مدارات

ترامب يتعهد بالشراكة لا الصراع مع العالم .. فوزه احدث صدمة في العالم

فاز الملياردير الامريكي دونالد ترامب الذي لا يملك اية خبرة سياسية، امس الاربعاء، في الانتخابات الرئاسية، إذ حصد ترامب 289 صوتا في المجمع الانتخابي، في زلزال سياسي غير مسبوق اغرق الولايات المتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وتعهد ترامب في خطاب القاه بعد فوزه بانه سيكون رئيسا لكل الامريكيين، مؤكدا ان الولايات المتحدة تشعر “بالامتنان” لكلينتون على خدماتها. واكد ان هيلاري كلينتون اتصلت به لتهنئته.
وسجلت الاسواق تراجعا كبيرا بشكل تدريجي مع توارد المعلومات من وسائل الاعلام الامريكية عن نتائج الانتخابات "الاستثنائية".
مفاجأة قوية
وبعد ثماني سنوات على انتخاب باراك اوباما اول رئيس اسود، الذي اثار موجة آمال كبرى في جميع انحاء البلاد، فاز المرشح الجمهوري الشعبوي (70 عاما) الذي طالته فضائح جنسية ويعبر عن مواقف معادية للاجانب، على الديموقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تأمل في ان تصبح اول امرأة تتولى الرئاسة في الولايات المتحدة.
وقام بحملة انتخابية على اساس انه دخيل على السياسة مصمم على مكافحة فساد النخب السياسية في واشنطن التي “استنزفت البلاد”. ووعد بان يعيد “الى امريكا عظمتها” شعاره الثابت، وحمايتها من الخارج.
وهذا الملياردير الذي لا يمكن توقع سلوكه، كان قد وعد الاثنين بنتيجة “اقوى من بريكست بثلاث مرات” في اشارة الى المفاجأة التي فجرها تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي في حزيران الماضي.
وطوال حملته حاول استمالة قاعدة ناخبة متواضعة تشعر بانها مهمشة لمواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية، معتبرا انها ترسم مستقبلا قاتما.
و احدث فوزه صدمة في ختام حملة انتخابية حادة استمرت 18 شهرا وادت الى انقسام شديد في الولايات المتحدة وفاجأت العالم بمدى ابتذالها وضراوتها.
ويرى اكثر من 60في المائة، من الامريكيين ان دونالد ترامب لا يتمتع بالطبع المناسب لكي يصبح رئيسا، لكنه نجح في الاستفادة من غضب وقلق قسم من الامريكيين.
وتبقى اقتراحاته غامضة في عدد من الملفات مثل السياسة الخارجية. كما انها تثير القلق في ملفات اخرى مثل الاقتصاد.
واكد ترامب في كلمته انه سيتعامل مع كل الدول بنزاهة.
وسارع الاتحاد الاوروبي الى التأكيد انه سيواصل العمل مع الولايات المتحدة بعد انتخاب ترامب.
وقبل اعلان الفوز، وجهت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبن التهاني إلى ترامب “والشعب الامريكي الحر”.
هزة في الاسواق
وادى فوز ترامب بالرئاسة الى هزة قوية في الاسواق حيث تراجع الدولار فيما سارع المستثمرون الى اللجوء إلى الذهب وسندات الخزينة التي تعتبر اقل مجازفة.
وسادت حالة من الهلع اسواق المال، امس الاربعاء بينما تراجع سعر الدولار والبيزو المكسيكي حتى قبل اعلان فوز ترامب.
وقال المحلل لدى مجموعة “اواندا” كريغ ايلام “انها مقبرة في الاسواق مع اقتراب ترامب من البيت الابيض”.
وطوال الامسية الانتخابية كانت الطريق الى البيت الابيض تضيق امام هيلاري كلينتون رغم انها كانت تعتبر الاوفر حظا بالفوز في استطلاعات الرأي.
والى جانب فلوريدا وكارولاينا الشمالية واوهايو، فاز بولايتين حاسمتين اخريين مساء الثلاثاء.
وفي مؤشر الى ان الثقة بمعسكر ترامب كبيرة جدا، وضع قطب العقارات في تغريدة على تويتر صورة له مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس نايك بنس وفريقه وعائلته وهم يتابعون النتائج من برج ترامب الكبير في مانهاتن.
البلاد تريد التغيير
وقبل اعلان النتائج، قال بريندون بينا (22 عاما) المؤيد لترامب في فندق في نيويورك سيجري الاحتفال فيه، “كنت واثقا من الفوز واعتقد ان دونالد ترامب رجل ذكي جدا”.
من جهته، صرح غلين روتي (54 عاما) “غير معقول! اعتقد انه سيذهب حتى النهاية”. واضاف ان “البلاد تريد التغيير”. في المقابل ساد الذهول والصدمة لدى انصار كلينتون.
وكان انتخاب اوباما في العام 2008 قد اثار آمالا ببلاد متحدة اكثر، لكن حملة عام 2016 احدثت انقساما شديدا.
وكانت كلينتون تراهن على الاقليات وشريحة الشباب والناخبين البيض الحائزين شهادات جامعية والنساء اللواتي يشكلن غالبية قاعدتها الناخبة (حوالى 52في المائة، خلال انتخابات رئاسية سابقة).
