مدارات

12 عاما على أحداث 11 سبتمبر 2001 وتداعياتها 7-7 / د. صالح ياسر

الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية وانعكاساتهاعلى الاستراتيجية الاقليمية للولايات المتحدة
مقدمات الحراك والانتفاضات الشعبية

ثمة ملاحظة اولية لا بد من التاكيد عليها هنا وهي انه يتعين أولا وقبل كل شيء تجاوز تلك التحليلات التبسيطية التي ترجع ما حدث من حراك مجتمعي في العديد من البلدان العربية الى " مؤامرة خارجية " أو الى " دور قوة الهية خارقة استطاعت أن تغير مجرى الاحداث "!
وبالمقابل يخطأ من يتصور أن ما حدث في العديد من البلدان العربية هو توقيت ذاتي ارادوي لانفجار الأحداث. فالأمر ليس كذلك البتة، فقد شهدت البلدان العربية في العقود الأخيرة تحولات و تطورات كثيرة لا بد من التوقف عندها لفهم أسباب وجذور ما حدث عبر قراءة اقتصادية – سياسية لها.
الصحيح انه كانت هناك جملة من المشكلات والعوامل الاساسية وراء الانهيار الذي حصل. والمقاربة الصحيحة لهذه المشكلة تفترض الانطلاق من واقع أن هذه المشكلات نشأت بفعل عوامل اقتصادية وغير اقتصادية، داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية، في اطار عملية تاريخية معقدة ومتناقضة وطويلة المدى. ويعني ذلك باختصار شديد أن نتلمس أسباب الانهيار وعوامله في البنية المنهارة ذاتها. وكل تضخيم لدور العوامل الخارجية في احداث الانهيار، وكل تقليل لدور العوامل الداخلية، ستؤدي الى استنتاجات لا تخدم مسعى الوصول الى بدائل أكثر قابلية للحياة من النموذج المنهار.
ومع الإقرار، بداية، بان ما حدث هو نتاج تفاعل جدلي بين مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية – الثقافية.. الخ، الداخلية والخارجية، فإن الانتفاضات الاجتماعية الأخيرة التي حصلت في العديد من البلدان العربية تشير، في معظمها، بما لا لبس فيه إلى أن الأثر السلبي للسياسات النيوليبرالية التي طبقت (37) في العالم العربي قد بلغ حالة من الخطر لا يمكن الاستهانة بها وهي التي هيئت الظروف لمقدمات الانفجارات الشعبية.
وإذا أردنا أن نضع هذه الأحداث في موقعها الصحيح فانه يمكن القول أنّ هذه الموجة من الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت معظم البلدان العربية في اوائل 2011، هي امتداد للموجة الأولى التي شهدناها في نهاية سبعينيات القرن المنصرم وثمانينياته، بدءاً من انتفاضة 18 و19 كانون الثاني / يناير سنة 1977 في مصر، مروراً بالسودان وتونس والمغرب، وعودةً إلى مصر وتونس والمغرب والسودان، ثم إلى الجزائر والأردن والمغرب.
هذه الانتفاضات حدثت بعد البدء بتحقيق ما سمي بـ " تحرير الاقتصاد " انطلاقاً من وصفة صندوق النقد الدولي الذي فرض ما سمّي بـ " سياسات التصحيح الهيكلي " بحيث أصبحت مهمّة الدولة بموجب هذه السياسات تسهيل نشاط الرأسمال الاجنبي، والمال المضارب، وحمايته، من خلال إصدار قوانين تحمي نشاطه تحت شعار استقطاب الرأسمال الأجنبي !
وفي الحقيقة، ولكي نفهم ما يحصل في العديد من البلدان العربية من حراك مجتمعي يجب أن نتذكّر بأن الليبرالية الجديدة قد تمّ استيرادها في السياسات الاقتصادية العامة العربية على مرحلتين تاريخيتين (38):
المرحلة الأولى:
كانت المرحلة الأولى قد بدأت في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات في إطار أزمة المديونية الخارجية التي عصفت بالعديد من بلدان العالم الثالث خاصة في أميركا اللاتينية (بدأت في المكسيك عام 1982) والشرق الأوسط. وقد انفجرت أزمة المديونية هذه على أثر ازدياد أسعار النفط والمواد الأولية في السبعينيات من القرن الماضي حيث أقبلت المصارف التجارية الدولية على إقراض مبالغ طائلة لبعض الدول النامية نظراً لزيادة إيراداتها من تصدير النفط والمواد الأولية الأخرى مثل القطن والفوسفات. لكن في نهاية هذا العقد بدأت تلك الأسعار تتراجع وترافق هذا التراجع مع ارتفاع حاد في الفوائد العالمية (وصل الى20% على كل من الدولار والإسترليني بين 1980 و1983 ) مما زاد من أعباء خدمة الديون الخارجية على هذه الدول.
وقد أصبح العديد من الدول العربية المدينة، كما دول أخرى في أميركا اللاتينية وأفريقيا، في حالة عجز عن خدمة ديونها الخارجية بانتظام، خاصة بعد أن أصبح عبء خدمة الدّين العام يمثّل نسبة عالية من إيرادات التصدير بلغت في بعض الأحيان ما يفوق 100%، ولذلك اضطرّت كل من مصر، اليمن، الأردن، المغرب، الجزائر والسودان إلى طلب إعادة جدولة ديونها الخارجية.
قادت هذه التطورات الى انفجار اضطرابات شعبية واسعة النطاق في كل من: مصر(1977)، تونس (1984)، المغرب(1981 و1984)، الجزائر (1988)، الأردن (1989)، الخرطوم(1982و1985)، أدّت إلى زعزعة استقرار تلك الدول.
وقد دخلت الدول المعنية، وغيرها أيضا في نوع من هيمنة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على سياساتها العامّة، إذ أن تأمين القروض من هاتين المؤسّستين الدوليتين قد أصبح يتطلب الخضوع للعديد من الشروط في تطبيق سياسات اقتصاديات عامّة معيّنة كما ذكرناها سابقاً، تحقق الأجندة النيوليبرالية كشرط أساسي للحصول على إعادة جدولة المديونية الخارجية من قبل المصارف الدولية الكبرى أو الدول الصناعية الكبرى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن في هذه الحقبة التاريخية بالذات تزايد عدد السكان في كل البلدان العربية بمعدّلات نمو سنوية عالية جدا،ً دون أن تتمكن الدول من زيادة الإنفاق على تطوير البنية التحتية بما يتلاءم مع هذه الزيادة في عدد السكّان، ودون أن تتمكن من التوسع في الخدمات الصحية والتربوية التي كانت تحتاج إليها هذه الأعداد المتزايدة من السكان في الأقطار العربية، خاصة في ظلّ القيود المفروضة من قبل صندوق النقد الدولي والدول الصناعية الكبرى والمصارف الدولية الكبرى الدائنة على زيادة الإنفاق العام.
المرحلة الثانية:
يمكن تحديد بداية هذه الفترة في التسعينيات من القرن الماضي بعد تفكك المعسكر الاشتراكي عام 1989-1990 واتسمت بتعميق وانتشار ما يسمى بـ " سياسات التحرّر الاقتصادي والمالي ".
وفي هذه المرحلة بالذات، دخلت البلدان العربية في اتفاقيات جماعية لتحرير التجارة الخارجية مع منظمة التجارة العالمية التي انبثقت عن قمة مراكش عام 1994 وكذلك مع الاتحاد الأوروبي الذي أسّس مسار برشلونة مع الدول العربية المتوسطية عام 1995، بالإضافة إلى إنشاء منطقة التجارة الحرّة العربية عام 1996، مما تطلّب تسريع خطى تحرير التجارة الخارجية التي كانت قد بدأت في المرحلة الأولى.
وقد تناول هذا التحرير ليس فقط إلغاء الحواجز الجمركية النوعية والكمية، بل أيضاً القيام بتخفيض متوسط الرسوم الجمركية المفروضة على الاستيراد بهدف تخفيضه تدريجياً إلى حدّ أقصى بواقع 5 % من قيمة البضائع المستوردة. كما اضطرت الدول العربية إلى منح كل التسهيلات للاستثمارات الأجنبية والامتناع عن فرض قيود عليها وتحرير عمليات إعادة تحويل الأرباح المحقّقة من قبل المستثمرين الأجانب.
وفي هاتين المرحلتين (منذ نهاية السبعينات إلى اليوم) تم احتكار اقتصاد البلدان العربية عموماً، بهذه الدرجة أو تلك، ونهبه من قبل التحالف الثلاثي البيروقراطي/الكومبرادوي/الطفيلي، وتزايدت الهوة الطبقية بصور وأشكال غير مسبوقة في تاريخ هذه البلدان الحديث والمعاصر، الأمر الذي كان طبيعياً معه أن تشعر الطبقات الكادحة بأنّها لم تعد قادرة على القبول بتراكمات معاناتها وإذلالها واستغلالها، وبالتالي وجدت في الانتفاضة الشعبية فرصتها للتخلص من هيمنة هذا التحالف ومجموعاته التي تنهب كل شئ، وتتحكم بكل سياسات الدولة وأجهزتها، وتزيد من قوة الدولة البوليسية القمعية ذات الطبيعة الريعية.
ومن جانب آخر كانت السنوات الأخيرة هي سنوات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي تمظهرت في البداية على هيئة أزمة مالية عالمية البعد، والتي لم تقتصر آثارها على الولايات المتحدة، بل هزت كل بقاع العالم بدرجات متفاوته ووصلت آثارها بشكل مباشر وصريح الى الكثير من البلدان النامية وبضمتها تلك البلدان المدللة لدى الولايات المتحدة، ولدى صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.
وما حصل في مصر وفي تونس مثلا، يؤشر وبالدليل القاطع فشل النهج اللبرالي الجديد. إذا كانت هذه الانتفاضات قد أنتجت دروسا على الصعيد السياسي، وعلى الصعيد الفكري فلها، أيضا، دروس على الصعيد الاقتصادي.
فكما معروف، كانت تونس ومصر نموذجين لتطبيقات وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولهما موقع بمنظمة التجارة العالمية، بكل ما تعنيه هذه الوصفات من تغييرات هيكلية، محورها الرئيس تصفية القطاع الحكومي واعتبار الخصخصة الرهان الوحيد الذي يجب أن ينتشر ويسود ويفرض منطقه.
ويدلل التاريخ الفعلي لهذين البلدين، وليس وحدهما، أن الليبرالية التي طبقت في هذه البلدان كانت وهمية تماماً، حيث:
- تم بيعَ القطاع الحكومي أو فُكّك حصراً لمصلحة نخبة فاسدة، ولم ينل منه القطاع الخاص المحلي كما يزعم نصيباً يذكر؛
- ولم يترتب على ما قيل إنه تحرير للاقتصاد زيادة في الإنتاجية أو تحسين للكفاءة. وعوضاً عن إطلاق آليات السوق كما زعم صقور هذا الخيار و حمائمه، أطلقت دورة تحويلات مالية مشبعة بالزبائنية والفساد؛
- ولم تراع السلطات في الحد الأدنى من متطلبات الأمن الاجتماعي حتى بالحدود الضيقة جدا التي تشجع عليها المؤسسات الدولية، بل أدارت عملية إعادة توزيع معاكسة ضخمة لمصلحة غير المنتجين ولحساب من هم في أعلى هرم السلطة (39).

