مدارات

اللجنة الاقتصادية – الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة: اسرائيل دولة فصل عنصري

رشيد غويلب
لأول مرة في تاريخها توصف إسرائيل في وثيقة رسمية صادرة من الأمم المتحدة بأنها دولة فصل عنصري على غرار نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا. وفي تقرير صادر من اللجنة الاقتصادية – الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة" الإسكوا"، التي تديرها السكرتيرة التنفيذية في الأمم المتحدة والوزيرة الأردنية السابقة ريما خلف، ورد نصا ما يلي "حجم الأدلة يدعم، بما لا يدع للشك مجالًا، أنّ إسرائيل مذنبةٌ في جريمة فرض نظام أبارتايد على الشعب الفلسطيني، ما يصل إلى حدّ ارتكاب جريمة ضد الإنسانية"، و"أنّ المجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة ووكالاتها، والدول الأعضاء، ملزمة جميعها إلزاماً قانونياً، وفق قدراتها، للحيلولة دون نشوء حالات الأبارتايد، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الحالات".
وقد كتب التقرير الذي نشر في 15 آذار الجاري من قبل خبيرين أمريكيين: أستاذ القانون الفخري من جامعة برينستون ريتشارد فولك، واستاذة العلوم السياسية في جامعة إلينوي فيرجينيا تيلي. لقد كان غضب اليمين الإسرائيلي والأمريكي كبيرا. ونتيجة للضغط الكبير المسلط عليه نأى السكرتير العام للأمم المتحدة، وزعيم الحزب الاشتراكي البرتغالي السابق، أنطونيو غوتيريس بنفسه عن التقرير، وأصر على مسح التقرير من قائمة وثائق لجنة الأمم المتحدة. واحتجاجا على هذا السلوك قدمت رئيسة اللجنة، وعضو الأمانة العامة للأمم المتحدة ريما خلف استقالتها، لأنها رفضت التراجع وفضلت التخلي عن وجاهة المنصب وجاء في استقالتها، إنّها ترى "أنّ واجبها يقضي عليها ألّا تكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة"، وأنّ قرارها لم يأتِ لكونها مسؤولة دولية، وإنّما جاء بصفتها "إنسانةً سويةً، تؤمن بالقيم الإنسانية السامية التي أُسست عليها منظمة الأمم المتحدة، وتؤمن أنّ التمييز ضدّ أي إنسانٍ على أساس الدين أو اللون أو العرق غير مقبول، ولا يمكن أن يقبل بفعل سلطان القوة، وأنّ قول الحق في وجه جائرٍ ليس حقًا فحسب، وإنّما هو واجب".
وتضمن التقرير حقائق بشأن الحرمان والتمييز ضد العرب الذين يعيشون في داخل إسرائيل على أسس عنصرية. وان العالم يفشل مجددا في إلغاء هذه السياسات مرة واحدة والى الأبد. وأكدت هذه الحقيقة حملة وزير الدفاع الإسرائيلي اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان، الداعية إلى منح مواطني إسرائيل من العرب، والذين تبلغ نسبتهم 20 في المائة الجنسية الفلسطينية، بدلا من الجنسية الإسرائيلية، إي ينبغي لهم أن يتحولوا إلى أجانب في بلدهم الأم الذي يعيشون فيه منذ مئات السنين، وبالتالي لن يكون من حقهم الانتخاب. وفي الوقت نفسه طالب ليبرمان بالترحيل القسري للعرب المقيمين في إسرائيل إلى الضفة الغربية المحتلة، كتعويض لدمج المستوطنات المخالفة للقانون الدولي في الدولة الصهيونية. وهذه هي سياسة الفصل العنصري بلا رتوش.
إن التوسع الهائل للمستوطنات في الضفة الغربية يتوافق مع سياسة الفصل العنصري على أساس القضم التدريجي. ومنذ لقاء نتنياهو مع ترامب في 15 اذار الجاري، وتصريح الأخير إن بلاده لا تصر بالضرورة على حل الدولتين، واليمين الإسرائيلي المتطرف يشعر بالنشوة ويتحدث عن أهدافه التوسعية علانية وبلا تحفظ. ويزداد عدد القوى الصهيونية التي تعتبر "حل الدولتين ميتا"، اي إن البديل المتبقي هو حل الدولة الواحدة الذي يعني عمليا ضم الضفة الغربية، وعدم تمتع السكان الفلسطينيين بحق المواطنة، وعكس ذلك سيتمتعون بحق التصويت والترشح في الانتخابات، وبالتالي سيشكلون الأكثرية في الدولة الجديدة، التي سيشكل فيها سكان إسرائيل الحالية من اليهود أقلية. ومن الواضح إن سياسة التوسع والفصل العنصري التي يتبناها اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي، والمدعومة بقوة من الولايات المتحدة الأمريكية، لا تشكل خطرا على السلام في الشرق الأوسط فحسب، وإنما تمثل أيضا خطر جديا على السلام العالمي. وإن الرد الواقعي على هذه السياسة هو اعتراف بقية بلدان العالم بالدولة الفلسطينية التي تعترف بها 136 دولة حتى الآن، لتتمتع بكامل عضويتها في الأمم المتحدة.