مدارات

50 سنة على استشهاده : ارنستو تشي غيفارا.. كوبا وبوليفيا في طليعة المحتفلين بذكراه

رشيد غويلب
تحتفي قوى اليسار والحركات الاجتماعية والقوى الانسانية العالمية يوم الاحد المقبل (8/ 10/ 2017) بالذكرى الخمسين لاستشهاد الثائر والرمز الأممي الكبير ارنستو تشي غيفارا.
وتكتسب هذه المناسبة اهمية متفردة في البلدين اللذين شكلا المحطتين الأرأس في مسيرة غيفارا النضالية.
فبوليفيا التي تشهد منذ عام 2006 تجربة تقدمية تسعى لبناء الأشتراكية بزعامة ايفو موراليس (اول رئيس جمهورية في البلاد ينتمي لسكانها الأصليين من الهنود الحمر) تعتبر الاستشهاد البطولي لغيفارا، في ادغال غاباتها، محطة مهمة في مسيرة اليسار التي حققت قبل 11 عاما اهم انتصار سياسي لها.
وكوبا التي ساهم غيفارا في قيادة وانتصار ثورتها تحتفي سنويا على الصعيدين الرسمي والشعبي بهذه المناسبة.
وسيشهد الضريح الذي يضم رفات تشي غيفارا، والذي اقيم في 1997 في سانتا كلارا بعد العثور على قبره، الذي كان مجهولا في بوليفيا ،مراسم إحياء الذكرى بحضور الرئيس الكوبي راؤول كاسترو. وسيشارك أولاد غيفارا الأربعة في التكريم، كما يشارك الجيش البوليفي في الاحتفالات الرسمية للمرة الأولى، بعدما كان يكتفي بإحياء الذكرى داخل الثكنات.
واستشهد غيفارا في الثامن من تشرين الأول عام 1967 ، بعد اصابته بجروح في معركة مع قوات الدكتاتورية البوليفية، ثم تمكن الجنود من أسره، وكانت مجموعة من عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من اصول كوبية، ترافق قوات الجيش النظامية. وتم اعدام غيفارا وهو في التاسعة والثلاثين من العمر بقرار صادر من واشنطن، وبضوء أخضر من دكتاتور بوليفيا آنذاك رينيه بارينتوس المعادي للشيوعية.
وقد دفعت ذهنية غيفارا النقدية، وروحه الثورية المتقدة، الى مغادرته كوبا والانتقال الى مواقع اخرى في العالم، للعمل على تحقيق حلمه في المساهمة العملية في تحرير الشعوب المضطهدة من سطوة الامبريالية العالمية، والانظمة المحلية المستبدة التابعة لها. وجسد غيفارا الارجنتيني المولد والجنسية، بالفكر والممارسة، شخصية الثائر الأممي الرافض للجمود والبيروقراطية والرتابة، والباحث عن حرية الشعوب، وفق منهج ماركسي منفتح ومتجدد، الأمر الذي عرضه لاتهامات من الانظمة الاشتراكية حينها. وقد اثبتت مجريات الاحداث التي شهدها العالم بعد استشهاده بطلانها.
وقد ولد ارنستو تشي غيفارا في الارجنتين في الرابع عشر من حزيران عام 1928، ودرس الطب في جامعة بوينس ايرس، وقام عام 1953 مع صديقه البيرتو غرانادو بجولة على دراجة نارية في بلدان امريكا اللاتينية. وقادته مشاهداته الى الشعور بالظلم الكبير الواقع على مزارعي القارة. وتوصل غيفارا، الذي تحول لاحقا الى أشهر رمز عالمي للثورة، الى استنتاج مفاده ان الاستعمار والرأسمالية العالمية هما المسؤولان بشكل مباشر عن الفقر المدقع والحياة اللا انسانية التي يعيشها ملايين العمال والفلاحين. ومن هنا وجد طريقه الى الثورة والنضال من اجل مجتمع أكثر إنسانية، يتجاوز الرأسمالية.
وقد تعرف غيفارا الى الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في المكسيك، وانضم في البدء كطبيب الى حركة 26 تموز التي قادها الاخير لتحرير كوبا من الدكتاتورية. وسرعان ما برزت مواهب غيفارا القيادية، وتحول الى الرجل الثاني في قيادة الثورة الكوبية، حيث لعب دورا محوريا في نجاحها بعد عامين من الكفاح المسلح، في الاطاحة بنظام باتيستا الدكتاتوري وتحرير البلاد.
وفي أعقاب نجاح الثورة الكوبية، تقلد غيفارا عددا من المهام الرئيسة للحكومة الجديدة، وشمل ذلك الاسهام في وضع قوانين الاصلاح الزراعي. وبعدها عين وزيرا للصناعة، ثم رئيسا للبنك الوطني الكوبي، وقائدا فعليا للقوات المسلحة الكوبية. ولكن غيفارا المسكون بالثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ترك مواقع السلطة، وعاد مقاتلا عام 1965 في الحركة الثورية في الكونغو، وبعدها في بوليفيا التي شهدت رحيله المدوي، وتحوله الى رمز اسطوري، وهو ما زال ملهما لكل المناضلين من اجل غد أفضل في جميع انحاء العالم.