مدارات

طريق الشعب تلتقي د. علي الرفيعي المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي / حاوره - د. مزاحم مبارك مال الله

تشكل التجمعات والتنظيمات والتيارات الديمقراطية في العالم أجمع اليوم، أحد طرفي الصراع بين الشمولية وبين التعددية، بين الأستحواذ وبين المشاركة والمساهمة، وفي جميع الأحوال فأن مفهوم الديمقراطية وفق مبدأ العدالة الأجتماعية يختلف جذرياً عن مفهومها العولمي وحيد الجانب. وفي العراق إمتدت جذور التيار الديمقراطي منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة، لكنه لم يرتقِ الى ان يكون ظاهرة في المجتمع ولا في التأريخ السياسي العراقي ولجملة أسباب سنتطرق اليها في حديثنا مع الدكتور علي الرفيعي المنسق العام للتيار الديمقراطي العراقي.
حدثنا سيدي عن التيار الديمقراطي الحالي، ممن يتكون، ما هي عناصره وماهي آلياته؟

حينما يسمع المتلقي عبارة «التيار الديمقراطي»، يتصور أنه حديث النشأة. ولكن في الواقع فأن التيار له جذوره في الساحة السياسية العراقية تمتد الى بدايات القرن العشرين. جذوره تمثلت بأحزاب وقوى وشخصيات لها دور وبصمة في تأريخ العراق السياسي. فالتيار يتمثل بالأحزاب الوطنية وبالأحزاب الديمقراطية وبالأحزاب القومية التي رفعت شعارات وطنية بنفس الوقت. معروف تأريخ العراق فيه الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقلال وحتى حزب البعث في بداية تكوينه وقد كان أحد أطراف جبهة الاتحاد الوطني التي قادت النضال?من أجل إسقاط النظام الملكي، كلها تعكس واقع تيار ديمقراطي موجود على الساحة، لكن بعد السنين التي مرت على البلد ومن تسلط النظام الفردي، وبعد التغيير الذي حصل في 2003، كان لا بد أن يظهر صوت جديد. وكما نعلم فأن الساحة السياسية قد أنحصرت نتيجة سياسة المحتل وتشجيعه على بروز أحزاب دينية ذات هوية طائفية. لذلك كان لا بد للأحزاب الوطنية والعناصر الديمقراطية أن تجتمع، وقد أنبثق التيار الديمقراطي بعد الحوارات والنقاشات، والتيار الأن يمثل تحالف مجموعة من الأحزاب المعروفة بتأريخها السياسي الوطني كالحزب الشيوعي العراقي وا?حزب الوطني الديمقراطي والحركة الأشتراكية العربية وحزب الأمة وحزب الشعب وعناصر مستقلة وغيرهم. كل هؤلاء يسايرون خط التيار رغم أن بعضهم ليس منتميا لحزب أو تنظيم، الاّ أنه ضمن الخط العام الذي يطمح المواطن العراقي الى أن يلعبه التيار على الساحة.

التيار الديمقراطي العراقي الحالي، هل هو أعادة تجمع قوى وشخصيات التيار أم هو منطلق جديد وفق تحديات العملية السياسية الجارية في البلد بعد زوال النظام الدكتاتوري وجلاء قوات الأحتلال؟

نعم، كما ذكرت فأن التيار موجود في الساحة السياسية، لكن بعد التغيير واستحواذ الإسلام السياسي، طالب الشارع بلون جديد، صوت جديد، هذا اللون أو الصوت يمثل النَفس الوطني العراقي الذي يحافظ على هوية المواطنة العراقية. وللأسف الشديد ونتيجة سلوك هذه الأحزاب المتنفذة فهناك خطر يهدد نسيج المجتمع العراقي. الأن التقسيمات قائمة على أساس مذاهب وطوائف وهذا بحد ذاته يشكل خطورة على مستقبل البلد. لذلك كان الصوت يجب أن نرتقي، يجب أن نتفق، لينبثق تشكيل جديد، هو ليس بحزب، هو تشكيل يضم أحزاباً وقوى وشخصيات مستقلة، فأهلاً ومرحبا? بكل صوت عراقي يطالب بضرورة التغيير على الساحة السياسية.