اثار تطبيق " سياسات التصحيح الهيكلي " و وصفة " تحرير الاقتصاد "
خلاصة القول، إن انسحاب الدولة من القيام بدور الدولة التنموية وتحولها الى دولة ريعية، وترك تطور الاقتصاد إلي عفوية السوق والياته الطليقة، وإهمال الجوانب الاجتماعية أدى الى جملة آثار من بينها (40):
- استمرار البنية المشوهة والأحادية الجانب للاقتصاديات العربية وطابعها الريعي. فلا تزال مساهمة الصناعات الاستخراجية تستحوذ على أعلى حصة في الناتج المحلي الإجمالي، مشكلة نسبة حوالي 42.4% (عام 2008) مقارنة بـ 27.3% في عام 2001.
كما شكلت حصة الإيرادات النفطية حوالي 70% من الإيرادات المالية في الموازنات العربية بشكل عام، علما أنها تبلغ في بعض البلدان العربية النفطية اكثر من 90% من تلك الإيرادات.
ويتجلى ذلك أيضا في غياب التنوع في هذه البنية ومعاناتها من اختلال بين القطاعات الأساسية نتيجة للاتكال الكامل على عائدات تصدير النفط الخام والغاز ومعادن أخرى لتمويل الانشطة الاقتصادية الأساسية.

