- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 27 تشرين2/نوفمبر 2016 19:34
رشيد غويلب
توفي يوم الجمعة الفائت في العاصمة الكوبية هافانا قائد الثورة الكوبية ورئيس جمهوريتها السابق فيدل كاسترو عن عمر يناهز التسعين سنة. هذا ما أعلنه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو في كلمة مؤثرة بثها التلفزيون مباشرة. وكان راؤول الذي شغل منصب وزير الدفاع قد تسلم في عام 2006 منصب رئيس الجمهورية خلفا لشقيقه. ومعروف ان راؤول واحد من ابرز قادة الثورة الكوبية المسلحة منذ اندلاعها، إلى جانب فيدل كاسترو وارنست تشي جيفارا وبقية مناضلي الرعيل الأول.
ووفق ما أعلن فقد توفى فيدل في الساعة العاشرة والنصف تقريبا ، حسب التوقيت المحلي الكوبي. واعد برنامج حافل لتأبين الفقيد ومراسيم الدفن. وكان آخر ظهور علني للفقيد الكبير في منتصف تشرين الثاني الحالي لدى لقائه الرئيس الفيتنامي تران داي كوانج أثناء زيارة الاخير إلى كوبا .
وعكس العديد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية في برامجها جوانب متعددة من مسيرة وصفات شخصية كاسترو الثورية الاستثنائية في القرن العشرين والسنوات الماضية من القرن الحادي والعشرين. ومعلوم ان فيدل قاد عملية تحول تاريخي في كوبا بعد أن أطاحت الحركة المسلحة التي قادها بدكتاتورية باتيستا التابعة للولايات المتحدة الأمريكية. وفي السنوات اللاحقة نجحت الثورة في تطبيق سياسة اجتماعية جذرية وضعت كوبا في مقدمة بلدان الجنوب، وأصبحت كوبا مرجعية للكثير من حركات التحرر الوطني في سعيها إلى تحقيق استقلال بلدانها من هيمنة الاستعمار العالمي. واصبح فيدل رمزا للنضال ضد الامبريالية والصمود الاسطوري في وجه سياسة التدخل والحصار الأمريكية التي كانت تنفذ بالضد من الشرعية الدولية. وشهد فيدل قبل وفاته اعتراف زعماء الولايات المتحدة بفشل سياسة الحصار القاسية ضد كوبا. ونجحت كوبا في نيل اعتراف وتضامن العديد من المنظمات العالمية التي امتدت إلى خارج حدود الأنظمة التقدمية في العالم، لتصل إلى منظمات وحركات لا تنتمي إلى اليسار العالمي.
ووفق المعطيات الرسمية ولد كاسترو في 26 تموز 1926 في قصبة بيران الصغيرة في شرق كوبا. وفي وقت مبكر من طفولته احس بما وصفه لاحقا بالظروف الاجتماعية الكارثية في بلاده. و كمحام شاب بدأ النضال ضد دكتاتورية باتيستا، التي كانت واحدة من أكثر الأنظمة دموية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، والمدعومة بقوة من قبل الولايات المتحدة ، خصوصا خلال سنوات الحرب الباردة. وبعد محاولة الهجوم الفاشلة على قلعة مونكادا في عام 1953 ، وانتقاله إلى المنفى المكسيكي، ظهر فيدل بمعية 80 مقاتلا في عام 1956 في السواحل الكوبية. ومن هناك قاد حركة الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية، والتي توجت بالانتصار ودخول العاصمة هافانا في بداية كانون الثاني 1959.
ومن المشاريع الكبرى التي حققتها الثورة يمكن الإشارة إلى الاصلاح الزراعي، وتأميم شركات القطاع الخاص في قطاعات الاقتصاد المهمة. وبسبب هذه الانجازات انغمر كاسترو ورفاقه في صراع مبكر وقاس مع الولايات المتحدة وحلفائها في أمريكا اللاتينية والعالم. وجسد الحصار الأمريكي الشامل للجزيرة الكوبية أبشع صور الابتزاز والتدخل في شؤون دولة مستقلة
ووجدت كوبا الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية السابقة حليفا مهما لها، وكانت كوبا حتى نهاية عقد الثمانينيات تعتمد على دعم الاتحاد السوفيتي وبلدان مجلس التعاضد الاقتصادي. وبعد انهيار النظام الاشتراكي في عام 1990 دخلت كوبا في أزمة اقتصادية عنيفة، استطاعت تجاوزها وفشلت رهانات الغرب على انهيار التجربة الاشتراكية فيها. ومنذ ذلك الحين بدأت سلسلة من الإصلاحات في القطاع الاقتصادي وفي جهاز إدارة الدولة من دون التخلي عن جوهر النظام الاشتراكي.
وعلى الرغم من حملات التشويه والنقد الشديد التي تعرض إليها فيدل كاسترو في البلدان الغربية، فانه ظل شخصية محترمة للغاية، وخاصة في دول جنوب العالم: أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، وفي عموم قوى اليسار العالمي . وعكست ردود الفعل والتصريحات الصادرة بعد وفاته هذا الأمر بأبهى صورة، فقد اشاد عتاة أعداء الزعيم الشيوعي الراحل ومنافسيه بخصاله الإنسانية ودوره السياسي المهم في العالم. وفي هذا السياق جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما، والرئيس الروسي بوتين، وبابا الفاتيكان والعديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية العالمية.