مدارات

نيكاراغوا .. انتصار كبير للساندينيين

رشيد غويلب
شهدت نيكاراغوا يوم الأحد الفائت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وانتخابات ممثلي البلاد في برلمان بلدان أمريكا الوسطى.
وحصل الرئيس دانيال أورتيغا، الذي أعيد انتخابه للمرة الثالثة على التوالي، على 72,5في المائة، من الأصوات، مقابل 63 في المائة، في انتخابات عام 2011 . كذلك حصلت جبهة التحرير الوطني الساندينية على أكثرية الثلثين في البرلمان. وحصلت اقرب قوى اليمين المنافسة على 15 في المائة فقط فيما اكتفت قوائم المعارضة الأخرى بنسب متدنية تقل عن 5 في المائة. وكانت نسبة المشاركة في التصويت عالية حيث بلغت 68,2 في المائة.
ومعلوم ان المعارضة والولايات المتحدة كانتا قد اعلنتا مسبقا عدم اعترافهما بنتائج الانتخابات.
وشاركت في السباق الانتخابي ثلاثة أحزاب ليبرالية يمينية إلى جانب قوى جبهة الثورة المضادة السابقة، في حين قاطع قسم آخر من المعارضة الانتخابات. ويعكس هذا تشتت المعارضة اليمينية وعدم امتلاكها برنامجا جامعا. اما الجبهة الساندينية فقد تصدرت تحالف "انتصار نيكاراغوا المتحدة" الوطني الواسع، الذي ضم طيفا من القوى الوطنية ذات المشارب الفكرية المتنوعة.
ويعد اورتيغا من الزعماء الأكثر شعبية في تاريخ البلاد، وهذا ما عكسته الاحتفالات الجماهيرية الواسعة في شوارع وساحات العاصمة ماناغوا ابتهاجا بانتصاره.
وجاء في نداء للرئيس ونائبته روزاريو موريللو بعد إعلان النتائج الأولية مباشرة: "نحن نسير قدما متسلحين بالإيمان، العائلة، والمجتمع، وبرفقة المسيحية والاشتراكية والتضامن".
سر الانتصار
ويكمن سر نجاح الجبهة حسب محللين إلى اعتمادها سياسة تحالفات واسعة وبرنامجا عمليا ومقبولا حظي بموافقة الحركات الاجتماعية التي تمثل عاملا قويا، مثل الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية والنقابات. ومن قطاع الإنتاج كانت المفاجأة ان اتحادات رجال الأعمال دعمت البرنامج. والجامع بين النقيضين هو حاجتهما إلى الاستثمار والسيولة المالية.
ويناضل التحالف الواسع من اجل الهيمنة والمؤسسات العامة المفتوحة، واقامة سوق تكاملية ، وتحقيق تقدم في اقتصاد قائم على النمو، وهذا كله يعكس التحسن في الظروف المعيشية لعامة السكان. وتنتظر الجموع التي صوتت للجبهة استمرار سياسة الاندماج الاجتماعي، والتعليم، والعمل، والتنمية الصحية.
وقد استطاعت نيكاراغوا في السنوات السابقة وبفضل التنسيق مع كوبا وفنزويلا تحقيق ارتفاع في الناتج الإجمالي المحلي بمستوى 40 في المائة، وبمعدل نمو سنوي 4,5 في المائة، وهو ما يمثل ضعف النمو المتحقق في بقية بلدان أمريكا اللاتينية، وكانت حصة الاقتصاد التضامني فيه هي الأكبر. وقد ضمن هذا القطاع حاجة البلاد من الغذاء. وشمل التطور الاقتصادي تطور البنى التحتية، والطاقة، والتعليم المجاني، والرعاية الصحية، وبرنامج "تصفير الجوع"، وتحقيق الأمن في منطقة تشهد بلدانها مديات مرتفعة من العنف.
الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات
ويكتسب الانتصار النيكاراغوي أهمية خاصة في أمريكا اللاتينية بعد أن استطاعت قوى الليبرالية الجديدة إعادة تنظيم صفوفها وتمكنت من العودة إلى السلطة في الأرجنتين، والبرازيل، والباراغواي . ويمنح انتصار الجبهة الساندينية قوة دافعة لمعسكر القوى الساعية إلى التخلص من الهيمنة الأمريكية.
وفي المقابل ، وحتى قبل إعلان نتائج الانتخابات الرسمية، أصدرت حكومة الولايات المتحدة بيانا اعترضت فيه على شرعية الانتخابات. وكان مجلس النواب الأمريكي قد شرّع في 21 ايلول الماضي مشروع قانون لفرض عقوبات اقتصادية ضد نيكاراغوا يصبح نافذ المفعول بعد مصادقة مجلس الشيوخ والرئيس عليه، وتستطيع بموجبه الولايات المتحدة منع المؤسسات المالية العالمية من تقديم القروض إلى نيكاراغوا. ويعد هذا في أمريكا اللاتينية بمثابة مقدمة لـ "انقلاب ناعم" لاستعادة الهيمنة الأمريكية في بلدان امريكا الوسطى.
يذكر ان الجبهة الساندينية وصلت إلى السلطة بعد انتصار حركة الكفاح المسلح بقيادتها على دكتاتورية اناستاسيو سوموزا الموالية للولايات المتحدة، وخسرت الجبهة الحكم في انتخابات عام 1990 لكنها عادت إلى السلطة في انتخابات 2006 واستطاعت الفوز في ثلاثة انتخابات رئاسية وبرلمانية متوالية.