مدارات

كاتالونيا .. استمرار التأرجح في الصراع حول نتائج الاستفتاء

رشيد غويلب
تحت شعار "يكفي يجب ان يسود التعقل" اجتاحت شوارع برشلونه في عطلة نهاية الاسبوع، لاول مرة، تظاهرة كبيرة لرافضي انفصال الأقليم عن الدولة الاسبانية. ودعا الى التظاهرة، بين اطراف اخرى احزاب التحالف اليميني الحاكم في مدريد. وتحدث منظمو التظاهرة عن مشاركة 950 الفا، فيما اعلنت الشرطة المحلية عن اشتراك 350 الف متظاهر فقط. وعلى الرغم ان الحزب الاشتراكي المعارض لا يؤيد الانفصال، الا انه لم يدع الى التعبئة للتظاهرة، فيما شددت قوى اليسار الأسباني من جديد حرصها على ضمان حق التعبير عن الرأي ، مع التاكيد على بقاء كاتالونيا في اطار الدولة الاسبانية.
وقال متابعون ان الغالبية العظمى من المتظاهرين شددوا على الحوار، وبالتوازي مع تظاهرة برشلونة الكبيرة نظمت تظاهرات موازية في مدن اسبانية اخرى شارك فيها عشرات الالاف تدعو الى الحفاظ على وحدة اسبانيا. وسياسيا لا يزال التارجح في المواقف هو السائد، ومن المتوقع ان تطرح حكومة كاتالونيا نتائج الاستفتاء في جلسة للبرلمان تعقد اليوم . وفي حالة تعذر ذلك، ربما يبادر رئيس الوزراء الكاتالوني الى اعلان الاستقلال من جانب واحد. وحسب مراقبيين للتطورات فان رئيس حكومة الإقليم سيتجنب ذكر كلمة استقلال، وسيدعو الى اعلان جمهورية وتشكيل جمعية تأسيسية.
وردا على عنف حكومة اليمين المنفلت في مدريد، كان انصار الاستفتاء قد نظموا اضرابا عاما الثلاثاء الفائت شل الحياة العامة في المقاطعة. ونتج عن ذلك توقف حركة المرور في شوارع المدن والطرق الخارجية، وشبكة السكك الحديد والموانئ وتم اغلاق الجامعات والمدارس والادارات العامة.
ودعا خوليو انغويتا السكرتير العام للحزب الشيوعي الاسباني السابق، والمنسق العام لليسار المتحد السابق، وعمدة قرطبة السابق، والذي يعد من شخصيات اليسار الاسباني التاريخية: "في هذه اللحظات، في هذا الجو ، حيث تسود حرب أهلية غير مسلحة، يجب أن يسود العقل. ان هذا يكلف الكثير من الجهد والكثير من العمل. غير أنه من الضروري أن نبدأ بتحليل ما يدور لمعرفة الى اين نحن سائرون ". ويحذر انغويتا من اعلان رئيس حكومة كاتالونيا بويغديمونت الاستقلال، لان ذلك سيعني المواجهة، واذا اتخذ رئيس الوزراء الاسباني راخوي الخطوة المضادة، فسيؤدي ذلك إلى التصعيد، الذي يتحمل مسؤليته الطرفان. ويشدد القيادي الشيوعي على ان لا يكون هناك سوى طريق التفاوض لحل الأزمة. وطالب انغويتا بـ" يجب ان يكون هناك وعد لكتالونيا بإجراء استفتاء ملزم، نتيجة للمفاوضات، لان "الحقيقة التي لايمكن انكارها" هي مشاركة الكثير من الناس في تصويت الأول من تشرين الأول. ان نموذج الحكم الذاتي الحالي قد فشل ، لذلك يجب إعادة بناء الدولة الإسبانية على اساس "نموذج اتحادي وتضامني".
بيد أن الطريق المفضي إلى المفاوضات يبدو مسدودا في الوقت الراهن. رئيس وزراء الحكومة المركزية يرفض الدخول في مفاوضات غير مشروطة مع الحكومة الكاتالونية. ففي يوم التصويت اعلن راخوي "ليس هنلك استفتاء". وفي داخل احزاب التحالف اليميني الحاكم يتصاعد الضغط من اجل تطبيق المادة 155 من الدستور، التي تستطيع الحكومة بواسطتها الغاء الحكم الذاتي الذي تتمتع به كاتالونيا، وعزل الحكومة المحلية. وخطوة كهذه ستعني المواجهة الشاملة. وتراهن الحكومة الكاتالونية على كسب الوقت، على الرغم من أن آمالها ضئيلة في ان تدخل الحكومة المركزية في المفاوضات. ولكن مساحة مناورتها ضيقة، لان قانون الاستفتاء واضح. ويلزم حكومة المقاطعة باعلان الاستقلال خلال 48 ساعة بعد اعلان النتائج. بيد أن ليها مساحة اكبر في شكل إعلان الاستقلال: وأصعب شكل سيكون إعلان استقلال كاتالونيا من جانب واحد. و الطريقة الأكثر اعتدالا هي أن يكون بالاستفتاء لكاتالونيا الحق في أن تصبح دولة مستقلة ، وأن تبدأ المفاوضات مع الحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي بشأن الخطوة القادمة. والخشية ان تسعى الحكومة المركزية الى التصعيد وتستمر في رفضها التفاوض.
و يعرف رئيس وزراء كاتالونيا، كارليس بويديمونت، أن إعلان الاستقلال الذي يستند إلى 2,2 مليون صوت سيكون ضعيفا، على الرغم من أن ذلك الاستفتاء يعتبر نجاحا بالنسبة لمنظميه، للقمع الفاشي الذي مارسته قوات الشرطة الوطنية الاسبانية، وقوات الحرس المدني. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه سيفقد التعاطف الدولي الذي كانت تتمتع به كاتالونيا، والذي خلقته صور استخدام الشرطة للعنف الوحشي ضد الناخبين - "إسبانيا، عار أوروبا". وسيكون التحالف مع قوى اليسار هشا، مثل عمدة برشلونة، آدا كولو، التي تؤيد الاستفتاء والحق في التعبير عن الرأي، ولكنها ضد إعلان الاستقلال من جانب واحد. وعلى اساس ما تقدم يؤخر رئيس الوزراء الكتالوني طرح نتائج الاستفتاء في برلمان المقاطعة ويكثف جهود الوساطة الدولية.