مدارات

40 مليار دولار يخسرها العراق سنويا بسبب نقص الكهرباء

نورس حسن
كثير من الأسباب تساق اليوم لتبرير تدهور الصناعة الوطنية، ومنها الضائقة المالية، والفساد الاداري، وهجرة الكفاءات، والاستيراد الخارجي، واَخرها عدم تزويد المعامل بالكفاية من التيار الكهربائي. وبقيت هذه الأسباب من دون حلول ترافقها للارتقاء بواقع الصناعة العراقية التي يعتبر المواطن العراقي منتجاتها بمثابة تحف ومقتنيات يعتز بها في داره.
وفي هذا السياق فان دراسة عن استراتيجية الطاقة اعدت من قبل وكالة الطاقة الدولية (IEA) والمستشارين في مجلس الوزراء، ان العراق يخسر سنويا 40 مليار دولار (حسب التقديرات)، بسبب عدم توفير الكهرباء لقطاعات اساسية في الاقتصاد الوطني. وبما ان الصناعة الوطنية كانت دائما من القطاعات الاقتصادية المهمة، فقد قصدنا المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، الذي قال لـ" طريق الشعب" ان "الطاقة الكهربائية تدخل في ديناميكيات التطور الانتاجي، لا سيما في القطاعات الحرفية"، منوها الى ان "واحدا من الاسباب المنطقية لتردي الصناعة الوطنية هو عدم توفير الكهرباء بالقدر اللازم للمعامل الانتاجية".
واشار د. مظهر صالح الى ان "نسبة الكهرباء التي تدخل اليوم بالفعل لدعم الناتج المحلي الاجمالي لا تكاد تبلغ 2 بالمائة، وهناك فرص قد اتيحت ولكنها لم تستغل بالشكل الصحيح".
وبين المستشار الاقتصادي لمجلس الوزراء ان "نسبة الخسائر بسبب ازمة الكهرباء قد تصل الى 8 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، اي ما يعادل 15 مليار دولار سنويا. وهذا الوضع لا يقتصر على الصناعة المحلية وانما يشمل الواقع الزراعي الذي يعاني الامرّين بسبب واقع الكهرباء".
من جانب آخر اوضح مدير الاعلام في وزارة الصناعة والمعادن، لؤي جاسم الوائلي، في حديث لـ "طريق الشعب"، ان "عمل المعامل الانتاجية مرهون بالتشغيل المبرمج الذي تعتمده وزارة الكهرباء في جميع مناطق العراق، وهذا التوجه المعتمد يحول دون تشغيل تلك المعامل بالشكل الصحيح، خاصة وان هناك مكائن تحتاج من اجل تشغيلها تيارا كهربائيا مرتفعا ومستمرا، ولا تقوى المحولات الكهربائية على تشغيلها".
وبين الوائلي ان "هناك شركات تعتمد اعتمادا كليا على المولدات بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، مثل الشركة العامة للصناعات الكيمياوية في محافظة البصرة"، واضاف "نحن الآن في طور الاعداد لدراسة حول هذا الموضوع، والعمل على تجهيز المعامل والشركات بمحطات كهربائية خاصة، ولكن هذه المحطات لا تستطيع تشغيل المعمل كاملا، انما تشغل المكائن التي تحتاج الى كهرباء مستمرة. وهناك مناشدات الى وزارة الكهرباء لتجهيز المعامل والشركات بالطاقة الكهربائية من الساعة 8 صباحا الى الساعة 4 عصرا ورفع القطع المبرمج عنها".
من جانبه اوضح مدير عام الدائرة الفنية في وزارة الصناعة، الدكتور خليل الزبيدي لـ"طريق الشعب"، ان "القطاع الصناعي في العراق عانى وما زال يعاني من مشاكل عديدة، منها عدم كفاية التيار الكهربائي، الامر الذي انعكس بشكل سلبي على الاقتصاد العراقي، على الرغم من صرف مبالغ مالية كبيرة على قطاع الكهرباء". وفي ما يخص نسبة الخسائر التي لحقت بالصناعة العراقية نتيجة عدم تجهيزها بالكمية الكافية من الكهرباء، بيّن خليل الزبيدي انه "لا توجد احصائية دقيقة تبين حجم الخسائر التي لحقت بالصناعة بصورة عامة، ولكن هناك بالتأكيد خسائر ضخمة، بسبب البطء في الانتاج وتوقف بعض الخطوط الانتاجية، وهناك مصانع وشركات توقفت عن العمل بالفعل، وهذه الامور هي بحد ذاتها تشكل خسارة". واكد ان "هناك بعض المعامل تزود بالطاقة ولكنها طاقة ضعيفة ولا تقوى على تشغيل المكائن والمعدات الانتاجية". واضاف ان "السبب في تدهور الصناعة لا ينحصر في عدم تجهيزها بالكهرباء الكافية، فهناك معامل تعمل على الغاز والنفط الاسود، وهذه تحتاج الى تعاون من جانب وزارة النفط لرفد المعامل بالكميات اللازمة من الوقود".
وتابع الزبيدي حديثه قائلا: "على الرغم من كل هذه المشاكل، اخذنا على عاتقنا بناء محطات كهربائية لأغلب شركاتنا، ونحن الان نمتلك 13 محطة كهربائية بطاقات متفاوتة تتراوح بين 8 ميغا و24 ميغا. وقسم من هذه المحطات يعمل واخرى قيد الانجاز". واضاف "ان التنسيق مستمر مع وزارة الكهرباء، ولكن الرد على طلباتنا في اغلب الاحيان هو ان الازمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها جميع الوزارات ومنها وزارة الكهرباء، تحول دون تجهيز المعامل بالتيار الكهربائي الكافي لتشغيلها".