مدارات

المخابرات المركزية الامريكية تطلق تقارير سرية جديدة

رشيد غويلب
دأبت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته على إطلاق ملفات ووثائق سرية تعود إلى سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وتتضمن هذه الوثائق تفاصيل عن ممارسة الولايات المتحدة بواسطة المخابرات المركزية، ومؤسساتها الأخرى دورا رئيسيا في ملاحقة وتصفية المعارضين السياسيين للأنظمة الدكتاتورية في بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
وبموجب التقرير الجديد المنشور فان قسم الخارج في وكالة المخابرات المركزية، قام في عهد الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر بإرسال العملاء إلى بلدان أمريكا الجنوبية، لتقديم مساعدة ملموسة في تصفية رموز وناشطي حركة المعارضة اليسارية في هذه البلدان. وشملت العمليات أيضا نشطاء حقوق الإنسان ومجموعات التضامن مع نضال هذه الشعوب في أوربا. هذا ما تضمنته تقارير قسم الأبحاث في أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية.
ويشير التقرير السري السابق لوكالة المخابرات المركزية، والذي يشكل جزءا من وثائق تضمنتها 500 صفحة إلى ملاحقة واضطهاد أعضاء المعارضة خلال عهد الديكتاتوريات العسكرية في أمريكا الجنوبية. وعلى الرغم من عمليات الحجب والتنقيح التي طالت النصوص المنشورة، إلا إنها تشير بوضوح إلى التعاون اللا محدود بين الولايات المتحدة والأنظمة الدكتاتورية حينها، وان عمليات القتل والاختطاف والمطاردة خططت ونفذت من قبل الجانب الأمريكي. وبالمساعدة الأمريكية جرى تدريب وإعداد منتسبي أجهزة مخابرات وشرطة وجيوش هذه الأنظمة. وقام الأمريكان ببناء شبكات تنسيق عمل مشترك لهذه القوات ودعمها لوجستيا. ومكنت هذه البرامج الأنظمة الدكتاتورية من اصطياد المعارضة الديمقراطية خارج حدود بلدان المنطقة.
وكان الهدف العسكري لهذه العمليات، والقوائم المعدة للتدقيق، هو تصفية الشخصيات القيادية في الأحزاب المعارضة، وكذلك النقابيين، والفنانين الناقدين، ونشطاء منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بما في ذلك ممثلو منظمة العفو الدولية.
وشملت القوائم نشطاء المنفى وخصوصا المجموعات المقيمة في باريس ولندن. وتضمنت الوثائق مقترحات مقدمة لرئيس الجمهورية تقضي بالسماح لعملاء المخابرات المركزية بالسفر إلى عواصم أوربا الغربية متنكرين بشخصيات رجال الأعمال. وكانت مهمتهم الرئيسية تتلخص في مراقبة "التحركات المشبوهة"، وجمع المعلومات عن أعضاء وأنشطة المنظمات السياسية ومواقع تواجد منظمات حقوق الإنسان والسعي الى كشف صلاتها مع المنظمات الماركسية والاشتراكية في بلدان المنفى. وشملت المراقبة منظمات كنسية، ومجموعات التضامن مع بلدان العالم الثالث.
وتشير احدى الوثائق العائدة إلى وزارة الخارجية بشأن عمل المخابرات إلى نشاطات تمت في فرنسا. ومنها الموافقات على عملية (كندور) التي ساهمت فيها ست حكومات أمريكية جنوبية لتصفية "أهداف أمريكية لاتينية في فرنسا". وبهذا تشير هذه الوثائق بوضوح لأول مرة إلى عمليات قتل سابقة جرت في فرنسا راح ضحيتها معارضون من الأورغواي. ومن بين الوثائق هناك واحدة تعود إلى الثامن والعشرين من آب 1978 ، تحمل عنوانا مضللا "حقوق الإنسان في الأرجنتين"، وتتضمن تفاصيل عن أساليب التعذيب المتبعة بحق الفريدو برافو الرئيس السابق للمؤتمر الدائم لحقوق الإنسان في الأرجنتين، استخدمت فيها الصدمات الكهربائية، وجرى تقديم تقارير بتفاصيلها إلى الرئيس الأمريكي في حينه. وكانت الإدارة الأمريكية الحالية بزعامة اوباما، قد أرسلت في الثامن من آب الماضي الحزمة الأولى من الملفات السرية إلى الأرجنتين، والتي تعود إلى مكتبة الرئاسة في عهد الرئيس جيمي كارتر. والتي أكدت علم الرئيس الأسبق والحاصل على جائزة نوبل للسلام في عام 2002 بتفاصيل ممارسات مخابراته المركزية.