مدارات

ماهو الطريق الأمثل لإزالة الأسلحة النووية

رشيد غويلب
في بداية تموز الفائت اقرت 122 دولة عضو في الأمم المتحدة، وبعد مفاوضات مكثفة، معاهدة ملزمة دوليا لحظر الأسلحة النووية. وبموجب المعاهدة تلتزم البلدان الموقعة على المعاهدة، وتحت اي ظروف كانت بعدم تطوير وانتاج، وامتلاك وتخزين الأسلحة النووية. وجاءت المبادرة لاقرار المعاهدة نتيجة لاجتماع تحضيري، عقد في وقت سابق، وشارك فيه 100 بلد عضو في المنظمة العالمية.
ورحبت قوى السلام العالمي ومنظمات المجتمع المدني في جميع انحاء العالم بالتوصل الى عقد المعاهدة. وبينت المبادرة، انه وبعد مرور 72 عاما على القاء الولايات المتحدة القنابل الذرية، في السادس والتاسع من آب 1945، على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، لا تزال قضية نزع السلاح النووية تتمتع براهنيتها واهميتها. ورأى المشاركون في الاجتماع ان التوصل الى المعاهدة يمثل تصويتا بناء على عدم الثقة بالبلدان المالكة للاسلحة النووية، وعلى هيمنتها على مجلس الأمن. وتأتي عدم مشاركة البلدان المالكة للاسلحة النووية، في السر والعلن، في اقرار المعاهدة، لتؤكد صحة هذا الاستنتاج.
ويبدو ان رؤية عالم خالٍ من الأسلحة النووية، كما طرحها الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما في كلمته الشهيرة في براغ في ايار 2010، والتي كانت مجرد كلام، كما بينت السنوات التي قضاها في دفة الحكم، لاتزال تلوح في المستقبل البعيد. ولا يزال هناك أكثر من 16 الف رأس نووي في العالم، تبلغ قوتها التدميرية 900 الف ضعف للقوة التدميرية للقنبلة التي القيت على هيروشيما. وليس هذا فقط، فالصراعات التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية، بل وحتى مواجهة نووية في ازدياد مضطرد. وهنا يمكن الإشارة الى التوترات في شبه الجزيرة الكورية، واستمرار الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، والعلاقات المتوترة بين بلدين نوويين هما الهند والباكستان والحرب متعددة الأطراف في سوريا، وتدخل قوى اقليمية، وكبرى فيها، والتصاعد الجديد في الأزمة الأفغانية، والنبرة العدوانية من الولايات المتحدة والناتو تجاه روسيا الاتحادية، وطبيعة ردود فعلها المتوقعة، والتي يمكن ان تؤدي الى تقويض أو حتى إنهاء الاتفاقات القائمة بشأن الحد من الأسلحة.
اليابان تستذكر المأساة
أحيت اليابان الأحد الفائت ذكرى مرور 72 عاما على مأساة هيروشيما التي تعرضت الى أول هجوم نووي فى العالم، وتأتى الذكرى هذا العام بعد أن أيدت حكومة اليمين في اليابان الشهر الماضي مواقف القوى النووية الكبرى بعدم التوقيع على معاهدة دولية تحظر الأسلحة النووية. على الرغم من كونها الدولة الوحيدة فى العالم التى تعرضت لهجوم نووي لحد الآن.
وعلى الرغم من ذلك، صرح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في المراسيم السنوية في حديقة نصب هيروشيما للسلام إن اليابان تأمل في الدفع نحو عالم خال من الأسلحة النووية بطريقة يمكن لجميع الدول الاتفاق عليها .وقال في خطابه في المراسيم "بالنسبة لنا، كي ندفع حقا نحو عالم خال من الاسلحة النووية، نريد مشاركة من كل الدول النووية وغير النووية".
ومن جانب آخر انتقد مسؤولون يابانيون معاهدة حظر الاسلحة النووية وقالوا إنها تعمق الخلاف بين الدول التي تملك اسلحة نووية والبلدان الاخرى. ويقول المسؤولون اليابانيون باستمرار إنهم يعارضون الاسلحة النووية لكن دفاع اليابان يحتمي بالمظلة النووية الاميركية.
وتعرضت اليابان لهجومين نوويين أميركيين نهاية الحرب العالمية الثانية، على هيروشيما فى 6 آب 1945 وعلى ناغازاكى بعد ثلاثة أيام.
وأودى الهجومان بحياة 140 ألف شخص في هيروشيما و74 ألف شخص في ناغازاكي. وقتل بعضهم على الفور وتوفي آخرون متأثرين بجروحهم أو لإصابتهم بأمراض متعلقة بتعرضهم للاشعاعات بعد اسابيع أو أشهر أو حتى سنوات، ولا يزال تأثير الإشعاعات يطارد الاجيال المولودة حديثا في البلاد.
وانتظرت الولايات المتحدة اكثر من 70 عاما، ليقوم الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما، بزيارة هيروشيما في أيار العام الفائت حيث قام بتكريم ضحايا القنبلتين المدمرتين.
والغريب ان دعاة الحرب في البلدان الرأسمالية المتطورة ما زالوا يقللون من بشاعة الجريمة، ويعيدون ما قالته ماكنة الدعاية الامريكية من أكاذيب حولها، مدعية ان قصف ثاني اكبر مدينتين في اليابان بالقنابل النووية سهّل تسريع انهاء الحرب في المحيط الهادي في آب 1945، واستسلام اليابان من دون قيد او شروط في 15 منه.