في ضوء المعطيات اعلاه واستنادا اليها يمكن اعتبار الاقتصادات العربية، اقتصادات مشوهة احادية الجانب وريعية وخاضعة لمتطلبات السوق الرأسمالية العالمية ومصالح القوى المهيمنة عليها. وللتدليل على عدم حدوث تغيير نوعي في بنية القاعدة الإنتاجية حسبنا أن نشير ليس فقط الى هيمنة القطاع الاستخراجي بل وأيضا الى تخلف قطاع التجارة الخارجية، إذ ما زالت الصادرات العربية تشكل ما نسبته 5.9% من الصادرات العالمية بما في ذلك النفط ومشتقاته، وفي حين شكلت الواردات العربية ما يقارب الـ 5% من الواردات العالمية.
هذا وقد انعكس التراجع الحاد في تدفقات التجارة العالمية في اعقاب اندلاع الازمة المالية العالمية في 2008 على التجارة الخارجية العربية. فقد تراجعت الصادرات الاجمالية للدول العربية بصورة حادة في 2009 حيث بلغت قيمتها حوالي 726 مليار دولار مقارنة مع نحو 1.068 مليار دولار في عام 2008، أي بانخفاض قدره 32%، في المتوسط، وادى ذلك الى تراجع حصة الصادرات العربية من الصادرات العالمية من 6.7% في عام 2008 الى 5.9% في عام 2009.
وبالمقابل سجل تراجع الواردات الاجمالية العربية وان بنسبة اقل من تراجع الصادرات الإجمالية أي من 705 مليار دولار في عام 2008 الى 603 مليار دولار في عام 2009 (بانخفاض نسبته 14.4% في المتوسط).
- بطء وتائر النمو الاقتصادي بل وتواضعها، واقترن ذلك بتدهور الإنتاج الصناعي والزراعي من ناحية ونمو القطاعات الخدمية والسياحية والعقارية من ناحية أخري. و تشير المعطيات الإحصائية المتوفرة الى أن معدل النمو الاقتصادي خلال العقدين الأخيرين لم يتجاوز 2%، بينما يبلغ معدل التضخم 3% سنويا. في حين بلغ عدد سكان العالم العربي ما يقارب (351.9) مليون نسمة (عام 2010) بعد ان كان (219) مليون نسمة عام 1990. وتعد معدلات نمو السكان على مستوى العالم العربي من أعلى المعدلات بين الأقاليم الرئيسية في العالم (عدا إفريقيا جنوب الصحراء) حيث بلغ متوسط معدل النمو السنوي خلال الفترة 2000-2010 حوالي 2.38%. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان الدول العربية الى 395 مليون نسمة بحلول العام 2015. وبالمقابل، فإن إجمالي الناتج القومي للبلدان العربية مجتمعة لا يتجاوز 1.887 تريليون دولار وهو لا يمثل سوي جزء ضئيل من الناتج العالمي. هذا مع العلم ان الزيادة في أسعار النفط كانت السبب الرئيسي في الزيادة التي شهدها الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية التي ارتفع من 74.6 مليار عام 1974 الى 502.6 مليار في عام 2010.
- تعاظم استقطاب الدخل والثروة خلال هذه المرحلة الأمر الذي يؤكد مجددا أن هذا النمط من " التطور الرث " يعيد إنتاج الاستقطاب الاجتماعي ويفاقم الثروة من جهة والفقر من جهة أخرى، وبالتالي تفاقم التفاوت الاجتماعي، الطبقي والمناطقي وإهدار العدالة الاجتماعية، وخاصة في مجال إعادة توزيع الدخل والثروة بين الطبقات الاجتماعية وبين المناطق "الجهوية" داخل كل بلد عربي. لقد أسفر هذه كله في واقع الحال عن "تآكل القاعدة الاجتماعية" وتعرض الجماهير الشعبية الفقيرة لمزيد من الحرمان والإفقار والتهميش.
لقد أدى هذا الاستقطاب إلى ظهور أمراض اقتصادية متنوعة من بينها تنامي الفساد وانتشاره ليتحول الى مؤسسة. فمثل هذا النوع من الاقتصاديات يعتبر بيئة خصبة للفساد المالي والإداري نتيجة لما تفرزه السياسات التي تتبعها الأنظمة وما ينجم عنها من نظم اقتصادية.
ومن المفيد التذكير هنا بأنّ الاحتقانات الاجتماعية التي بدأت منذ عقد ونيف، تسارعت في أواسطه، لتأتي الأزمة "المالية" العالمية مكمّلة على عوامل الانفجار الاجتماعي. فقد عززت هذه الازمة النهب الذي يمارس على شعوب البلدان النامية، فعمّقت أزمة المديونية، وفرضت على النظم الحاكمة الميل إلى زيادة الضرائب لسد عجز الميزانيات، ومالت إلى التسريح عن العمل. كذلك نفّذ القطاع الخاص نتيجة أزمته عملية تسريح كبيرة، وسدّت الدولة إمكانية التوظيف، وخصوصاً لحاملي الشهادات، مع زيادة هامشية في الأجور لا تجاري التضخم أبداً.
- تفاقم أزمة البطالة بشكل عام حيث فحسب تقرير لمنظمة العمل العربية قدّرت نسبة البطالة في الدول العربية بـ 7.2% في عام 1993(أي 10 مليون شخص يبحثون عن عمل) من إجمالي قوة العمل البالغة حينذاك حوالي 73.0 مليون عامل، وتزايدت هذه النسبة سنويا ليصل عدد العاطلين عن العمل في البلاد العربية عام 2010 إلى 21.9 مليون عاطل (يشكلون حوالي 15% من القوى العاملة). ولهذا وصفت العديد من المنظمات المتخصصة ومنها منظمة العمل العربية، الوضع الراهن للبطالة في الدول العربية بأنه "الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع ". وما يزيد من وطأة المشكلة هو أن هناك ما يقرب من 5 ملايين عامل يدخلون سوق العمل سنويًا، فيما يقدر حجم الأموال اللازمة لتوفير وظائف لهم بما يزيد على 20 مليار دولار سنويًا. وبافتراض استمرار الأيدي العاملة في البلدان العربية في النمو بنفس المعدل فإنه من المقدر أن تبلغ قوة العمل في اجمالي البلدان العربية العربية نحو نحو 155 مليون في 2015؛ وهو ما يعني أنه على الدول العربية توفير نحو 60 مليون فرصة عمل لاستيعاب الباحثين عن العمل والداخلين الجدد، ويرتفع هذا الرقم ليبلغ نحو 105 ملايين في عام 2020.
وما يجعل هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، هو أن 60% تقريبا من سكانها هم دون سن الخامسة والعشرين. ويقدر عدد الشباب العاطلين عن العمل في هذه البلدان بنحو 14 مليون شخص.
ومن المفيد الاشارة هنا البطالة عند العنصر الشاب المتخرّج في الجامعات تتنامى بأعداد متزايدة سواء بسبب المعدّلات العالية للنمو السكاني أو بسبب سياسات توسيع المؤسسات التربوية والجامعية في الفترات السابقة لاستيعاب زيادة عدد الطلاب. وهذه الظاهرة الخطيرة أصبحت تغذّي التململ الاجتماعي العام وتشجّع انطواء العنصر الشاب على هويات مذهبية أو دينية ضيّقة بحثاً عن تعويض معنوي ونفسي أمام تدهور الأوضاع الاجتماعية.
- سيادة منطق النهب الذي شجعه التحالف الطفيلي/البيروقراطي/الكومبرادوري الرأسمالي التابع، ويتمثل هذا المنطق في: سيطرة المافيات في ظل غياب أو تغييب أية ضوابط للحد من هذه الظاهرة.
في هذه الفترة (منذ نهاية السبعينات إلى اليوم) (بمرحلتيها المشار اليهما اعلاه) تم احتكار الاقتصاد العربي عموماً، ونهبه من قبل التحالف المشار اليه اعلاه، وتزايدت الهوة الطبقية بصور وأشكال غير مسبوقة في تاريخ البلدان العربية الحديث والمعاصر، حيث أصبح أقل من 10% من السكان يتحكمون بأكثر من 70% من الدخل، الأمر الذي كان طبيعياً معه أن تشعر الطبقات والفئات الكادحة بأنّها لم تعد قادرة على القبول بتراكمات معاناتها وإذلالها واستغلالها، وبالتالي وجدت في الانتفاضة الشعبية فرصتها للاطاحة بهيمنة الائتلاف المذكور ومجموعاته التي تنهب كل شيء وتتحكم بكل سياسات الدولة وأجهزتها، وتزيد من قوة الدولة الريعية التسلطية.
والخلاصة انه وبعد مرحلة "التحرير الاقتصادي" الشكلي و"الانفتاح السياسي المحدود" حدث التالي:
- خرجت الدولة العربية أكثر تسلطا عما كانت عليه، بحيث تغولت على المجتمع.
- ترعرعت مصالح الفئات البيروقراطية – الكمبرادورية - الطفيلية في ظل آليات الخصخصة والانفتاح الاقتصادي؛
- انفتح الباب على مصراعيه لسيطرة رأس المال الطفيلي والمضارب والكومبرادوري؛
واستشرت ظاهرة الثراء المفاجئ غير المشروع؛
- تضخمت ظاهرة الفساد بكل أنواعه في السياسية والاقتصاد والإدارة والعلاقات الاجتماعية، بحيث اصبح الحديث لا يدور عن حالات محدودة بل عن مؤسسة اسمها مؤسسة الفساد.

