مدارات

المؤتمر الخامس لحزب اليسار الالماني .. المهمة الرئيسية مواجهة الليبرالية الجديدة

رشيد غويلب
شهدت قاعة المؤتمرات في مينة هانوفر الالمانية ايام 9 - 11 حزيران الحالي المرحلة الثانية من المؤتمر الخامس لحزب اليسار الألماني، والتي انعقدت تحت شعار "ضمان اجتماعي. عدالة. سلام للجميع"، وبمشاركة اكثر من 500 مندوب يمثلون منظمات الحزب في جميع انحاء البلاد . ترافق انعقاد المؤتمر مع احتفالات الحزب بالذكرى العاشرة لتأسيسه في منتصف حزيران 2007 . وكانت مهمة المؤتمر الرئيسة مناقشة واقرار البرنامج الانتخابي الذي سيخوض على اساسه الانتخابات البرلمانية العامة في نهاية ايلول المقبل.
وتضمن برنامج المؤتمر ايضا مناقشة التقرير المقدم من قبل قيادة الحزب، بالاضافة الى تقارير لجان الحزب الاتحادية في مختلف الاختصاصات، وكذلك تقارير كتلة الحزب في البرلمان الاتحادي، وتقرير كتلة اليسار في البرلمان الاوربي، وتقرير حزب اليسار الأوربي، وشهد المؤتمر انتخاب اعضاء لجنتي الرقابة والمالية، فضلا عن اقرار جملة من القرارات الأخرى.
وكان ابرز المتحدثين في المؤتمر رئيسا الحزب كاتيا كيبنك وبيرند ريكرنغر، ورئيسا الكتلة البرلمانية، ومرشحا الحزب الرئيسان: ساره فاكنكنخت وديتمر بارج، بالاضافة الى رئيس حزب اليسار الأوربي غريغور غيزي، وهانز مودرو آخر رئيس وزراء في جمهورية المانيا الديمقراطية السابقة، والشخصية المعروفة في اوساط اليسار العالمي، ورئيس لجنة المسنين في الحزب. وشهد المؤتمر ايضا كلمات لممثلي حزب اليسار اليوناني، وحزب الشعوب الديمقراطي، واحدى ناشطات حقوق الانسان من افغانستان، ارتباطا بعمليات الترحيل القسري الذي تمارسه الحكومة الالمانية وحكومات بعض المقاطعات لطالبي اللجوء الأفغان.
البرنامج الانتخابي
واقر المندبون بعد مناقشة مستفيضة بأغلبية ساحقة مشروع البرنامج المقدم من قيادة الحزب بعد ان صوتوا على اكثر من 400 مقترح للتغيير والأضافة والحذف. وعكس البرنامج ثوابت حزب اليسار المتمثلة في اعتماد خيار السلام، وتحسين وضع المتقاعدين و العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود.
وحدد البرنامج شرط رفض مشاركة الجيش الالماني في اي صراع مسلح في جميع انحاء العالم، للدخول في اي تحالف حاكم في المستقبل. كما طالب الحزب بانهاء جميع مهمات الجيش الألماني خارج الحدود مهما اختلفت طبيعتها. وكرر البرنامج المقر مطالبة الحزب بحل حلف الناتو واستبداله بنظام للأمن المشترك، وبمشاركة روسية.وتضمن البرنامج مطلب الغاء جميع انواع مؤسسات المخابرات، ارتباطا بالفضائح التي عصفت بها، وعدم قدرة الدولة السيطرة عليها، كبديل لها يدعو الحزب الى تعزيز قوات الشرطة من جميع النواحي للحفاظ على الامن الداخلي
وفي الجانب الاجتماعي طالب الحزب بضمان اساسي غير مشروط، وحد ادنى تضامني للاجور قدره 1050 يورو شهريا. ورفع نسبة الراتب التقاعد من 48 الى 53 في المائة،ورفع الحد الأنى للاجور من 8,84 الى 12 يورو في الساعة. ورفع الحد الأعلى للاعفاءات الضربية من 8800 الى 12600 يورو. ورفع نسبة الحد الاعلى للضريبة الى 53 في المائة، بدءً من دخل سنوي مقداره 70 الف يورو، . والمطالبة ايضا بفرض "ضريبة الميليارديرية".
وفي ختام مناقشة مشروع البرنامج واقراره عبر ممثلو التيارات ومجموعات العمل داخل الحزب عن اتفاقهم على البرنامج واعتماده اساسا لحملة الحزب الانتخابية، وان التباين الذي عكسته المناقشات يشكل حالة صحية في حزب قائم على التعددية الفكرية والتنظيمية.
