مدارات

الجوع مشكلة عالمية.. كيف نواجهها؟

طريق الشعب
الجوع مشكلة خطيرة تهدد حياة الملايين من البشر في العديد من دول العالم، خصوصا الدول الفقيرة التي تعيش في أزمات ومشكلات أمنية واقتصادية متفاقمة، تضاف اليها المشكلات البيئية المتزايدة التي تؤثر سلباً على الزراعة والتي ساعدت على تفاقم مشكلة التصحر وغيرها.
وكشف تقرير للامم المتحدة حول الامن الغذائي، ان عدد الجياع في العالم عاود الارتفاع بعد تراجع مستقر استمر أكثر من عشر سنوات، ليصل في 2016 إلى 815 مليون شخص أي 11بالمائة من سكان الارض. وتابع التقرير ان ارتفاع عدد الاشخاص الذي يعانون من الجوع 38 مليونا العام الماضي "مرده الى حد كبير اتساع رقعة النزاعات العنيفة والصدمات المناخية".
وصدر التقرير عن ثلاث وكالات أممية هي منظمة الاغذية والزراعة (فاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) وبرنامج الاغذية العالمي، وقد انضمت إليها لأول مرة كل من اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية. ويعاني حوالى 155 مليون طفل دون الخامسة من العمر من إعاقة في النمو نتيجة الجوع، فيما 52 مليون طفل يقل وزنهم عن الحد الطبيعي نسبة إلى حجمهم. وتتركز النسبة الكبرى من الأطفال الذين يعانون من الجوع أو سوء التغذية في مناطق النزاعات.
التغيرات المناخية
في هذا الشأن قالت آرثرين كوزان مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن القضاء على الجوع بحلول عام 2030 - وهو أحد الأهداف التي تم الاتفاق عليها عالميا في أيلول الماضي- لن يتحقق إلا من خلال استثمار مزيد من الجهد والمال في مساعدة السكان على مجابهة تداعيات تغير المناخ. وقالت كوزان إن أحوال الطقس القاسية تتفاقم - مع تزايد حرارة الكوكب بما في ذلك زيادة شدة العواصف وطول أمد موجات الجفاف- وان آثار هذه الأحوال ذات تأثير أكبر على الفقراء ممن هم أكثر عرضة لأسوأ التداعيات. وأضافت ان العالم يدرك كيفية حماية هذه المجتمعات المتضررة وان عليه تدبير المال لوضع السياسات موضع التنفيذ.
واضافت انه من "دون استثمارات في تغيير المناخ.. وتغيير ردود أفعالنا، لن نتمكن من القضاء على الجوع نهائيا. إنه أمر مستحيل".
وعلى سبيل المثال فان موجات الجفاف التي تجتاح شعوب افريقيا ومنطقة الساحل تجعلهم أضعف في كل مرة بصورة متكررة، وبات علاج ذلك أكثر صعوبة، مشيرة الى ان الأمر يستغرق ثلاث سنوات للتعافي.
ويسعى برنامج الأغذية العالمي لجمع 400 مليون دولار لمشروع للأمن الغذائي يتضمن صرف اموال للتأهب للكوارث ومواجهتها قبل وقوعها، مع الانفاق على أنشطة التخفيف من آثارها بعد وقوعها. وتبرعت حتى الان النرويج بمليوني دولار تستخدم لمساعدة المزارعين في غواتيمالا وزيمبابوي على الاستعداد لتداعيات ظاهرة النينيو المناخية الحالية. ويقدم المشروع تمويلا ايضا خلال المجاعات والفيضانات وموجات الجفاف، مع توفير الامدادات الغذائية لدعم الاطفال وزيادة محاصيل المزارعين.
سلاح في الحرب
على صعيد متصل فان من الممكن ان تفيض بعض مستودعات القمح الغربية هذا الشتاء، بينما بات الجوع يستخدم اكثر فاكثر سلاحا في الحرب، من سهول سوريا الى بعض مناطق نيجيريا حيث دمر النشاط الزراعي. ويعاني اكثر من خمسين مليون شخص في 17 بلدا متضررا من الصراعات التي طال امدها، من "انعدام خطير في الامن الغذائي"، وفق منظمة الاغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الاغذية العالمي، اللذين اطلقا ناقوس الخطر. ويأتي اليمن وسوريا في رأس اللائحة التي نشرت في اواخر تموز الفائت.
وافادت الوكالتان المذكورتان ان 14 مليون شخص في اليمن ، و8,7 ملايين في سوريا "هم بحاجة ملحة الى الغذاء والى تعزيز سبل عيشهم". والامر نفسه ينطبق على مناطق في نيجيريا تشهد اعمال عنف ترتكبها جماعة بوكو حرام منذ سنة 2009. وتقدر منظمة اطباء بلا حدود عدد الذين يعانون من "وضع صحي كارثي" في تلك المنطقة بأكثر من 500 الف شخص. وقد اضطر آلاف النازحين الجائعين والذين اقتلعوا من اراضيهم، للانتظار حتى اواخر تموز للحصول على اولى المساعدات الغذائية.