هل هو نوع أو صورة من صور الجبهة الوطنية؟

لا أستطيع أن أقول أنه جبهة، ولكن لنا مشروعاً سياسياً بعيد المدى، ولدينا مشروع انتخابي، حيث خاض التيار وبالتحالف مع قوى أخرى، تجربة انتخابات مجالس المحافظات وحصل ولأول مرة على 11 مقعداً في مجالس المحافظات/ وهذا يعكس التغيير الموجود في الساحة السياسية. أنه مؤشر يثبت أن المواطن يطالب بالتغيير، ببروز وجوه جديدة يكون لها دور في الحياة السياسية. هذا يدفعنا الى ان نواصل الجهد، ونرتقي أكثر، نتجمع مع كل القوى التي تحب الوطن، مع كل القوى التي تقف بوجه النهج الطائفي، مع كل الناس بمختلف انتماءاتهم، فالخط الذي يجمعنا ه? خدمة الوطن ومحاربة الطائفية والأثنية التي تهدد بتمزيق العراق.

الأوضاع في البلاد غير أمينة ولا آمنة، والمعروف أن التيار الديمقراطي لا يمكنه أن يعيش في ظروف عسكرية وحربية وظروف أقتتال وعنف، كيف تقيمون عمل التيار في أوضاع كهذه؟

التيار بأحزابه، بأشخاصه، بتكويناته يقف الى جانب أبناء الشعب، نحن جزء من الشعب، الأرهاب يهدد الجميع، التدخل الخارجي حقيقة واضحة، الكل يتأثر بسياسة التدخل الخارجي ودعمه لبعض الجهات التي تعمل على زعزعة الأمن بالبلاد. والأرهاب هو تجمع لقوى ظلامية تريد أن تعبث بأمن واستقرار الوطن.

كيف تصلون الى الناس حتى يصبح التيار قوة في الشارع، في المجتمع؟

لدينا في كل المحافظات تنسيقيات، وهذه تتعاون مع الأحزاب السياسية الموجودة ضمن الرقعة الجغرافية لتلك التنسيقيات، من خلال اللقاءات الجماهيرية، من خلال الأجتماعات، من خلال المشاركة بالتظاهرات والأعتصامات، ولقاءاتنا مع الوجوه والشخصيات بكل المناسبات التي تهم الناس.
كانت لدينا جريدة التيار الديمقراطي وقد توقفت الآن، صدر منها 40 عدداً وكنا نطبع أربعة آلاف نسخة توزع على كل مناطق العراق وتنعكس الى خارج العراق حيث لدينا تنسيقيات في أنكلترا وألمانيا وهولندا والسويد والدنمارك وكندا والولايات النتحدة الأميركية واستراليا، وهم على صلة بمركز التيار في بغداد. الجريدة توقفت بسبب ضعف الأمكانيات المالية، نحن لسنا من أحزاب السلطة التي لديها الإمكانيات المالية الهائلة، وحتى في انتخابات مجالس المحافظات كان كل مرشح يصرف من ماله الخاص. وهناك أموال قليلة جداً تكاد لا تذكر (وهي كل ما نملك? صرفناها في الانتخابات. هذا كل المال الذي نواجه به تجار السلطة وتجار المال الذين أصطفوا معهم.

ذكرت في معرض حديثك أن التيار فيه مجموعة من الأحزاب التي لها باع طويل في السياسة العراقية. هل يصعب على تلك الأحزاب أن تتدبر الأمور المالية لدعم الجريدة أو أية وسيلة أعلام تجعلكم تصلون من خلالها الى الجماهير؟

الأحزاب الوطنية والديمقراطية المشاركة بالتيار الديمقراطي لم تبخل في الحملة الأنتخابية التي أحتاجت مالاً ومالاً كثيراً، نحن لسنا كالأحزاب الأسلامية التي لديها الآن فضائيات ولديها صحافة ولديها أعلاميون ولديها أذاعات. ولكن نحن للأسف لا نملك هذه الأمور، ونستعين ببعض القنوات التي تفسح لنا المجال في بث جزء من نشاطاتنا وليست كلها، كإذاعة الناس والمدى وطريق الشعب وقناة الحرية الفضائية وأحياناً الحرة عراق، وخصوصاً حينما تتم أستضافتنا نحن شخصيات التيار الديمقراطي في هذه المنابر سواء جلسات حوارية أو لقاءات.

هل أصبحتم تشكلون قوة على الساحة السياسية بأعتقادك؟

لنا وجود في الساحة السياسية ولكن اذا كان مفهوم القوة بمفهوم قوة الأحزاب السياسية، أستطيع أن أقول: لا لحد الآن، ينبغي علينا العمل كي نكون قوة على الساحة. كيف يتأتى ذلك ؟من خلال أستعدادتنا للأنتخابات البرلمانية القادمة. فالتيار الديمقراطي العراقي عريق وله منهاج وله فهم للواقع العراقي ولمستقبل العراق. يوجد تحالف أنتخابي ويوجد برنامج أنتخابي كما هو الحال بوجود برنامج سياسي.

ماهي رؤاكم .. كيف تنظرون بعين ستراتيجية الى مستقبل التيار؟

أملنا قوي خصوصاً من خلال النجاحات التي حققها التيار في مواقف عديدة كما في مجالس المحافظات، وفي لجوئنا عدة مرات الى المنابر القضائية في المحكمة الأتحادية، كذلك مشاركاتنا بتجمعات منظمات المجتمع المدني. ويبقى دعم الناس هو الذي يحفزنا على أن يكون لنا دور فاعل في المستقبل.

هل حصلت لكم لقاءات مع القوى السياسية الموجودة في السلطة الأن ؟

نعم حصلت مع بعض الشخصيات التي تؤمن بالنهج الديمقراطي، وحتى مع شخصيات أحزاب الإسلام السياسي. فمنهم المعتدلون، ونحن لا نمانع في أقامة تحالفات حتى مع المتدينين المعتدلين أذا كانوا يقفون معنا في وجه التعصب الطائفي، بل نرحب بهذا التعاون.

ألديكم علاقات مع التيارات الديمقراطية خارج العراق؟

لدينا تنسيقيات كما أشرت وهي جزء من التيار، ولها علاقات مع القوى الديمقراطية في ألمانيا والسويد. وعموم التنسيقيات تنشط وتعمل على اظهار وجود التيار الديمقراطي العراقي في الداخل والخارج.

ما رأي التيار بالتظاهرات التي تجري هذه الأيام ؟

نحن جزء من هذه التظاهرات، نحن جزء من هذه المطالب، وينبغي أن نكون جزءاً منها. هذه مطاليب شعبية تدعو الى العدالة الاجتماعية، تدعو الى تحقيق ولو قدر بسيط (دعني هكذا أقول) من المساواة ومن العدالة ولذلك نحن جزء من هذا التوجه.

ولكن ما يجري الأن من خروقات للدستور وكبت للحريات يتقاطع تماماً مع توجهات التيار الديمقراطي

بالضبط أنا متفق مع ما ذهبت إليه، هناك تقاطع مع النهج الديمقراطي، الدستور أباح التظاهرات ولا يوجد أي نص قانوني يشترط موافقة أي جهة من الجهات. ولكن هذا ما معمول به وللأسف الشديد. وبحجة المحافظة على أمن المتظاهرين، منعت الجهات المسؤولة في بغداد هذه التظاهرات ومنها مظاهرات هذا اليوم 5/10/2013 في حين ان الجهات المسؤولة في محافظة ذي قار مثلا أعطت الأجازة للمتظاهرين.

لماذا لا تلجأون الى المحكمة الأتحادية وتقدمون شكوى ضد الجهات التي تمنعكم ؟

ينبغي ان نفكر في ذلك، ينبغي اللجوء الى المحكمة الأتحادية لإيقاف هكذا تصرف غير دستوري.

أما آن الأوان لأصدار بيان شديد اللهجة بخصوص منع التظاهرات؟

نحن أصدرنا بيانات عديدة بالنسبة لموقف السلطة، وهذا صحيح مع الأساليب المتنوعة العديدة للوقوف بوجه التصرفات الفردية غير المبررة، غير الدستورية. حجة المحافظة على الأمن والنظام واردة، جميعنا مع الأمن ولكن ليس بهذا الشكل المجحف في منع أي مظاهرة للجماهير للتعبير عن وجهة نظرها، هذا غير مقبول أطلاقاً، ونحن لا نقبل بأي تظاهرة تضر بأمن البلد وأستقراه.

هل قدمتم طلب أجازة لمظاهرة هذا اليوم بأسم التيار الديمقراطي؟

منظمات المجتمع المدني التي هي جزء منا، قدمت طلب الاجازة، لكنها لم تمنح.