مدارات

بريطانيا: حزب العمال يتجه يسارا

رشيد غويلب
تم تسريب مشروع برنامج حزب العمال البريطاني للانتخابات العامة المقررة في الثامن من حزيران المقبل، قبل أيام من إعلانه رسميا. ونشرت الصحف البريطانية الصيغة المسربة. وبدا من الواضح ان بعض نقاط المشروع قابلة للتغيير، ولهذا الغرض التقى الخميس الفائت الفريق القيادي للحزب.
ولكن الخطوط العامة للمشروع ترسم صورة البرنامج الذي سيخوض به الحزب انتخابات 8 حزيران المبكرة، والتي يحاول الحزب الفوز بها. وكما هو متوقع، وتحت قيادة جيرمي كوربن، تضمن مشروع البرنامج جملة من المقترحات اليسارية.
اعادة تأميم قطاعات اساسية
تشير الوثيقة إلى عزم الحزب على إعادة تأميم قطاعات السكك الحديد والبريد، و تأسيس شركات طاقة تابعة للدولة يمكنها الدخول في منافسة مع شركات القطاع الخاص العاملة. كذلك إلغاء رسوم التعليم الجامعي، وبناء 100 الف وحدة سكنية عامة سنويا. ويريد حزب العمال دعم القطاع الصحي بـ 7,1 مليار يورو سنويا، وتخصيص مبالغ اضافية لرعاية الأطفال، فضلا عن منح النقابات العمالية نفوذا كبيرا.
وفي الوقت الذي جاء فيه رد فعل الصحافة المحافظة مبنيا على اتهام الحزب بـ "ردة الى سنوات السبعين"، لاقى مشروع البرنامج، وفق استطلاعات الرأي، تأييداً واسعاً نسبيا بين السكان.وكان معهد YouGov لاستطلاعات الرأي قد توصل قبل عامين إلى استنتاج مفاده أن البريطانيين يفضلون سيطرة الدولة على المرافق العامة و البريد. و معروف منذ سنوات ايضا، أن هناك أغلبية سترحب بتأميم السكك الحديدية.
كسب الناخبين الشباب
وبالغاء اجور الدراسة يريد الحزب كسب المزيد من الناخبين الشباب. وكانت الحكومة البريطانية قد رفعت، في 2010 اجور الدراسة الى ثلاثة اضعافها. وادى تنصل حزب الديمقراطيين الأحرار عن وعوده الانتخابية وموافقته على هذه السياسات، الى خسارته في الانتخابات الأخيرة الكثير من الأصوات.
وفي ما يتعلق بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي يقترح حزب العمال نهجا بديلا للخروج الصعب الذي تعتمده رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي، هو ادامة الوصول إلى السوق الداخلية وضمان حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى ذلك، ضمان عدم الإقدام على أي تنازل عن حقوق العمال، وحماية البيئة.
وردا على قول البعض أن حزب العمال المعارض يسعى من خلال هذا البرنامج إلى إعادة بريطانيا إلى حقبة السبعينيات، قال وزير المالية في حكومة الظل العمالية جون ماكدونال انه يرى عكس ذلك تماما، واصفا البرنامج بالتقدمي العصري الذي سيحدث تحولا كبيرا في البلاد، اجتماعيا واقتصاديا.
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، ولطمانة الجناح اليميني في الحزب، اقدمت قيادة الحزب على تنازلات: فعلى الرغم من المواقف المعروفة لرئيس الحزب كوربن بشأن تصفية السلاح النووي، فان تجديد أسطول الغواصات النووية ترايدنت يشكل جزءاً من مشروع البرنامج، بالاضافة الى الالتزام بنسبة 2 في المائة من الناتج الاجمالي المحلي المطلوبة من حلف الناتو.
وعلى العموم فان مشروع البرنامج الانتخابي مبني على تلك المبادئ السياسية التي انتخب كوربن على اساسها مرتين زعيما لحزب العمال. وكما اعلن هو نفسه عند انطلاق الحملة الانتخابية، فان استراتيجية حزب العمال ستستهدف، حتى الثامن من حزيران، طرح اوضح بديل ممكن لسياسة حزب المحافظين الحاكم.
وارتباطا بذلك يشير المتابعون الى كون فرص حزب العمال بالفوز صعبة، الا ان هذه الفرص ارتفعت بوضوح بعد اعلان مشروع برنامجه الانتخابي.