مدارات

خمسة أسباب للاحتجاج على قمة مجموعة العشرين

رشيد غويلب
ستضيّف مدينة هامبورغ الألمانية في الفترة 7 – 8 تموز المقبل قمة زعماء البلدان الأعضاء في مجموعة العشرين، الذين يمثلون البلدان الصناعية الكبرى والبلدان الصاعدة والاتحاد الأوربي. ومنذ عام 2008 تلتئم القمة بهذه التركيبة. وقد كانت أزمة البلدان الآسيوية الاقتصادية في عام 1999 سببا في انطلاق هذه الاجتماعات التي بدأت حينها باجتماع على مستوى وزراء المالية. وكانت الأزمة المالية – الاقتصادية العالمية هي الأخرى سببا لانعقاد القمة بشكلها الحالي.
وتصف الحكومة الألمانية القمة على الموقع الرسمي المخصص لها "باعتبارها أهم منتدى للتعاون الاقتصادي والمالي". والهدف الذي يسعى إليه المجتمعون هو إدارة الرأسمالية المعاصرة، وتجاوز أزماتها،وخصوصا الاقتصادية منها، و توظيف رأس المال والحفاظ على صعوده. وقد تكرر فشلهم في هذه المهمة، ليس لعدم قدرتهم على ذلك، وإنما لاعتمادهم وصفات خاطئة. وتحدد الحكومة الألمانية بدورها محاور القمة بالشكل التالي: "الصراعات الجيو سياسية والإرهاب وحركات الهجرة واللاجئين، والفقر والجوع وتغيرات المناخ المتزايدة والأوبئة".
الحركة الاحتجاجية المضادة للقمة تنطلق من قراءتها الحلول التقليدية التي يطرحها المتنفذون في القمة، والتي أثبتت التجربة عدم كفاءتها مثل النمو الاقتصادي، التجارة الحرة، خلق فرص استثمارية خاصة، و خفض الرعاية الاجتماعية الشاملة.
ومن المفيد إلقاء نظرة فاحصة على هذه المحاور:
1-الصراعات الجيو سياسية والإرهاب
الحروب في سوريا، العراق، اليمن، أفغانستان، أوكرانيا، الكونغو قابلة للاستمرار والتوسع. وتورط بلدان قمة العشرين فيها لا تخطئها العين أبدا. وليس لديها فكرة للحد منها وإقامة سلام دائم. والحركات الإرهابية لها منطقها، ولم تنشأ من الفراغ، فالكثير من أسباب نشوئها تكمن في السياسات التي تتبعها البلدان المتنفذة في قمة العشرين، وخصوصا حروبها.
2-حركات الهجرة واللاجئين
المعلومات المتوفرة تشير إلى وجود 60 مليون مهجر ومهاجر في العالم داخل بلدان الأزمة أو خارجها. ويحدث ذلك لان الحياة في المدن أو البلدان الأم لم تعد ممكنة. إحصائيات صيف 2015 تشير إلى وجود لاجئين ومهاجرين من سوريا، العراق، أفغانستان، باكستان، ألبانيا، صربيا، مقدونيا، اريتيريا ونيجيريا. وفي جميع هذه البلدان هناك حروب تقودها بلدان أعضاء في قمة العشرين، أو صراعات محلية ساهمت في تصعيدها أو سكتت عنها. وفي مواجهة ذلك يصح الشعار الذي أطلقه المحتجون قبل عشر سنوات: "نحن هنا لأنكم تدمرون بلداننا".
3 - الفقر والجوع
على الرغم من انخفاض نسبة الجياع الى مجموع سكان العالم، إلا إن هناك 800 مليون إنسان يعانون شح الغذاء. مع ان المنتج العالمي من الأغذية سنويا يكفي لسد حاجة 12 مليار إنسان. فمشكلة الجوع نتيجة لعدم عدالة التوزيع وثيقة الصلة بالرأسمالية، حيث يجري توفير الغذاء للقادرين على الدفع فقط.. فيما مؤسسات مثل البنك الدولي، وصندوق النقد العالمي، اللذين يساهمان بانتظام في أعمال القمة ، يشاركان عبر برامج التقشف التي يفرضانها في إنهاء العديد من التدابير الاجتماعية المتخذة للتخفيف من وطأة الفقر والجوع.
4 – الأوبئة
إن الإفقار وإلغاء الرعاية الصحية العامة، وضعف تمويل برامج التأهيل الصحي، من قبل منظمة الصحة العالمية ومنظمات الدعم الخاصة، أدت إلى تدهور الوضع الصحي في العديد من بلدان العالم.
5–تزايد تأثير التغيرات المناخية
إن بلدان مجموعة العشرين مسؤولة عن 82 في المائة من كميات ثاني أوكسيد الكربون المنبعثة في العالم.
ويتضح مما تقدم إن المسببين والمعمقين لهذه المشاكل سيجتمعون في تموز المقبل في هامبورغ، جالبين معهم تناقضاتهم العميقة، ما يجعل الاعتقاد بأنهم سيحققون أكثر من الحفاظ على الواقع القائم، على الرغم اضطراباته العميقة، تصور ساذج.
وبالإضافة إلى بلدان الليبرالية الجديدة، والبلدان الاستبدادية، او تلك التي تسود فيها أنظمة عنصرية، أو حكومات ينخرها الفساد ستشهد قمة هذا العام إضافة نوعية متمثلة بالرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب . وربما ستشهد القمة حضور زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا ماري لوبان، اذا ما استطاعت في ايار المقبل دخول الاليزيه.
والمشكلة لا تنحصر في السياسات الخاطئة، ولكن في الكثير من الرموز الكريهة التي ستكون حاضرة. وعليه فعلى الذي يوجه الدعوة إلى هؤلاء إن يتوقع ايضا احتجاجات عالمية واسعة في هامبورغ.