مدارات

في واحد من اهم مراكز الرأسمال في العالم ..الحزب الشيوعي الياباني يتقدم

رشيد غويلب
المعطيات المتوفرة حول قوى اليسار في اليابان تثير الاعجاب: الحزب الشيوعي الياباني الذي تأسس عام 1922 تبلغ عضويته اكثر من 300 الف رفيقة ورفيق ، وهي في تزايد مستمر. وتوزع 200 الف نسخة من جريدته اليومية "اكانتا" (الراية الحمراء)، وفي يوم الاحد يصل العدد الى مليون نسخة. وعلى الرغم من نظام الانتخابات اللاديمقراطي المعمول به في البلاد، خليط من نظام الأغلبية والتمثيل النسبي، فلدى الحزب في البرلمان الوطني 21 نائبا من اصل 475 نائبا، وفي مجلس الشيوخ يشغل الحزب 14 مقعدا من 242 مقعدا.
والحزب ممثل في 523 بلدية في عموم البلاد. وبهذا فان الحزب اقوى بمرات مضاعفة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الياباني، الذي تأسس عام 1996 من قبل كوادر في الحزب الاشتراكي الياباني المتشضي ، والأخير كان طيلة عقود عديدة اقوى احزاب اليسار في اليابان. وكان يقف على يسار الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية في غرب اوربا. واليوم يمتلك الحزب الاشتراكي مقعدين فقط في مجلس النواب ومثلها في مجلس الشيوخ.
اما كيف يمتلك حزب شيوعي في واحد من اقوى الاقتصاد الراسمالية هذه القاعدة القوية؟ فالجواب يبدو بالنسبة الى الرفاق اليابانيين واضحا وبسيطا، وهو اعتماد سياسة علمية واقعية اساسا لبناء حزب انتخابي ناجح، منفتح في التحالف على قوى الوسط، لازاحة اليمين المحافظ من السلطة.
يعارض الشيوعيون جميع اشكال العمالة المؤقتة، وغير المستقرة، وخصوصا تلك التي تعاني منها الشبيبة. والشيوعي هو الحزب الكبير الوحيد الذي يطالب بايقاف استخدام الطاقة النووية، ويدعو الحزب أيضا إلى إغلاق القواعد الأمريكية في جزيرة أوكيناوا جنوبي البلاد، ولا يتفق مع تحالف اليابان العسكري مع الولايات المتحدة. وكذلك يرفض سياسة التسلح المتصاعد وعسكرة السياسة الخارجية اليابانية، وكان الحزب مشاركا اساسا في الاحتجاجات ضد التعديل الدستوري، الذي يتيح للجيش الياباني التواجد في مناطق النزاعات العسكرية خارج الحدود.
ويعتبر الحزب الاشتراكية هدفا استراتيجيا بعيد المدى، ولا يؤكد الحزب في مخاطبة الرأي العام على المطالبة بتأميم البنوك والسيطرة على وسائل الانتاج. ويعتمد الحزب خطابا ناقدا للراسمالية قائما على مطالبات يراها الحزب واقعية، ويبتعد الشيوعيون من جميع اشكال التصعيد والمواجهات.
قوى اليسار الأخرى
والى جانب الحزب الشيوعي يشير المتابعون الى وجود عدد من المنظمات والاحزاب اليسارية الصغيرة المتطرفة، بعضها يحمل مسميات شيوعية، والتي لازالت تعاني من تداعيات الانشقاقات والصراعات العنفية التي عاشتها في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، والتي راح ضحيتها اكثر من 100 ضحية. وكانت هذه المنظمات قادرة في السبعينيات على تعبئة الآلاف في النشاطات الاحتجاجية، ولكن صراعاتها العنفية الداخلية، والدوغما السائدة فيها، والانغلاق جعلها تخسر الكثير من نشطائها.
وتعد الرابطة الثورية الشيوعية- اللجنة الوطنية اكبرهذه المنظمات المتبقية، والتي شهدت تحسنا في السنوات الأخيرة، ونفس الشيء ينطبق على الاتحاد الطلابي القريب منها ، ولها علاقات ودية مع نقابة السكك الحديد. وتتبنى هذه المجاميع فكرة الثورة العالمية وتساوي بين رفض الراسمالية، والتجربة الاشتراكية السابقة في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا.