مدارات

التعرفة الجمركية وسيلة لتشجيع منتجاتنا وزيادة الموارد / عادل عبد الزهرة شبيب

أعلنت هيئة الجمارك العامة مؤخرا عن نيتها تطبيق قانون التعرفة الجمركية في المنافذ الحدودية للعراق ابتداء من 1/11/2016. وسبق ان تم تأجيل تطبيق هذا القانون لأكثر من مرة حيث كان من المؤمل تطبيقه في العام 2010. كما أثار هذا القانون الامتعاض لدى التجار ولدى ادارة المحافظات الوسطى والجنوبية لكون وزارة المالية قد اعلنت عن تطبيقه على المحافظات الوسطى والجنوبية ما ادى الى رفض بعض المحافظات تطبيقه في حين طلب اقليم كردستان في حينه التريث لمدة شهرين .
ويوجد في العراق بحدود 14 منفذا حدودياً, اصبحت خارج سيطرة الدولة عند محاولة تطبيق القانون المذكور , وبما انه قانون اتحادي فيفترض تطبيقه على جميع المنافذ الحدودية بدون استثناء لأنه في حالة الاستثناء فان المستورد سيلجأ الى المنافذ الحدودية التي لا تفرض فيها تعرفة جمركية وبالتالي فان محافظات الوسط والجنوب التي تطبق القانون سترتفع فيها اسعار البضائع مقارنة بالمناطق التي لا تطبقه .
والتعرفة الجمركية هي رسوم وضرائب تفرض على السلع التي تستوردها دولة من دولة اخرى بهدف حماية صناعتها وزراعتها من المنافسة الاجنبية، اضافة لكونها موردا ماليا مهما يضاف الى الموارد الاخرى للدولة. ان فرض التعرفة الجمركية على البضائع المستوردة يشجع المنشآت المحلية على زيادة انتاجها فيزيد الاقبال عليها مقارنة بالسلع الاجنبية المثيلة التي سيكون سعرها مرتفعاً. وعن اسباب فرض التعرفة الجمركية من قبل الدول فهو لحماية المنتجات الوطنية من منافسة المنتجات الاجنبية الاكثر كفاءة, حيث ان الصناعات الناشئة لا تستطيع أن تنافس بنجاح صناعات راسخة ومتقدمة في بلدان اخرى , فالتعرفة توفر الحماية لتلك الصناعة الناشئة حتى تصبح المنشآت وعمالها اكثر انتاجية . الا أن البعض له آراء معارضة لفرض التعرفة الجمركية حيث يرون انها تؤدي الى ارتفاع الاسعار وعدم الكفاءة الصناعية والدعم غير العادل لبعض الصناعات.
في العراق وبعد 2003 توقف العمل بالتعرفة الجمركية واستعيض عنها برسم اعادة اعمار العراق (5 في المائة) منذ عام 2004 وتم اعفاء عدة انواع من السلع الضرورية والمتمثلة بالأغذية والمستلزمات الطبية والثقافية والالبسة , الا انه رافق ذلك اعتماد الدولة سياسة اغراق السوق المحلية بالمنتجات الاجنبية الزراعية والصناعية وحتى من مناشئ رديئة والذي اثر بدوره على ضعف الانتاج المحلي وتهميشه ومن ثم انعدام السلع الزراعية والصناعية والاعتماد على استيراد هذه المنتجات, واصبحت هذه الظاهرة سياسة اقتصادية للدولة العراقية الى اليوم. ورغم أهمية التعرفة الجمركية في توفير الايرادات لخزينة الدولة ودورها في تنظيم استيراد وتصدير السلع، وان تطبيقها يساعد على قبول العراق في عضوية منظمة التجارة العالمية، حيث يعتبر ذلك احد شروط المنظمة في قبول الدول الاعضاء ,الا ان تطبيق قانون التعرفة الجمركية في العراق يواجه بالعديد من المعوقات حيث ان ذلك سيؤدي الى ارتفاع المستوى العام للأسعار والتضخم الى جانب ضعف صناعتنا الوطنية والزراعة وعدم قدرتها بوضعها الحالي على تلبية حاجة السوق المحلية مما سيؤدي الى استمرار سياسة الاغراق والاعتماد على الاستيراد لسد طلب المستهلك, ولذلك فالمطلوب اولا هو تشجيع ودعم صناعتنا الوطنية بشقيها العام والخاص والعمل على تطوير الانتاج الزراعي ومعالجة المشاكل التي يعاني منها قطاع الزراعة , ووضع حد لسياسة الاغراق وبالتالي يمكن تطبيق القانون بشكل تدريجي ليكون اولا على السلع التي يوجد لها مثيل في الانتاج الوطني لغرض حمايته وتشجيعه .
ان تطبيق قانون التعرفة الجمركية سيؤدي الى ارتفاع المستوى العام للأسعار خاصة وان اغلب طبقات المجتمع هي دون المتوسطة وتحت خط الفقر وسيؤثر تطبيق التعرفة تأثيرا سلبيا وواضحا على هذه الشرائح, اضافة الى ذلك وفي ظل تفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري في معظم مرافق الدولة فان تطبيق هذا القانون سيتحول الى مصدر جديد للفساد بدلا من دوره الاقتصادي المتمثل بتوفير الحماية للمنتج الوطني وكونه مصدرا لزيادة موارد الموازنة العامة, خاصة وان لجنة النزاهة البرلمانية قد كشفت عن وجود تجاوزات بملايين الدولارات على واردات الدولة في المنافذ الحدودية الى جانب المخالفات القانونية والمالية , ولذلك فمن الضروري ان يكون فرض الرسم الجمركي على السلع المستوردة بعد بدء القطاع الزراعي والصناعي بإنتاج بدائل السلع المستوردة, يصاحب ذلك وضع حد لسياسة الاغراق .
فلنجعل تطبيق قانون التعرفة الجمركية وسيلة لتشجيع منتجاتنا وزيادة الموارد المالية وليس مصدراً جديداً للفساد .