مدارات

تمثال صيني لكارل ماركس في مسقط رأسه

رشيد غويلب
وافق المجلس البلدي في مدينة ترير الألمانية، الاثنين الفائت، بالأكثرية على نصب تمثال كبير للثوري و الفيلسوف، والاقتصادي، والمفكر الأشهر في العالم كارل ماركس، في المدنية التي ولد فيها قبل 200 عام. والنصب الكبير هدية من جمهورية الصين الشعبية للمدينة في هذه المناسبة. وصوت لصالح قبول الهدية 42 عضوا ، ورفضها 7 أعضاء، وامتنع عن التصويت 4 آخرون. وسيحدد موقع إقامة النصب، والتكاليف المترتبة على إقامته في وقت لاحق، وبعد إجراء مزيد من المفاوضات مع الجانب الصيني.
و وفقا للتصميم المعد من قبل الفنان الصيني "وو يشان" سيبلغ ارتفاع التمثال 6,30 متر وسيحتل إحدى ساحات المدينة المهمة. وقد اثار حجم التمثال وطبيعة المكان الذي سيحتله نقاشا نقديا بين سكان المدينة. و لد كارل ماركس، الذي أسس سوية مع صديقة فريدريك أنجلس الاشتراكية العلمية، في الخامس من ايار 1818 في مدينة ترير الواقعة على نهر الموزل، وامضي الـ 17 عاما الأولى من حياته فيها.
وفي المناقشة الساخنة التي شهدها المجلس البلدي للمدينة قال متحدث الشؤون الثقافية في كتلة الحزب الديمقراطي الاجتماعي ماركوس نول: " إن هدية الصين تعد تكريما لمسقط رأس الفيلسوف الكبير كارل ماركس". وإن ملف التمثال يشكل مناسبة للمناقشة "إن المناقشات تجري في المدينة بجدل طاغ، وبالضبط هذه مهمة الفن". وتريد ترير في السنة اليوبيلية 2018 "الدخول مع جميع انحاء العالم في مناقشات"، بما في ذلك مع الزوار الصينيين.
وقالت رئيسة حزب اليسار الألماني في المدينة، كاترين فيرنر: " ينبغي على ترير أن تهيئ احتفالا كبيرا، لواحد من أبنائها ذائعي الشهرة. إن عمل ماركس، وخصوصا تحليله العميق للرأسمالية حرك الناس في جميع أنحاء العالم، وسيستمر في فعل ذلك". وأضافت، إن التمثال والمكان المهم الذي سيحتله، سيكون فرصة لوقفة نقدية مع ماركس، وأعماله، وتأثيره.
وكانت المدينة قد عرضت نموذجا خشبيا للتمثال المرتقب ليستطيع سكان المدينة التعرف عليه. وفي هذه المناسبة قال عمدة المدينة فولف رام لايبه من الحزب الديمقراطي الاجتماعي: "إن كارل ماركس مواطن كبير لهذه المدينة، وعلينا إن لا نخفي ذلك. وستنظم ولاية راينلاند فالس، ومدينة ترير معرضا كبيرا في هذه المناسبة.
ولد كارل ماركس في 5 أيار 1818 في مدينة ترير حيث أنهى تعليمه الثانوي في عام 1830، والتحق بجامعة بون ثم جامعة برلين، وفي ذلك الوقت كانت نظرته العامة للعالم قد بدأت تتشكل، وقد ترك الاتجاه اليساري في فلسفة هيجل أثره على تطور ماركس الروحي، لقد تمسك ماركس بالأفكار الديمقراطية الثورية فاتخذ موقفا يسارياً جذريا بين الهيغليين الشبان، وفي مؤلفه الأول الذي كان رسالته في نيل درجة الدكتوراه في الفلسفة “الاختلاف بين فلسفة ديموقريطس الطبيعية وفلسفة أبيقور الطبيعية” عام 1841خرج ماركس من فلسفة هيجل “رغم مثاليته”، بنتائج جذرية للغاية، وفي العام 1842 أصبح ماركس عضواً في هيئة تحرير صحيفة “راينيش تسايتونغ” ثم أصبح فيما بعد رئيس تحريرها، وقد حول ماركس الصحيفة إلى أداة للديمقراطية الثورية، وخلال نشاطه العلمي وأبحاثه النظرية، اصطدم ماركس مباشرة بالفلسفة الهيغلية، بسبب اتجاهاتها التوفيقية ونتائجها السياسية المحافظة، وبسبب التفاوت بين مبادئها والعلاقات الاجتماعية الفعلية، ومهام تحويل هذه العلاقات، وفي هذا الصدام مع هيغل والهيغليين الشبان تحول ماركس إلى الموقف المادي، ولعبت معرفته بالتطورات الاقتصادية الحقيقية وفلسفة فيورباخ الدور الحاسم في عملية تحوله، وحدثت ثورة نهائية في نظرة ماركس العامة للعالم نتيجة لتغير في موقفه الطبقي، وانتقاله من الديمقراطية الثورية إلى الشيوعية الثورية عام 1844، وقد نتج هذا الانتقال عن تطور الصراع الطبقي في أوروبا، وقد تأثر ماركس تأثراً بالغا بالثورة التي وقعت في ألمانيا عام 1844، وعن اشتراكه في الصراع الثوري في باريس التي كان قد هاجر إليها بعد أن أغلقت صحيفته “راينيش تسايتونغ” عام 1843، وعن دراسته للاقتصاد السياسي والاشتراكية الخيالية والتاريخ.
ومرت في الرابع عشر من آذار الحالي، الذكري الـ 134 لوفاة كارل ماركس، الذي توفى في عام 1883 . ودفن في مقبرة “هايغيت” بلندن، حيث ترقد زوجته جيني ماركس، التي توفت قبله بـ 15 شهرا فقط.