعد الدورة 2011 عدد المقاعد
54.18 % 343 49.32 % 238 روسيا الموحدة
الحزب الشيوعي الروسي 13.35 % 42 19.19 % 92
الحزب الليبرالي الديموقراطي 13.16 % 39 11.56 % 56
حزب روسيا العادلة 6.21 % 23 13.24 % 64
ثلاثة احزاب حصلت على مقعد واحد وهي حزب الوطن والمنبر الوطني والمستقلون .
من خلال هذا الجدول يتبين ان الحزب الشيوعي الروسي هو الخاسر الاكبر في هذه الانتخابات,وكذلك حزب روسيا العادلة . سكرتير الحزب غينادي زوغانوف اشار الى ان ادارة الكرملين لعبت دورا في هذا الشأن حيث دعمت حزب الشيوعيين الروس( حصل على 2.33 % ),وحزب المتقاعدين ( حصل على 1.74 % ) وذلك بغية تشتيت الاصوات الداعمة للحزب اضافة الى محاصرة الحزب اعلاميا في الاعلام الرسمي , في حين وفرت لحزب السلطة كل الامكانيات المتاحة الى جانب ارتكاب تجاوزات و اخطاء فادحة لم يجر التوقف عندها من قبل اللجنة المركزبة للانتخابات .لقد خسر الحزب الشيوعي في هذه الانتخابات 5.84 %من قوته التصويتية بمايعادل اكثر من نصف المقاعد التي كان يشغلها في الدورة السابقة .القوى الليبرالية والمحللين السياسيين يرون ان الحزب قد ضعفت فعاليته السياسية بسبب انغماسه في اللعبة البرلمانية ويصفون موقفه من السلطة بالناعم ولا يحبذ الاصدام بها كي لايخسر الفوائد التي يحصل عليها جراء مهادنتة لسياسة الحكومة .كذلك لازالت اطروحاته السياسية منغمسة في الماضي وتوجهاته الفكرية تداعب على الاغلب الاجيال القديمة , وتبنيه الطروحات الستالينية بشكل كامل, ولم يستطع اقامة تحالف سياسي مع اقرب القوى اليسارية منه .
من جانب اخر يلاحظ ان الحزب الليبرالي الديموقراطي في مسار تصاعدي في جميع الدورات الانتخابية , حيث سجل نسبة زيادة في الدورة الانتخابية الحالية ( 1.6 % ) وفي الدورة السابقة 3.53 % وهو الان يقف قريبا جدا من القوة التصويتية للحزب الشيوعي الروسي . يعتمد هذا الحزب على شخصية رئيسه (جيرنوفسكي ) الاشكالية ذات الخطاب القوماني المتطرف,ودعواته التي تزيد من اثارة النعرات القومية. الكثير من المتابعين السياسيين يعتبرونه من القوى القريبة من الكرملين , وهو يقف دوما بالضد من توجهات وطروحات الحزب الشيوعي الروسي .
اما بخصوص القوى الليبرالية فلم تستطيع عبور العتبة الانتخابية , بسبب الصراع بين قادة هذه القوى والذي لم يسمح لها بتوحيد قواها على الحد الادنى كي توصل ممثلين لهم الى البرلمان .اضافة ان تجربتها الاوطنية في الحكم وسرقة ممتلكات البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي جعلت الجماهير تبتعد عنها وتحملها مسؤولية ما حدث, اضافة الى ان خطابها السياسي يتناغم بشكل واضح مع التوجهات الامريكية والغربية المعادية لروسيا مما جعلها بعيدة عن فهم التوجهات الوطنية والمطاليب الاجتماعية والاقتصادية للشارع الروسي .
رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية (ايلا بامفيلوفا ) اعلنت يوم 26/09/2016 المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات . معتبرة ان الانتخابات لم تكن مثالية ولكن توفرت فيها الشفافية والانفتاح , وعلى الرغم من الانتهاكات التي سجلت فان الانتخابات كانت شرعية .