مدارات

ملاحظات حول كتاب "تاريخ الحركة الشيوعية في قضاء الهندية"

فلاح أمين الرهيمي
في مسيرة حياة الانسان تصادفه احداث مختلفه الاشكال والانماط بعضها يبعث المسرة والبهجة في النفوس والبعض الآخر يبعث الألم والحسرة في النفوس ولكن جميع هذه الأحداث تبقى محفورة في ذاكرة الإنسان او مسطره في بطون الكتب. الاستاذ اسماعيل محمد السلمان حلق بي من خلال كتابه الموسوم " تاريخ الحركة الشيوعية في قضاء الهندية " على جناح الحب والشوق والذكريات الى غابة الاوراد والرياحين وايام الشموخ والارادة والتصميم والأمل المنشود من خلال استعراضه تلك الكوكبة من البشر التي استعر في روحها حب الانسان فتوهجت نوراً ساطعاً وضياءً بهياً، سوف يذكره بأنه صوره وسموه وكبرياؤه، اخلاصاً وتضحيته ونكران ذات تتجسد فيها جميع الصفات الانسانية في المستقبل المشرق السعيد في حياة ترفل بالسعادة والاطمئنان والاستقرار. ولو كنت اعلم برغبة صديقي العزيز أبي حازم بإصدار هذا الكتاب لاقترحت عليه ان يطلق عليه اسم كتاب " متحف تاريخ الشيوعيين " لأنه قد غاص في بحر التاريخ ولم يترك صغيرة او كبيره الا وذكرها كما اذكر بالاعجاب والتقدير تلك الذاكرة المتوقدة التي تجولت فيها مع كوكبة من المناضلين كالراحل عبدالامير الحداد الذي كان مسؤول التنظيم في مدينة الحلة عام 1952 .وانا أستعرض ذلك الانسان الذي تتجسد فيه كل الصفات الانسانية اود ان اصحح ما ورد في الكتاب " ان وكر الحزب كأن في عكد الاكراد والصحيح انه كان في عكد العجم في محلة المهدية وكنا نلقب تلك الشخصية الفذة " ابو سن الذهب "لأن احدى اسنانه مطلية بالذهب حيث كنا في ذلك الوقت لم يكن يعرف احدنا اسم الآخر خوفاً من اعتقالنا وتعذيبنا.
كان هذا الانسان يعيش في سرداب مع عائلة شيوعية من النجف الاشرف وكنت اتردد عليه بين يوم وآخر احمل له تقارير وبريد الحزب فقال لي يوماً (منذ ستة اشهر لم اشاهد الشمس) لأن السرداب كان يشيد في مكان منفخض في الدار. ان شخصية هذا الرجل المناضل (عبدالامير الحداد) حينما سألني عنها المؤلف اثار في نفسي الاعجاب والتقدير عن عمق وتعلق الذاكرة بمسيرة الحزب النضالية لأن هذا المناضل كان مسؤولاً في مدينة الحلة – 1952، ولم يطرق اسمه امامي من الشيوعيين في يوم من الايام كما لاحظت من تسلسل مراحل الحزب الشيوعي في قضاء الهندية الذي كان تابعاً لمدينة الحلة اسماء ومسؤوليات المناضلين الشيوعيين. اتمنى واقترح على كل مناضل شيوعي يمتلك موهبة وذاكرة ان يدونها لأن من الضروري ان تعرف وتطلع اجيال اليوم والمستقبل على ملاحم ونضالات وتضحيات الشيوعيين من حرية وطنهم وسعادة شعبهم.
احترامي وتقديري للاستاذ ابي حازم على جهده وذاكرته في انجاز هذه الملحمة النضالية للشيوعيين، كان هذا الكتاب نموذجا ومثالا لكافة الشيوعيين في الوفاء والاخلاص والتضحية ونكران الذات في تلك المرحلة من تاريخ العراق.