مدارات

تأثيرات العولمة الرأسمالية على اقتصاد الهند

رشيد غويلب
تعني العولمة بالنسبة لجزء من الطبقة الوسطى الهندية فرص عمل في قطاع صناعة الالكترونية والبرمجة. وبالنسبة للشركات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعني اسواقا لتصريف السلع الاستهلاكية. وتدعي مراكز التفكير الليبرالي الجديد، بان العولمة تعني تحسين اوضاع الفقراء، من خلال تسرب الرفاه الجديد من الأعلى الى الأسفل.
ولكنها تعني بالنسبة لغالبية السكان شيئا آخر: ظروف عمل سيئة، ووعود استهلاكية من البلديات غير قابلة للتحقق. وفي الريف تأتي العولمة مصحوبة بتدمير البيئة، والبنية الاساسية للمعيشة، وتفكيك الهياكل الاحتياطية التقليدية، والاعتماد على شركات البذور. الديون واليأس تدفع الناس هناك إلى الانتحار - في كثير من الأحيان عن طريق ابتلاع السموم التي يفترض انها لازمة للتجريب في الحقول بهدف الوصول الى محاصيل جديدة.
ويضع سيتارام يشوري القيادي في الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) النقاط على الحروف، عندما يقول: "نصف العولمة الاقتصادية في الهند باعتبارها عمليات جديدة لاعادة استعمار البلدان النامية". والقيادي الشيوعي هو احد الشخصيات التي اجري معها حوار في اطار سلسلة مقابلات طبعت تحت عنوان " بين اليأس والمقاومة. أصوات هندية ضد العولمة "، اجراها الصحفي الالماني غيهرد غلاس مع نشطاء في قوى اليسار السياسية والنقابات، ومنظمات ومبادرات اجتماعية. وفد نجح غلاس في القاء نظرة على حياة الصيادين والفلاحين في مناطق مختارة من الهند، وقد وظف المعطيات المتوفرة لتقديم قراءة تحليلية، انتجت صورة عامة عن مجتمع يعيش نضالات متنوعة، ولا يزال مستقبله مفتوحا، والمشاركون في الحوارات المشار اليها يعطون املا بمستقبل اكثر عدلا، لا ينحصر في الهند فقط.
وتحاول وسائل الاعلام السائدة في المراكز الرأسمالية، في سعيها لدعم حكومة اليمين القومي في الهند تقديم صورة وردية، باعتبر ان الهند ستحتل في هذه الأثناء الموقع الثالث في اقتصاديات العالم، وبهذا تتقدم على اليابان والمانيا، اي ان الهند التي تعيش ازدهارا لكونها بلد الكومبيوتر، وصناعة التكنلوجيا المتطورة. ولكن وسائل الاعلام هذه لاتتحدث عن الهند الأخرى: ليس هناك بلد آخر في العالم يعيش بداخله هذا العدد الهائل من الفقراء، فحسب معطيات البنك الدولي، والبنك ليس مؤسسة يسارية: يعيش في الهند 750 مليون انسان بدخل اقل من دولارين في اليوم. وهذا الرقم يمثل 60 في المائة من السكان. والذين يعيشون حالة اكثر فقرا عليهم ان يكتفوا مجبرين بـ 1,25 دولار، وهؤلاء يمثلون 30 في المائة من مجموع السكان. وينعكس ذلك في انتشار الجوع وسوء التغذية على نطاق واسع وانتشار الوفيات بين الأطفال والأمهات. واخيرا يجري الحديث عن "الديمقراطية الكبيرة"، ولا يجري الحديث عن سياسة رئيس الوزراء الحالي التي تسعى في النهاية الى تحويل الجمهورية الديمقراطية العلمانية الى نظام متعصب فاشي قائم على "الأخوة الهندوسية".