لقد أثبتت التطورات الفعلية أن هامش " الانفتاح السياسي " في بعض الدول العربية، والذي وصفه البعض بـ "الإصلاح الليبرالي" لم يكن سوى "إدارة لتناقضات المجتمع السياسي"، ولم تفقد أي نخبة حاكمة سيطرتها على السلطة، ولم تتغير إلا قواعد وأساليب ممارسة هذه السلطة.
وفي هذا الإطار، وقفت حدود الديمقراطية عند مشهد فرز الأصوات الانتخابية بعد تزويرها لتتحول إلى " مجرد تقنية لإبقاء الاستبداد وعدم المساس به "، أو كما يسميها البعض مجرد التغيير في آليات الفن الاستبدادي، والانتقال من القهر السلطوي دفعة واحدة إلى القهر على دفعات أو مراحل غير مباشرة. فقد وجدت النخب الحاكمة والتحالفات الاجتماعية المتضامنة معها "الزبائنية" أنه ليس من مصلحتها إجراء تحولات ديمقراطية طالما أن مؤسسات الحكم لا تنفصل عن آليات توزيع العوائد المالية.

السياسة الامريكية تجاه الانتفاضات الشعبية
الصراع بين المصالح والمبادئ: احتواء الحراك والانتفاضات

من المفيد الاشارة الى ان الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء جمهورية كانت أو ديمقراطية، حافظت على مجموعة ثابتة من الأهداف الإستراتيجية فى المنطقة العربية، واعتمدت فى سبيل تحقيق ذلك على عدة وسائل وآليات، من أهمها توفير الدعم لنظم سياسية تؤيد السياسات الأمريكية، وذلك بغض النظر عن درجة شرعية هذه الأنظمة أو مستوى شعبيتها.
وقد مثلت الانتفاضات التى تشهدها العديد من الدول العربية في اوائل 2011 صدمة للولايات المتحدة، وذلك لـ "فجائية" هذه الانتفاضات وعدم القدرة على توقعها بهذه السرعة والاتساع. ولهذا لم يكن مستغربا وصف (نيكولاس بيرنز)، نائب وزير الخارجية الأسبق، ما تشهده المنطقة العربية في الفترة الاخيرة على أنه زلزال كبير، يراه الأهم منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، ونصح الإدارة ــ إدارة الرئيس بارك أوباما ــ بأن تعيد حساباتها بصورة كاملة بما يتواءم مع هذه التغيرات الجارية.

من المعلوم انه ومن الناحية التاريخية تاريخيا تشكلت وتشابكت المصالح الإستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط حول مجموعة من الأهداف شبه الثابتة، وأقرت وثيقة "إستراتيجية الأمن القومى" التى صدرت من البيت الأبيض فى شهر مايو 2010 ــ فى الجزء الخاص بالشرق الأوسط تحت عنوان "تدعيم السلام والأمن والتعاون فى الشرق الأوسط الكبير" ــ هذه الأهداف، والتى كان من بينها:

● استمرار تدفق النفط.

● العمل على حل صراع الشرق الأوسط بما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة بجوار إسرائيل.

● التعاون فى مجال مواجهة الإرهاب.

● دفع إيران بعيدا عن السعى لاقتناء أسلحة نووية ودعم الإرهاب الدولى.


التناقض بين صراع المصالح والمبادئ

تمتاز مواقف الولايات المتحدة بالازدواجية وتناقض المواقف، فمن ناحية كانت تدعي دعمها للحريات والديمقراطية إلا أنها فى الواقع كانت تدعم حكومات ديكتاتورية كما هى الحال بالنسبة لمصر وتونس وغيرهما من الدول العربية.

وقد حاولت إدارة الرئيس السابق جورج بوش الضغط على بعض الأنظمة العربية من أجل إحداث "إصلاح ديمقراطى" بعد أن أعلنت هذه الإدارة "أن غياب الديمقراطية عن الشعوب العربية هو سبب تفريخ الإرهابيين"، وأكدت (كونداليزا رايس)، وزيرة الخارجية السابقة ومستشارة الأمن القومى، مرارا أن الولايات المتحدة كانت تختار دعم الاستبداد من أجل تحقيق الاستقرار إلا أنها لم تحصل عليه، لذا رأت إدارة بوش أن حصول العرب على الديمقراطية كفيل بحماية أمنها الوطنى، إلا أن فوز قوى إسلامية فى انتخابات فلسطين ومصر ولبنان والعراق أدى لتراجع واشنطن عن المناداة بالديمقراطية بصيغتها "المعربة".

ولم تمثل إدارة أوباما أى استثناء عما سبقها غير أنها تغلف موقفها بمزيد من الدبلوماسية العامة، فمن ناحية، تعلن أنها تؤيد مطالب المنتفضين فى الديمقراطية لكنها من ناحية ثانية لم تخاطر بعلاقاتها القوية مع نظم الحكم الاستبدادية فى الدول العربية. وبالملموس، اتبع أوباما بوضوح هذا النمط فى حالتى تونس ومصر، فرغم مطالب الكثيرين من أوباما بأن يتخلى عن تحالفه مع النظام المصرى في عهد مبارك من أجل تحالف جديد مع الشعب المصرى، إلا أن إدارته انتظرت حتى تيقنت من رحيل مبارك، قبل أن تعلن "وقوفها مع مطالب الشعب المصرى"، والحال نفسه تكرر قبلا مع نظام بن على.