المشاركة في الحكومة
لعل مشاركة حزب اليسار في الحكومة الاتحاية مستقبلا كانت واحدة من القضايا التي اخذت حيزا بارزا في الكلمات الرئيسية وفي مناقشات المندوبين: في حين لن يغلق الجميع الباب امام فكرة المشاركة، الا ان تيارين رئيسيين برزا في المؤتمر الاول تمثله رئيسة الكتلة البرلمانية سارة فاكنكنشت، والذي كان احد محاور كلمتها الحماسية التي قوبلت بتصفيق متواصل، والداعي الى مشاركة على اساس برنامج يرفض الحرب كوسيلة لفض النزاعات الدولية، ويقف موقف واضحا من سياسات الليبرالية الجديدة، وبما ان حزبي الوسط الديمقراطي الاجتماعي والخضر مستمران بدعم هذه السياسة ولا يقدمان ما يشير الى نيتهما في التخلي عنها، فان الحديث عن تحالف مستقبلي معهما سابق لأوانه، وان" معارضة جيدة خير من مشاركة في حكومة سيئة". و العامل الحاسم في التغيير السياسي هو تعزيز حزب اليسار لمواقعه في البرلمان القادم. التيار الثاني الذي يدعو الى ازاحة اليمين من السلطة بواسطة تحالف يسار الوسط، والذي يمثله رئيس الكتلة البرلمانية المشارك ديتمر بارج ورئيسة الحزب المشاركة كاتيا كيبنك، فانه شدد على اولوية تحقيق الحزب لنتائج انتخابية جيدة، مشيرا الى ضرورة التفكير الجدي في ممارسة الحكم. وقد اتفق الجميع على وضع التباين في الاراء حول هذا الملف جانبا، وتركيز الجهود على حملة انتخابية ناجحة.
ولعدم وجود رغبة حقيقية عند قوى الوسط في الأقدام على تغيير سياسي حقيقي، وفشل الديمقراطيين الاجتماعيين في طرح مرشح يشكل منافس قوي للمستشارة الحالية، فان التوقعات تشير الى ان نتائج الانتخابات القادمة سوف لا تحدث تغييرا كبيرا، وفيما يخص حزب اليسار، فان التوقعات تشير الى امكانية احافاظ الحزب بمواقعه الحالية.
الموقف من الاتحاد الأوربي
على الرغم من وجود شبه اجماع على ضرورة اعاة تأسيس الاتحاد الأوربي على اسس جديدة لتجعله اتحادا للشعوب على اسس السلام والتضامن، وكذلك التحذير من العودة الى الدولة القومية التي تعني بالنهاية منح قوى اليمين المتطرف فرصة اخرى للصعود، الا ان هناك اصوات داخل الحزب لا تعتبر الاتحاد الأوربي "اتحادنا"، وهناك منظمات في شرق المانيا طرحت مقترح "جمهورية اوربية"، على اساس العدالة الاجتماعية، بديلا للاتحاد الحالي،المقترح الذي رفض من الأكثرية عند التصويت عليه.
الشيوعي العراقي يشارك في اعمال المؤتمر
شارك في المؤتمر اكثر من 50 وفدا يمثلون احزابا شيوعية ويسارية من بلدان العالم المختلفة. بينها الاحزاب الشيوعية في السودان ولبنان، وحزب الشعب الفلسطيني. وامتاز المؤتمر بحضور لافت لممثلي احزاب وحركات اليسار في افريقيا، ارتباطا باهتمام الحزب المضيف، بعودة الرأسمال الالماني بقوة الى القارة الأفريقية، وخصوصا بلدان المستعمرات الالمانية السابقة.
ومثل الحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر عضو اللجنة المركزية الرفيق علي مهدي، يرافقه الرفيقان حازم كويي و رشيد غويلب. وبالاضافة حضور الفعالية التي نظمها الرفاق الالمان للتعريف بالبرنامج الانتخابي، وحفل استقبال الضيوف الأمميين. تم اجراء العديد من اللقاءات مع الوفود الشقيقة، فضلا عن لقاء مغ مؤسسة روزا لوكسمبورغ، والرفيق هلموت شولز عضو البرلمان الأوربي والمهتم بموضوعة التضامن مع الشعب العراقي. وجرى خلال هذه اللقاءات التعريف بالتطورات الجارية في العراق، ورؤية الحزب الشيوعي العراقي وبدائله للخروج بالبلاد من الأزمة البنوية التي تلفها، وبالمقابل تم الاطلاع على العديد من التجارب وخصوصا تلك التي تعكس مشتركات مع الملفات المطروحة في بلادنا.