مدارات

للتذكير .. لا اكثر! / محمد عبد الرحمن

لا مصلحة للوطن والمواطن في العراك المحتدم الان تحت قبة البرلمان بين الكتل الحاكمة المتنفذة حول قانون الانتخابات . ما نشهده هو بامتياز استمرار للصراع السياسي والتنافس لادامة الاستحواذ على مواقع النفوذ والسيطرة والهيمنة، ومواصلة سياسة التهميش والاقصاء ومزاج الضيق بالآخر المختلف .
النقاش بشأن قانون الانتخابات ذهب بعيدا وخاض في تفاصيل لا موجب لها الا رغبة المتنفذين في احكام سيطرتهم، ووأد أي مسعى لتغيير موازين القوى على الارض بالطرق السلمية والدستورية. وهم الذين ما زالوا يعيشون «كابوس» انتخابات مجالس المحافظات، الذي لا مبرر له او مسوغ مقنعا، سوى الهلع من فقدان الامتيازات .
وكان يفترض بالنقاش ان يتركز اساسا على كيفية تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية، بما يضمن حفظ اصوات الناخبين وعدم تحويلها الى من لم تـُمنح لهم ، في انسجام مع روح الدستور الضامن لحق المواطن في حرية الاختيار ، حسب رغبته وارادته الحرة.
المتنفذون يقولون ان توزيع المقاعد على طريقة سانت ليغو، التي اعتـُمدت في انتخابات مجالس المحافظات ، لا يؤدي الى الاستقرار، بل يصعّب العمل ويؤدي الى قيام حكومات هشة. والرد على ذلك واضح وقاطع، فالحكومة الحالية تشكلت على وفق طريقتهم السابقة المفصلة على مقاسهم (والتي اعتبرتها المحكمة الاتحادية غير دستورية) وبلا سانت ليغو، فهل استقرت الاوضاع ؟ وهل ان الحكومة القائمة فاعلة؟ هل ادت مهامها وقادت البلاد واهلها الى الرخاء ؟ الاسئلة عديدة ومفتوحة ، وهي ما زالت بلا اجابات!
الخلافات بين المتصارعين لا علاقة لها بقرار المحكمة الاتحادية ، فهم يتطاحنون على المقاعد التعويضية وفي مسار جديد يختلف عن البداية، يوم جرت اول انتخابات برلمانية ، حيث يريدونها حصرا للمتنفذين والكتل الفائزة، سواء احتسبت على وفق عدد الاصوات ام بموجب عدد مقاعد الفائزين . وفي اثناء ذلك تتواصل الاجتهادات ،وتتبارى الكتل في رفع سقف العتبة الانتخابية، وهي بدعة جديدة للاقصاء والتخلص من «المشاغبين» سواء من الاحزاب او من المستقلين.. في تقليد مفتعل ولا منطقي لتجارب بلدان اخرى .
فقط عندما يسود الاستقرار والامن في العراق، وتتوقف الاسلحة ذات كواتم الصوت عن حصد الارواح ، ويمتلك المواطن كامل الحرية في الاختيار على اساس البرامج السياسية وفي التصويت، بعيدا عن اجواء التأجيج الطائفي والقومي والمناطقي وشراء الذمم والافساد بالمال السياسي ، والاستقواء بالمليشيات والدول الاجنبية .. عندما يتحقق هذا وغيره ، فلا باس من التفكير بابعاد « المشاغبين « بطرق قانونية ودستورية ، وليس بوسائل « حضارية « جربت منذ شباط 2011 حتى يوم أمس، باصرار عجيب على تضييق هامش ابداء الراي .
علينا ان نتذكر انه لا المقاعد التعويضية ، ولا العتبة ورفع عدد اعضاء مجلس النواب ، ولا تقييد حرية النائب في التعبير عن رايه ، ولا هوندت ولا سانت ليغو المعدل .. هي من صلب قرار المحكمة الاتحادية. فعودوا الى القرار، ولا تزيدوا بمواقفكم من جراحات شعبنا، وانتم تدعون كونكم ممثليه.
وتذكروا على الدوام : لو دامت لغيركم لما وصلت اليكم !