غير أن اتساع نطاق الانتفاضات الشعبية وامتدادها لليمن والبحرين وسوريا وليبيا، أجبر واشنطن على ضرورة إعادة النظر فى موقفها، خاصة بعدما امتدت هذه الانتفاضات والاحتجاجات إلى دول حليفة ومهمة مثل البحرين التى تحتضن الأسطول الخامس الأمريكى، واليمن باعتبار نظام على عبدالله صالح حليفا لها فى محاربة الإرهاب.

عندما اندلعت الانتفاضات كان هناك صمت مريب للولايات المتحدة التي دعمت بكلّ قواها العديد من الانظمة الدكتاتورية والقمعية، حيال ما يجري. فقد بدت إدارة أوباما في تعاملها مع الاحداث مضطربة وغير مرتكزة على استراتيجية واضحة، كغيرها من القضايا الدولية الأخرى.
فمثلا في مصر، بيّن مسار الاحداث هناك انه لم تكن عند اوباما استراتجية لمواجهة تطورات داخلية في بلد حليف محوري بالاقليم، حيث تخبط وجرى وراء الأحداث. ويشير بعض الباحثين (41) الى ان اوباما لهث راكضاً وراء ثلاث سياسات متناقضة في سبعة عشر يوماً:
- بقاء مبارك مع تجميلات على النظام؛
- خلافة عمر سليمان لمبارك مع تنحي الأخير؛
- ثنائية العسكر والإخوان.

وللتاكيد على الملاحظة أعلاه، نشير الى أن (مركز الأمن الأميركي الجديد) اصدر تقريرا في 19 مايو/ أيار 2011 بعنوان "ثورة: السياسة الأميركية تجاه إيران في شرق أوسط متغيّر" (42). ووفقا للتقرير فما زال من المبكر جدا التكهّن بنتائج الثورات التي تعصف بالعالم العربي، وما سينجم عنها، وما إذا كانت ستؤدي إلى ديمقراطية في الدول التي تغير نظامها، وإذا ما كانت الأنظمة الأخرى ستنجو أم أنّ الثورات ستنتشر، لكنّ الأكيد – كما يقول التقرير- أنّ الولايات المتحدة ستستمر بالحفاظ على مصالحها الحيوية في المنطقة والمتمثّلة بـ: تدفق النفط، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وأمن إسرائيل!
ولهذا وعند تحليل ردات الفعل والسياسات الأميركية واولوية الامن، لابد من التفريق بين الأماكن الساخنة وتلك التي تكون فيها المعارضات ضعيفة أو بدائية (43).
ففي منطقة النفط والقواعد الأميركية، ظل الهمّ الأول هو الحفاظ على الانظمة الريعية في دول الخليج حيث يجري التعامل مع أي حراك في هذه المنطقة باعتماد الوسائل العنيفة: دعم التدخل العسكري الخليجي في البحرين، والأطلسي في ليبيا. أمّا في اليمن، المشمول بالمنطقة النفطية، فإن المبادرة الخليجية المدعومة أميركياً، وقفت طويلا على الحدود بين تأمين تنحي علي عبد اللَّـه صالح ونجاح الدبلوماسية الأميركية في أن تؤدي دور الوسيط بين المعارضة متمثلة في أحزاب "اللقاء المشترك" وبين علي عبد اللَّـه صالح، الأمر الذي تناقلته وسائل الإعلام بصراحة في نهاية آذار/ مارس 2011، مظهرة أن السفير الأميركي (جيرالد فايرستاين) استمر في لقاء قوى المعارضة في صنعاء ناشطاً في صوغ مطالب المعارضة الرسمية بشأن نقل الصلاحيات إلى نائب الرئيس، وذلك على حساب المطالب الجذرية للشباب الثائر.
أمّا في مصر، فجرت محاولة الالتفاف على خسارة حسني مبارك بالاتكال على الجيش، وبفتح قنوات الحوار مع تنظيم الإخوان المسلمين. وليس مستغرباً أن تكثر الإشارات إلى استلهام التجربة التركية، ما دام "الإخوان" يثيرون الاهتمام الأميركي ليس فقط لأنهم يلبون مواصفات "الاعتدال"، بل لاعتمادهم نظاماً اقتصادياً يلتقي والنيوليبرالية في غير وجه أساسي، ولتوجهاتهم المحافظة سياسياً واجتماعياً.

واظهر الحراك الاجتماعي والانتفاضات الشعبية حالة الانكفاء الامريكي النسبي، وفرضت تلك الانتفاضات على الولايات المتحدة – في ظل هذه الحالة – ان تعيد النظر في ادوات سياساتها الخارجية في الشرق الاوسط وتغير استراتيجيتها، على مستوى الشكل طبعا، مستخدمة ادوات " القوة الناعمة "، والتي تمظهرت في محاولة الادارة الامريكية تجنب التصادم مع اتجاهات الراي العام في البلدان العربية والتعاطي معه بايجابية، وخاصة فيما يتعلق بالتقاطعات مع الحركات الاسلامية التي اوصلتها صناديق الاقتراع الى الحكم في عدد من البلدان العربية، ومحاولة احتواء نتائج توسعها.

على هذه الخلفية، يمكن تصنيف الإستراتيجية الأمريكية من الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية إلى عدة فئات (44):

الفئة الأولى: موجهة أساسا إلى مصر وتونس، حيث نجحت "الثورتان" هناك بطرق سلمية، رغم وقوع بعض الضحايا، وتم تفكيك النظم الحاكمة، والبدء فى اتخاذ خطوات تجاه بناء دولة ومجتمع ومؤسسات ديمقراطية، ففى هذه الحالة حاولت الولايات المتحدة من جهة دعم بناء الديمقراطية الناشئة فيهما، ومن جهة المحافظة على نفوذها التقليدى هناك، إلا أن أهم ما يميز أهداف واشنطن هو احتواء هذه النظم الوليدة، وعدم السماح بتغيير كبير فى السياسات، والاكتفاء بتغيير بعض رموز نظم الحكم.

الفئة الثانية: موجهة لليبيا واليمن، إذ أقرت واشنطن فيهما بضرورة تغيير النظام بعدما بدا لها "أن حاكمى الدولتين معمر القذافى وعلى عبدالله صالح قاما بعمليات عنف منظم وغير مبرر ضد شعبيهما"، وأن بقاءهما أصبح جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل؛ فتدخلت واشنطن عسكريا ضد القذافى وضغطت ونسقت مع بعض البلدان العربية من أجل تنحى عبدالله صالح.

الفئة الثالثة: دول لا تزال واشنطن تأمل فى الإبقاء على نظم الحكم فيها مع إدخال بعض الإصلاحات الضرورية، ومن هذه الدول: البحرين والمغرب والأردن، وركزت واشنطن فى حديثها مع هذه الدول على أهمية التعامل بجدية مع الإصلاحات، وتجنب نشوب صراعات ونزاعات داخلية حادة.