وهيلاري كلينتون التي كانت سيدة اولى سابقا وعضوا في مجلس الشيوخ ثم وزيرة للخارجية الامريكية كانت متواجدة على الساحة السياسية لفترة طويلة، لكنها شخصيتها لا تثير حماسة كبرى.
وكانت الحملة قد اتسمت بعنف غير مسبوق وشهدت تبادل هجمات شخصية، اثارت شعورا بالمرارة في بلد منقسم اكثر من اي وقت مضى، وعززت فقدان ثقة الامريكيين بنخبهم السياسية.
وافادت وسائل اعلام امريكية ان الجمهوريين احتفظوا بالأغلبية في مجلس الشيوخ ويسيطرون على كل الكونغرس.
وشملت انتخابات الثلاثاء ايضا تجديد 34 مقعدا من اصل مائة في مجلس الشيوخ وكل مقاعد مجلس النواب فيما يبدو ان الجمهوريين يتجهون إلى الاحتفاظ بالغالبية فيهما.
وتصوت 12 من الولايات الخمسين ايضا لانتخاب حكام جدد كما تنظم عشرات عمليات الاستفتاء المحلية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا والغاء عقوبة الاعدام.
وقال ترامب، الذي اصبح الرئيس الـ 45 لأمريكا، في خطاب النصر، "شكرا جزيلاً للجميع، أعتذر عن إبقائكم في انتظاري.. تلقيت للتو اتصالا من وزيرة الخارجية كلينتون، وهنأتنا، نعم نحن وليس أنا، على نصرنا.. وهنأتها بدوري بالمعركة التي خاضتها.. هيلاري حاربت في خدمة هذا الوطن لوقت طويل وندين لها بالامتنان".
وأضاف ترامب "حان الوقت لنجتمع معا كشعب متحد، وأتعهد بأن أكون رئيساً لكل أمريكي.. سأكون رئيسا لكل الأمريكيين وحان الوقت للوحدة ومعالجة الجراح."
وتابع ترامب "لم نكن في حملة انتخابية بل نسعى إلى بناء مستقبل أفضل لنا ولعائلاتنا.. إنها كانت حركة تشمل الناس من جميع المعتقدات والخلفيات التي يعتقدون أن الدولة ستخدمهم وهي ستفعل ذلك،" مستطرداً "أقول للعالم إننا سنبحث عن الشراكات لا عن الصراعات وسنتعامل بعدل مع الجميع".
احتجاجات في لوس أنجلوس
خرج مئات المحتجين إلى شوارع مدينة لوس أنجلوس، امس، بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وقام المحتجون بتنظيم مسيرة في شوارع إحدى كبريات المدن الأمريكية، مرددين شعارات مناهضة لترامب.
وأشارت تقارير إعلامية سابقا إلى اندلاع اشتباكات بين أنصار المرشحين في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نيويورك، مما تطلب تدخل الشرطة.
مشهد مخيف حقا
تراوحت ردود أفعال حكومات دول العالم من آسيا إلى أوروبا، امس، بين عدم التصديق والذهول بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في حين أشاد اليمينيون بالنتيجة واعتبروها نصرا للشعب على المؤسسة السياسية الفاشلة.
ووصفت أورسولا فون دير ليين وزيرة الدفاع الألمانية وحليفة المستشارة أنجيلا ميركل النتيجة بأنها "صدمة هائلة"، متسائلة عما إذا كانت هذه النتيجة تمثل نهاية عصر "السلام الأمريكي" الذي ساد العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية.
وتعهد جان مارك أيرو وزير الخارجية الفرنسية العمل مع ترامب لكنه أشار إلى أن شخصيته "تثير تساؤلات" وأقر بأنه غير واثق كيف يمكن أن تؤثر رئاسة ترامب على تحديات السياسة الخارجية الرئيسة بدءا من التغير المناخي والاتفاق النووي بين الغرب وإيران وحتى الحرب في سوريا.
وقال كارل بلدت وزير خارجية السويد السابق على تويتر "يبدو أن هذا العام سيكون عام كارثة مزدوجة على الغرب" في إشارة إلى موافقة البريطانيين على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إضافة إلى فوز ترامب. وأضاف قائلا "اربطوا الأحزمة".
في الوقت نفسه رحب اليمينيون من استراليا إلى فرنسا بالنتيجة واعتبروها ضربة موجعة للمؤسسة السياسية.
وقال فلوريان فيليبوت وهو مسؤول بارز في الجبهة الوطنية في فرنسا على تويتر "عالمهم يتداعى وعالمنا ينهض".
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد فوز ترامب ان موسكو مستعدة لاستعادة كامل العلاقات مع واشنطن.
غير أن كثيرا من الحكومات الغربية تبدو غير متأكدة مما إذا كان ترامب، سينفذ تعهدات حملته التي قد يقلب بعضها النظام العالمي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية رأسا على عقب.
ووصف المؤرخ البارز سيمون شاما فوز ترامب وسيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب بأنه "مشهد مخيف حقا".
وقال شاما لمحطة "بي.بي.سي" البريطانية "سيخسر 20 مليون شخص تأمينهم الصحي. سيتم عكس سياسات التغير المناخي وتصفية القواعد التنظيمية للمصارف. هل تريدون أن أكمل؟"
وأضاف "بالطبع إنه ليس هتلر. لكن هناك أنواع عديدة للفاشية. لم أقل إنه نازي على الرغم من أن النازيين الجدد يحتفلون".