مدارات

تركيا.. اردوغان يقيم دكتاتورية جديدة

متابعة: طريق الشعب
بعد موافقة البرلمان التركي على قرار حالة الطوارئ ، جرى إغلاق 45 صحيفة، و16 قناة فضائية، و15 مجلة، وثلاث وكالات، و23 إذاعة و29 دار نشر. وساد اعتقاد في اوساط الرأي العام التركي ان هذا يجري تحت غطاء ملاحقة جماعة غولن، او على اساس وشايات كيدية. لكن عند إيقاف بثّ قنوات «جيان»، و «زاروك»، و «قناة 10»، و «صوت الحياة»، و «فان» والكثير من القنوات الأخرى بأمر من رئاسة الوزراء، أخذت الأمور مساراً أخرَ. فالتوجه الحاكم حالياً هو أن المؤسسات والأشخاص ذوي العلاقة بمنظمة غولن ليسوا هم المستهدفين وحدهم، بل الجماعات المعارضة الأخرى أيضاً.
ومع مرور الأيام، يزداد عدد الرافضين لسياسة الحكومة في عزل واعتقال الدولة للموظفين وإغلاق القنوات والصحف. فأغلب القنوات التي تمّ إغلاقها، في الفترة الأخيرة، لا علاقة لها بمنظمة غولن. وعلى الرغم من أن تلك القنوات يجري إغلاقها على خلفية علاقتها بـ «حزب العمال الكردستاني»، إلا أنه لا يُمكن تصديق أن لقناة «زاروك» علاقة بـ «حزب العمال». فكلمة «زاروك» تعني الطفل في الكردية. وهي قناة تبثّ من ديار بكر، وتعرض برامج للأطفال باللغة الكردية.
ومن بين القنوات الأخرى التي تمّ إغلاقها، قنوات مُقرّبة من الأحزاب اليسارية. وحذر الكثير من المُعارضين من خطورة ممارسات السلطة. وأوضح نائب «حزب الشعوب الديموقراطية» في البرلمان أيهان بيلغان أنه «لا علاقة لإغلاق القنوات بالمحاولة الانقلابية، بل على العكس، كانت تلك القنوات مُعارضة للانقلاب»، مضيفاً أن «هذا القرار يهدف إلى حجب أخبار الحرب التركية ضدّ الأكراد والحرب الأهلية. إنه قرار يهدف إلى إضعاف الحساسية تجاه الظلم الذي ظهر في حالة الطوارئ».
أما قناة «آي أم سي»، المتّهمة بعلاقتها مع «العمال الكردستاني»، فتبث منذ خمس سنوات من دون أي عوائق. وهي قناة على علاقة بـ «حزب الشعوب الديموقراطي» لكنها أصبحت، في الفترة الأخيرة، من القنوات المستهدفة من قبل الحكومة لنقلها الانتهاكات التي يقوم بها الجيش التركي في كردستان تركيا، ومع صدور القرار الأخير أُغلقت القناة بالكامل.
لم يصدر عن الشعب التركي أي ردة فعل واسعة تجاه سياسة الإقالات والاعتقالات التي انتهجتها الحكومة التركية بعد الانقلاب، لأسباب عديدة. في الغالب، اضطر الأتراك إلى دعم جميع التدابير التي قامت الحكومة بتطبيقها، لأنهم كانوا أمام خيارين إما دعم الانقلاب أو دعم اردوغان. فما كان من الرأي العام التركي الا أن التزم الصمت، غير أن مسؤولين في الحكومة اعتبروا أن الأتراك منحوا الحكومة «شيكاً على بياض»، وواصلت إجراءاتها بحقّ المُعارضين حيث سمحت هذه الفرصة للحكومة بتصفية حساباتها مع المُعارضة، تحديداً الكردية منها. لذلك لا يرى المسؤولون والنواب في حزب «العدالة والتنمية» وبعض القضاة، أي مانع في الإجراءات التي اتخذت أثناء حالة الطوارئ.
وفقاً لوكالة «دجلة» للأخبار، فإن الرئيس المُشارك في جمعية «الصحافيين الأحرار» حقي بولتان، أفاد بأنهم تعرّضوا لهجوم لا مثيل له في العالم، وأن قرار إغلاق قناتهم (آي ام سي) تمّ اتخاذه في مجلس الأمن القومي. إلى ذلك، أفاد مُنسّق البثّ في قناة «جيهان» إبراهيم أصلان أن القناة كانت تعرض برامج تتعلّق بالثقافة الكردية باللهجة الكرمنجية إلا أنه جرى إغلاقها.
أما مدير قناة «أزادي» نور الحق يلماز فأشار إلى أنه جرى إغلاق أربع قنوات تلفزيونية وإذاعة في ديار بكر خلال يوم واحد، و «لم يُبادر الشعب التركي إلى أية ردة فعل، باستثناء الدعم الذي صدر عن بعض السياسيين والمنظمات غير الحكومية على مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى الضغوط التي يتعرّض لها الناس نتيجة القوانين الصادرة في حالة الطوارئ، حيث يتمّ اعتقال الكثير من دون القيام بالتحقيقات، ناهيك عن الضغوط من خلال التهديد بالإقالة من العمل». وأكد أن الحكومة التركية «نجحت في ذلك نسبياً لكنّه لن يستمر طويلاً».
وتوجّه يلماز للصحافيين الذين لم يعترضوا على اغلاق المؤسسات الإعلامية، قائلاً: « الزملاء الذين يدّعون أنهم تخطّوا المحاولة الانقلابية يعيشون حالة من الصمت. لكن لا يوجد ضمانة أن لا تتعرّض المؤسسات التي يعملون فيها للإغلاق. لم يتضامنوا معنا، ولن يجدوا من يتضامن معهم عندما يحين دورهم».