وبقيت سوريا، فعمدت واشنطن الى التعامل مع الاحتجاجات الشعبية هناك على عدم المطالبة برحيل نظام بشار الأسد فى المرحلة الأولى والاكتفاء فقط بإدانة استخدام العنف، والتأكيد على حق السوريين فى التظاهر السلمى، مع انتظار تبدل موازين القوى بين السلطة والمحتجين. وظهر التردد الكبير في الموقف من النظام السوري على اعتبار أن لا بديل واضحاً له من تأمين هدوء الجبهة الشمالية مع فلسطين المحتلة وضبط "حزب اللـه" في لبنان. بعد 18 آذار 2011 كانت تعاطي الولايات المتحدة مع الأزمة السورية أقرب إلى اللاسياسة حيث حولت ادارتها الى " مقاولين ثانويين"، فقد تركت أنقرة ــ باريس ــ الدوحة تدير الملف، قبل أن توكله إلى الرياض لكي تنوب عن الغرب الأميركي ــ الأوروبي والخليج. كما دعمت الدبلوماسية الأميركية الدور التركي في الأزمة السورية على أمل رعايته تسوية "إصلاحية" بين النظام والتيار الإسلامي، لكن عندما تعثر الدور التركي، إزاء شدة الانتقادات التي وجهتها القيادة التركية إلى النظام الحاكم في سوريا، تزايد إغراء الدور الأميركي المباشر او عبر بعض الدول الخليجية او " غضت النظر" عند تدفق القوى الاسلاموية المتطرفة من الخارج.

بعد اكثر من عامين ونصف على اندلاع الانتفاضات الشعبية يمكننا تلمس العنصر الاهم في الاستراتيجية الامريكية تجاه الحراك والانتفاضات الشعبية التي شهدتها العديد من البلدان العربية والمتمثل في احتواء هذه الانتفاضات ومنع تجذرها وعدم السماح لها بالتطور لدرجة تصبح مهددة للمصالح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة. والتكتيكات التي اتبعتها الادارة الامريكية خلال الفترة الماضية تدلل على ذلك.
عندما بدأت «القصّة» في تونس، لم تكن معالم التدخّل الامريكي في الانتفاضات العربية قد تبلورت بعد. لكن ذلك الانطباع الأولي لم يلبث أن تغيّر مع مرور الوقت، وانكشاف رغبة الأميركيين، ومن ورائهم أوروبا، في تحجيم الانتفاضة هناك، وإبقائها عند حدود معينة.

معنى ذلك أنّنا إزاء عملية معقّدة ستستغرق وقتاً طويلاً حتى تأخذ مداها. وفي الأثناء، تتواصل دينامية عكسية، هي دينامية إنهاك الكتل الجماهيرية المترددة، بحيث ينأى بها تماماً عن الرغبة في إحداث قطيعة جذرية مع المرحلة السابقة. وقد حدث ذلك الأمر فعلاً في مصر وتونس، إذ بدأنا نسمع أصواتاً تتهم النواة الصلبة للحركة الاحتجاجية في البلدين، بالمسؤولية عن حال «الجمود» الحاصلة اليوم. هنا تحديداً لا يعود مهماً من يقول ذلك، «فلول النظام» أم قوى الثورة المضادة.
ربّما كان التأخّر في حسم الصراع في كل من اليمن وليبيا قد انعكس على سرعة توسّع الانتفاضات، لكنّ الأهمّ هنا، هو أنّ هذا الزمن من التعثّر أو التطوّر البطيء للانتفاضات، وتوقّفه في بعض البلدان، أو عدم توسعه في أخرى، سمح للولايات المتحدة بأن تعيد صياغة استراتيجيتها لتضمن بقاء بنى النظم، على المستوى الاقتصادي وعلى صعيد الارتباط بسياساتها، دون أن تتجاهل «ضرورة تجديدها» كي تمتص جزءاً من الأزمة المجتمعية (45).

*************
إن نظرة فاحصة ومتأنية الى التحولات الأساسية التي شهدتها الاستراتيجية الأمريكية في مختلف دوائرها: العسكرية والاقتصادية والسياسية والأمنية ... الخ، والمشهد العام لخريطة الانتشار الأمريكي في العالم بعد 11 أيلول والأهداف المعلنة وغير المعلنة التي تحققت أو في طريقها للتحقيق من خلاله، فان عبارة "الحرب على الإرهاب" تبدو الأكثر قبولا وربما المدخل الألطف لبسط الهيمنة الأمريكية على العالم وتمددها سواء بنشر أساطيلها أو حاملات طائراتها، أو إقامة قواعد عسكرية جديدة، أو نشر جنودها "خدمة" للدول المضيفة، أو تلويحها الدائم بحمل رسالتها لـ "نشر الديمقراطية" على الصعيد العالمي. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن القضية في جوهرها لا تدور حول " الحرب العالمية على الإرهاب " على أهمية ذلك رغم مطاطية المفهوم ذاته، ولا حول رسالتها لـ "نشر الديمقراطية" عالميا فقط. الجوهر – بلغة الاستراتيجية – يكمن في خلق الآليات الكفيلة بتحقيق الهيمنة الأمريكية على العالم وإعادة إنتاجها في أحسن الظروف وافضل الشروط ومن دون أية " منغصات " تبطل " الفرحة " بحلول العصر الأمريكي PAX AMERICANA، أي خلق الأرضية للانتقال الى مرحلة جديدة يتم فيها تنميط الجميع وفقا لمقاسات المنتصرين في الحروب المكشوفة، أو في " حرب الأشباح " أيضا؟. و منذ سقوط العاصمة الافغانية كابول وازاحة " جمهورية طالبان" في نوفمبر 2001 بات من الواضح أن الادارات الامريكية المتعاقبة تستغل "الحرب على الإرهاب" لتبرير استراتيجية أكثر عدوانية، وهي نشر القوة العسكرية للقضاء على بعض التهديدات وتخويف الباقين كلهم.
قبل ما يقارب القرن والنصف قال الاستراتيجي الألماني الكبير (كلاوزفيتز)، في مسعاه لصياغة تعريف دقيق للإستراتيجية، بأن " الأهداف السياسية هي النهاية، والحرب هي الوسيلة ". وما حدث في أفغانستان والعراق وبلدان اخرى ليس استثناء عن هذه القاعدة، على أية حال.


