مدارات

فرنسا .. النقابات اليسارية تنفرد بالدعوة الى الاضراب وقيادته

رشيد غويلب
شهدت المدن الفرنسية امس الأول من جديد، وبعد نهاية العطلة الصيفيةمباشرة، 180 تجمعا احتجاجيا، واضراباً جماهيرياً شارك فيها قرابة 100 الف مواطن فرنسي. وجاءت موجة الاحتجاجات الجديدة رفضا لـخطط الرئيس ماكرون وحكومته لـ"اصلاح قوانين العمل"، وتلبية لنداء اتحاد نقابات العمال اليساري - الكونفيدرالية العامة للعمل (سي جي تي) القريب من الحزب الشيوعي الفرنسي.
وفي العاصمة باريس تقدم التظاهرة السكرتير العام للكونفيدرالية العامة للعمل فيليب مارتيز. ولابراز خصوصية النقابات العمالية وتأكيد استقلاليتها، سار قادة واعضاء قوى اليسار الفرنسي في القسم الخلفي من التظاهرة يتقدمهم بيير لوران السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، وجان لوك ملينتشون زعيم حركة "فرنسا الأبية". وشارك في التظاهرة ايضا اعضاء في الحزب الاشتراكي الفرنسي، وبضمنهم مرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة اليساري بينوا هامون. وكانت قيادة الحزب الاشتراكي التي تعيش نزاعات مستمرة، منذ هزيمة الحزب المدوية في الانتخابات البرلمانية العامة الأخيرة، قد اعلنت انها تدعم"جميع النشاطات الرافضة لاصلاح قوانين العمل"، ولكنها لا تدعو إلى المشاركة في الاضراب الذي دعا اليه اتحاد نقابات العمالي اليساري.
ونفذ اضراب الثلاثاء على وجه الحصر في قطاع الخدمات العامة، حيث شمل الاضراب دوائر البريد، السكك الحديدية، النقل المحلي، المدارس، والمستشفيات.
وعلى الرغم من ان تأثير الاضراب كان اقل مقارنة بسابقاته، الا ان نداء الكونفيدرالية العامة للعمل حظي بدعم من نقابة "التضامن" اليسارية الصغيرة، ونقابة المعلمين، واتحادات الطلبة.
وبالمقابل رفض اكبر اتحادين نقابيين اصلاحيين المشاركة في الاضراب، على الرغم من تحفظهما على جوانب في حزمة "الاصلاح" الحكومية، ولكنهما اكدا ضرورتها للتغلب على البطالة الجماعية ولتحفيز النمو الاقتصادي. في حين ترى النقابات اليسارية ان التعديلات الحكومية شكلية ولا تمس جوهر توجهات الليبرالية الجديدة التي تحاول فرض هيمنتها من خلال افراغ قوانين العمل من محتواها التقدمي، الذي فرضته النضالات العمالية والسياسية في عقود ما بعد الحرب العالمية الثانية.
من جانبها طالبت سي جي تي الحكومة بسحب المشروع، والتوقف عن العمل بسياسة المراسيم التي تعني عمليا تعطيل دور البرلمان. وكان احد الاتحادين الكبيرين عن (اتحاد نقابات FO ) قد شارك بقوة في احتجاجات الخريف الماضي التي اجتاحت فرنسا ضد حزمة الاصلاحات السابقة التي طرحها ونفذها بمرسوم رئاسي الرئيس الاشتراكي السابق هولاند.
ويرى متابعون لحركة الاحتجاجات الفرنسية ان من الممكن تجاوز غياب وحدة الموقف للاتحادات النقابية الرئيسة، الذي شهده اضراب وتظاهرات الثلاثاء، اذ ستدفع قسوة الاجراءات المترتبة على اقرار "الاصلاح" بحق العاملين، النقابات الكبيرة الى مراجعة موقفها التساومي. وكان اكبر خمسة اتحادات نقابية قد التقت في الخامس من ايلول في جلسة تبادل وجهات نظر غير رسمية، وعلى الرغم من تباين المواقف اتفق الجميع على استمرار الحوار.
ولتأمين استمرار الحركة الاحتجاجية دعا اتحاد سي جي تي الى يوم احتجاج اوسع في 21 ايلول، قبل يوم واحد من اجتماع مجلس الوزراء الذي ستقر فيه المراسيم الحكومية لتنفيذ حزمة "الاصلاح"، وقبل يومين من دعوة حركة "فرنسا الابية" بزعامة ملينتشون الى موجة احتجاجات جديدة، في سعي منها لتأكيد قيادتها لقوى اليسار الفرنسي.