مدارات

اسبانيا .. أدلة قاطعة على فساد الحزب الحاكم

رشيد غويلب
نقلت وسائل الإعلام في أوربا عن تلفزيون الدولة الاسبانية، تصريحاً رسمياً صدر، الأربعاء الفائت عن الادعاء العام الاسباني، وأشار، بالدليل القاطع، إلى وجود حسابات مصرفية غير شرعية لحزب الشعب اليميني الحاكم بزعامة رئيس الوزراء الأسباني ماريونا راخوي.
ولم تكن محاولات التعتيم على هذه المعلومات مفاجأة لآحد، نظراً لاتهام مدير التلفزيون الحالي خوسيه انطونيو نفسه بالحصول على أموال غير مشروعة لصالح الحزب الحاكم، عندما كان يعمل كمراسل برلماني لجريدة اي بى سى اليومية الرجعية فى عام 1994. وتبلغ قيمة المبالغ في قضيته قرابة 660 الف يورو. ولم يشر التلفزيون إطلاقا لهذه التفاصيل.
وتبلغ عمليات التمويل غير الشرعي للحزب الحاكم، وفق الادعاء العام، 15 مليون يورو. ولهذا طالب المتحدث باسم النيابة العامة بعقوبة "استثنائية" للمتهمين بالقضية. وقد اعترف المتهمون اثناء التحقيق بـ"تفاصيل مخيفة"، على حد قول الادعاء العام. وان الشبكة الاجرامية هي تعبير عن " ازمة هيكلية" ناتجة عن عدم ثقة المواطنين بالادارات الحكومية. ويبلغ عدد المتهمين 37، منهم أكثر من عشرة كانوا قد شغلوا مناصب عليا فى الحزب الحاكم، بينهم مسئول المالية السابق لويس بارسيناس. ويطالب المدعي العام بالسجن لمدة 125 عاما لرجل الأعمال فرانسيسكو كوريا، الذي كشفت التحقيقات معه عن قضية الفساد المعروفة بملف " الحزام"، التي اطلقها المحققون نسبة إلى معنى اسمه. وتطالب النيابة العامة بعقوبة 36 عاما للمتهم، وذلك لاخفائه 10 ملايين يورو في حسابات غير شرعية للحزب الحاكم، بضمنها 4 ملايين يورو لا اثر لها. وكان بين المستفيدين من هذه الحسابات غير الشرعية، ضمن آخرين، وزيرة الصحة السابقة آنا ماتو.
"يجب إن تعود الشرعية" هذا ما طالب به رئيس كتلة اليسار الجذري في البرلمان الاسباني ورئيس حزب بودوموس، بابلو إغليسياس، مستعيرا كلمات رئيس الوزراء الاسباني راخوي التي اطلقها تعليقا على الصراع الدائر في مقاطعة كاتالونيا للحكم الذاتي. وتتهم قوى اليسار الحكومة المركزية في مدريد بالتصعيد في صراعها مع الحكومة المحلية في كاتالونيا، لحرف الانظار عن فضائحها، وخصوصا ملفات الفساد التي تعصف بالحزب الحاكم. وكرر نواب اليسار مطالباتهم المستمرة بتقديم رئيس الوزراء توضيحات تفصلية امام البرلمان بشأن ملفات الفساد، والتهم التي قد تطاله شخصيا. ولكن الاكثرية اليمينية والمتعاونين معها من نواب قوى الوسط يقفون حائلا دون ذلك.
ولم تعد التفاصيل المتعلقة بملف "فضائح الحزام" موضوع الساعة بالنسبة لوسائل الإعلام التقليدية المهيمنة. فنشرات الاخبار، ومانشيتات الصحف، وبرامج الحوارات، مشغولة بالكامل بتطورات الصراع الدائر في كاتالونيا . فيما تحتل التقارير بشأن اكبر فضيحة فساد في اسبانيا منذ نهاية دكتاتورية فرانكو في عام 1975، مرتبة ثانية. وهذا رغم من ان التفاصيل المتعلقة بها يمكن إن تهز التوازنات السياسية في قمة السلطة، اكثر من الاضطراب الذي تعيشه الآن بسبب الاستفتاء واعلان استقلال كاتالونيا من جانب واحد.
ومن المتوقع إن تصدر الاحكام النهائية في الملف في العاشر من تشرين الثاني المقبل.