مدارات

كوريا الجنوبية: مرشح يسار الوسط رئيسا جديدا للبلاد

طريق الشعب
شهدت كوريا الجنوبية، الثلاثاء الماضي، انتخابات رئاسية مبكرة، لاختيار بديل لرئيسة الجمهورية التي عزلت من منصبها، بعد حركة احتجاج واسعة، و بقرار من المحكمة الدستورية على خلفية تورطها في ملفات فساد.
وفاز مرشح يسار الوسط مون جاي-إن بالسباق الانتخابي بحصوله، حتى ساعة اعداد هذا التقرير ، على 41,4 في المائة من الأصوات، بينما حصل منافسه اليميني المحافظ هونغ جون بيو على 23,3 في المائة من الأصوات وتعهد مون جاي-إن أمام حشد من أنصاره في العاصمة سيول بأن يكون "رئيسا لكل الكوريين الجنوبيين".
من هو مون؟
مون البالغ من العمر 64 عاما، ابن لاجئ من كوريا الشمالية، وكان قد سجن في السبعينيات لتزعم احتجاجات ضد الدكتاتورية العسكرية (1961 – 1979 ) بزعامة بارك شونغ هي، والد الرئيسة المعزولة، وهو محام سابق تخصص في الدفاع عن حقوق الانسان. ويتزعم بارك الحزب الديمقراطي اليساري، وهو حزب يسار الوسط، وكان قد ترشح ضد بارك في انتخابات 2012 ، ولكنه لم يتمكن من هزيمتها. وقال مون وهو يدلي بصوته "أشعر أن الشعب في حاجة ماسة إلى تغيير الحكومة".
وجرى التصويت في أكثر من 139 الف مركز للاقتراع. وانهي فوز مون عشر سنوات من حكم المحافظين، تكمن اهمية هذا الفوز الانتخابي ، بكونه قد يؤدي الى تغيير كبير في السياسة حيال جمهورية كوريا الديمقراطية وكذلك حيال الحليف والحامي الامريكي.
الحوار بدلا من التصعيد
يدعو مون الى الحوار مع كوريا الشمالية بهدف نزع فتيل التوتر ودفعها الى العودة الى طاولة المفاوضات. وهو يريد مسافة اكبر في العلاقات بين سيول وواشنطن. وفي مقابلة اجرتها معه صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا، قال مون انه على سيول ان "تلعب دورا قياديا في القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية".
وكان الشمال الذي يحلم بصنع صاروخ قادر على نقل السلاح النووي الى القارة الامريكية، قد أجرى تجربتين نوويتين منذ بداية 2016 وعددا من تجارب إطلاق الصواريخ. ولم تتوتر العلاقات الى هذا الحد في شبه الجزيرة الا في حالات نادرة، اذ يهدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتسوية هذه المسألة بالقوة العسكرية. وقد خفف لهجته مؤخرا مؤكدا ان لقاءً مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون "سيشرفه".
ولم تجد نفعا اتهامات المنافس هونغ جون-بيو مرشح حزب الرئيسة المقالة، للرئيس الجديد بأنه "اليساري الموالي لبيونغ يانغ". وقال شونغ تاي-وان الطبيب البالغ من العمر 72 عاما وصوت في مركز في حي سيوشو الراقي في جنوب سيول "اعطيت صوتي لهونغ لان الامن حيال كوريا الشمالية هو اهم شيء".
"تحديات متنوعة"
وشغل الفساد وتباطؤ النمو والبطالة وخصوصا بين الشباب، الحيز الاكبر من اهتمامات الناخبين. ووفرت هذه الانتخابات للمجتمع الكوري الجنوبي فرصة بالانتقال الى مرحلة جديدة بعد اشهر من الانشغال في الفضيحة بينما تم توقيف الرئيسة السابقة بارك التي تحاكم بتهمتي الفساد واستغلال السلطة.
وساهمت هذه القضية في تعزيز الاستياء العام بعدما كشفت العلاقات المريبة بين الطبقة السياسية وارباب العمل بعد الكشف عن تمكن صديقة الرئيسة تشوي سون-سيل من استغلال قربها من بارك لابتزاز ملايين الدولارات من كبرى الشركات. وكانت الحركة الاحتجاجية قد كشفت عن السماح لمستشارة رئيسة الجمهورية لسنوات عديدة والمقربة منها جدا تشوي سون سيل، بالاطلاع على أسرار حكومية وبتوظيف علاقتها برئيسة الجمهورية لجمع تبرعات ضخمة، من الشركات الكبيرة لتمويل مشاريع خيرية مزعومة والاحتفاظ بها. وبالإضافة إلى ذلك فان تشوي مارست التدخل في عمل الحكومة.
واجبرت الفضيحة التي تورط فيها وريث سامسونغ ورئيس "لوتي" خامس اكبر مجموعة كورية جنوبية، كل المرشحين الى ان يعد بإصلاحات لمزيد من الشفافية. لكن بسبب وزنها في الاقتصاد، لا يمكن المساس بهذه المجموعات الكبرى التي تسمى "شايبولز".
وكانت الصين من قضايا الحملة ايضا في اطار قضايا اقتصادية وعسكرية خصوصا. فقد اثار نشر درع امريكية مضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية لمواجهة التهديدات القادمة من الشمال غضب بكين التي اتخذت سلسلة اجراءات اعتبرتها سيول تدابير اقتصادية انتقامية.
وكتبت صحيفة "جون-آنغ" في افتتاحية عشية الاقتراع ان الرئيس المقبل للبلاد "سيكون عليه التصدي لتحديات متنوعة متوسطة وبعيدة الامد". وقالت "اذا اتخذنا القرار الخاطئ فسيكون علينا من جديد دفع ثمنه، كما تعلمنا من خياراتنا السيئة السابقة".