الهوامش:

(1) قارن: معتز سلامة، إستراتيجية الأمن القومى الأمريكية 2010. متاح على الانترنيت على الرابط التالي:http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=657085&eid=2920
(2) هناك من أطلق على الفترة التي تلت 11 أيلول/سبتمبر 2001 " عصر الرعب "، لمزيد من التفاصيل انظر:
Talbott Storbe and Chanada Nayan: Age of terror: America and the World After September 11, New York: Basic Books. 2001.
كذلك: د. السيد ولد أباه، عالم ما بعد 11 سبتمبر 2001، بيروت، الدار العربية للعلوم، ط1، 2004.
(3) (مشروع القرن الأمريكي الجديد Project for the New American Century) ويشار اليه اختصارا PANC كان بيت خبرة امريكي مقره العاصمة الامريكية واشنطن تأسس في 1997 كمنظمة تعليمية غير ربحية من قبل وليام كريستول وروبرت كايغان. يتمثل الهدف المعلن للمركز في "تطوير القيادة الأمريكية للعالم" . يعتقد منظرو المشروع أن "القيادة الأمريكية جيدة لكل من أمريكا والعالم" وكانوا يدعمون "سياسة ريغانية تقوم على القوة العسكرية والكفاءة الأخلاقي". وبما أن أعضاءه تقلدوا مناصب إدارية أساسية، فإنهم أثروا في مسؤولين أمريكيين كبار في إدارة الرئيس الامريكي (جورج دبليو بوش) وأثروا في تطوير إدارته للسياسات العسكرية والخارجية. ومن المعلوم ان المشروع المذكور اضطلعت به مجموعة اليمين الجديد (المحافظون الجدد) في العام 1996، والذي صاغته مجموعة متشددة من مفكرين واستراتيجيين أمريكيين برعاية معهد المبادرة الأمريكية ومعهد هدسون، وقُدم للرئيس الأمريكي الاسبق (بيل كلينتون) عام 1997 والذي رفض الالتفات إليه. النص الاصلي (90 صفحة) لهذه الوثيقة متاح على الإنترنت على الرابط التالي: (www.newamericancentury.org).
(4) لمزيد من التفاصيل قارن (لموند ديبلوماتيك) عدد تموز/2001 .
(5) سبق وان تناولتُ الإستراتيجية الجديدة في عدة دراسات، انظر على سبيل المثال: صالح ياسر، بعض معالم الإستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001. موقع الحوار المتمدن، تاريخ النشر 12/9/2002 ؛ كذلك: د. صالح ياسر، ملاحظات مكثفة حول نظرية " الفوضى البناءة "، " طريق الشعب "، العدد 5 السنة 71، 11 آب 2005 ؛ كذلك: د. صالح ياسر، بعض معالم التحولات في التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001، دراسة في أربع حلقات نشرت في " طريق الشعب " (بدأ من العدد 26 بتاريخ 12/9/2007 ثم في 13/9 و 16/9 و 17/9/2007).
(6) قارن اللوموند ديبلوماتيك العدد 9/2002.
(7) لمزيد من التفاصيل قارن: د.صالح ياسر، تحليل : «اعادة تقييم الوضع النووي» - بالون إختبار أم عقيدة نووية جديدة لمعاقبة " المارقين " ؟ " الحوار المتمدن"العدد 113، بتاريخ 26/4/2002. متاح على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=1230.
(8) لمزيد من التفاصيل انظر: د. صالح ياسر، الإستراتيجية الدفاعية الأميركية الجديدة: رهانات على حـروب غيـر نظامية !، " طريق الشعب"، عدد 14/8/2008.
(9) سبق وان عالجت الازمة الغذائية العالمية بشكل مفصل في عمل اخر. لمزيد من التفاصيل انظر: د.صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للازمات الاقتصادية في النسق الراسمالي العالمي – محاولة في فهم الجذور (خصوصا الفصل السابع)، دار الرواد المزدهرة، بغداد 2011، ص 278 ولاحقا.
(10) لمزيد من التفاصيل قارن: دينا عمار، شبكات نقل الطاقة من بحر قزوين.. مسارات متنافسة، موقع الأهرام، إبريل/نيسان 2010. متاح على الانترنيت على الرابط التالي:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=149422&eid=584
كذلك: جانا بوريسوفنا، بحر قزوين والخلافات حول ثرواته، موقع البيان، يوليو/تموز 2011. متاح على الانترنيت على الرابط التالي:
http://www.albayan.ae/opinions/articles/-1.1476032
(11) لمزيد من التفاصيل حول هذا الخط واثاره قارن: شريف شعبان مبروك، ايران .. والحصار الأمريكى فى آسيا الوسطى فى ضوء تدشين مشروع خط أنابيب نفط (باكو - تبليسى – جيهان)، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية. متاح على الانترنيت على الرابط التالي: http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/C2RN116.HTM

(12) لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة قارن: رمزي زكي، التاريخ النقدي للتخلف: دراسة في اثر نظام النقد الدولي على التكوّن التاريخي للتخلف في دول العالم الثالث، عالم المعرفة، سلسلة يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، (118) أكتوبر/1987.
(13) لمزيد من التفاصيل حول هذه القضية قارن: صالح ياسر حسن، خصوصيات تمايز رأسمالية " الأطراف " ضمن تطور المنظومة الرأسمالية العالمية، " جدل" – كتاب العلوم الاجتماعية – الطبعة الأولى، آب/1991.
(14) لمزيد من التفاصيل حول اشكالية التبادل اللامتكافئ انظر: د.صالح ياسر حسن، العلاقات الاقتصادية الدولية. الابستومولوجيا – الانطولوجيا – الاكسيولوجيا، مطبعة دار الرواد المزدهرة، بغداد، 2006.
(15) تناولت بالتفصيل وصفة صندوق النقد الدولي في اكثر من دراسة. للمزيد من التفاصيل يمكن العودة الى: د.صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للازمات الاقتصادية في النسق الراسمالي العالمي – محاولة في فهم الجذور..، مصدر سابق ؛ كذلك: صالح ياسر حسن. ”اقتصاد السوق – الخصخصة – الدولة. بين أوهام الخطاب الليبرالي الجديد وحقائق الواقع. ””الثقافة الجديدة ": العدد 262/1995.
(16) قارن: د. صالح ياسر: ملاحظات مكثفة حول نظرية " الفوضى البناءة "، " طريق الشعب "، العدد 5 السنة 71، 11 آب 2005.
(17) لمزيد من التفاصيل حول تطور الفكر المحافظ الأمريكي، انظر على سبيل المثال لا الحصر:
Charles W. Dunn and J. David Woodward, The Conservative Traditions in America, Lahman: Maryland, Rowman & Littlefield Publishers, 1996.
(18) انظر " الأهرام " المصرية عدد 20/7/2005.
(19) المكارثّية (McCarthyism) اتجاه سياسي رجعي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950 وكان يهدف إلى تشديد الرقابة على الشيوعيين الذين يعملون في الدولة. وهي الممارسة التي تقوم على اتهام الناس بوجود صلة تربطهم بالمنظمات الشيوعية دون اثباتات كافية تدعم الادعاء. وينسب هذا الاتجاه الى جوزيف مكارثي (1908 – 1967) وهو سناتور جمهوري عن ولاية وسكنسن الأمريكية . وكان مكارثي رئيسا لإحدى اللجان الفرعية بالمجلس (الجنة الفرعية الدائمة للتحقيق)، و اتهم عددا من موظفي الحكومة و بخاصة في وزارة الخارجية، و قاد إلى حبس بعضهم بتهمة أنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفياتي. وأدّت نشاطاته إلى خلق "قوائم سوداء" وتم القضاء على الحياة المهنية للعديد من الناس، و قد تبين فيما بعد أن معظم اتهاماته كانت على غير أساس. و أصدر المجلس في عام 1954 قرارا بتوجيه اللوم عليه. علما ان هذا المصطلح (المكارثية) يستخدم للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجة ضد المثقفين.
(20) لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة قارن د. محمد مصطفى كمال، أحداث 11 سبتمبر والأمن القومي الأمريكي. مراجعة للأجهزة والسياسات،" السياسة الدولية"، العدد 147، يناير/2002.
(21) قارن: معتز سلامة، إستراتيجية الأمن القومى الأمريكية 2010...، مصدر سبق ذكره.
(22) لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة قارن: عمرو عبد العاطى، الأحادية الأمريكية بين الاستمرارية والزوال، " السياسة الدولية " عدد 173، يوليو 2008.
(23) بعد ثلاثة اشهر من الاحتلال تناولت بالتفصيل هذا المشروع في دراسة نشرت ضمن ملحق خاص لـ (طريق الشعب)/تموز 2003. انظر: " عملية رفاهية العراق " بين الصخب الاديولوجي وحقائق الواقع الصارمة. ملاحظات أولية حول المشروع الاقتصادي لسلطة الاحتلال. "طريق الشعب"، العدد 22/السنة 68، 20-26/تموز 2003، الملحق الاقتصادي للعدد ذاته.
كما نشرت لاحقا دراسة اخرى حول المشروع، ولمزيد من التفاصيل انظر : د.صالح ياسر، المشروع الاقتصادي لسلطة الاحتلال ـ الجذور والمرجعيات والاهداف الفعلية، " الثقافة الجديدة"، العدد 324/2008، ص 7 ولاحقا.
(24) عالجت ذلك بالتفصيل في عمل اخر. لمزيد من التفاصيل قارن: د.صالح ياسر، عشر سنوات على سقوط النظام الدكتاتوري - تطور موقف الحزب الشيوعي العراقي من خيار الحرب والاحتلال ونتائجهما. دراسة من عشر حلقات نشرت في جريدة (طريق الشعب) خلال الفترة اذار – نيسان/2013
(25) لمزيد من التفاصيل حول هذا التقرير انظر: د.صالح ياسر، قراءة هادئة في نص ساخن. ملاحظات حول تقرير بيكر – هاملتون،" الثقافة الجديدة " ، العدد 320/2007.
كما يمكن الاطلاع على النص الكامل للتوصات الواردة في تقرير بيكر - هاملتون على الرابط التالي: http://pdpinfo.org/spip.php?article4370

(26) لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة قارن: نبيل نايلي، التحولات في العقيدة العسكرية الأميركية: من الصدمة والترويع إلى دليل مكافحة التمرّد. متاح على الانترنيت على الرابط التالي:
http://www.taqadoumiya.net/2012/07/07/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9%D8%8C-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85/

(27) لمزيد من التفاصيل حول " عقيدة بتريوس"، انظر الرابط التالي: http://www.scribd.com/doc/23551326/US-Army-Counterinsurgency-Field-Manual.
(28) قارن: The Gamble: General David Petraeus and the American Military Adventure in Iraq, 2006-2008.
(29) ورد عند: مصطفى شفيق علام، تغير السياسات في الفكر الاستراتيجي.. الأنماط والمحددات، متاح على الانترنيت على الرابط النالي:
http://www.arab-center.org/index.php?option=com_content&view=article&id=150:alam-5&catid=41:analysis-articles&Itemid=79
(30) لمزيد من التفاصيل حول هذه النظريات قارن: د.عدنان السيد حسين، نظرية العلاقات الدولية، الطبعة الثالثة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 2010.
(31) لمزيد من التفاصيل حول هذه الازمة وتداعياتها انظر: د.صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للازمات الاقتصادية في النسق الراسمالي العالمي – محاولة في فهم الجذور، دار الرواد المزدهرة، بغداد 2011.
(32) للإطلاع على نص الوثيقة الرسمية للإستراتيجية الأمريكية الجديدة، انظر الرابط التالي: http://www.defense.gov/news/Defense_Strategic_Guidance.pdf
(33) لمزيد من التفاصيل حول هذه السجالات ووجهات النظر المتباينة قارن، معتز سلامة، إستراتيجية الأمن القومى الأمريكية 2010...، مصدر سبق ذكره.
.
(34) لمزيد من التفاصيل قارن: تقرير: الإستراتيجية العسكرية الأمريكية بين مزدوجي المهارشة والقدرة المكتسبة. اعداد: د.مهند العزاوي، متاح على الانترنيت على الرابط التالي:
http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=201&a=115950
(35) قارن: نبيل نايلي، الإستراتيجية الدفاعية الأمريكية الجديدة: الملامح والأبعاد والانعكاسات؟ متاح على الرابط التالي:http://www.taqadoumiya.net/2012/08/20/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC
(36) لمزيد من التفاصيل انظر: باراك اوباما، خطتي للعراق، مقال منشور في جريدة (الشرق الأوسط)، عدد يوم الثلاثاء المصادف 15 تموز 2008.
(37) لمزيد من التفاصيل حول السياسات الليبرالية الجديدة قارن: د. صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للازمات الاقتصادية في النسق الراسمالي العالمي – محاولة في فهم الجذور، دار الرواد المزدهرة، بغداد 2011.
(38) قارن: جورج قرم، الاضطرابات الاجتماعية: حدود النيوليبرالية في العالم العربي. مقال على الانترنيت متاح على الرابط التالي:http://www.aljazeera.net/NR/EXERES/F6662CE2-B239-4A36-9F54-805CDDC838F7.htm
(39) قارن: عبد الحليم فضل الله، جولة في مواجهة ثلاثيّة الاستبداد الجديد، مقال على الانترنيت متاح على الرابط التالي: http://www.al-akhbar.com/node/2373
(40) قارن: د. صالح ياسر حسن، الاقتصاد السياسي للازمات...، مصدر سابق.
(41) قارن على سبيل المثال: محمد سيد رصاص، الضعف الامريكي، " الاخبار"، عدد يوم 29/8/2013. متاح على الانترنيت على الرابط التالي: http://www.al-akhbar.com/node/189803
(42) لمزيد من التفاصيل حول التقرير انظر:
Marc Lynch, Upheaval: U.S. Policy Toward Iran in a Changing Middle East, Center for a New American, June 2011.
(43) لمزيد من التفاصيل قارن: التوازنات والتفاعلات الجيوستراتيجية والثورات العربية، اعداد وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، الدوحة، ابريل 2012.
(44) لمزيد من التفاصيل قارن: فواز طرابلسي، "الثورات تُسقط أنظمة الأفكار أيضاً"، "الأخبار"، 20 حزيران/ يونيو 2011؛ مجلة "شؤون الأوسط"، حزيران/ يونيو 2011.
(44) قارن: سلام كيلة، بعد خطاب أوباما أميركا والثورات العربية. متاح على الانترنيت على الرابط التالي:
http://www.al-akhbar.com/node/13324